الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قوانين حمورابي الفلسطيني

سمير دويكات

2022 / 3 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


المحامي سمير دويكات
بقي الفلسطينيون على مدار اكثر من سبعون عاما ثابتون على مبادئهم مع الاحتلال والتي هدفها حفظ الحقوق الفلسطينية كون ان المعركة مع الاحتلال اتصفت على مدار السنين بالصعبة والمعقدة، وقد تبين للجميع في الحرب الجديدة بين روسيا واوكرانيا ان العالم الغربي يكيل بمكيالين وهذا واضح لنا كمواطنين نؤمن بالحق والحياة، ونعرف واجباتنا وحقوقنا تجاه القضية.
وحمورابي احد الحكام القدامى الذي بقي عالقا في ذهني وكنا ايام المدرسة ننسج النكات عن حكمه والتي اتصفت بالدكتاتورية وكان هو من يشرع القوانين كما يراها وقد عاش في الفترة القديمة قبل الميلاد ونقتبس (نسخة طبق الأصل من المسلة الأصلية (مؤرخة 1750 ق.م) فيها قوانين حمورابي، ملك بابل (1792-1750 ق.م)، وقوانينه تشكل أقدم القوانين القانونية المكتوبة. وتترجم أحداها بعبارة "لنشر العدل في البلد، وتدمير الأوغاد والأشرار. ولا يجوز أن يقهر القوي الضعيف. "وتوجد المسلة الأصلية في متحف اللوفر، بباريس، وقد اكتشفت في عام 1902). وهو وحكمه كان يرمز الى الاستبداد.
يوم امس فقط تم نشر ستة قوانين من بينها خمسة في الاعمال القضائية وهي من صنيعة مجلس القضاء وبناء على توصياته الذي لا يجب ان يتدخل في الامر التشريعي الذي هو من صميم عمل المجلس التشريعي المغيب وهو تعديل على قانون الاجراءات الجزائية، واصول المحاكمات والبينات والتنفيذ وتشكيل المحاكم، وهي قوانين تم اصدارها بعد سنة الفان على زمن المجلس التشريعي الاول في فترة السلطة الوطنية، وقد اعتمدها الجميع على انها ثوابت لا يجوز العبث بها الا من قبل مجلس تشريعي منتخب من قبل الشعب، وهي جزء من الحياة الفلسطينية المقدسة، لكن سبق ذلك تعديل على القوانين القضائية في السنة الماضية واصدار قانون المحاكم الادارية الذي خلق ازمة دستورية كبيرة ورفضها المجتمع المدني وعلى راسه حارسة العدالة نقابة المحامين واستمر تعطيل العمل بين شامل وجزئي لأكثر من اربعة شهور، وانتهت بتشكيل لجنة لنظر هذه القوانين، والتي لم تعقد ولم تعمل وتم الضرب بها عرض الحائط.
وقد جاء التعديل على هذه القوانين بواقع اثنان وخمسون صفحة يتخللها في بضع صفحات قانون املاك الدولة والباقي لها وهو ما يعني ان النظام القانوني والاجراءات القضائية في فلسطين تم العبث بها على نطاق واسع ولم تقتصر على بعض المواد او ناحية معينة، وهدف القائمين على ذلك هو التسريع في عملية التقاضي على حساب الحقوق الخاصة بالمتقاضين.
شعارات الاصلاح القضائي التي يرفعها البعض في مكانه على كرسي الهيئات القضائية وهو ووجوده باطل لم تنفعه بل ستؤدي الى ان يقوم الناس باقتصاص حقوقهم من بعضهم مباشرة وباليد وتحصيلها بطرق اخرى وهو ما يفسر هروب الناس الى الطرق الاخرى وزيادة المشاكل والطوش وسيلان الدم ونقض عدد القضايا، اذ انه ومن خلال قراءة النصوص هدفها الاوحد هو ان يذهب الناس بعيدا عن تسجيل القضايا سواء الحقوقية او الجرائية وان يبحثوا عن طرق اخرى، وهم الذين وقبل سنوات ذهبوا لرفع الرسوم القضائية لولا الاحتجاجات لنجحوا بهدف تقليل عدد القضايا بمنع الناس من اللجوء الى القضاء بطريقة غير مباشرة وفقط ان يكون للأغنياء.
قمت وفي سنوات سابقة بعمل ابحاث كثيرة حول هذه القوانين التي تم تعديلها وهي ليس السبب في خلق حالة الضعف القضائي وانما يعود الى ضعف في الادارات القضائية والتعيينات بالواسطة والتعليمات الباطلة وعدم صلاحية بعض السادة القضاة لشغل المنصب القضائي. فهي قوانين كما هي في كثير من بلدان العالم ولكن الفرق هنا وهناك ان لا يصلح منح ادارة الجهاز القضائي لعجوز معروفة مسبقا نواياه في اتجاهات مختلفة وهو امر يعرفه الجميع وتم الاحتجاج عليه مرارا وتكرارا.
وهذا العيب الدستوري والقانوني لا يقتصر على قانون الاجراءات الجزائية الذي حول مبادئ اساسية الى قوانين اشبه بنظام حمورابي وضرب كل القواعد الدستورية عرض الحائط ومنها وعلى راسها "ان المتهم برئ حتى تثبت ادانته". وايضا تم العبث بقانون الاصول والبينات والتنفيذ وحتى تشكيل المحاكم وهو امر في غاية الخطورة اذ ان الاصلاح القضائي لا يتم الا بتحسين الاداء القضائي بتعيين قضاة كفؤين ومستقلين وقادرين على ادارة المنصب القضائي وهو ايضا يحتاج الى تعيين فوري لأكثر من مائة قاضي.
نكتب بهذا العنوان كي لا يعتب علينا احدا في المستقبل ولكي تكون حجة امام الجميع ان هناك رفض واحتجاج كبير على سن هذه القوانين على خلاف الدستور الذي يجب ان يبقى المظلة والحاكم لكل القواعد القانونية والدستورية في فلسطين، وانه السبيل لحماية المواطن الفلسطيني فوق ارضه، وان يعزز صموده فوق ارضه في مواجهة الاحتلال ودول الطغيان، فالأمر اليوم تجاوز النقد والانتقاد القانوني واصبح لا مجال الا الاشتباك القانوني وهو امر يحتم علينا جميعا مواجهته كونه يخالف كل القواعد الدستورية وان ما بني على باطل من تعيينات ومن نصوص تبقى باطلة.
كل ذلك في غياب المجلس التشريعي وغياب الانتخابات بدون موعد او اوقات واصبح الامر يدار في غرف مغلقة لا ترى النور الا وقت الظلام والاستبداد وهي قوانين لم تراعي حالة التطور التي وصل اليها الفلسطينيون نتيجة نضالهم وكأنما عادة احكام الطوارئ من جديد كي تصبح نظام قضائي يبطش بالمواطنين، هي رسالة للجميع بان مرور هذه القوانين سيؤدي الى كوارث لن تطال العمل القضائي بل كل اطياف المجتمع التي في الاصل لا تثق بالنظام القضائي وتقلل من انجازاته وهنا نشهد بان هناك قضاة شباب وقضاة ذوي خبرة لا يجوز ان يؤخذوا بجريرة الاخرين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا