الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حدود العولمة الرأسمالية : العودة للحرب لإعادة تنظيم الرأسمالية

عزز محب

2022 / 3 / 15
العولمة وتطورات العالم المعاصر


ليست الرأسمالية مجرد نظام لإنتاج وتوزيع البضائع والخدمات، بل هي أيضا مسلسل متواصل من التدمير والبناء. لكن الطابع للرأسمالية، لا يظهر بشكل واضح إلا خلال الأزمات الكبرى. وبما أن الأزمات الاقتصادية دورية، فانه لا يمكن تصور عالم رأسمالي خال من الحروب والنزاعات المسلحة. ليس لان القادة الرأسماليين هوايتهم هي القتل والتدمير (على الأقل بالنسبة للأسوياء منهم) بل لكون الحروب الرأسمالية لها دور اقتصادي مزدوج: "التدمير" حينما يتوقف نظام التراكم عن النمو و" إعادة البناء" لتجديد الشروط العامة لتراكم الرأسمال.
----------------------------------------------------
الدور المزدوج للحروب الرأسمالية

بالعودة إلى أرشيف تاريخ الرأسمالية، يمكننا التوقف على دورية الحروب كلحظات متزامنة مع فترات توسع الراسمالية وانكماشها . ويمكن أن نستنج من ذلك أن "السلم" و"الحرب" يشكلان معا حلقتين متلازمتين في مسلسل تراكم الرأسمال.
لكن علينا التمييز بين "الحروب الصغيرة" (كالحروب الثنائية والإقليمية) كنزاع بين قوتين أو ثلاث حول المجال الحيوي لتراكم الرأسمال "الوطني" وبين "الحروب الكبرى" كنزاع بين القوى الرأسمالية (الكبرى منها على الخصوص) حول الشروط العامة لتراكم الرأسمال .
وفق هذا التمييز،تمثل الحرب العالمية الأولى والثانية مثالين مرجعيين لتوضيح الوظيفة المزدوجة للحرب. ففي حين كانت وظيفة الحرب العالمية الأولى هي تدمير"العالم القديم" لإنهاء مائة عام من السلام (1815-1914) كانت وظيفة الثانية إعادة تنظيم العالم على أسس جديدة (السلام والديمقراطية) لتجديد الشروط العامة لتراكم الرأسمال.
لكن علينا الانتباه.

قبل الحرب العالمية الأولى (1914-1918 ) عرف العالم سلسلة من الحروب الإقليمية بين القوى الأوربية (بين روسيا وبريطانيا 1854-1856، بين فرنسا والنمسا 1859، بين بروسيا والنمسا 1866-1867، بين فرنسا وبروسيا 1870-1871 ). لم تكن هذه الحروب بحجم "حرب كبرى" لتغيير(تدمير) الشروط القديمة لتراكم الرأسمال، لكنها مهدت لها، فكانت الحرب العالمية الأولى. وقد كانت وظيفة هذه الحرب هي فرض (بالقوة) مهمة الانتقال من "الليبرالية التنافسية" كإطار عام للتراكم الرأسمالي إلى إطار عام جديد (لم يكن واضحا عشية اشتعال الحرب بين القوى الأوربية). لكن نجاح الحرب في تغيير قواعد التراكم الرأسمالي على صعيد كل بلد (تغيير نظام الإنتاج، علاقات الشغل، التجارة الدولية) لم يكن كافيا لخلق شروط "إعادة إنتاج موسعة" لتراكم رأسمالي على صعيد عالمي.

ما هي "الشروط العامة" لإعادة إنتاج موسعة للرأسمال؟

علينا الانتباه إلى أن "الشروط العامة" لإعادة إنتاج نظام تراكم رأسمالي مستقر ودائم، هي شروط تتجاوز"الشروط الخاصة" لتراكم الرأسمال ضمن «حدود وطنية" أو على صعيد فرع من فروع الرأسمال ( الصناعي او التجاري او المالي). وهي شروط يستحيل و يصعب تحقيقها من خلال "التوافق" بين مختلف القوى الرأسمالية. وتتمثل وظيفة الحرب في فرض هذا "التوافق" بقوة السلاح . (وبشكل أدق القوى الرأسمالية التي تملك قوة فرض هذه الشروط).
تتمثل الشروط العامة لإعادة إنتاج نظام تراكم رأسمالي مستقر ودائم فيما يلي:
1-تغيير جذري على مستوى علاقة الدولة بالمجتمع : تغيير شروط الصراع الطبقي على الصعيد الوطني لتراكم الرأسمال العالمي
2-تغيير نوعي على مستوى علاقة الدول الرأسمالية فيما بينها، خاصة على مستوى "قيادة" النظام الرأسمالي: تغيير شروط خوض الصراع الطبقي على الصعيد الدولي لحماية استقرار نظام التراكم على مدى طويل.
3-تغيير على مستوى "قيادة" النظام العالمي: تغيير شروط ضبط النزاعات الإقليمية والدولية بين القوى الرأسمالية المهيمنة.

وقد تمثلت محدودية الحرب العالمية الأولى (أو فشلها من زاوية القوى الرأسمالية المتحاربة) في تحقيق كامل لهذه الشروط الثلاث. وهي الشوط التي تتطلب تحقيقها أللجوء إلى حرب عالمية ثانية.
بينما يتمثل نجاح الحرب العالمية الثانية في فرض الانتقال (وان بشكل تدريجي وجزئي) من الرأسمالية الاستعمارية التنافسية إلى الرأسمالية الوطنية الاجتماعية وتغيير مركز قيادة النظام الرأسمالي من لندن إلى واشنطن وخلق "هيأت دولية" (الأمم المتحدة) تحت وصاية القوى العظمى الخمس (مجلس الأمن) لضبط التوازنات الإقليمية والدولية. وبتحقيقها لهذه الشروط خلقت الحرب العالمية الثانية ظروف استقرار نظام التراكم الرأسمالي (السنوات 30 المجيدة في تاريخ الرأسمالية) للعودة إلى "السلم والديمقراطية" كإطار مرجعي.

نهاية عهد الاستقرار، العودة إلى الحرب.

أفضىت العولمة غير مسبوقة لاقتصاد السوق( اكتساح كوكب الأرض) إلى خلق "فضاء جديد لتراكم الرأسمال" لكنها،لم تفضي، عكس التوقعات (الصادقة منها والكاذبة) إلى تغيير بنفس الحجم على مستوى نظام السيطرة العالمي. فعلى الصعيد السياسي، استمرت معطيات ما قبل "انهيار التوازنات الكبرى " متحكمة في مرحلة "إعادة البناء" النظام الرأسمالي العالمي. وعجز النظام القديم عن استيعاب قوى رأسمالية إقليمية صاعدة وقوى امبريالية جديدة تنافس القوى الامبريالية التقليدية حول "مركز القيادة".
وتشكل العودة إلى الحرب بالنسبة للقوى الرأسمالية، القديمة والجديدة "شر لا مفر منه" لتصحيح الخلل الكبير بين "عولمة نظام التراكم الرأسمالي" و" توقف السلم والديمقراطية " عن تشكيل إطار عام مرجعي لإعادة إنتاج رأسمالية معولمة.
لكن ما هو نوع الحرب المطلوبة لحل هذه الأزمة التي تصطدم بها الرأسمالية؟ هل الحرب المطلوبة وظيفتها"تدمير" الشروط العامة لتراكم الرأسمال "لإعادة تنظيم" الرأسمالية وفق قواعد جديدة؟ أم تكمن وظيفتها فقط في حل التناقضات الداخلية بين القوى الرأسمالية الشائخة (أوربا) والمتعثرة (الولايات المتحدة الأمريكية) من جهة، والقوى الرأسمالية الصاعدة (الصين،روسيا،الهند) من جهة أخرى؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ