الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رروسيا - اوكرانيا

قاسم حنون

2022 / 3 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


روسيا – اوكرانيا
حرب النهايات القصوى ...
لأول مرة منذ ستين عاما يحبس العالم أنفاسه على وقع أزمة خطيرة تنذر بمجابهة كونية بين قوتين نوويتين هما حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من جهة وروسيا من جهة أخرى , في 1962 تفجرت أزمة الكاريبي حين أقدم الإتحاد السوفيتي على نشر صواريخ متوسطة المدى على الأراضي الكوبية باستهداف مواقع أمريكية ,ردا على نشر الولايات صواريخ في تركيا العضو في الناتو مستهدفة الإتحاد السوفيتي ,كاد العالم أن ينزلق الى مواجهة كارثية لولا أن الرئيسين جون كيندي ونيكيتا خروتشوف توصلا الى نزع فتيل الأزمة وتخفيف بؤرة التوتر وسحب الصواريخ من الموقعين المذكورين ,كان الفارق بين ما جرى حينذاك وما يجري اليوم هو أن الاتحاد السوفيتي يقود منظومة دفاعية يضم الدول الاشتراكية في أوربا الشرقية هي حلف وارشو ,وقد تأسس في 1955 ردا على تأسيس حلف شمال الأطلسي في العام 1949 ,وكان يحظى بدعم وتأييد عدد كبير من دول العالم الثالث المستقلة حديثا وحركات التحرر لوطني اضافة الى الأحزاب والحركات اليسارية وقوى السلام في أوربا , كان العالم حينها مبنيا على قطبية ثنائية وتوازن الرعب ساهم الى حد كبير في لجم الإندفاع الى صراع مكشوف أو مواجهة عسكرية تقوض استقرار العالم وتقوم على التعايش بين الأنظمة الإجتماعية المختلفة ,لعل صورة الخطر الشيوعي هي الصورة النمطية السائدة في كواليس السياسة الغربية ومؤسسات الإنتاج الثقافي والفني مثلما هي في أقبية المخابرات السرية وحبائلها المعقدة السرية , سنجد في رواية ايليا اهرنبورغ الروائي السوفيتي (الموجة التاسعة ) صورا مدهشة وغرائبية من السجال المتصاعد بين الشرق والغرب استنادا الى معايير وأسس ايدلوجية وسياسية وليس عرقية اثنولوجية كماهي اليوم ,هستيريا العداء للشيوعية والسوفييت تمخضت عن انقلابات وعمليات (قذرة ) وصراعات دامية في بقاع شتى من العالم , وبتفكك وانهيار الدول الاشتراكية والتحاقها بالمعسكر الغربي أواخر الثمانينات ثم تفكك وانهيار الاتحاد السوفيتي انتهت الحرب الباردة وكان مؤملا أن تطوى صفحة التوتر والمنازعات الدولية والأحلاف العسكرية ,الا أن حلف شمال الأطلسي (الناتو ) ظل محافظا على دوره وترسانته العسكرية ,وتمدد شرقا بضمّ الدول الأعضاء في حلف وارشو سابقا ,وشنت حروب تحت رايته في البلقان وافغانستان والعراق وليبيا ,واضطرت المنظمة الدولية أن تسير في أثر ما يقترحه دعاة الحرب الأطلسيون وفي ظلال قطبية أحادية هوجاء ,قبل نحو قرنين أشار الفيلسوف الألماني (هيغل ) أن الأمم الحية لا تموت وان اعتورها النكوص والإعتلال ودلل على ذلك بالأمة الروسية , وهكذا أفاقت روسيا بعد عقد من الفوضى والخراب وهيمنة المافيا في ظل بوريس يلتسين الصورة الكاريكاتورية البائسة للدب الروسي ,لتخرج تدريجيا من طور الضعف والإنحلال وتستعيد هيبتها في التوازنات الدولية ومحيطها الجيوسياسي , في اطار تحالف أوراسيا أو في علاقتها الستراتيجية مع الهند والصين وفاعليتها في مجموعة البريكس ومنظمة شانغهاي للتعاون الإقتصادي, واستعادة نفوذها في الشرق الأوسط بحضورها المكثف عسكريا ودبلوماسيا في الأزمة السورية التي كانت أكثر بؤر النزاع توترا ,كما كان لها الحضور في أحداث جورجيا 2008 وعزلها لابخازيا واوسيتيا , لعلها أدركت أن الغرب يواصل زحفه نحو بوابات موسكو بعد ضم اوكرانيا واقامة قاعدة للناتو في سيباستول وهو ما عجز عنه نابليون في أوائل القرن التاسع عشر كما عجز عنه هتلر في الحرب العالمية الثانية ضمن خطة بارباروسا سيئة الصيت , الخطأ المميت الذي ارتكبه غورباتشوف ومن بعده بوريس يلتسين في سياق لهاثهما لنيل رضا الولايات المتحدة وحلفائها ,هو أنهما قدما تنازلات ومواقف في السياسة الخارجية دون الحصول على مكاسب وتنازلات متقابلة , كالموافقة على خيار الصفر في الأسلحة الاستراتيجية وعدم التدخل في تغيير الأنظمة الأشتراكية واندماجها في النظام الرأسمالي وانسحاب القوات السوفيتية من اوربا والتغاضي عن اعادة توحيد الألمانيتين , كان الأجدربالمفاوضين السوفيت أو الروس التوصل الى معاهدة بعدم توسع الناتو شرقا وايداعها لدى المنظمة الدولية لتهيئة مناخ دولي أكثر استقرارا والمحافظة على التوازن في اللعلاقات الدولية , في أواخر أيامه صرّح غورباتشوف أنه لا يعلم أية صورة يريدها صديقه الرئيس الأمريكي جورج بوش للاتحاد السوفيتي !!
فجّرت الأزمة الجديدة باجتياح القوات الروسية للأراضي الأوكرانية في 24 فبراير خزينا من الأحقاد والأوهام تراكمت عبر الأزمان ,ولم تقتصر على اجراءات ومواقف سياسية أو حزم من العقوبات الاقتصادية بل امتدت الى ممارسات وأشكال من الحصار والعداء والكراهية لكل ماهو روسي ,وصل الأمر الى الغاء مقرر الأدب الروسي واللغة الروسية في الجامعات الغربية وحظر تداول منجزالروائيين الواقعيين الروس العظام وتجميد حسابات رجال الأعمال الروس واغلاق مطاعم الوجبات الروسية ....الخ , ولا تقارن صورة ما يجري اليوم من عداء وتوتر بين الغرب وروسيا اليوم بما جرى في أحداث المجر 1956 حين أجهض الجيش الأحمر اصلاحات أمري ناجي , أو ما جرى في براغ 1968 حين تمت تنحية الكسندر دوبتشك وقطع الطريق على قوى الإصلاح أو الردة في تشيكوسلوفاكيا ...
التساؤلات التي يمكن طرحها :هل استنفدت روسيا الوسائل والخيارات الممكنة لتجنب اللجوء للقوة في النزاع مع اوكرانيا ؟ وهل استدرجت للدخول في العملية العسكرية دون حساب المتغيرات ودود الأفعال في العالم ؟ أحسب أن العودة الى التاريخ في النظر الى علاقة روسيا باوكرانيا والاتكاء على موروث العلاقة بين الشعبين في العهدين القيصري والسوفيتي وحرصها على نجدة الروس في اقليم الدونباس شرقي اوكرانيا لا يكفي كل هذا لتفسير الحاجة الى تأسيس مجال حيوي مشروع للقوة الروسية الطامحة والمتعاظمة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مرسيليا على أتم الاستعداد لاستقبال سفينة -بيليم- التي تحمل ش


.. قمع الاحتجاجات المتضامنة مع غزة.. رهان محفوف بالمخاطر قبيل ا




.. غزة: ما هي المطبات التي تعطل الهدنة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. البنتاغون: الانتهاء من بناء الميناء العائم الذي سيتم نقله قر




.. مصدر مصري: استكمال المفاوضات بين كافة الأطراف في القاهرة الي