الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماعت المصرية … على منصّة القضاء

فاطمة ناعوت

2022 / 3 / 9
حقوق الانسان


هذا يومٌ تاريخي عظيم سيظلُّ محفورًا في مدوّنة مصر الثرية بحروفٍ مضيئة قوامُها نورٌ ومجد. الخامس من مارس 2022. لأول مرة في تاريخ مصر، قاضياتٌ مصريّاتٌ رفيعاتُ المقام يُشرقن كشموس على منصّات محاكم مجلس الدولة في بادرة رفيعة المستوى في "الجمهورية الجديدة" التي يُشيّدها الرئيس السيسي على قواعد الحضارة والعدالة والتقدّم والجمال.
شكرًا لله تعالى أن شهدنا هذه اللحظة البهية في تاريخ مصر. وتحية احترام للمستشار الجليل "محمد محمود حسام الدين" رئيس مجلس الدولة، الذي صرّح بإنفاذ قرار رئيس الجمهورية رقم 446 لعام 2021 بتعيين 98 قاضية مصرية، شُهد لهن بالكفاءة والتميز والحكمة، في مجلس الدولة، وهي سابقة في تاريخ مجلس الدولة منذ تأسيسه في أربعينيات القرن الماضي. وتم توزيع القاضيات الجليلات للعمل في الدوائر المختلفة لهيئة مفوضي الدولة. واعتلت حفيدات "ماعت" ربّة العدالة المصرية، منصّة القضاء إلى جوار زملائهن القضاة في مجلس الدولة اعتبارًا من يوم 5 مارس الحالي، حتى يُشرق علينا الغدُ 8 مارس، "اليوم العالمي للمرأة" وقد ارتقت المرأةُ المصرية أرفع درجات العدالة وأقدسها: “منصّة القضاء”. وأقترحُ على المسؤوليين تدشين يوم "5 مارس" عيدًا قوميًّا للمرأة المصرية، نحتفل فيه بأجمل ثمار نضال مثقفات مصريات راحلات سجّل التاريخُ استحقاقهن كرسي القضاء، وكافحن لنيل هذا الحق، ولكن قوى الظلام كانت أعتى وأقسى، فحالت دون ذلك. ولكن شمسَ "الجمهورية الجديدة" قد أشرقت وأعلنت ألا مكان للظلام تحت سمائها.
ولكي نتعرّف على عظمة وفرادة هذه اللحظة التي تشهدها مصرُ اليوم باعتلاء سيدات مصريات منصّة القضاء، علينا أن نتذكر كفاحَ عظيمات من نساء مصر على مدى عقود طوال حتى تثمر أولى ثمرات هذا الكفاح الماجد. نتذكّرُ بكل اعتزاز جهودَ السفيرة الجميلة الراحلة د. “عائشة راتب" التي تخرجت في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1949، ونالت درجة الدكتوراه في القانون عام 1955، وقدّمت أوراق اعتمادها قاضية في مجلس الدولة، وهي أعلى هيئة قضائية في مصر، لكنها رُفضت لكونها "أنثى"! وقال رئيس الوزراء المصري آنذاك "حسين باشا سري" إن "وجود قاضية، ضد تقاليد المجتمع"! فقامت برفع دعوى ضد الحكومة لانتهاك حقوقها الدستورية، وكانت قضيتها الأولى من نوعها في المحاكم المصرية. وخسرت القضية بطبيعة الحال، ليس بناءً على القانون، بل لأسباب ثقافية وسياسية ومجتمعية، كما قال د. “عبد الرزاق السنهوري" رئيس مجلس الدولة آنذاك. وحاولت قانونياتٌ مصريات أخريات أن يحذون حذوها على مدار السنوات والعقود منذ خمسينيات القرن الماضي، ولم تُثمر جهودُ أيهنّ حتى عام 2003 حين صدر قرارٌ جمهوري بتعيين المستشارة الوطنية الراحلة "تهاني الجبالي" قاضيةً لأول مرة في تاريخ مصر، ونائبًا لرئيس المحكمة الدستورية العليا. وبالطبع أثار هذا صخبًا واسع النطاق في الأوساط الدينية المتشددة، رغم تصريح شيخ الأزهر آنذاك بأن تولي النساء منصب القضاء أمرٌ مقبول من الوجهة الشرعية. وفي عهد الإخواني "محمد مرسي"، ثم استبعادها من منصبها ضمن قضاة آخرين. ومع إشراقة ثورة 30 يونيو 2013، بدأت شمسُ العدالة في البزوغ من جديد، فحلفت 26 قاضية اليمين لتعيينهن قضاة في يوليو 2015. وقدمت الدولةُ المصرية دورات تدريبية مكثفة تحت إشراف رئيس مجلس الدولة من أجل دعم القاضيات نفسيًّا ومعنويًّا حتى أشرق نهار 5 مارس الحالي وقد اعتلين مقاعدَ القضاء في مجلس الدولة، ليقمن بدورهن المقدس في تكريس العدالة ودعم الحقوق ونصرة المظلومين.
مبروك لحفيدات "ماعت" ربّة العدالة في أدبياتنا المصرية القديمة التي سُنَّ باسمها دستورٌ إنساني رفيع يتكون من اثني وأربعين مبدأً يحفظ النظام والتحضر والأخلاق الرفيعة في وطننا مصر. دستورٌ كان هو الطريق للعيش الكريم في مجتمع كريم يسكنه كرماء. أذكر لكم بعض بنوده:
"أنا لم أقتل، ولم أُحرّض على القتل، ولم أنتقم لنفسي، ولم أتسبب في الإرهاب ولم أعتدِ على إنسان، ولا كنتُ سببًا في دموع إنسان. أنا لم أظلم ولم أضمر نيةً للشر. أنا لم أسرق ولم آخذ من بلادي أكثر من حصتى العادلة ولم أُتلِف المحاصيل والحقول والممتلكات، ولم أحرم إنسانًا من حقّ له. أنا لم أستدعِ شاهدَ زور، ولم أكذب، ولم أجرح شعور أحد ولم أتحدث بمكر، ولا خداع. أنا لم أزدرِ أحدًا ولم أتنصّت على أحد. أنا لم أحكم على إنسان في تعجّل أو قسوة، ولم أغضب دون سبب وجيه للغضب. أنا أطعتُ القانون ولم أخُن وطني.”
شكرًا للرئيس العظيم "عبد الفتاح السيسي" وشكرًا للإرادة السياسية الداعمة للاستحقاق والعدالة، وتحيا مصر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقرير كوري جنوبي ينشر تفاصيل إعدام كوريا الشمالية لشاب عشرين


.. بعثة طهران في الأمم المتحدة تحذر تل أبيب من -حرب إبادة- في ح




.. اتهامات لترمب بالعنصرية والكراهية ضد العرب بسبب كلمة -فلسطين


.. اللاجئون السوريون في إقليم كردستان يتمسكون بحلم العودة إلى م




.. Ctجولة مفاوضات جديدة تنطلق في مسقط بين الحكومة اليمنية والح