الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعض العرب والعثمانيون واردوغان

زياد ملكوش
كاتب

(Ziyad Malkosh)

2022 / 3 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


بعد وفاة عبد الناصر واعدام صدام حسين ونكوص حسن نصرالله لم يعد في العالم العربي زعيم يمكن للجماهير ان تتبعه او تتابعه او تستمع اليه ، ومع الاوضاع التعيسة التي وصل اليها حال الامة ولفشل الربيع العربي في اسقاط او اصلاح الانظمة الحاكمة وكون كثير من الناس يحبوا عادة ان يتعلقوا بشخص كارزمي ( كمن يتعلق بقشة للنجاة والنهوض وقد يصل الامر بهم الى الوصول لحالة ظاهرة عبادة الفرد والتي يشجعها الحكام العرب / باعتبار انهم الزعماء العظام/ خلال اعلامهم الذي لم يعد احد يصدقه ) . وهكذا اصبح اردوغان/ النجم الصاعد في تركيا في حينه / بمثابة المثال والقائد المُخَلِص وتركيا البلد النموذج .

كانت تركيا قد تخلصت من حكم العسكر بعد ان وصل حزب اسلامي التوجه الى السلطة بالتحالف مع بعض الاحزاب الاخرى، وبرز اردوغان بعد تحقيق نمو اقتصادي جيد وسريع بمساعدة خبراء اقتصاد وبالاعتماد على مبادرة عبدالله غل وبمشاركة داود اوغلو ( اللذان تركاه او تخلى عنهما وانشا حزبا معارضا مؤخرا ) بانتهاج سياسة صفر مشاكل مع الخارج خاصة دول الجوار مما أدى الى استقرار سياسي وتفرغ للتنمية . ترافق ذلك مع دعم تركيا لاسطول الحرية الذي حاول كسر الحصار عن غزة، ومهاجمة كلامية لاسرائيل والتقرب للاحزاب الاسلامية العربية خاصة الاخوان المسلمين والغاء قرارات منع الحجاب في الدوائر الحكومية والجامعات ثم اطلالات اردوغان وهو يقرأ القرآن او يصافح فتيات مغطاة روؤسهن . كل ذلك اطرب بعض العرب واعتبروا تركيا مثال الدولة الاسلامية واردوغان الخليفة المنتظر فاصبح لهذا الرجل معجبين ومحبين لابل ان البعض قارب ان يقدسه .

تركيا دولة علمانية ولم يغير اردوغان ولا حزبه من علمانية الدستور ولم يلمحوا حتى على وجود نية لذلك ، صحيح ان معظم الاتراك مسلمين لكنهم راضين بدستورهم طالما الوضع الاقتصادي جيد والحريات الشخصية مُصانة ، وتركيا مليئة بالجوامع الجميلة لكنها ايضا مليئة بمطاعم وبارات اكثر عددا تقدم المشروبات الكحولية وفيها اماكن دعارة مرخصة . كل ذلك تناساه المعجبون العرب ( واغلبهم اسلاميي التوجه ) ، وتجاهلوا ميول الرجل الديكتاتورية ووضوح حنينه لايام الدولة العثمانية المستعمِرة ، كما تناسوا تعامل تركيا مع جاراتها بخصوص المياه من حيث اقامة المشاريع على نهري دجلة والفرات متجاهلة ليس فقط حقوق الجوار مع العراق وسوريا لا بل الاتفاقيات العالمية المائية .

بعد الربيع العربي والاحتجاجات في سوريا تدخلت تركيا في الصراع السوري ودعمت جماعات معارضة /ليست افضل من النظام السوري/ وزودتهم بالاسلحة ، وبعد استقبال اللاجئين السوريين/ وهو ما تُشكر عليه وإن كان بمساعدات مالية اوروبية وحافز لابتزاز لابتزازها . بعد ذلك تحولت سياسة صفر مشاكل الى سياسة عشرات المشاكل مع سوريا وروسيا واوروبا وامريكا ، ترافق ذلك مع احتلال جزءا آخر من سوريا بالإضافة الى لواء الاسكندرون السوري الذي ضمته منذ الحرب العالمية الثانية ، ثم اجبرت الاسد الاب على توقيع اتفاقية اضنا التي نصت على عدم ذكر اللواء في العلام السوري و عدم المطالبة به ، كذلك بدات التدخلات في اماكن اخرى كليبيا واوكرانيا وغيرها. زادت دكتاتورية اردوغان ايضا خاصة بعد المحاولة الانقلابية عليه والتي يقول البعض انها مُفبركة حتى يقضي على خصومه ، يكفي انه قام بفصل اكثر من ثلاثة آلاف شخص من قضاة وموظفين لمجرد انهم كماقال يؤيدون الانقلابيين ، وقمع الصحافة المعارضة .طبعا كل ذلك التخبط السياسي الداخلي والخارجي اضعف الاقتصاد فنزل سعر الليرة التركية نزولا حادا وارتفعت الاسعار وزادت البطالة وطالت اردوغان تهم فساد خاصة صهره الذي يملك مصنعا للطائرات المسيرة ، وبدا المقربين الاكفاء بالابتعاد عنه ، ووضع تركيا الان كما وضع اردوغان في اسوء الحالات وليس من المستبعد سقوطه وسقوط حزبه في الانتخابات القادمة . ينبغي التذكير بان العلاقات الديبلوماسية التي انقطعت مع اسرائيل لم تمنع العلاقات الاقتصادية التي ظلت قوية وستزيد مع زيارة رئيسها الذي وصل حاليا الى انقرة وباستقبال حافل والذي احرج وحير نادي المعجبين العرب ، على الاقل الذين يؤيدون الحق الفلسطيني العادل منهم، واعتقد انهم كثر .

لا شك ان وجود زعيم كارزمي ، قدير ونزيه ومخلص هام لقيادة الامة للنهوض ، على انه يجب ان يكون عربيا و يجب ان يترافق ذلك مع وجود حركة او حزب خلفه لديه اهداف واضحة وبرامج عمل وآليات انتخاب قيادات قابلة للنقد والاستبدال والاقالة ، لا ان تبقى ابدية كالحكام العرب وقادة الاحزاب العربية /بمافيها اليسارية/ التي تدير الحزب مدى الحياة وتورث المنصب ايضا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ