الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجلس النواب أم مجلس القتال؟!

سيوان محمد

2006 / 9 / 7
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


رغم كل الأحداث المثيرة التي يواجهها العمال والكادحون ومحرومو المجتمع العراقي اليوم على أيدي القوى الطائفية والمليشيات المتطرفة التي ليس في جعبتها سوى حز الرقاب والقتل والإبادة والرجعية التي أفرزتها (الديمقراطية!) الأمريكية في العراق بعد النظام البعثي. ورغم الكثير من التغيرات التي عبثاً تحاول أمريكا وحكومتها القبيحة فرضها على رقاب عشرات الملايين من الجماهير في العراق والتي انتهت في خاتمة المطاف بحكومة ومجلس رجعي طائفي تشكل من كل القوى الرجعية المناهضة للانسان لتكون أخيراً حاملة راية الحرية و(الديمقراطية) الأمريكية التي استيقظت المجتمعات عليها في العالم اليوم، رغم كل ذلك يبقى (مجلس النواب!) العراقي ساحة ساخنة للصراع الذي يفرض كل يوم أنواعاً مختلفة من الجريمة المنظمة ضد العراقيين. فكلما أجتمع ممثلوه وعقدوا مؤتمرات (المصالحة) لحل أزمة السلطة يزداد الشقاق بينهم أكثر فأكثر ويأخذ القتل والجريمة أشكالاً أكثر تنظيماً وشدة والتي راحت تدخل كافة البيوت بسبب الهوية والانتماء الى تلك الطائفة أو ذلك المذهب أو تلك الجماعة الأثنية حيث ملأت الدماء الشوارع وساحات العمل والمعامل والدوائر وراح القتل والإبادة تختطف ضحاياها من النساء والأطفال والشيوخ دون استثناء.
ومجلس النواب هو الممول الرئيسي والفعال للأزمة هذه والدوامة المرعبة وكل يوم تتجدد فيه أسباب قتل الأبرياء وتأخذ أشكالاً مختلفة وليست الحرب الأهلية الدائرة الآن سوى ترجمة واقعية لمدى الصراع المحتقن من جلساتها التي صارت سرية حيث بني جدار عازل بملايين الدنانير لعزل الصحفيين ووصف الإعلام والصحفيين بالمراهقين فضلاً عن أن العديد منهم تعرض للقتل والاختطاف والضرب والتهديد على يد مسلحي هذا المجلس العقيم الذي ما أن تهدأ الأوضاع نسبياً حتى عقد جلسة أخرى لوضع النقاط على الحروف حسب قولهم ولكنهم إنما بذلك يضعون الحروف من دون نقاط والرؤوس على الجثث المكدسة في شوارع كافة مدن العراق في جولة أخرى من سفك الدماء حتى أصبح ما يسمى بمجلس النواب مجرد أضحوكة في فم حتى من كان له في البداية بعض التوهم بخصوصه. لأن أعضاءه لا يعبرون عن أية مطالب تتوقعها منهم عشرات الملايين من العمال ومحرومي المجتمع العراقي الذين رفضوا النظام البعثي الفاشي على هذا الأساس طيلة عشرات السنين. نعم أن هؤلاء لا يعبرون عن مطالب الناس في العراق وإنما يعبرون عن مطامعهم وصراعاتهم لنيل ما أمكنهم من الأموال والإمتيازات والنهب والسلب وما إلى ذلك بأي ثمن كان وبأي شكل كان. فالصراع الدائم بين تلك الكتل النيابية الرجعية يأخذ يوماً بعد آخر أشكالاً أكثر حدة في التنظيم والتخندق داخل المليشيات المختلفة لإدامة هذا الصراع الدموي على حساب الأبرياء ليكونوا الخمير الحي لذلك. فتراهم ينهون جلساتهم في كل مرة الى لغة الشارع وترجمتها هناك ليملئوا الأحياء والأسواق وساحات تجمع العمال بالداء والأشلاء.
إن حكومة تشكلت على أساس ثقافة العمائم والعكَل والشراويل لا تحمل في طياتها أكثر من الحقد الطائفي والصراع والدمار والتخندق الطويل الأمد وتدمير الإنسان العراقي المعاصر رجلاً كان أم إمرأة..وأنا أقول باختصار لو كان هناك ذرة من العدالة الآن في العالم بعد تراجع كافة مؤسسات المجتمع المدني بما فيها منظمة الأمم المتحدة ومجلس أمنها، لكان هؤلاء الجرذان الآن ملاحقين بتهم إبادة جماعية وتصفيات عرقية وعلى رأسهم أمريكا، لكن للأسف أن أمريكا اليوم هي التي تقرر في الأمم المتحدة ومجلس الأمن من هو الجاني ومن هو المجني عليه حسب أدبيات البنتاغون، ويبقى أخيراً الطالباني والمالكي والسيستاني والصدر والحكيم والبارزاني ومن لف لفهم ما هم إلا زعافات معلقة في الفضائيات التابعة وقصور المنطقة الخضراء أو بالونات للزينة الديمقراطية التي أدخلتها أمريكا في بيت كل إنسان عراقي عن طريق المجازر التي تقشعر لها الأبدان سواء من قبل قوات الاحتلال الهمجية أو الأحزاب والطوائف والعصابات التابعة لها.
هناك الكثير من الخطط ولمؤامرات والمصالحات والمحاصصات بين تلك القوى ليس على أساس إعادة هيكلة المجتمع العراقي بشكله التقليدي بل بالشكل الذي يتناسب مع سياساتهم وصراعاتهم ومستقبلهم في العراق!! نعم ليس على أساس إعادة هيكلة المجتمع العراقي في وضع يستطيع الإنسان أن يكون له الخيار في كيفية النضال لتغيير أوضاعه الاجتماعية والاحتجاج لنيل مطالبه المختلفة وبناء مجتمع معاصر يليق بكرامة البشر في هذا العصر. إن لأمر بعيد جداً أن يحدث هذا ما لم يتم حل هذه الحكومة وعدم التعامل معها من قبل الجماهير المحرومة، فهي لا تحمل سوى هدف واحد لا غير وهو تهميش دور الإنسان في العراق والنيل منه وتقسيمه وتصنيفه على أساس القبيلة والدين والقوم و..و..الخ.
إن مجلس القتال هذا ما هو إلا الفتيل الملتهب دوماً لإدامة وترجمة تلك السياسة والأهداف ووضع تلك النقاط على تلك الحروف وتلك الرؤوس على تلك الجثث في الشوارع والتي اشتدت ضراوتها بعد بدء حكومة كونداليزا رايس المالكية أعمالها وخططها الأمنية المكشوفة التي زادت الطين بلة! لأن القوات التي استعان المالكي بها هي نفسها من يقوم بارتكاب تلك الجرائم تلك كل حسب انتماءه الطائفي والجهة التي ينتمي إليها حيث قاموا يسرحون ويمرحون ويلعبون بأرواح الناس ويمارسون القتل والتقتيل والإبادة في ظل مؤسسات الدولة الطالبانية والمالكية ولذلك صعب جداً أن يحددوا حتى هم أنفسهم من يفعل ذلك بالتحديد. ومن فعل ذلك هو من غير شك حكومة المالكي بكافة أقطابها رافعة بذلك العبء عن قوات الاحتلال وبدأت بالقيام بذلك مع شركاء آخرين من المليشيات والعصابات الأخرى ضد محرومي المجتمع العراقي المغلوبين على أمرهم كما يقال وخلقت وضعاً مأساوياً يبرر أكثر من ذي قبل وجود القوات الأمريكية وها هي المعادلة الآن لصالحها!! وأخذت سوريا أيضاً تتخذ مع إيران جنباً الى جنب من الوضع العراقي ورقة للضغط على أمريكا بشكل واسع.
وإذن ننتهي بالقول غير الخافي على الجميع وهي أن نصف هذه الحكومة المزيفة بمجلسها الرجعي (مجلس القتال) الذي يعلن الطالباني بين الفينة والأخرى أن حكومة المالكي والفلان الفلاني هي حكومة إنقاذ وطني. فليس هناك أكثر من هذا الخيار حالياً على الساحة بعد ان وصل الجميع الى طريق مسدود حتى بعد تجربة التصفيات العرقية والطائفية لهذا وذاك. فالإفلاس السياسي لهؤلاء ممكن أن تراه في كافة فضائياتهم وفي كلمات وتصريحات وكتابات محلليهم وكتابهم.
23-6-2006
BASEL








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات القاهرة بين الموقف الاسرائيلي وضغط الشارع؟


.. محادثات القاهرة .. حديث عن ضمانات أميركية وتفاصيل عن مقترح ا




.. استمرار التصعيد على حدود لبنان رغم الحديث عن تقدم في المبادر


.. الحوثيون يوسعون رقعة أهدافهم لتطال سفنا متوجهة لموانئ إسرائي




.. تقرير: ارتفاع عوائد النفط الإيرانية يغذي الفوضى في الشرق الأ