الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المُحلِّلون والأساتذة والدكاترة والشيوخ.. ودمنا الرخيص المسفوحِ على الشاشات

عماد عبد اللطيف سالم

2022 / 3 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


المُحَلِّلونَ" لدينا، وخاصّةً"الإستراتيجيّون"منهم، أنواع عديدة: فهم أمّا لُطفاء وظُرفاء جدّاً، أوثِقال على القلبِ جدّاً، أو أشخاص لم يُصدِّقوا هذا الذي حصل لهم ومعهم بعد عام 2003، وباتوا يتصوّرون أنفسهم"أفهمَ" و"أعلَمَ" من الجميع، فنسوا تماماً ما كانوا عليه قبل ذلك التاريخ، أو تناسوه(معتمدين على موت الشهود الموتى، أو خوف الأحياء منهم من القتل)، ففقدوا بذلك ما تبقّى من وعيهم(الشحيح أصلاً)، وبالتالي فإنّ عليكَ أنْ تتوقّع وأنتَ تستمِع إلى تحليلاتهم، إصابتكَ بكُلّ شيء يمكنُ أن يخطرَ على البال... بدءاً من"الجلطة"، وصولاً إلى الإنتحار فوراً، ومروراً بسقوطكَ مغشِيّاً على مصراعيك، من شدّة الضحك.
وتُخرّج لنا مطابع الـ (د .) مشبوهة المصادر، الكثير من هؤلاء.. أمّا مجلس النوّاب العراقي فهو أهم مركز لتفريخ "المُحللّين" في العراق.. ذلكَ أنّكَ كنتَ تعرِف أنّ "فُلاناً" شخصٌ بسيط، ومتوسّط التعليم، وحَبّاب، و"على كَد حاله".. ولكّنهُ ما أن يُصبِح نائِباً صباح يوم الثلاثاء، حتّى يُطِلُّ علينا مُحلِّلاً شَرِساً مساء يوم الأربعاء، وفي جميع التخصصات"الخوارزميّة" المعروفة.. ويبقى كذلكَ طيلة أربع سنين"قمريّة"كاملة، يُصادِرُ ذكائنا، ويستخفّ بمعرفتنا الشخصية لما كان عليه الحال، ويستمرُّ على هذا المنوال سنينَ"عجافٍ" طويلةٍ أخرى، تلي خسارتهُ لـ"النيابة"، تلك الخسارة التي لا تعوّضها إلاّ شاشات الفضائيات"السمان".
مُحَلّلون آخرون، يلبسونَ عُدّة التحليل، ويظهرونَ علينا بديكورات غريبة، فلا نعرفُ هل نتابع تحليلاتهم، أم ملابسهم، أم نُتابِعُ اختلاطَ "أزياءهم" بتحليلاتهم، إلى أنْ يقضي الله أمراً كان مفعولا.
أحد المُحلّلين"الرومادراماتيكيّن" يقول، دونَ أن تَرِفَّ لهُ عَيْنٌ ولا يهتزّ لهُ حاجِب، وهو يرفعُ سبّابتهُ التاريخية الطويلة في وجوهنا: شوفوا، واسمعوا منّي هذا التحذير للحقيقة والتاريخ.. النفط راح يصير بعشرة دولار(حتّى أمريكا تعوّض الخزين، وبعدين تبيعه علينا)، والعجز في موازنة عام 2022 سيبلغ 50 مليار دولار، ورواتب ماكو، ومنكَدر نتداين(لأن احتمال تصير حرب عالمية ثالثة)، وراح نجوع(لأن منكَدر نستورِد قمح اوكراني)، والإحتياطي مال البنك المركزي خط أحمر، وأمريكا راح ترجّعنا للفصل السابع، ولهذا يجب أن نقف مع "السيّد" بوتين(حتّى يوَزِّع علينا "حُصّة تموينيّة"روسيّة، بيها فودكا وكافيار)!!
هنا يصيح مُقدّم البرنامج وهو يبكي بحبور: شنو؟ شكو؟ شلون؟ ممكن تعيد المعلومة؟ خَلْ يسمعون الناس يمعَوّد.. تره هاي كارثة.. ثُمّ يلطمُ"المُقدِمُّ" وجهه مرّتين بالورق الذي أمامه، قبل أن يُغمى عليهِ، ويُنقَل خارج الاستوديو، محمولاً على أكتاف "المُحلّلين الإستراتيجيين".
مُحَلّل آخر"جيوستراتيجي"، إشترى توّاً ربطة عنق حمراء، ووضعَ في جيب سترتهِ الأمامي"جَفِيّة" صفراء، بينما كان قميصهُ الأخضَر يضرِبُ على وجههِ"الزِروق، الذي يبرُقْ بُروق"، لم يَقُل جملتين مُفيدتين طيلة اللقاء.. كان فقط يبتَسِم في وجه المُقدّم، والمُقدِّم المغوار هو الذي يطرَح الأسئلة وهو من يُجيب عليها، بينما الضيف "الوسيم" يُواصِل الإبتسام!!!
"قِيادي" وسياسي" و"باحث" و"مُستَقّل"(كُلّهُنَّ معاً)، لديهِ"لازِمة" واحدة يُكرّرها في جميع لقاءاته، للتأكيدِ على"استقلاليتهِ"، وهي: "يبو لأنعَل أبو أمريكا، لا بو ايران، لا بو اسرائيل، لا بو قطر، لا بو تركيا، لا بو الإمارات.. وأعتقد انّهُ سيضيف اليهم في اللقاء القادم: لا بو روسيا، لابو حتّى أوكرانيا!!
باحث سياسي مُستَقِّل"، هيئتهُ تشبهُ تماماً هيئة"مُعقِّب معاملات" في الهيأة العامة للضرائب.. يسألهُ المُقدِّمُ سؤالاً مُحدّداً، فيقولُ للمُقدّم:"جاوب على أسئلتي أوّلاً، و لتغيّر الموضوع"!!!
"المُحلّلون"لدينا يشتمونَ بعضهم شتائم"شوارعيّة-استراتيجية" مشينة عند حدوث أبسط خلاف في الرأيِّ فيما بينهم، فنضطر إلى منع أطفالنا من مشاهدتهم أو الإستماع إلى وصلات"ردحهم" على الشاشات.. وبعضهم يضحكُ(بل ويقهقه بأعلى صوته) مع"الأستاذة" مُقدّمة البرنامج على"توصيف"سفك دمنا الذي سال طيلة ثمانِ سنوات(والذي هو دم أبناءهِ، وأهلهِ، وعشيرتهِ، ومنطقتهِ، بل ودم"طائفته أيضاً).. وآخرون يخترعون"مفاهيم" خاصّة بهم ، مثل"دعابل السفارات"، و"مطبخ الفسنجون السياسي"، و"سياسة السبزي" ، ومُقاومة "المسكَوف السومري"، و"أجندة الخارجيات"!!!
مُحلّل "نانو تكنولوجي"يقول: "نحنُ" لم نضرِب مطار بغداد"الدولي" بالصواريخ"، لأنّ الصواريخ التي ضربت مطار بغدا الدولي "مُتخلِّفة" جداً، ولم يعُد "مُقاتِلونا"يستخدمونها.. ولو كانت من تلك الصواريخ "المتطوّرة" جدّاً التي نمتلكها الآن، والتي أصبحت متوفرّة لدينا منذُ مدّة(والتي لا يمتلكها الجيش العراقي نفسه) لما كان هناك شيءٌ يُدعى مطار بغداد الآن، ولما كانَت هناكَ "بُقْعَةٌ" إسمها"أبو غريب"أصلاً، في غرب بغداد.
طبعاً آني من سمعِتْ هيج تحليل، إنْبَطَحُتُ "رأسن" على الكاشي، ومدري وين راح منّي "الوايركونترول" ، ويامَنْ يوَصِّلْني للتلفزيون حتّى ألَحَك أطَفّيه "فيزياويّاً "، كَبُل ما واحد من جماعتنه(لو من جماعتهم) يضوج، ويُضرُب اليرموك"المُحتلّة"، بصاروخ نيوتروني !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله وإسرائيل.. تصعيد متواصل على الحدود اللبنانية| #غرفة


.. تقارير: إسرائيل استهدفت قادة كبار في أعلى هرم الهيكل التنظيم




.. جهود التهدئة.. نتنياهو يبلغ بايدن بقرار إرسال وفد لمواصلة ال


.. سلطات الاحتلال تخلي منازل مستوطنين في القدس بعد اندلاع حريق




.. شهداء بقصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين وسط غزة