الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإريتريُّون وأكذوبة البني عامر والقبائل الحُدُودِيَّة والمُشتركة..!

فيصل عوض حسن

2022 / 3 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


في مقالتي المُعَنْوَنة (السُّودان وتهديدات الإريتريّين المُجَنَّسين) بتاريخ 2 مارس 2022، تَنَاولتُ تنفيذ المُتأسلمين لأعظم وأخطر (خيانة) في التاريخ الإنساني، حينما قاموا بتجنيس مئات الآلاف من (اللاجئين الإريتريين)، وتذويبهم في المُجتمعات المحلِّيَّة السُّودانِيَّة، بغرض الكَسْب السياسي وتغذية المليشيات الإسْلَامَوِيَّة بالمُرتزقة/المأجورين، والبطش بالشعب السُّوداني ونهب مُقدَّراته. كما تناولتُ كيفيَّة تَغَلْغَلَ (الإريتريين المُجنَّسين) في جميع مفاصل الدولة والمؤسسات، وارتكابهم لجميع المُوبقات/الجرائم على كافَّة الأصعدة، بدءاً بتحريف/تزوير الثوابت التاريخيَّة، وانتهاءً بالسيادِيَّة والاقتصادِيَّة والاجتماعِيَّة، حتَّى أصبحوا أكبر التهديدات (الوُجُوديَّة) لكل ما هو سُّوداني.
اتَّخذَ المُتأسلمون وأزلامهم المُجَنَّسون الإريتريون، أكذوبتين رئيسيتين لـ(شَرْعَنَة) هذه الخيانة التاريخيَّة، وأطلقوا إعلامهم المأجور لترسيخ هاتين الـ(أكذوبتين) في أذهان العالم أجمع، وليس في أذهان السُّودانيين فقط، وما يزالون يُمارسون ذات التضليل في هذا الخصوص حتَّى الآن. الأكذوبةُ الأولى هي التَدَثُّر بمُسمَّى (بني عامر)، وتتمثَّل الأكذوبة الثانية في التَحَجُّج بـ(القبائل الحُدُودِيَّة والمُشتركة)، وعبر هاتين الأكذوبتين تمَّت (شَرْعَنَة) تجنيس ثلاثة أرباع (الإريتريين)، وتذويبهم في المُجتمعات المحلِّيَّة بنحوٍ بات يُهدِّد شُعُوب البلد (الأصيلة). بالنسبة لمُسمَّى (بني عامر)، فمن الأهمِّيَّة أن يعلم القارئ بأنَّهم ليسوا (قومِيَّة/عِرق/إثنِيَّة) كبيرة في إريتريا، وإنِّما هم بطنٌ (صغير/محدود) ضمن قومِيَّة/إثنِيَّة التقري الإريتريَّة، وهذه حقيقة (مُوثَّقة) في مراجع رسميَّة علمية بعضها (إريتريَّة).
من المراجع المُوثَّقة لحقيقة (البني عامر)، على سبيل المثال وليس الحصر، الجدول الصادر عن مكتب التخطيط بوزارة التعليم الإريتريَّة عام 1996، والذي يُوضِّح (القوميَّات/الإثنيات) الرئيسيَّة في إريتريا، ولم يُذكر فيه اسم (بني عامر) إطلاقاً، https://www.researchgate.net/figure/Eritrean-Nationalities_tbl1_271683514. وقبل هذا، تُوجد دراسة رصينة بمكتبة الكونغرس، القسم العبري، تم إنشاؤها/نشرها عام 1864. ومن أهمَّ محتويات هذه الدراسة، خريطة تاريخيَّة للقبائل (الأصيلة) بمنطقة التاكا وما حولها بالإقليم الشرقي للسُّودان، حيث تقع أرض الهدندوة في الشمال الجُغرافي لإقليم التاكا، في ما تقع قبيلة الشُكرِيَّة غرب الإقليم، وفي الجُنوب تقع قبيلة الحمران. وأوضحت الخريطة، أنَّ قبائل منطقة التاكا تشمل كلاً من: السبدرات، الحلنقة، المليتكنهاب، الالقدين، بيتاما، الايليت والكوناما. وبالنسبة للبني عامر، فتقع في الجُزء الشرقي للسُّودان، وهو دولة إريتريا الحالِيَّة. ويُمكن الاطّلاع على الخريطة في الرابط التالي: https://www.loc.gov/resource/g8330.ct003452/?fbclid=IwAR2uka3fl68JISSiyvhagxumXfgbCktM_-zJjFoAYXRtAkiMoDR4EdF_GZ8&r=0.094,0.55,0.589,0.248,0.
بالنسبة للأكذوبة الثانية، والمُتمثِّلة في (القبائل الحُدُودِيَّة/المُشتركة)، فيُكذِّبها التوزيع الجُغرافي للقوميات الإريتريَّة المُعتمد في إريتريا نفسها، والذي يُوضِّح عدم ارتباط تلك القبائل بأي حدود مع السُّودان، حيث تقع جميعها في العُمق الإريتري، أو المُتاخِم لدولٍ أخرى كإثيوبيا والصومال وجيبوتي. وكمثالٍ صَارخٍ لأكذوبة القبائل الحُدُودِيَّة أو المُشتركة، نجد فضيحة والي حمدوك والقحتيين في القضارف، والذي ينتمي لقبيلةٍ في عُمق إريتريا مع الحدود الجيبوتِيَّة تُسمَّى (الأساورتا)، ولا علاقة لها البَتَّة بالسُّودان وحدوده، حتَّى تكون لهم (نِظَارة/عُمُودِيَّة) وحقوق (سِيادِيَّة)، على نحو ما تمَّ (فضحه) بواسطة السُّودانيين المُخلصين، مما أجبر حمدوك على إقالته ولكن دون مُراجعة/تقييم المُخالفات التي ارتكبها إبان عمله كوالي، وهذه مُصيبة تُضاف لمصائب العسكر/الجنجويد وحمدوك وقحتيُّوه!
التجاوُز الخطير الذي صَاحَب والي حمدوك والقحتيين في القضارف، ينطبق على غيره من (اللاجئين الإريتريين) كالذين خَصَّصوا لهم مسار الشرق في جوبا، علماً بأنَّ (تَسَلُّل) الإريتريين للسُّودان بدأ لأوَّل مرَّة في ستينيات القرن الماضي، وفقاً لبعض المصادر العلميَّة الرصينة، مثل الكتاب الذي ألَّفه (Gaim Kibreab) سنة 1987، بعُنوان (Refugees and Development in Africa: The Case of Eritrea)، والذي ذكر بأنَّ الحكومة السُّودانِيَّة أكَّدت التزامها بمُعاهدات الحدود السُّودانِيَّة الإثيوبِيَّة، إبان زيارة هيلاسيلاسي للسُّودان في فبراير 1967، ومُوافقة السُّودان تخيير اللاجئين بالعودة إلى وطنهم أو الإبعاد خارج الحدود السُّودانِيَّة (Keesing Contemporary Archives, June 24-July 1, 1967, 22194 A). علماً بأنَّ تقديرات الحكومة السُّودانِيَّة للإريتريين الفارين بسبب الحرب الإثيوبِيَّة على إريتريا في مارس 1967، كانت حوالي 7000 من القوميين الإريتريين (Keesing Contemporary Archives June 24-July 1, 1967, 22104A)، مُعظمهم من النساء والأطفال والرجال المُسنِّين من أصل شبه بدوي، وهذا الكتاب ثمنه 12 دولار ومبذول في موقع أمازون على الرابط التالي: https://www.amazon.com/Refugees-Development-Africa-Case-Eritrea/dp/093241527X
لقد حَرَصتُ على الاستعانة بمراجع علميَّة ورسميَّة رصينة، (غير سُودانِيَّة)، تأكيداً للحيادِيَّة وتعزيزاً للوثوقِيَّة (المفقودة) في جميع المراجع المُنتشرة الآن، والتي خَضَعَت لتزييفٍ صارخ بإشراف المُتأسلمين وأزلامهم من آكلي الفتات، وتمَّ نشر معلوماتها المُزيَّفة عبر أبناء (اللاجئين الإريتريين) المُتغلغلين في مُؤسَّسات الإعلام المُختلفة. والمَراجِعُ التاريخيةُ والعلميَّة الرصينة (غير السُودانِيَّة)، التي أوردتُ بعضها أعلاه، تُثبت بوضوح أنَّ (البني عامر) ليسوا إِثنِيَّة/قومِيَّة حتَّى تندرج تحتها (قبائل)، مما يعني أنَّ (التضخيم) الماثل بشأن هذا المُسمَّى، بما في ذلك المملكة المزعومة بشرق السُّودان، مُجرَّد أكاذيب لـ(شَرْعَنَة) الوجود التاريخي والآني والمُستقبلي (للاجئين الإريتريين) في السُّودان. كما أثبتت ذات المراجع، أنَّ المُسٍتَعْمِر كان يجْلِب بعض الإريتريين للسُّودان، كـ(عُمَّال) بمشروع القاش الزراعي في موسم الحصاد، ثُمَّ يُعاد ترحيلهم إلى موطنهم بعد نهاية الموسم، وكان ذلك التواجُد في شكل أُسَر/عائلات محدودة ومعلومة. ومدينة كسلا التي تُعدُّ معقل مشيخة البجا الحلنقة ونظارتها، لم تكن تعرف ما البني عامر كـ(قبائل) من أساسه حتَّى عام 1965، ولقد الإريتريُّون القليلون الذين كانوا يتواجدون فيها، كانوا يعرفون باسم (الخاسا)، والآن اتَّخذوا اسم (البني عامر) بمُساعدة المُتأسلمين وفق ما أوضحنا أعلاه وفي مقالتنا السَّابقة وغيرها من المقالات!
كما تُثبت المراجع أعلاه (أكذوبة) القبائل الحُدُودِيَّة أو المُشتركة، بعدما تَبَيَّن عدم ارتباط تلك القبائل/المناطق بالسُّودان وحدوده، لأنَّهم مُتواجدون إمَّا في عُمق إريتريا، أو مع الحدود المُتاخمة لدولٍ أُخرى كالصومال وجيبوتي وإثيوبيا، وفقاً لما أوردناه من مراجع بعضها إريتريَّة رسمِيَّة! وحتَّى لو سَلَّمنا بفرضِيَّة التقارُب الجُغرافي/الحدودي أو القبائل المُشتركة هنا وهناك، يَظل عامل (السِيادة) حائلاً دون مَنح الجنسيات بالنحو الذي حدث وما يزال في السُّودان، وهو ما لا نجده في جميع أنحاء العالم، سواء المُتقدِّم أو النَّامي. وكمثال نجد قبائل مُشتركة في الخليج العربي، وهو أكبر تَجَمُّع إقليمي في مُحيطنا القريب، ورغم التسهيلات الكبيرة بين دول الخليج، نجد بأنَّ هناك دوسري سعودي وآخر قَطَري، يزورون بعضهم بعضاً لكن دون تَغَوُّلات (سِيادِيَّة)، على نحو ما يفعله الإريتريُّون في السُّودان! وفي أوروبا كذلك، يبقى البلجيكي بلجيكي والهولندي هولندي، يَتزاورون دون قيود جُغرافِيَّة، لكن دون تجاوز (الحدود/القيود السِيادِيَّة) أو ادِّعاء حقوق الغير، كما يفعل (اللاجئين الإريتريين) في السُّودان. ولم نسمع في العالم أجمع حصول كائن ما جنسيَّة دولةٍ ما، لمُجرَّد أنَّ ابن عمه يحمل جنسيَّة تلك الدولة، بل جَلَبَ أحدهم ابنه لا يُمْنَح الجنسيَّة إلا بعد قضاء مُدّة مُحدَّدة واستيفاء عدد من الشروط القانونِيَّة، وهذه إجراءاتٌ تضعها الدول وتنفذها بصرامة لحماية سيادتها ومُواطنيها، بما في ذلك إريتريا التي تمنع جنسيتها عن مُواطنيها الذين يأتوننا حُفاة وجَوعى، وبين ليلةٍ وضحاها يَدَّعون (أحقيتهم) بالسُّودان أكثر من أهله!
الحقيقة الأخطر التي أثبتتها المَراجع الرصينة أعلاه، تتمثَّل في تأكيد (الخيانة) العُظمى التي ارتكبها المُتأسلمون في حق السُّودان، حينما قاموا بتجنيس شعب كامل و(تذويبه) في مُجتمعاتنا المحلِيَّة، (خصماً) على شعوب السُّودان الأصيلة. ثُمَّ (تزييف) التاريخ وترسيخ معلومات خاطئة للأجيال الناشئة، كجريمة إقحام أولئك اللاجئين الإريتريين في المُقرَّرات الدراسِيَّة، والتي تمَّ تعميقها أكثر عبر حمدوك وقحتيُّوه، بجانب الشُبهة الكبيرة بشأن سرقة مُحتويات دار الوثائق السُّودانِيَّة، و(التعتيم) المُتعمَّد لتفاصيل هذه الجريمة، وعدم تقديم الضالعين فيها للمُحاكمة حتَّى الآن، رغم جَسَامة الجُرم. وكذلك الجريمة/الخيانة التاريخيَّة والمعرفِيَّة بحق أعظم وأعرق (سِفْر/مَرجِع) تاريخي، وهو كتاب "جُغرافية وتاريخ السُّودان" لنعوم شقير، دون توضيح المُبرِّرات الدَّاعِية لذلك، أو الجهات التي (أشرفت) على هذه الجريمة. وكذلك الذين ساهموا في (تضخيم) مُسمَّى (البني عامر) وتحويله من بطنٍ قَبَليِ صغير إلى إثنِيَّة مُتكاملة، تضم (مجموعة قبائل) من مخُتلف بقاع إريتريا، فهؤلاء جميعاً يجب مُلاحقتهم ومُحاكمتهم بأقصى العقوبات، تبعاً لفداحة الجرائم التي ارتكبوها وساهموا فيها ضد السُّودان (الأرض والشعب)!
المُحصِّلة أنَّ جميع (اللاجئين الإريتريين) المُتواجدين بالسُّودان يتَدَثَّرون بمُسمَّى (البني عامر)، ويتَحَجَّجون بـ(القبائل الحُدُودِيَّة أو المُشتركة)، حتَّى يخفوا حقيقة أطماعهم الاستيطانِيَّة وأحقادهم المُتجذِّرة تجاه السُّودانيين، ودونكم المقاطع المُسرَّبة التي نشرتُ عدداً منها مراراً وتكراراً. ولنتأمَّل تصريحات (اللاجئين الإريتريين) القادمين عبر اتفاقيات جوبا الكارثِيَّة، التي نَشَرَتها صحيفة الرَّاكوبة في 13 مارس 2022، نقلاً عن اليوم التالي، وادِّعائهم بأنَّهم (أصحاب الشرعِيَّة القانونِيَّة الوحيدة في الشرق)، بالنسبة للحكومة والمُجتمع الدولي!
إنَّهم، وبوقاحتهم المألوفة، يسعون للتَحَكُّم في أخطر وأهمَّ منطقة ببلادنا، وأعلنوا عن نواياهم الخبيثة بوضوح، مما يجعل أمر حسم مسئولِيَّة جميع السُّودانيين (الأصيلين)، دون تَساهُل أو مُجاملة وبعيداً عن العواطف. وبعبارةٍ أوضح، فإنَّ مخاطر (اللاجئين الإريتريين) لا تُهدِّد أهلنا في الشرق وحدهم، وإنَّما تَطَالُ جميع السُّودانيين على اختلاف مناطقهم، وعلينا الارتقاء لحجم هذه التهديدات وعدم الاستخفاف بها، وحسمها بحزمٍ وعزم، قبل استفحالها حاضراً ومُستقبلاً.. وللحديث بَقِيَّة فترقبُّونا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح