الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قشعريرة تشبه غريزة القطيع ..

مصطفى الرزاق

2022 / 3 / 10
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


يجد التمايز بين الريف و المدينة ميدانه الأوسع في المجال الإقتصادي ، حيث يسود العمل الفلاحي وحيداً في الريف ، بينما تتعدد المهن في المدينة و تتوزع على أكثر من قطاع ... تجارة .. صناعة .. خدمات .. إلخ .
يؤدي العمل في مهنة واحدة إلى الحفاظ على وحدة الأسرة "" البطركية ""من التشظي الذي يسببه إنزلاق أبنائها في مسالك متشعبة بحثاً عن العمل في مهن متعددة ، من جهة أخرى فإن وحدة الأسرة ترسخ فكرة الإنفصال وراء حاجز رابطة الدم الذي هو سمة الجماعة الطبيعية "" الإثنية .. الطائفة .. العشيرة و في حلقاتها الأصغر العائلة "" ، أمَّا التواصل فهو حاجة ملحَّة للأفراد لتأمين حاجاتهم البيولوجية اليومية و قد زودتهم الطبيعة بوسائل لتحقيق ذلك كالحواس و ملكة اللغة .
إن وحدة العائلة التي تعتمد على رابطة الدم تبنى هرمياً لتنتهي ذروتها بالأب الروحي "" عميد الأسرة "" الذي هو قائدها و أميرها أيضاً ، أما في المدينة فإن هذا الجماعة الطبيعية تضعف كثافتها و تقوم إلى جانبها جماعات أخرى تأخذ شكل المؤسسة و يتنوع نشاطها بين المهني و الإجتماعي و السياسي ... إلخ .
تستمد الجماعة الطبيعية عضدها من رابطة الدم ، لا الرابط القانوني ، لذلك فإن المنافسة بين أعضائها تقتصر فقط على ما تمنحه الطبيعة لكل واحد منهم من مزايا جسدية جمالية أو عضلية أو عمر مديد يكافأ من يصل إليه بتنصيبه شيخاً سديد الرأي يرعى شؤون رعيته التي تسري بين أفرادها في محبته و الإنقياد له قشعريرة تشبه غريزة القطيع ، هذا بخلاف الجماعة المؤسسة التي يتم التنافس بين أفرادها بحسب الكفاءة و المهارة بحيث تطَّرد فكرة المساواة التي تتلخص بمنح الفرص للجميع على قدم المساواة و الأكفأ من يثبت جدارته .
تخترق الفروقات أعلاه بنية النظام السياسي و تؤثر فيه تأثيراً شارخاً ، حيث يصبح عميد الأسرة الأب الروحي للدولة التي يتم تسيير أمورها وفقاً لإنتماءات ضيقة تزاحم معيار الكفاءة و تبطش به ، فيكون أول الضحايا مبدأ مساواة الجميع أمام القانون الذي يصبح حبراً على الورق ، كما أن عدم توفر مضمار للمنافسة في الجماعة الطبيعية سوى المضمار البيولوجي "" مزايا الجسد "" و إنغلاقها على نفسها خلف حدود رابطة الدم ، يتم إستعادتهما عند التعبير عن قوة الدولة في عدة صور ، منها صورة القائد كلي القدرة في موازة الصور الصادمة لصعق الخصوم و الفتك بهم ، أما في السياسة الخارجية فتقدم صورة لدولة فائقة التسليح تلوح دائما بالحرب المدمرة ضد أعداء مختلقين ، و ذلك على حساب تفعيل قنوات التواصل الأكثر جدوى عبر تشجيع عمليات التبادل الإقتصادي و الثقافي .. إلخ ، لذلك تصبح الصورة المكتملة لتلك الدولة العتيدة في آخر المشهد ، دولة مصنعة و مصدرة لأحدث الأسلحة و التكنولوجيا العسكرية لكنها فاشلة و عالمثالثية في الصناعات و السلع ذات الإستخدام المدني .
ما سبق من عجالة هو مجرد محاولة متواضعة لتقديم رؤية عامة لموضوع المقال لكن التفاصيل قد تختلف قليلاً هنا و هناك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل متظاهرين مؤيدين لفلسطين وتفكك مخيما ت


.. -قد تكون فيتنام بايدن-.. بيرني ساندرز يعلق على احتجاجات جام




.. الشرطة الفرنسية تعتدي على متظاهرين متضامنين مع الفلسطينيين ف


.. شاهد لحظة مقاطعة متظاهرين مؤيدون للفلسطينيين حفل تخرج في جام




.. كلمات أحمد الزفزافي و محمد الساسي وسميرة بوحية في المهرجان ا