الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اغتيال العقل الاقتصادي.

أحمد زوبدي

2022 / 3 / 20
العولمة وتطورات العالم المعاصر


اغتيال العقل الاقتصادي /

في القرنين الثامن عشر (1776 ) والتاسع عشر (1815) دافع وأكد المفكرون والاقتصاديون الليبراليون أمثال آدام سميث ودافيد ريكاردو وستيوارت ميل وغيرهم من رواد الفكر المتنور على أن ثروة الأمم تقتضي التوزيع العادل بين طبقات وفئات المجتمع, كما قال هذا ابن خلدون قبل أكثر من خمسة قرون.
يتعلق الأمر بتوفير شروط العيش الكريم لكافة السكان وذلك بتمكينهم من قوة شرائية تستجيب لمتطلبات السوق. قال آدام سميث ومن بعده وبشكل جيد دافيد ريكاردو أن العمل هو أساس القيمة. ستيوارت ميل دافع بشكل غير مسبوق عن التعليم المجاني..
جاء فكر كارل ماركس في القرن ال19 ليؤكد أطروحات الليبراليين الإجتماعيين. دافع ماركس بشراسة كبيرة عن حقوق الضعفاء والمستضعفين و دعا إلى النضال لتحقيق مجتمع الوفرة لأجل حياة تصان فيها الكرامة والحقوق.
في بداية القرن ال20 وحتى 1945 عرفت الرأسمالية أشد أزماتها حتى قيل أنها انهارت خاصة مع نجاح ثورة أكتوبر المجيدة. كان جوزيف شومبتير وجون مانيير كينز في عز عطائهما التنظيري والممارساتي. شومبتير فتح الباب للرأسمالية من خلال الابتكار وذهنية المقاول, وهو أسلوب يسمح بخلق الثروة وتوزيعها بشكل صحي. بينما نموذج كينز عقد الأمل على جهاز الدولة الذي يكفل لوازم العيش للمواطنين من خلال توفير فرص العمل. ليون فالراس الذي كان قلبه يدق يسارا , وهو صاحب نموذج اقتصاد السوق الخالص, ناضل من أجل الضعفاء مبرزا أن التوزيع العادل للثروة يستدعي احترام قواعد مؤسسة السوق حتى لا نقع في الفوضى : المنافسة الخالصة تفدي إلى التوازن والتوازن يفدي إلى سوق المنافسة المريحة للجميع.
صاحب هذا الفكر الاقتصادي المتنور فكر غاص في الفوضى والتناقضات بل أنه فكر يسعى إلى اغتيال العقل الاقتصادي بل قل أنه انتصر واغتاله البثة ! هذا الفكر الاقتصادي وهو في الحقيقة فكر الردة في مجال علم الاقتصاد روج له في مرحلة أولى كل من فون هاييك وميلتون فريدمان وإلى حد ما بول سامويلسون وروبير سولو, إلخ. تم في مرحلة ثانية روج لهذا الفكر العبث بل الوهمي والرجعي تلاميذتهم كغاري بيكير وبول رومير وسالا مارتان وروبير لوكا وطوماس سيرجان و ميراي روثبارد الذين يسوقون لاقتصاد السوق في أبشع صوره أي اقتصاد السوق الفوضى. هؤلاء المنظرون الفوضويون اغتالوا الفكر الاقتصادي نظريا وأعادوا اغتياله في الممارسة حين دعوا إلى اضمحلال الدولة وحل محلها الاوليغارشيات, وهو ما يعبر عنه بالاوردوليبرالية, الوصفة الموجعة والقاتلة في ظل الرأسمالية النيوليبرالية. للتذكير, وخلافا لما يعتقد البعض, الأردوليبرالية تعني تفكيك أصول الدولة التي تقدم المرافق العامة (أي الدولة الإجتماعية) وتحويلها إلى دولة تخدم إقتصاد السوق الذي تتحكم فيه الأوليغارشيات.
الأردوليبرالية قامت باغتيال العقل الاقتصادي وتزحف اليوم بشكل مخيف لاجثتات كل المكاسب التي حققتها الطبقة العاملة والطبقات الشعبية, كما نعيش من خلال هيمنة الأوليغوبولات أي الشركات العابرة للقارات المسيطرة عالميا في شكل شبكات réseaux وتروستات تهيمن على كل القطاعات أفقيا وعموديا بما فيها طبعا قطاعات المرافق العمومية والخدمات الحيوية للسكان.
لقد تم اغتيال العقل الاقتصادي والاغتيال هذا هو تسلط سياسي للرجعية والإمبريالية والصهيونية بكل أشكالها. والتسلط بهذا الأسلوب يكون موسمي إذ يضعف و يتلاشى حتى يزول.
اغتيال العقل الاقتصادي يرافقه أكيد تمرد الضعفاء والأحرار للتصدي للثقافة الرأسمالية التي أدت إلى تسليع كل مناحي الحياة و إلى إبادة البشر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق مستقل يبرئ الأنروا، وإسرائيل تتمسك باتهامها


.. بتكلفة تصل إلى 70 ألف يورو .. الاتحاد الفرنسي لتنمية الإبل ي




.. مقتل شخص في قصف إسرائيلي استهدف سيارة جنوبي لبنان


.. اجتماع لوكسمبورغ يقرر توسيع العقوبات الأوروبية على إيران| #م




.. استخراج طفلة من رحم فلسطينية قتلت بغارة في غزة