الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نصائح ”خبير مغربي“ مهتم بالثورة الشعبية الجارية ببلد السودان

وديع السرغيني

2022 / 3 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


على نفس النهج وبالطريقة نفسها، طريقة العويل والصياح، طريقة الجبناء من شاكلة بليخانوف الذي تقدم بنصيحته المدوية والشهيرة، للثوار الروس، عمال وجماهير شعبية، في محاولة يائسة لثني الجماهير المنتفضة عن العصيان والثورة "ما كان ينبغي حمل السلاح"، هكذا صاح الجد الأكبر، زعيم التحريفية وقيدوم المراجعين الانتهازيين، عبر تقييمه التافه والمنبطح، لثورة شعبية عارمة شاركت، في جميع أطوارها الطبقة العاملة بقيادة حزبها الماركسي البلشفي وبقوة ال يستهان بها.. وبنفس الطريقة والمضمون دبّج ”الرفيق التيتي“ عموده الأسبوعي الثابت بجريدة "النهج الديمقراطي" العدد 441، والذي هو عبارة عن نصائح وتوجيهات تفتقد للحياء اللازم.. تهم مصير الثورة السودانية بالأساس، إضافة للثورة التونسية.
وكعادته لم يترك الفرصة تمر دون إشهار لأنانيته المتضخمة، وأستاذيته المتعجرفة، التي لا تقدر بالمرة تضحيات الثوار المنتفضين بكل من بلدي تونس والسودان ضمن ما سماه بالسيرورات الثورية المندلعة في هذين البلدين، مقدما النصح والفتاوي اللازم الأخذ بها، تصحيحا للمسار الثوري الجاري بهذين البلدين.!
وهو الشيء الذي يدعو صراحة للاستغراب، والحال أن شعب السودان وطبقته العاملة، في غنى تام عن مثل هذه النصائح التافهة، فهو الشعب الذي يتوفر على أعرق حزب شيوعي في المنطقة، حزب جماهيري يعد منخرطوه بالملايين. حزب يحظى بتعاطف كبير من لدن العديد من الفئات الشعبية والجماهير الكادحة المسحوقة، قاوم أعتى الديكتاتوريات، وله رصيد هام في تأطير المعارك والهبّات الشعبية في أكثر من مناسبة، بل وفي قيادتها وتأطيرها من "فوق وتحت" استفادة من المنهجية البلشفية إبان ثورة دجنبر 1905 الروسية.
حينها، أي خلال ثورة دجنبر، صاح زعيم المناشفة الرعديد بليخانوف، بما كان ينبغي حمل السالح على الإطلاق، متماديا في تبرير شعاراته الانبطاحية والانتظارية التي لا ترى طائلا من الضغط على الثورة وتطوير مسارها من "أعلى وأسفل" بما يعني ذلك من ضرورة لمشاركة الاشتراكيين الديمقراطيين الروس في الحكومة الثورية المؤقتة.. كانت حينها أنجع طريقة بالنسبة لبليخانوف وأتباعه من المناشفة الانتهازيين.. أو هكذا يزايدون هي "تنظيم البروليتاريا في حزب معارض للدولة الديمقراطية البورجوازية، هي تطوير الثورة البورجوازية من أدنى، من خلال ضغط البروليتاريا على الديمقراطيين في السلطة".. وهو عكس ما طالب به البلاشفة حيث كان موقفهم هو الدعوة للمشاركة في الحكومة الثورية المؤقتة كاستمرار للنضالات العمالية والجماهيرية الجارية في الميدان، أي "من فوق ومن تحت".
فحين يتجرّء عظام الثوريين الكبار أمثال ماركس إنجلز ولينين على تقييم الثورات الجارية تحت أرجلهم، بقصد التوجيه لمساراتها وشعاراتها وأساليبها.. فلأنهم فعلا خبراء مجربين ومرتبطين بالنضال الثوري اليومي الذي ال يعرف الراحة والاستراحة.. وإذا ما حدث وأن زاغت الجماهير الثورية المنتفضة عن المسار الذي تصوره أحد هؤلاء القادة العظام فلا يبدون امتعاضهم، ويصرخون في وجه هذه الجماهير المنتفضة بتلك الطريقة الفجـّة "ما كان يجب عليكم حمل السلاح".!
وهي الطريقة نفسها التي حاول بها "الرفيق الخبير" تقييم، بل وتقويم اعوجاج خط الثورة السودانية، فهي حسب هذا "الخبير المحنك"، "عالم تكتيكات" الثورات الشعبية، "ارتكبت أخطاء تكتيكية قاتلة في خوض العصيان المدني والإضراب العام الذي أعلن عنه بشكل متأخر جدا وقد أنهكت قوى الكادحين والعمال.." وهو أسلوب مجحف ومقزّم للثورة السودانية وللحزب الشيوعي نفسه. فهو قاصر إذن، يمكن التطاول على قراراته واستقلاليته حسب هذا التصريح، والحال أنه لا مجال للمزايدة والتوجيه الأستاذي البئيس في هكذا ظروف ومحطات، عبر هذا الادعاء وهذه الفتوى المقيتة المزايدة على خبرة الحزب الشيوعي السوداني وقدراته السياسية والتنظيمية.
فتاريخ الحزب معروف كما هو تاريخ "التيتي" الذي يجب أن يستحي من نفسه، بالنظر لتواضع تجربة حزبه أو منظمته السابقة، في هذا المجال المرتبط بتنظيم وتأطير الانتفاضات الشعبية، والعصيانات، والإضرابات العامة..الخ، إذ ال يخفى على أحد محدودية مساهمة هذا الحزب في تأطير النضالات الجارية ببالدنا، فهو حزب مناضل، أكيد، متواجد ومساهم في جميع هذه النضالات الشعبية والجماهيرية بما لا يدعو للشك، لكن وبالرغم من ذلك فالبد من الاعتراف بتواضعه الميداني.. والوضع نفسه يسري على جميع فصائل اليسار، الإصلاحي والثوري، سيان.. لأن المعطيات الحقيقية والميدانية العينية والمصورة، خلال العديد من المناسبات ومن داخل مواقع عمالية مهمة كالبيضاء والرباط_ سلا - تمارة - القنيطرة - طنجة.. تبيّن بالملموس حجم الحضور النضالي لهذا ..الحزب، إذ لا قدرة له ولا قوة لتنظيم وتأطير إضراب طلابي حتى.. بل وداخل مؤسسة جامعية أو كلية من الكليات.! فالفصائل الجذرية المناضلة لا بد أن تحترم نفسها لكي تكتسب احترام الجماهير الشعبية الكادحة، والاعتراف بالضعف ليس انهزام أو هزيمة، بل هو تحفيز على الوقوف على النواقص والأخطاء والانزلاقات، من أجل التقويم للانطلاق إلى الأمام.
في هذا السياق وبعيدا عن أي تجريح، فليست لهذا الحزب، ولجميع قوى اليسار المناضل، القوة كذلك لتنظيم إضراب واحد بأحد المعامل الصناعية، ولا في قطاع من القطاعات الإنتاجية.. إذ هناك فرق كبير وشاسع بين التنظيم والتأطير، بين المشاركة والدعم والتقاط الصور مع المضربين والمعتصمين.. فالحزب، وكما قلنا في السابق، حزب ديمقراطي متواضع مثله مثل جميع الأحزاب اليسارية المعارضة.. حزب لا حول ولا قوة له في ميدان الصراع الطبقي، ولا كفاءة له للتوجيه والافتاء في ما يقع في السوان وتونس.. وفي الهنولولو حتى.
فمن باب المساندة والدعم لثورة السودانية الجارية في الميدان، وجب على جميع الديمقراطيين في المغرب وفي العالم أجمع، التعبير عن ذلك وفق الإمكانيات المتاحة والمعبرة.. ليس "باللايكات" بالطبع، لكن الدعم يكون في شكل بيان سياسي، أو وقفة احتجاجية، أو مسيرة شعبية، أو مقالة تحليلية سياسية، تفضح طبيعة النظام القائم في السودان وتحالفاته المحلية والإقليمية والعالمية، علاقة بالإمبريالية ومخططاتها التآمرية. فالتواضع النضالي يقتضي عدم التدخل في مسار الثورة الجارية، سيرا على خطى أستاذنا ماركس خلال تقييمه لتجربة الثورة العمالية الباريسية، أي الكمونة، فقبلها بشهور قدم النصح للعمال البارسيين من موقع مسؤوليته داخل الجهاز القيادي للأممية، باجتناب المغامرة وبأن الانتفاضة ستكون ضربا من الجنون، لكن لحظة الإقدام على الثورة والاستيلاء على السلطة، انتفض منبهرا ومدعما لخطوات السلطة العمالية الجديدة، المشكلة أساسا من الجناح الاشتراكي المغامر وكذا حليفه الفوضوي، حيث قال "أية مرونة، أية مبادرة تاريخية، أية مقدرة على التضحية يتمتع بها هؤلاء البارسيون.. إن التاريخ لم يعرف حتى الآن مثالا بمثل هذه العظمة".. ودون هذا الأسلوب والطريقة لن نسقط سوى في المزايدات والتباهي الفارغ، فال يحق لنا "كثوريين" عاجزين كليا عن تشكيل أبسط الحلقات التنظيمية العمالية والشعبية وسط المعامل والمصانع، وداخل الأحياء الشعبية في المدن والقرى.. أن نتجرأ ونقفز بهكذا فطنة ونباهة، على القادة السودانيين، وهو المؤهلين لوحدهم، في الأول والأخير، للتقرير في مسار الثورة، وفي تحديد مواعدها، وفي توقيت معاركها واختيار أشكالها...الخ. وبهكذا طريقة نتصور الدعم والمساندة لجميع حركات التحرر العالمية، إذ يجب أن نستحي دائما من نفسنا وأن نظل متواضعين في آرائنا وتقاييمنا. فأمام ثقل المهام النضالية، والتي تستوجب علينا تحمل مسؤوليتنا كاملة، وبدون تأخير، في التعبئة الجماهيرية، عبر رفع الوعي في صفوفها، قصد تقوية الوعي التنظيمي لديها. ولذا أنوية المقاومة الثورية، في اتجاه بناء الحزب، حزب الطبقة العاملة المستقل، حيث لا يجب التولع بالقفز في الهواء ودعم الثورات الشعبية "بالجيمات واللايكات" وكفى المناضلين شر القتال.. فواجباتنا النضالية في اللحظة الراهنة أقوى بكثير من مثل هذه التعاليق التافهة، ومن هذه الممارسات الصبيانية التي لا تهدف سوى لتلميع الذات بشكل مقرف وبئيس فعوض الالتزام، وتطوير ممارستنا النضالية، على أرضية مطالب الجماهير الشعبية الكادحة والمقهورة بالغلاء وارتفاع الأسعار، وتفاقم البطالة، وتدهور الخدمات وجميع المرافق العمومية، وإغلاق المعامل والمصانع والشركات، وتسريح الشغيلة.. واستئساد الدولة وأجهزتها القمعية والمخابراتية..الخ نصعد للبرج المريح، لنشير ونفتي فيما يجب أن تتخذه الثورات من مواقف ومسلكيات على الطريقة الانتهازية البليخانوفية "ما كان ينبغي حمل السلاح".
فقبل الخرطوم وأم درمان أيها "الرفيق" توجد بقربنا وبين أحضاننا هنا، البيضاء واليوسفية وخريبكة وطنجة والحسيمة ومريرت..الخ والتي تستوجب منا أكثر من المتابعة وكتابة التقارير الصحفية.. تتطلب الارتباط والاحتكاك والانغراس بشكل أقوى وأوثق، لأن الواقع الذي تعيشه الحركة الثورية بالمغرب مزري ومتدهور، ولا يناسب وتيرة النضال في صفوف الجماهير.. آلاف المناضلين والمناضلات من الذين أفرزتهم المعارك النقابية والانتفاضات الشعبية غابوا عن اهتماماتنا كقوى ثورية.. غابوا عن خططنا بحيث أصبحنا مجرد جماعة من المتربصين الذين لا هم لهم سوى الاستقطاب وتعزيز الصفوف، مثلهم مثل ضواري الحملة الانتخابية، عبارة عن دكاكين كما قال زعيم حراك الريف المعتقل الزفزافي.. فبسبب هذا السلوك الاستقطابي الضيق، لم نقدر "هذا الكم الهائل من الطاقات"، ولم نتفاعل معها بالشكل النضالي اللازم، مما دفع الشباب للتبرم عن هذه العينة من المناضلين، التي تدعي بأنها تفهم في كل شيء وتفتي في كل شيء.. إلى الحد الذي ضيّعنا فيه العديد من القادة المناضلين من طلائع ومنظمي ومؤطري الانتفاضات والحراك الشعبي العارم، بكل من سيدي إيفني وصفرو والحسيمة وجرادة وزاكورة..الخ الذين انحرفوا بعدها عن طريق التحرير، وتراجعوا عن اختياراتهم الجذرية السابقة، للارتماء، دون إعلان مسبق، في أحضان المعارضة الانتخابية، الغير ملائمة لتطلعاتهم السابقة والطامحة للتغيير.

فبراير 2022








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تعلن طرح وحدات سكنية في -رفح الجديدة-| #مراسلو_سكاي


.. طلاب جامعة نورث إيسترن الأمريكية يبدأون اعتصاما مفتوحا تضامن




.. وقفة لتأبين الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل


.. رجل في إسبانيا تنمو رموشه بطريقة غريبة




.. البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمقا