الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المناضل اليساري حين يهوى الوضوح.....12

محمد الحنفي

2022 / 3 / 15
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


الوضوح في الممارسة:.....3

والوضوح لا يصير وضوحا، مؤثرا، وفاعلا في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، إلا إذا كانت علاقة الممارسة بالنظرية واضحة، وخاصة، على المستوى الحزبي، الذي لا تكون فيه الممارسة واضحة، إلا إذا كان الحزب يساريا اشتراكيا علميا، يسعى إلى تغيير الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

وبالنسبة لعلاقة الوضوح بالممارسة، فإنه يمكن القول: بأن الممارسة، لا يمكن أن تكون واضحة، إلا إذا كانت علمية، والممارسة العلمية، لا تكون كذلك، إلا إذا كانت مبنية على أساس التحليل الملموس، للواقع الملموس، الذي توظف فيه قوانين المادية الجدلية، والمادية التاريخية، من أجل العمل على تغيير الواقع، تغييرا جذريا، من أجل أن يصير في مصلحة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بدل أن يبقى في خدمة الحكام، والمستغلين، والريعيين، وتجار الممنوعات، والمهربين، من أجل أن تعمل السلطة على دعمهم، من أجل السيطرة على الخيرات المادية، والمعنوية، التي تصير لهم وحدهم، عن طريق النهب، وعن طريق الاستغلال، وعن طريق الاتجار في الممنوعات، وأمام أعين السلطات المسؤولة، وخاصة، في الدول التي تسمي نفسها إسلامية، وهي دول، لا سيادة لشعوبها، ولا تملك شعوبها أمرها.

والممارسة، عندما ترتبط بواقع معين، فإنها تؤثر فيه، إلا أن هذا التأثير، لا يمكن أن يكون إلا سلبيا، لعدم وضوحها. أما الممارسة الواضحة، فإن تأثيرها في الواقع، يكون إيجابيا؛ لأن كل شيء في الممارسة، مبني على الوضوح النظري، في العلاقة بالنظرية، وفي العلاقة بالواقع؛ لأن النظرية، تنظر لما يجب أن يكون عليه الواقع، والممارسة تعمل على تحويل النظرية إلى واقع متغير ملموس، كما هو متصور في النظرية، حتى يتحول الواقع، إلى خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل تكريس التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، في أفق الاشتراكية.

ولذلك، فاشتراط الوضوح في النظرية، من أجل تكريس الوضوح في الممارسة، يعتبر ضروريا؛ لأن النظرية غير الواضحة، لا يمكن أن تنتج لنا ممارسة واضحة، ولا يمكن أن ننتظر منها إلا ممارسة التضليل، في الواقع الإنساني، وفي الواقع الاقتصادي، وفي الواقع الاجتماعي، وفي الواقع الثقافي، وفي الواقع السياسي، لغياب اشتراط الوضوح في النظرية، التي لا تستند على القوانين العلمية، في التحليل الملموس، للواقع الملموس، بقدر ما تستند على منهجية، لا يمكن إلا أن تنتج الممارسة المضللة، والمسخرة للواقع، من أجل خدمة الحكام، والمستغلين، وغيرهم، ممن يستفيدون من التضليل، والظلامية، بدون حدود. أما اشتراط الوضوح في النظرية، فإنه لا ينتج لنا إلا الممارسة العلمية، التي تعمل على تغيير الواقع، في أفق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

ومعلوم، أن الواقع المستهدف بالممارسة الواضحة، الموجهة بالنظرية الواضحة، لا بد أن يخضع للتغيير الواضح، شئنا، أم أبينا، بطريقة، أو بأخرى، مهما عمل المستغلون، والمستفيدون من الاستغلال، على مناهضة التغيير، الذي يسعى إليه اليسار الواضح. ووضوح اليسار، آت من بناء أيديولوجيته الواضحة، على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، مما يترتب عنه، وضوح الرؤيا، التي تقود إلى التغيير الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، سعيا إلى جعل الواقع في خدمة الكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة، المنتجة للخيرات المادية، والمعنوية.

أما إذا كان الواقع، في مستوياته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، شغوفا بالممارسة غير الواضحة، فإنه يبقى خاضعا للاستغلال المادي، والمعنوي، في كل مجالاته: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من منطلق: أن الاستغلال الممارس، يسعى إلى مضاعفة الاستفادة منه، ماديا، ومعنويا، مما يعمق التفاوت الطبقي، في المجتمع، مهما كان، وكيفما كان، إلى درجة أن الكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة، يفتقدون التوازن الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. وفقدان التوازن، يجعل الكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة، ينشغلون باليومي، ولا يفكرون، أبدا، في الواقع، الذي يعيشونه، نظرا لشدة الفقر، الذي يصيبهم، ويجعلهم عاجزين عن توفير العيش الكريم لهم، ولأسرهم، ليزدادوا فقرا، في ظل مضاعفة الاستغلال، والفقر، لتزداد الفوارق الطبقية، إلى مالا نهاية.

ومعلوم، أن تطور أي مجتمع، لا يمكن أن يترتب إلا عن الوضوح. أما التضليل، فلا يمكن أن ينتج التطور، في مظاهره الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بقدر ما يترتب عن اعتماد هذه الممارسة التضليلية، التخلف، والجمود، والتراجع إلى الوراء. وكل تقدم، وتطور يحصل في أي بلد، لا بد له من اعتماد الوضوح في النظرية، وفي الممارسة. والمدخل الأساسي لأي شكل من اشكال التطور الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، يتمثل في تمتيع الكادحين، بكل الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والمدنية، من أجل تمكينهم من القدرة على القيام بالواجب الإنساني الصادق، في العمل الصادق، في العمل من أجل رفع مستوى الكادحين، ومن أجل تمكين الوطن، من وضع حد للتبعية، في مظاهرها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يتحرر الوطن، ويتحرر الشعب.

فالوضوح، في مظاهره الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، والفكرية، والعلمية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، على المستوى العام، وعلى المستوى الخاص، لا بد أن يقف وراء أي شكل من الأشكال الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، المتطورة، والمجسدة لكل مظاهر التطور، القائمة على أساس الوضوح في الفكر، وفي الممارسة.

وإذا وجدنا مجتمعا متخلفا، فإن ذلك لا يعني إلا أن هذا المجتمع، يعتبر ضحية للنظرية غير الواضحة، المنتجة للممارسة غير الواضحة. وهو ما يترتب عنه، إنتاج التخلف، والاستمرار في إنتاج التخلف، إلى ما لا نهاية؛ لأن الطبقة الحاكمة، الراعية للاستغلال المادي، والمعنوي، تنتج التضليل في الفكر، وفي الممارسة. والمستغلون، يعملون باستمرار، على إنتاج التضليل المادي، والمعنوي، وفي جميع المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. والمستفيدون من الاستغلال المادي، والمعنوي، ومعهم تجار الممنوعات، والمهربون، يسيرون على نفس النهج المنتج للتخلف.

ونحن عندما نقف على السؤال:

ما هي العلاقة القائمة بين النظرية، أو التصور النظري للواقع، وللممارسة؟

إننا عندما نبحث في العلاقة القائمة في الواقع، بين النظرية، والتصور النظري للواقع، سنجد أن هذه العلاقة، تختلف حسب التشكيلات الاقتصادية، والاجتماعية، وفي إطارها، حسب الطبقات الاجتماعية، وحسب الأحزاب، والنقابات، والجمعيات الحقوقية، والثقافية، والتربوية، والتنموية، وحسب الأفراد. إلا إذا كانت الحركة، أو الحزب، مقتنعة، أو مقتنع بالاشتراكية العلمية، التي يوظف قوانينها، وفي إطار التحليل الملموس، للواقع الملموس، انطلاقا من القوانين العلمية، من أجل إنتاج نظرية علمية، تعتمد في إنتاج ممارسة علمية، على أساس تلقي النظرية العلمية. وبالتالي، وانطلاقا من تلك القوانين نفسها، التي تتخذ طابع الجدل، فإن العلاقة القائمة بين النظرية، والممارسة، هي علاقة جدلية. أن النظرية التي لا تكون إلا موجهة للممارسة، ولكن، في نفس الوقت، تتأثر بها. وأن الممارسة الموجهة بالنظرية، أو بالتصور النظري، تعمل على تقويم جوانب القصور في النظرية، وفي التصور النظري. وبالتال،ي فإن العمل على تقويم النظرية، برهان على تأثرها بالممارسة، وتوجيه النظرية للممارسة، برهان على تأثر الممارسة بالنظرية. وهذه العلاقة القائمة بين النظرية، والممارسة، أو بين الممارسة، والنظرية، هي علاقة تفاعلية. والعلاقة التفاعلية، هي التي تسمى، علميا، بالعلاقة الجدلية.

فلماذا تقوم العلاقة الجدلية بين النظرية، والممارسة؟

وهل يمكن أن تتطور النظرية، إذا لم تتفاعل مع الممارسة؟

وما هي العوامل التي تؤدي إلى قيام العلاقة الجدلية، بين النظرية والممارسة، وبين الممارسة، والنظرية، والتصور النظري؟

وما هي المجالات التي يمكن اقتحامها، بفعل اعتماد العلاقة الجدلية، بين النظرية، والممارسة؟

وهل يمكن اقتحام هذه العلاقة الجدلية، لكل المجالات، عندما يتم تسييدها في المجتمع، وعلى مستوى الشعب ككل؟

لماذا نجد أن الطبقة الحاكمة، في أي بلد من البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين، تقاوم تسييد العلاقة الجدلية القائمة، بين النظرية، والممارسة، وفيما بين الشعوب؟

وما العمل من أجل تثبيت العلاقة الجدلية، بين النظرية، والممارسة، وتسييدها، بين الشعوب؟

وهل يمكن اعتبار تسييد العلاقة الجدلية، بين الشعوب، وسيلة لتقدمها، وتطورها، وتطويرها؟

وكيف تصير الشعوب، التي لا تسود فيما بينها العلاقة الجدلية، بين النظرية، والممارسة؟

أليس حرمان الشعوب، من تسييد العلاقة بين النظرية، والممارسة، نتيجة ابتلائها بالاستعباد، والاستبداد، والاستغلال؟

أليس غياب توزيع الثروة المادية، والمعنوية، هي نتائج الاستعباد، والاستبداد بالحكم، وانعدام الديمقراطية، بمضامينها المختلفة، وممارسة الاستغلال الهمجي على الشعوب؟

إن ضرورة التطور القائم في الواقع، على مستوى النظرية، وعلى مستوى الممارسة، تفرض قيام العلاقة الجدلية، التي لا يمكن أن تحصل إلا باعتماد قوانين الجدل، التي لا يمكن أن تكون إلا قوانين علمية. وبناء عليها، فإن الجدل بمعنى التفاعل، لا يتم إلا على أساس تلك القوانين، وضرورة العمل على تطوير النظرية، وعلى تطوير الممارسة، تقتضي اعتماد العلاقة الجدلية التفاعلية، بين النظرية، والممارسة.

وهذا التفاعل بين النظرية، والممارسة، يقتضي أن تكون النظرية واضحة، وأن تكون الممارسة واضحة؛ لأن الوضوح النظري، يساعد على إنتاج الممارسة الواضحة. وإنتاج الممارسة الواضحة، ينتج تطور، وتطوير النظرية، التي تنتج بدورها تطور، وتطوير الممارسة، التي تلتزم بتوجيه النظرية.

أما إذا كانت النظرية غير واضحة، والممارسة غير واضحة، فإن العلاقة بين النظرية، والممارسة، لا يمكن أن تكون جدلية، أبدا؛ لأن النظرية، سوف تكون غير علمية، وسوف تعمل على فرض ممارسة مستنسخة لها، وبالتالي، فإن منطق الاستبداد، ومنطق اللا تفاعل، هو الذي ينظم العلاقة بين النظرية، والممارسة.

وبناء على ذلك، فإن النظرية غير العلمية، سوف تكون مجانبة للواقع، والممارسة القائمة على أساس غير علمي، سوف تشوه الواقع المادي، والمعنوي، الأمر الذي يترتب عنه:

1) أن النظرية التي لا تكون إلا جامدة، لا يمكن أن تتطور؛ لأن وضعها، يستهدف خدمة مصلحة معينة. وكل نظرية لا تخدم إلا المصلحة الطبقية الضيقة، لا تكون إلا جامدة، وجمودها لا يكون إلا تراجعيا، مهما كانت الطبقة، التي اقتضت مصلحتها وضع النظرية، التي تخدمها.

2) أن الممارسة، التي تستنسخ النظرية غير العلمية، القائمة على أساس غير علمي، لا يمكن أن تتفاعل مع الواقع، ولا يمكن أن تعمل على تطوره، وتطويره، ولا يمكن أن تتفاعل مع النظرية الجامدة، ولا يمكن أن تعمل على تطورها، وتطويرها، لجمود النظرية، وجمود الممارسة المستنسخة لها؛ لأن الممارسة، نفسها، جامدة.

3) أن الاستبداد الذي يحكم أي دولة تابعة، لا يمكن أن يكون إلا مترتبا عن النظرية الجامدة، وأن الممارسة المستنسخة لها، لا يمكن أن تتفاعل مع الواقع، وأن التفاعل مع الواقع، يقتضي تبادل التأثير، والتأثر، وبيان ما اعوج في الممارسة المستنسخة للنظرية. واستنساخ النظرية، يفرض ممارسة لا تستجيب لها تفاعلات الواقع، بقدر ما تعمل على تسويته.

4) أن جعل النظرية، منتجة للممارسة الإيجابية، والممارسة لا تكون إيجابية، إلا إذا كانت تتفاعل مع النظرية. والتفاعل مع النظرية، يقتضي أن تقوم النظرية على أسس علمية، قائمة على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية.

5) أن القضاء على الاستغلال، والاستبداد، والاستعباد، يقتضي العمل على التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية. حتى تكون هناك إمكانية، لبناء نظرية قائمة على أسس علمية دقيقة، منتجة للمارسة العلمية العاملة، على التفاعل مع الواقع، في أفق تغييره، من أجل أن تعمل النظرية على تطور وتطوير الممارسة.

والنظرية، لا يمكن أن تتطور، إلا إذا تفاعلت مع الممارسة، كما أن الممارسة، لا يمكن أن تتطور، إذا لم تتفاعل مع النظرية.

فالنظرية، والممارسة، كلاهما في حاجة إلى التفاعل مع الواقع، من أجل الاستفادة منه، في عملية التطور، وعملية التطور، لا يمكن أن تكون مسايرة للواقع، وفاعلة فيه، إلا بالاستجابة لما هو إيجابي فيه، حتى تستطيع النظرية، والممارسة، مقاومة ما هو سلبي في الواقع. وهو ما ينتج الفرصة، أمام إمكانية تطور، وتطوير الواقع.

والممارسة، لا يمكن أن تتطور، إلا بتفاعلها مع الواقع، وإلا باستجابتها للعمل على مواكبة الواقع، من أجل استيعاب ما هو إيجابي فيه، ومقاومة مختلف الجوانب السلبية فيه، والعمل على تغييره، لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ومن أجل أن تصل الممارسة، إلى مستوى التفاعل مع النظرية، من منطلق استفادتها من الواقع، وفي أفق العمل على تطور، وتطوير النظرية، انطلاقا من استفادة الممارسة من الواقع، والعمل على تطورها، وتطويرها، وتطور، وتطوير الواقع، في نفس الوقت.

وعلاقة الممارسة بالواقع، كذلك، يجب أن تكون علمية، وعلميتها، آتية من كونها كذلك يجب أن تكون علمية وعلميتها آتية من كونها قادرة على التمييز بين الإيجابي، الذي تعمل على تطويره، وبين السلبي الذي تعمل على مقاومته، لجعل الواقع يتطور، حتى تتطور الممارسة، وتتطور النظرية، في نفس الوقت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اشتباكات بين متظاهرين والشرطة الإسرائيلية بالقدس للمطالبة با


.. وجه فرنسا يتغير.. اليمين المتطرف يتصدر الانتخابات البرلمانية




.. الانتخابات التشريعية الفرنسية.. -ليلة تاريخية- لمناصري حزب ا


.. صور من تجمع لحشود ضد اليمين المتطرف في ساحة الجمهورية بباريس




.. لماذا تصدر حزب التجمع الوطني نتائج الدورة الأولى من الانتخاب