الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات وتساؤلات حول العملية العسكرية الروسية

محمود جديد

2022 / 3 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


**************************************
بقلم : محمود جديد

شغلت العملية العسكرية الروسية العالم كلّه، ولا تزال ،نظراً لانعكاساتها السياسية،والأمنية، والسياسية، والاقتصادية، وما سينجم عنها من توازنات دولية ، وفيما يلي بعض الملاحظات والاستنتاجات والتساؤلات حولها :

1 - بطء العملية ، فالتوقعات استناداً إلى التفوّق الروسي الكبير في الوسائط والقوى كانت تنتظر سرعة أكبر بعد مرور 23 يوماً على بدئها ، والتفسير الذي أراه محتملاً هو :
- رغبة القيادة الروسية بتقليل الخسائر بين صفوف القوات الروسية ، تجنّباً لانعكاساتها السلبية على الشارع الروسي عند استمرارها فترة طويلة، ممّا سيخلق الذرائع لأتباع الغرب في المجتمع الروسي ( يُطلق عليهم من قِبل البعض في روسيا " الطابور الخامس " ) .
- رغبة القيادة الروسية بتقليل الخسار بين المدنيين الأوكرانيين ، والبنية التحتية الأوكرانية ، وذلك قدر الإمكان ، حتى لا تتعمّق الجروح تجاه الروس في أوساط الشعب الأوكراني ، وخاصة أنّ المعارك تدور بشكل أساسي في القسم الشرقي من أوكرانيا الذي تجمعه روابط تاريخية وثقافية قديمة مع روسيا .
- إنّ العوامل الجوية في هذا الفصل ، والطبيعة الطبوغرافية أملتا على القوات المهاجمة تقييد مناورتها بالقوات خارج الطرق والمحاور التي تتقدّم عليها ، فكانت تنتظر أرتالها وقتاً طويلاًعلى الطرق، وساعدها على ذلك السيطرة الجوية الروسية المطلقة .
- إنّ القتال في المدن من أصعب أنواع القتال، ويمتصّ الكثير من القوات، ولذلك فمحاصرتها والتريّث ريثما تحين الفرص لخلق ظروف جديدة ملائمة للتقدم يصبح الخيار الأفضل .
- صمود القوات الأوكرانية المدعومة بوحدات آزوف النازية ، وغيرها من الفصائل الأخرى المشابهة ، ويبدو أنّ الروس كانوا يتوقّعون حدوث انشقاقات داخل صفوف الجيش الأوكراني، وهذا لم يحصل.
2 - صمود القيادة الأوكرانية ، وعلى رأسها زيلينسكي ، وبقاؤها في كييف ، وهذا بدوره انعكس إيجاباً على صمود الجيش الأوكراني ، ولو استجاب الرئيس الأوكراني لرغبات وإيحاءات أمريكا وبريطانيا وخرج إلى أيّ بلد أوربي آخر ، لكانت الصورة قد تغيّرت داخل الجيش الأوكراني ، لأنّ بقاء القيادة في الداخل عزّز الشعور بالانتماء القومي ، والشعور بالكرامة الوطنية، ونمّى الروح القتالية .
3 - إنّ شخصيّة زيلينسكي صقلتها المسؤولية الأولى في البلد ، وحوّلتها من ممثّل كوميدي كانت تجربته في الحكم ضعيفة ، وجاء صموده داخل أوكرانيا ليزيدها تماسكاً وصلابة . ولكنّ تصريحاته كانت متناقضة ، ومبالغ فيها إلى حدّ كبير، وكأنّه في أحد مسرحياته السابقة .. وقد حاول الغرب رفع معنوياته من خلال زيارات بعض المسؤولين في دول الناتو له في كييف ، ودعوته للظهور أمام بعض برلماناتهم ، لعرض وجهة نظره ، وتحديد مطالبه، وبأجواء ترحيبية حارّة .
4 - ارتفعت أسهم التطوّع في البورصة الغربية ، وتشكّل فيلق المتطوعين ، وفي الوقت نفسه، أغدق الناتو عليهم بسخاء الأسلحة الحديثة المضادة للدبابات ، والطائرات ، وابتدأ هؤلاء فعلاً بدخول أوكرانيا ، وبالمقابل لجأ الروس إلى السلاح نفسه، وفتحوا باب التطوّع ، وربّما تكون الخطوة الروسية نوعاً من التخويف والمناورة ، ولكن قد تكون جادّة في حال طالت العملية العسكرية .
5 - إنّ اكتشاف العشرات من المراكز البيولوجية الأمريكية في أوكرانيا لم يكن اتهاماً أو تلفيقاً من الروس ، ولم يستطع الأوكرانيون والأمريكان دحض ذلك ، وهاهم الروس يعرضون المسألة على مجلس الأمن الدولي .
6 - والتساؤل الأهم ، هل هناك فرص لحل سياسي قريب ؟
- لم تنقطع الاتصالات بين الروس والأوكرانيين ، وجرت عدة لقاءات في بلاروسيا، وتركيا ، ولكنّّ نتائجها خارج المسائل الإنسانية كانت محدودةً .. غير أنّ الناتو رفض طلب زيلينسكي بفرض حظر جوي فوق أوكرانيا ، وفي تزويده بالطائرات ، والصواريخ إس 300 خوفا من اندلاع حرب مباشرة بين الناتو وروسيا. وهذا خيار خطير لا أحد قادر على توقّع نتائجه على الجميع ، ولذلك سيجد زيلينسكي نفسه معذوراً أمام شعبه والعالم إذا وافق بوتين على تنفيذ معظم مطالبه المعلنة ، وخاصة أنّه محبط من موقف الناتو الذي شجّعه وتركه وحيداً يطلب النجدة .
7 - خيار أمريكا المفضّل هو ، تحويل أوكرانيا إلى مستنقع لاستنزاف روسيا ، وإنهاكها ، وثمّ العمل على تمزيقها ، وإقامة دول جديدة فوق مساحتها الهائلة ، وفي الوقت نفسه، صبّ الزيت على نار الحرب المشتعلة، عن طريق تقديم الدعم المادّي والتسليحي لأوكرانيا، ورفدها بالمتطوعين ، لتتحوّل في المحصّلة إلى كبش فداء للناتو ، ولأمريكا على الخصوص.
- إنّ أي تقدّم سريع للعملية العسكرية الروسية ، سيعجّل التفاوض الجاد والمثمر بين الروس والأوكرانيين ، "وخاصة بوجود وساطات أوربية ، وصينية ، وتركيّة ، وإسرائيلية، والتي لم تنقطع ، وحسب تقديري أنّ بوتين يرغب في الإسراع للتوصّل إلى حلّ وسط يحفظ ماء وجه الطرفين .
- إنّ اجتماع الناتو على مستوى رؤساء دوله في بروكسل بتاريخ 24 / 3 / 2022 ، وما سيصدر عنه من قرارات ، سيقدّم المعطيات الكافية لزيلينسكي كي ينهي تردّده ، ويجعله يتخذ القرار النهائي حول الأمر ، ونتمنّى أن يختار التفاوض لإنتاج الحل السياسي، وإنهاء كابوس الدمار والخراب والموت ، والمعاناة .. ويبتدئ فصل جديد من حسن الجوار ، يضمن للطرفين مصالحهم وحقوقهم .

وأخيراً ، كيفما كانت نتيجة الصراع المسلّح، أو التفاوض ، فقد سُطّرت صفحة جديدة في التاريخ ، ما بعدها ليس كما قبلها ، وقد نرى تعدّد الأقطاب قد أصبح حقيقة ملموسة ، وهذا هو الأكثر احتمالاً ، أو سننتظر قدوم معركة جديدة مع الصين لا أحد قادر على معرفة آفاقها إذا فشلت روسيا في تحقيق مطالبها ..
في : 18 /3 / 2022
- يتبع -








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير