الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة السابعة والأربعون

خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)

2022 / 3 / 10
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


حد من النقد الذاتى

فى المسودات الأولى

وأطلق له العنان أثناء المراجعة

بينما أتفحص ما لدى من كتب حول الكتابة ، أجد أنها تقع فى فئتين واسعتين ،

أجد فى أحد الصناديق كتبا من مثل " عناصر الأسلوب " و "عن الكتابة بشكل جيد " .

هذه الكلاسيكيات التى كتبها كل من " وايت " و " سترنك " و" وليام زنسر " ، تتعامل مع الكتابة كحرفة ، ولذلك فهى تركز اهتمامها على أدوات الكتابة والمخطوطات التصميمية .

وفى الصندوق الاٌخر ، أجد كتبا من مثل " طائر فطائر " و" العقل الفطرى " . وليس من المرجح أن أجد فى هذه الأعمال من " اٌن لا موت " و" نتالى غولدبيرج " .

نصائح عن الأساليب الكتابية أكثر من النصائح عن عيش حياة ملؤها اللغة ورؤية عالم من القصص .

تعود معايير الفئة الثانية هذه إلى ثلاثينيات القرن العشرين على الأقل ، حين كتبت كل من دورثيا براندى " أن تصبح كاتبا " 1934 ، وبريندا أويلاند " إذا أردت الكتابة " 1938 ، وإنها لنعمة أن الكتابين ما زالا يطبعان لدعوة جيل جديد إلى مجتمع الكتاب .

تفصح بريندا عن ذائقتها فى القهوة ، وقلم الرصاص المفضل متوسط النعومة ، و الاٌلة الكاتبة المحمولة الصامتة .

وتقدم نصائح حول ما على الكُتاب قراءته ومتى يجب عليهم الكتابة ، وتشتمل اهنماماتها على التأمل والتقليد والتدريب والاسترخاء .

تتركز قوة بريندا فى موضوع النقد الذاتى ، حيث تجادل بأن الانتقال إلى الكتابة السلسة يتطلب إسكات الناقد الداخلى فى وقت مبكر من العملية الكتابية ، إذ إن هذا الناقد الداخلى يصبح مفيدا فقط عندما ننتهى من كمية كافية من العمل ، ليتيح تقييمه ومراجعته .

كما تجادل بريندا أيضا ، متأثرة بفرويد ، بأنه يستوجب على الكاتب أن يكتب بحرية فى المراحل الأولى من عملية خلق النص الأدبى ، " ترويض اللاوعى " :

" يجب ألا تقع عند هذه المرحلة تحت إغراء إعادة قراءة ما أنتجه قلمك ، ففى الوقت الذى تحاول أن تتدرج فى تأسيس قاعدة لنفسك بأن تكتب أينما كان وكيفما سنحت الفرصة، فإنك كلما أغفلت عين الناقد عما تكتبه كان ذلك أفضل ، حتى وإن كنا نتحدث عن إعادة قراءة خاطفة .

فتميز كتابتك أو سذاجتها ليسا موضع الاعتبار . اما الاٌن ، وبعد أن عدت إلى مراجعة ما كتبته بحيادية وعقلانية ، فستجد هذه الدفقات الكتابية منيرة جدا " .

وبعد أربعة عقود ، غطت نفس الموضوع كاتبة أخرى ، هى " غايل غودوين " ، فى مقالها " المراقب عند البوابة " ، حيث " المراقب " ، بالنسبة إلى غودوين ، هو الناقد الذى يعيش داخلها والذى يظهر بأشكال متعددة ليوصد الأبواب على ابداعها .

إنه لمن المذهل مقدار المجهود الذى سيبذله المراقب ليمنعك من ملاحقة تدفق خيالاتك .

يمكن أن يظهر المراقب على شكل مبراة أقلام الرصاص سيئة السمعة ، أداة تغيير الأشرطة ، مرشات الحدائق ، الغرف الفوضوية الكريهة ، أو الصفحات الفوضوية .إنهم مهوسون باستخراج معانى الكلمات ، يشحذون إحساسهم بأهميتهم ويعتقدون بأنها مناسبة للكُتاب ، وفوق كل شىء يفضلون الموت ( ويقتلون إلهامك معهم ) على أن يجعلوا من أنفسهم أضحوكة .

ومثلها مثل باربرا ، استمدت غودوين صورها الأساسية من فرويد ، الذى اقتبس من فردريك فون شيلير : " فى حالة العقل الخلاق ، يسحب الذهن مراقبيه بعيدا عن البوابات وتتدفق الأفكار تباعا ، عنده فقط يقوم المثقف بالنظر فى حشد الأفكار المنتجة " .


يوبخ فريدريك أحد الأصدقاء : " أنت ترفض الأفكار وتمايز بينها بقسوة " .

تخوض " بريندا أويلاند " معركتها ضد النقد الداخلى والخارجى بشغف أميرة محاربة وبعزيمة المتظاهرة دفاعا عن حق المرأة .

تُعنون بريندا أحد الفصول ب " لماذا على النساء اللواتى يشغلهن العمل فى البيت كثيرا أن يهملن العمل لمصلحة الكتابة " ، وفى فصل اٌخر تجادل بأن " الكل موهوب ومبتكر ولديه شىء ليقوله " .

لقد لاحظت أن " كل من يحاول الكتابة يصبح قلقا وخجولا ومقطبا وحبا للكمال ، وخائفا بشدة من احتمال أن يخط شيئا ليس بجمال ما كتبه شكسبير " .

ياله من صوت ناقد صاخب ومراقب بعين جاحظة مزعجة .

لاعجب بإنك لا تكتب وتؤجل الكتابة شهرا بعد شهر وعقدا بعد عقد . لأجل ذلك يستوجب عليك عندما تكتب أن تكون متحررا إذا أردت أن تكون كتابتك جيدة بأى حال من الأحوال ، متحررا من دون تلهف .

المعلمون الجيدون هم هؤلاء الأصدقاؤ الذين يحبونك والذين يظنون بأنك مثير للأهتمام أو شديد الأهمية ومضحك بشكل جميل ، الأصدقاء الذين تجد موقفهم تجاهك هو : " أخبرنى المزيد ، أخبرنى كل ما تستطيع ، أريد أن أفهم كل شىء تشعر به وتعرفه وكل
تغيراتك الخارجية والداخلية ، دع المزيد يتدفق منك " . وإذا لم يكن لديك صديق كهذا وتريد أن تمارس الكتابة فعليك أن تتخيل صديق مشابها .

بالنسبة إلى غودوين ، تتضمن الأسلحة المقاومة للناقد الداخلى أشياء ، مثل الموعد النهائى والكتابة السريعة فى أوقات غريبة ، والكتابة عندما تكون متعبة والكتابة على ورق رخيص والكتابة بأشكال مفاجئة التى ليس التميز متوقعا منها .
لقد أكدت لغاية الان جانبا واحدا من المعادلة : أثر إسكات صوت الناقد الداخلى باكرا فى عملية الكتابة .

ويحق لك أن تسأل : " عندما يُسمح لصوت الناقد أن يعلو ، ماذا أتوقع أن يقول لى ؟ "

سيكون الصوت عندها صوت ناقد مفيد ، أقول ذلك بجرأة ، عند الاحتكاك مع هذه الادوات والتسلح بها ، سيقول لك صوت الناقد الداخلى ، غالبا " هل تحتاج لهذا الظرف ؟ " أو " هل هذا المكان المناسب لهذه الحكمة الذهبية ؟ " أو " أليس الوقت مناسبا لتنزل من
فوق سلم الفكرة الغامضة وتعطى مثالا جيدا ؟ .

الدارس المهم هنا هو : التطبيق الواعى لكل نصيحة كتابية سوف يحولك إلى حجر إذا حاولت ممارستها فى وقت مبكر جدا ، أو طبقتها بشكل خطأ ، أو اًمنت بها بتشدد .

دورثيا براندى وبريندا ، أويلاند وغايل غودوين لديهن الفكرة المناسبة .

هناك ما يكفى من العمل النقدى وما يكفى من النقد لمواجهته ، لذا أبدأ بإعطاء نفسك هدية ، فنجانك الأول ذاك من القهوة ، على سبيل المثال .

والى الإداة الثامنة والأربعين فى مقال قادم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. باريس تسلم -بري- الورقة الفرنسية المتعلقة بوقف إطلاق النار ب


.. ترامب يواصل تصدر استطلاعات الرأي في مواجهة بايدن| #أميركا_ال




.. الخارجية الأميركية: 5 وحدات في الجيش الإسرائيلي ارتكبت انتها


.. تراكم جثامين الشهداء في ساحة مستشفى أبو يوسف النجار برفح جنو




.. بلينكن: في غياب خطة لعدم إلحاق الأذى بالمدنيين لا يمكننا دعم