الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحولات الجذرية في السياسة النجادية

جهاد الرنتيسي

2006 / 9 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


جرت العادة ان يكون للمناورة حدودها ، وللخطاب محرماته ، وان توضع ابعاد المواقف في الاذهان عند البحث عن ادوات دقيقة لقياسها .
فمن غير الطبيعي ان يفصل الوهم بين المحكات واقصى حدود التكتيك السياسي ، وان يخرج ما يجري ترديده عند اشتداد الازمات عن الحدود الدنيا لجوهر المواقف ، وان تصل فوائض الخطاب السياسي الى حد التناقض مع اساساته .
وفي الخطاب الديماغوجي الذي يستخدمه رموز السلطة الايرانية تغيب الفواصل بين المناورة والمحك ، والفائض والجوهر ليتحول الى كتلة من التناقضات ، تخفي النوايا الحقيقية ، وتقلل من مصداقية اصحابها .
فلم يتوان الرئيس الايراني احمدي نجاد عن الدعوة الى ازالة اسرائيل عن الوجود حين اقتضت الضرورة تجييش الشارع المازوم .
وتمكن بفعل هذا الدعوات من اثارة غرائز الباحثين عن انتصارات وهمية تتيح بعض التوازن النفسي .
ولكن الذين تحمسوا لهذه الدعوات اغفلوا اثرها في تخصيب مناخات التطرف اليميني الاسرائيلي القائم على فكرة العداء للمحيط .
وخلال الاشهر القليلة الماضية اثبتت دعوات نجاد جدواها في جلب التعاطف الدولي مع الحكومة الاسرائيلية التي لم توقف عدوانها يوما واحدا عن الضفة الغربية وقطاع غزة .
ورغم النتائج العكسية للتصعيد غير العقلاني اصر نجاد لبعض الوقت على التعامل مع اسرائيل باعتبارها رهينة غربية في شرق يخضع لنفوذ العمائم .
وسرعان ما تسببت هذه النظرة في كوارث تمثلت في الفاتورة باهظة الكلفة التي تدفعها دول وشعوب منطقة تحولت الى ساحة لتصفية الحسابات .
فمن غير الممكن النظر الى الحرب التي وفر حزب الله مبرراتها ، وادت لعودة لبنان الى مرحلة ما قبل الاعمار دون ربطها بسياقات السياسة النجادية .
والواضح من خلال تطورات الاداء السياسي الايراني انه كان من الضروري الحاق الدمار بالبنية التحتية اللبنانية ، وتشريد الاف اللبنانيين ، وتجييش العالم ضد مغامرات حزب الله ليعيد نجاد النظر في نظرته لاسرائيل .
ولكن ما لحق بلبنان وشعبه لم يكن السبب المباشر في ارسال الرئيس الايراني تطمينات لواشنطن وتل ابيب من خلال تاكيده على عدم استهداف المفاعل النووي الايراني لاسرائيل .
فقد سبقت هذه التصريحات حركة سياسية ودبلوماسية مكثفة لاجبار طهران على وقف التخصيب النووي .
واللافت للنظر ان ابعاد اسرائيل عن دائرة الخطر الذي يمثله المفاعل النووي لم تكن الاشارة الايرانية الوحيدة الموجهة الى الولايات المتحدة .
ففي وقت لاحق اكد الرئيس الايراني السابق محمد خاتمي خلال محاضرة في احدى الولايات الاميركية ضرورة بقاء الجيش الاميركي في العراق .
وتدلل هذه المؤشرات على تحول الولايات المتحدة واسرائيل من شيطان اكبر الى شريك يمكن التعايش معه في التفكير السياسي الايراني .
ورغم وضوح الحقيقة مازال هناك من يصر على تجاهلها ، مثلما تجاهل العبث بالامن العربي تحت يافطة تصدير الثورة ، ولجوء نجاد الى الى التعصب القومي ضاربا بالستار الديني عرض الحائط نزولا عند ضرورات تحشيد الشارع الايراني.
فالعجز عن قراءة الواقع ، وحالة الوهن التي وصلت اليها المنطقة حولا الوهم الى واحد من ضوابط التفكير ، وعنصر مؤثر في اليات التحليل السياسي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سوليفان في السعودية اليوم وفي إسرائيل غدا.. هل اقتربت الصفقة


.. مستشار الأمن القومي الأميركي يزور السعودية




.. حلمي النمنم: جماعة حسن البنا انتهت إلى الأبد| #حديث_العرب


.. بدء تسيير سفن مساعدات من قبرص إلى غزة بعد انطلاق الجسر الأمي




.. السعودية وإسرائيل.. نتنياهو يعرقل مسار التطبيع بسبب رفضه حل