الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نجاح روسيا في هذه المواجهة سيسقط الأحادية القطبية الأمريكية

خليل اندراوس

2022 / 3 / 12
مواضيع وابحاث سياسية



المواجهة الروسية الأطلسية الأمريكية في أوكرانيا في النهاية لا بد وأن تؤدي إلى سقوط الأحادية القطبية للولايات المتحدة، هذه الأحادية التي ارتكبت عشرات الحروب المحلية، وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية، ويكفي أن نذكر الحروب في كوريا وفيتنام، واحتلال أفغانستان والعراق، ومؤامرة الثالوث الدنس الولايات المتحدة وإسرائيل والأنظمة الرجعية العربية، وعلى رأسها السعودية ودول الخليج العربي لا بل الأمريكي، بهدف تقسيم سوريا إلى دويلات. وحرب التحالف العربي لا بل تحالف الشياطين ضد الشعب اليمني، والمؤامرة التي تجري الآن في أوكرانيا، حيث عمل حلف الناتو والولايات المتحدة من أجل تحويل أوكرانيا إلى زريبة يمينية عنصرية وجزء من حلف الناتو، وتمتلك السلاح النووي وتهدد أمن واستقرار روسيا، والعمل على إقامة حلف أوروآسيا يحيط روسيا من الجنوب، وتقسيم روسيا إلى دويلات. لذلك مع كل ما أشعر به من آلام لما يجري الآن في أوكرانيا، برأيي لم يبق لروسيا من طريق للقضاء على هذه المؤامرة الإمبريالية الأمريكية وحلف الناتو والنظام اليميني بل النازي في أوكرانيا الذي يمنع اللغة الروسية ويمنع وجود حزب شيوعي في أوكرانيا إلا المواجهة العسكرية، ونجاح روسيا في هذه المواجهة لا بد وأن يسقط الأحادية القطبية الأمريكية في عصرنا الحاضر، ولا بد أن ينقذ الإنسانية من الكابوس الأمريكي. نجاح روسيا في المواجهة في أوكرانيا لا بد وأن يؤدي إلى السقوط المريع للهيبة الأمريكية وهيبة حلف الناتو، ليس فقط في أوكرانيا بل في العالم كله.

إن الزحف الروسي في أوكرانيا كان لا مناص منه، لأن الغرب الإمبريالي والعصابة اليمينية النازية في أوكرانيا على مدى السنوات رفضت جميع التوجهات الدبلوماسية الروسية، والتي كانت تهدف إلى إحقاق التعايش السلمي بين روسيا وأوكرانيا، بين الشعبين الروسي والأوكراني، من خلال تنفيذ مبادئ اتفاق مينسك، ورفض قبول أوكرانيا كعضو في حلف الناتو. لكن كل هذه المحاولات الروسية قوبلت بعدم الاهتمام بل بالاستهتار من قبل الشيطان الأكبر في عالمنا المعاصر، الولايات المتحدة وحلف الناتو.

وهنا لا بد وأن أذكر بعض الحقائق التاريخية، ومنها أن الغرب الإمبريالي في فترة حكم ريغان في الولايات المتحدة وحكم تاتشر في بريطانيا، بعد أن قام غورباتشوف بتفكيك حلف وارسو، كان هناك تعهد من قبل ريغان وتاتشر بعدم توسع حلف ناتو في شرق أوروبا، ولكن للأسف هذا التعهد لم يكتب، إما لغباء غورباتشوف أو بسبب وجود أحد كبار مستشاري غورباتشوف الذي كان أحد عملاء CIA.

وهنا لا بد أن نقول بأنه حتى لحظة دخول روسيا واحتلالها شرق أوكرانيا، وتوقعاتي لا بد وأن تسقط كييف ونظامها النازي، كان الغرب وخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا يتجاهلون المخاطر التي يمكن أن تحدث لكل من يقامر ويغامر بضم أوكرانيا إلى حلف الأشرار – الناتو.

أوكرانيا التي لها حدود مشتركة واسعة مع روسيا تمثل من الناحية الجيو استراتيجية بوابة أوروبا إلى روسيا، ولها عمق ثقافي وتاريخي وديني وإنساني مع روسيا، وعدوة روسيا كقوة عظمى مؤثرة وخاصة بعد تحالفها الإستراتيجي مع الصين وإيران، عمل الغرب الإمبريالي من أجل تحويل أوكرانيا إلى ملعب للمؤامرات ضد روسيا، ولكي تصبح أوكرانيا "الخاصرة الرخوة" لروسيا، والقاعدة الأمامية للإمبريالية العالمية ضد دول وشعوب الشرق، وخاصة روسيا والشعب الروسي.

كان أحد مهندسي الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفييتي والمدعو جورج كينان قد حذر في ستينيات القرن الماضي من أية محاولة للتوسع في شرق أوروبا، مفضلًا إستراتيجية الاحتواء عن بعد، كي لا تستفز روسيا وتجنح نحو خيارات عسكرية كالتي نشهدها اليوم. وفي الفترة الأخيرة قدم جون ميرشايمر، أستاذ العلوم السياسية وأحد آباء الواقعية السياسية، نصيحة لم تلقَ الآذان المصغية في الولايات المتحدة ودول الناتو، وهي أن يتخلى الغرب الإمبريالي عن خطته في "تغريب" أوكرانيا، واقتراح بديلًا لهذه السياسة، وهو تحويل أوكرانيا إلى منطقة عازلة بين حلف الناتو وروسيا، ولكن هنا أذكر بأن أغلب دول حلف وارسو أصبحوا أعضاء في حلف الناتو باستثناء بيلاروسيا والمجر التي استطاعت التخلص من تأثير وهيمنة الإمبريالي الصهيوني جورج سوروس، وقامت بطرده من المجر.

ولكن الولايات المتحدة وحلف الناتو رغم كل المخاطر والتحذيرات الروسية المتكررة استمرا في ممارسة سياسات التوسع شرقًا، ومواصلة تطويق روسيا من الجنوب من خلال ضم أوكرانيا إلى حلف الناتو، بهدف النفاذ منها إلى روسيا نفسها، باعتبار أن أوكرانيا تعتبر بوابة حلف الأطلسي والإمبريالية الأمريكية إلى روسيا، بهدف تفكيك عرى التنوع العرقي والإثني والديني الروسي، وتحويل روسيا إلى دويلات كما حدث في يوغوسلافيا، وكما حاول الثالوث الدنس -الولايات المتحدة وإسرائيل والرجعية العربية- فعله في سوريا، وتقسيم سوريا إلى دويلات صغيرة، كردية شمال سوريا، وعلوية غرب سوريا، وسنية وسط سوريا، ودرزية على حدود الجولان المحتل خدمة لمصالح إسرائيل الإستراتيجية العدوانية في الشرق الأوسط.

وهذا المشروع فشل بفضل صمود الشعب السوري وصمود محور المقاومة حزب الله وإيران ودعم روسيا، فتدخل روسيا الإيجابي في سوريا هو أيضًا دفاع عن الباب الخلفي لروسيا، لأن لو نجحت هذه المؤامرة في سوريا لاستمر الثالوث الدنس وداعش في الحرب الإرهابية داخل روسيا في آسيا الوسطى. لذلك أحترم وأقدر توجه قاسم سليماني إلى بوتين وطلبه منه التدخل في سوريا، ففشل المؤامرة في سوريا منع مؤامرة أكبر، وهي تقسيم روسيا إلى دويلات في آسيا الوسطى وداخل روسيا.

هناك وحدة تاريخية بين أوكرانيا وروسيا، والغرب الإمبريالي يسعى بكل الوسائل لمنع روسيا من أن تكون دولة عظمى كما كانت في زمن الاتحاد السوفييتي، وكذلك يسعى حلف ناتو والولايات المتحدة إلى منع روسيا من المشاركة في جميع القرارات والسياسات الدولية، وتهميش وتقزيم روسيا. لكن قادة روسيا اليوم وعلى رأسهم بوتين استطاعوا أن يعيدوا إنشاء تحالفات عبر المحيط الأطلسي، أي أبعد بكثير من منطقة أوروآسيا التي تعد قدس أقداس التفكير الروسي الإستراتيجي في مواجهة توسع حلف الناتو شرقًا، وخاصة في أوكرانيا.

وهنا لا بد أن نذكر بأن المطالب الروسية التي بات النقاش يدور حولها قبل بدء المواجهة في أوكرانيا مع الولايات المتحدة وحلف الناتو ليست بجديدة، فروسيا أصرت ألا تتحول أوكرانيا إلى قاعدة أمامية لحلف شمال الأطلسي، وألا تنضم إلى حلف الناتو، وطالبت روسيا مرارًا بضرورة انسحاب قوات حلف الناتو من شرق أوروبا، وخاصة في الطوق السوفييتي القديم، والتزام فنلندا والسويد الحياد. هذه المطالب الروسية التي تعتبر من أهم أسس ومبادئ حفظ مصالح روسيا السياسية والأمنية والحفاظ على مجالها الحيوي والتاريخي، ولكن رئيس الولايات المتحدة بايدن بعد انسحابه المذل والفوضوي من أفغانستان يعمل في إطار إستراتيجية "إعادة التخندق" لمواجهة التحدي الصيني في شرق آسيا، ومواصلة دفع روسيا بعيدًا خلف أسوار الطوق السوفييتي القديم تطبيقًا لنصيحة زيغنيو بريجنسكي الذي قال: "إذا أردنا التخلص من روسيا علينا أن نفصلها عن أوكرانيا"، والسياسة الأمريكية الخارجية وسياسة حلف الناتو تعمل في هذا الاتجاه.

في عام 2008 اعترضت فرنسا وألمانيا وإيطاليا على ضم أوكرانيا إلى حلف الناتو، وتحويلها كما بولندا وتشيكيا إلى خطوط أمامية للهجوم الأمريكي ضد روسيا، لكن الآن جميع دول الناتو لم تعلن موقفها الواضح الرافض لضم أوكرانيا آلة حلف الناتو، وحتى الدول المذكورة أعلاه وقفت إلى جانب سياسات أوكرانيا الاستفزازية ضد روسيا، وهناك داخل أوكرانيا وخاصة الرئاسة في أوكرانيا وكذلك "كتيبة أزوف" المتطرفة التي تعدادها 900 شخص متطرف، والتي تعتبر زريبة لإيواء النازيين الجدد الذين يؤمنون بتفوق العرق الأبيض يتبنون موقف نشر درع الصواريخ المضادة الغربية لحلف الناتو في أوكرانيا، وحتى العمل على تحويل أوكرانيا إلى دولة نووية أمامية، لكم هذه الخطوة لم يستطع حلف الناتو القيام بها خوفًا من أي هجوم نووي روسي يهددها بضربها في عقر أوكرانيا وحلف الناتو والولايات المتحدة الشيطان الأكبر.

الخوف من الردع الروسي دفع وزير الخارجية الأمريكية بالإقرار بقوة الردع الروسي وامتناع الناتو عن المواجهة مع روسيا، ولكن الغرب الإمبريالي -الولايات المتحدة وحلف الناتو- يعملون بكل الوسائل من أحل إطالة أمد الحرب في أوكرانيا من خلال إرسال آلاف المتطوعين المحترفين من الولايات المتحدة إلى أوكرانيا، وهذه السياسة التحريضية الإرهابية هي مساهمة في انتحار أوكرانيا.

إننا نعارض الحرب، والحرب أمر سيئ، لذلك كلما انتهت الحرب بأسرع وقت فهذا لصالح الشعب الأوكراني والروسي، بل لصالح الإنسانية جمعاء، وهذا ممكن فقط عند استجابة أوكرانيا وحلف الناتو والولايات المتحدة إلى مطالب ومصالح روسيا الأمنية والاقتصادية والسياسية والإنسانية. وهنا نذكر بأن روسيا بعد فرض العقوبات الغربية من قبل الناتو وأمريكا في عام 2014، قامت بإعادة تكوين احتياطات المصرف المركزي الروسي، ورفعتها إلى 670 مليار دولار، وهذا الأمر يمنح روسيا الوقت والأدوات الكافية لحجب آثار العقوبات عن الشعب الروسي، ومواصلة خيار المواجهة، وهنا نذكر الموقف الصيني الإستراتيجي الداعم لروسيا، من خلال التزام الصين بشراء كميات إضافية من الغاز الروسي، وكذلك تقديم الصين تغطية سياسية واقتصادية وإعلامية وإنسانية لروسيا، كما يتضح في البيان المشترك الصيني الروسي بعد زيارة بوتين الأخيرة للصين، والذي يعتبر أحد أركان الردع الروسي للغرب في أوكرانيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات الطلاب الأمريكيين ضد الحرب في غزة تلهم الطلاب في فرن


.. -البطل الخارق- غريندايزر في باريس! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بلينكن في الصين.. مهمة صعبة وشائكة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء المقبل في زيارة هي السابعة له من




.. مسؤولون مصريون: وفد مصري رفيع المستوى توجه لإسرائيل مع رؤية