الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسرائيل وحرب أوكرانيا: تهديدات وفرص ( 1 من 3)

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2022 / 3 / 7
الارهاب, الحرب والسلام


نهاد أبو غوش
شبّه الكاتب تسفي برئيل موقف إسرائيل من الحرب الروسية على أوكرانيا بأنه أشبه بالسير على خيط رفيع حادّ ومميت، يمتد بين القدس وموسكو، وقال في مقال له بصحيفة هآرتس بتاريخ 2/3/2022 بأن هذا الحبل بات يهدد بخنق إسرائيل التي هي من وضعته حول عنقها حين عقدت حلفا عسكريا مع روسيا، أو أبرمت معها تفاهمات، بشأن حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا. مصادر إعلامية وسياسية كثيرة اخرى انتقدت الموقف الإسرائيلي الصامت والمتلعثم، والمتردد الذي يُشبه محاولة فرد ما السير بين حبات المطر من دون أن يبتل، بينما اوساط أخرى إعلامية وعسكرية دعمت موقف الحياد. واللافت أن الانتقادات الجادة للموقف الرمادي صدرت عن أوساط مدنية وإعلامية مستقلة، وليس عن المعارضة السياسية بقيادة حزب الليكود وزعيمه بنيامين نتنياهو، والتي اعتادت النفخ في كل خلاف مهما كان صغيرا أو كبيرا، وتوظيفه لإسقاط حكومة بينيت- لابيد، كما أن الحرج والتردد شملا مختلف أطراف الائتلاف الحكومي، ما يؤكد أن هذا الموقف أملته مصالح وحسابات سياسية معقدة، وليس مجرد اجتهادات في الرأي.
المصالح والأخلاق
ليس ثمة خلاف في عالم اليوم، على أن المصالح وحدها، وقبل اي اعتبار آخر، هي التي تحدد المواقف السياسية للدول والأحزاب وحتى الأفراد. ولذلك تتداخل حسابات إسرائيل وتتعارض مع بعضها البعض في ضوء الخشية من إغضاب أي من حلفائها الاستراتيجيين وحتى شركائها التجاريين الحاليين والمحتملين، فكل موقف يحمل معه ثمنا قد يكون باهظا في حال إغضاب حليف مهم، وقد ترافق هذه المواقف أخطار جديدة، لكن حدود هذا الارتباك يظل مرتبطا بأمد استمرار الحرب ونتائجها المباشرة والبعيدة سواء على التوازنات العسكرية والجيوسياسية، أو على القدرات الاقتصادية لمختلف الأطراف.
كثير من السياسيين والمحللين يفضلون مواصلة تجميل مواقفهم بعبارات منمقة عن المبادىء والمواقف الأخلاقية، هذه هي حال عدد من المحللين السياسيين في إسرائيل، فرئيس الاستخبارات العسكرية السابق والجنرال في الاحتياط عاموس يادلين يرى في مقال مشترك مع الباحث أودي افيتال نشره موقع N12 في الأول من آذار، أن مشكلة الموقف الإسرائيلي من الحرب على أوكرانيا تتخلص في التناقض بين المصالح التي تميل إلى جانب روسيا، وبين واجب إسرائيل "الأخلاقي" الذي يلزمها بالوقوف إلى جانب الغرب والولايات المتحدة لكونها " دولة تتباهى بطابعها الديمقراطي، وبسيادة القانون، وحقوق الإنسان وحرية الصحافة". ومع أن الكاتبين المرموقين يقرّان في السياق أن الموضوع ليس مجرد انحياز "أخلاقي"، ذلك أن "مصالح" إسرائيل تملي عليها كما يفهم من المقال الوقوف دائما إلى جانب حليفتها الأساسية، وأحيانا الوحيدة، أي الولايات المتحدة، يفسر الكاتبان سبب الارتباك بوجود مصالح سياسية وأمنية وعسكرية راهنة أبرزها الحاجة إلى ضمان الصمت الروسي عن "حرية العمل" الإسرائيلي في سوريا، وبشكل أكثر تحديدا حرية ضرب الأهداف الإيرانية ومحاولات الخصم الإيراني اللدود بناء قواعد له في سوريا ولبنان ومن ضمن ذلك استمرار تدفق الأسلحة والعتاد الإيراني لحزب الله.
من الواضح أن ثمة أسبابا موضوعية وواقعية جدية وراء الارتباك الإسرائيلي في تحديد موقف حاسم وسريع كما فعلت دول أوروبا الغربية جميعها في إدانتها لروسيا وانحيازها لأوكرانيا، فمع أن إسرائيل لا يمكنها أن تقايض ولا حتى أن تقارن علاقتها العضوية والاستثنائية بطبيعتها مع الولايات المتحدة، بأية علاقة أخرى مهما بدت هذه العلاقة الأخيرة متميزة أو حميمة، وقد نجحت إسرائيل خلال العقود الثلاثة الأخيرة ( أي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والكتلة الشرقية وبدء مسيرة التسوية في الشرق الأوسط) في بناء علاقات جيدة ومرشحة للتحسن باطّراد مع دول ومجموعات كانت في وقت مضى مصنفة ضمن الخندق المعادي للغرب ولإسرائيل، وشمل هذا الانفتاح في العلاقات كلا من روسيا والصين ودولا عديدة في افريقيا وآسيا، لكن العلاقات مع روسيا بالتحديد اتسعت لتشمل التعاون في مختلف جوانب العلاقات السياسية والتجارية والسياحية والثقافية والعلمية، وليس أدلّ على تميّز هذه العلاقات من قيام رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو بنحو عشر زيارات لروسيا لأسباب مختلفة متباهيا بصداقته الشخصية مع الرئيس فلايديمير بوتين. وإذا كانت "التفاهمات" الروسية الإسرائيلية بشأن حرية عمل الطيران الإسرائيلي في أجواء سوريا هي الأبرز في هذه العلاقات فإن الجوانب الأخرى التجارية والعلمية لا يمكن التقليل من شأنها مع ارتفاع حجم التبادل التجاري بين إسرائيل وروسيا من بضع عشرات ملايين الدولارات سنويا في مطلع التسعينات، إلى أكثر من ثلاثة مليارات دولار سنويا خلال السنوات الأخيرة. وهذا الاتجاه كان مرشحا للاتساع قبل استفحال أزمة أوكرانيا الأخيرة في ضوء تقديرات متزايدة لدى الساسة الإسرائيليين أن روسيا باتت تلعب دورا مركزيا وحاسما في الشرق الأوسط، ولا بد من استرضائها والتفاهم معها وبخاصة في ظل حالة الانكفاء الأميركية عن هذه المنطقة، وبعد تعقيدات التورط الأميركي في أفغانستان والعراق وسوريا، وانسحاباتها غير المنسقة مع حلفائها المحليين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قيادي بحماس: لن نقبل بهدنة لا تحقق هذا المطلب


.. انتهاء جولة المفاوضات في القاهرة السبت من دون تقدم




.. مظاهرة في جامعة تورنتو الكندية تطالب بوقف حرب غزة ودعما للطل


.. فيضانات مدمرة اجتاحت جنوبي البرازيل وخلفت عشرات القتلى




.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف