الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلقة الرابعة: ملاحظات مندوب الى المؤتمر الوطني الحادي عشر للحزب الشيوعي العراقي

ماجد فيادي

2022 / 3 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


النظام الداخلي كنظام متكامل لا يزال بحاجة الى رؤية جديدة

في الحلقة السابقة جرى القفز عمداً على اهم وثيقة للمؤتمر الوطني الثامن (خيارنا الاشتراكي) التي انصح بقراءتها بتمعن، فقد درست ثلاثة محاور بعمق فكري عن انهيار التجربة السوفيتية وربطها بواقع العراق وتعامل حزبنا مع الظاهرة، ثم خرجت بنتائج لا يزال حزبينا يعمل بها على الرغم من عدم الإشارة لها. الوثيقة تُركت مفتوحة للنقاش والتطوير، لكن ظروف العراق لم تمنحنا الفرصة بالعودة لها والتعريف بنتائجها على مستوى القاعدة الحزبية والجمهور العراقي.
اقتبس من هذه الوثيقة (ان اللجوء الى تأجيل الحلول والعلاجات لمظاهر الخلل في الحزب والدولة والمجتمع لا بد ان يقود الى تراكم الاخطاء وتعقيد القضية ومضاعفة كلفة معالجتها، وليس من المستبعد ان تدخل الامور في مرحلة اللاعودة ويكون الثمن ضياع القضية برمتها، كما حصل في الاتحاد السوفيتي السابق ومنظومة الدول الاشتراكية).
أهمية هذا المقتبس تأتي من عدم إيلاء وثيقة تعديل النظام الداخلي المطروحة على المؤتمر الحادي عشر اهتماما كافيا لعدد من القضايا، بالرغم من طرحها في مؤتمرات المحليات ومنظمات خارج الوطن، مثل توسيع دائرة اتخاذ القرار ومنح المحليات مزيداً من الصلاحيات، والتمييز بين حرية النشر الفكري وضوابط النشر التي تُخضع الحرية لخبرة وفهم القائمين على منابر إعلام الحزب، تحديث آليات الديمقراطية، بالسماح لمنظمات الخارج اختيار طريقة ارتباطها باللجنة المركزية، فتح قنوات تواصل مباشرة بين المحليات لتبادل الخبرات، رفع عدد أعضاء اللجنة المركزية لزيادة الخبرات والاستفادة من إمكانيات رفاق خارج الوطن، إقرار إقامة مركز دراسات سياسية وإستراتيجية، رفع مستوى مشاركة القاعدة بالقرارات المصيرية، تطوير مهام لجنة الرقابة المركزية ورفع مستواها الى جهة تبت في الخلافات التنظيمية بين مختلف المستويات.
حتى لا يكون الكلام هُلامياً، فان التعديل الذي حصل على المادة أولا الفقرة ثالثا البند (ج) عن حق الأغلبية في التعبير عن نفسها، لم يبين من هي الأقلية ولا أدوات قياسها ومتى تتطور الى اغلبية، مثلا في الاعتراض على الدخول بتحالف سائرون، تمكنت الأقلية ان تصبح اغلبية مع مرور الوقت، ولأن القيادة كانت راغبة في الاستمرار بالتحالف، فان الحزب لم يخرج من سائرون إلا بعد قيام انتفاضة تشرين ورفض القيادة ان يكون البرلمان ساكتاً عن قتل المتظاهرين، ما نتج عنه استقالة مندوبي الحزب منه.
بالرغم من إضافة نص الى النظام الداخلي يفرض على اللجنة المركزية عرض وثائق القضايا المهمة على القاعدة الحزبية قبل وقت كافي لاستفتائها في القضايا المهمة، لكن وثيقة التعديل لم تذهب الى حذف المادة (21) الفقرة (1) التي تمنح اللجنة المركزية حق عقد التحالفات بدون الإشارة الى أي قيود. هذا يعني ان النظام الداخلي لا يمثل وحدة تنظيمية مترابطة ويناقض بعضه بعضا. يذكر ان الفقرة اعلاه قد رحلت الى المجلس الاستشاري للنظر في الغائها.
طرحت وثيقة تعديل النظام الداخلي دعوة حذف المادة (18) سكرتير اللجنة المركزية الفقرة (3) يُنتخب سكرتير اللجنة المركزية لدورتين متتاليتين فقط. قبل مناقشة هذا المقترح لا بد من الإشارة أن النظام الداخلي لا يتيح الفرصة لانتخاب السكرتير من قبل المؤتمر مباشرة، استناداً لبرنامجه المعلن، انما تنتخبه اللجنة المركزية لينفذ المخرجات البرنامجية للمؤتمر، ما يشكل عائق امام السكرتير في الابداع ومرونة تغيير الإستراتيجية مع المنعطفات السياسية، وفي النهاية يكون مسؤولاً امام الحزب إذا لم ينجح.
لهذا يمكن مناقشة مقترح التعديل على ثلاثة محاور، الأول: أن الفقرة فيها خطأ بالصياغة لم يجر الإشارة اليه، مفاده في حالة عدم انتخاب الرفيق السكرتير لدورة ثانية، فإن حقه سيسقط في الترشيح مستقبلاً، لان الفقرة تنص على دورتين متتاليتين، وكان الاجدر ان تعدل الى دورتين متتاليتين او متفرقتين.
المحور الثاني: موجبات التعديل، المقترح يخص سكرتير لجنة مركزية للحزب وليس رئيساً للوزراء، كما ان هذه الفقرة غير موجودة في الأنظمة الداخلية لباقي الأحزاب. ليس من السهولة الحصول على شخصية سياسية متعددة المواهب، ثم يجري التفريط بها إذا ما جاءت بعمر صغير وفي زمن لم يمنحها الفرصة للتعبير عن قدراتها الكاملة خلال دورتين متتاليتين. الحزب الشيوعي العراقي لا يعيش في حاضنة اجتماعية طبيعية تسمح له في التعريف بسياساته وتوسيع قاعدته الحزبية، حتى تكون وَلادة لمواهب تصلح ان تصل الى اللجنة المركزية وتأخذ وقتها في التدريب وتطوير مهاراتها القيادية، لتنافس على موقع سكرتير اللجنة المركزية.
المحور الثالث: دواعي الإبقاء على الفقرة، لا يجد المعترضون على التعديل حالة الانحسار الفكري وسط المجتمع العراقي، وتراجع المد المدني الديمقراطي سبباً كافياً لإعطاء سكرتير اللجنة المركزية فترة اطول من دورتين قد تصل في الظروف الاستثنائية الى عشرة سنوات، دون ان يتمكن من تهيئة أكثر من بديل، إذا ما نهج برنامجاً فكريا لتطوير المهارات القيادية لشبيبة الحزب. الخشية من الاسترخاء وإهمال اعداد الكوادر الجديدة، إذا ما اطمئن السكرتير وكادره البقاء في مواقعهم. قد تتحول حجة عدم وجود بديل مناسب الى استسهال رفاق اللجنة المركزية تكليف السكرتير لأكثر من دورتين. من المهم جدا ان نسمح للأجيال الجديدة ان تأخذ فرصتها للتعبير عن نفسها وتطلعاتها ليكون الحزب أقرب الى الشريحة الأكبر في المجتمع والأكثر تأثيرا. تحديد دورتين للسكرتير ستكون حافزا على صناعة الكوادر وزجها بالعمل الحزبي. هذه التجربة عمرها دورة واحدة، ولم تمنح الفرصة لاختبارها، لذلك الاستعجال في حذفها يخلو من الحكمة السياسية. الملاحظات لم توجه للرفيق سكرتير اللجنة المنحلة، انما هي هواجس ودوافع ومنهج تفكير تجاه الحزب ومكانته السياسية في المجتمع. في النهاية جرى التصويت ضد الغاء الفقرة والاستمرار بمتابعة نتائجها مستقبلا.
بعد سقوط الصنم واحتلال العراق وعودة الحزب للعمل العلني، واجه مشكلة الكسب الجديد التي تقدمت بأعداد كبيرة فاقت قدرة الحزب على تطبيق النظام الداخلي وتنفيذ شروط الحصول على العضوية. حينها انقسم الكسب الجديد الى ثلاثة انواع، الأول من الرفاق القدامى الراغبين في العودة للحزب، ومشكلتهم الفاصل الزمني في تطور النظام الداخلي ومتبنيات الحزب الجديدة. النوع الثاني مساكين تعلموا في زمن الدكتاتور ان الحزب وسيلة للكسب، يتوقعون ان الشيوعيين سيصلو للسلطة ومنهم يمكن الحصول على المناصب، النوع الثالث والاهم الشبيبة الحالمة بمستقبل سياسي مختلف للعراق بعد سنين الدكتاتورية والاضطهاد. ولان تجربة الحزب في الحفاظ على الكسب الجديد، لم تكن نموذجية وناجحة لأسباب موضوعية وذاتية، حصل نقاشاً مهماً عندما طرح التعديل على المادة (5) الفقرة (1) الخاصة بالرغبة في الانتماء الى الحزب. التعديل لم يكن كافيا وفق نظرة العديد من المندوبين، فكان المقترح إيجاد منطقة انتقالية لتدريب الكسب الجديد على مبادئ العمل السياسي قبل حصولهم على العضوية الكاملة، في نفس الوقت يتمتعون بعضوية انتقالية تؤهلهم للتعرف على مواقف الحزب عن قرب وحصولهم على تدريب كافي لنيل عضوية الحزب، وبسبب ضيق الوقت ترك للمجلس الاستشاري البت بالمقترح بعد انضاجه مع مجموعة من المقترحات التي لم تأخذ طريقها للنقاش.
هكذا أصبح لدينا نظاماً داخلياً أكثر تقدماً، لكنه يبقى لا يلبي الطموح على امل التطوير في المؤتمر القادم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس: تلقينا رد إسرائيل على موقفنا حول وقف إطلاق النار وسندر


.. كارثة غزة بالأرقام.. ورفع الأنقاض سيستغرق 14 عاما | #سوشال_س




.. قوات النيتو تنفذ مناورات عسكرية متعددة الجنسيات في سلوفاكيا


.. طلاب جامعة كاليفورنيا الأمريكية يقيمون مخيم اعتصام داخل حرم




.. رئيس سابق للموساد: حماس متمسكة بمطالبها ومواقفها ?نها تحررت