الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب أوكرانيا والتعصب للجنس الأبيض

سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي

2022 / 3 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


هل توجد علاقة بين حرب أوكرانيا والتعصب للجنس الأبيض؟

شعب روسيا وأوكرانيا واحد في الأغلب سلافي أرثوذكسي منتمي للعرقية البيضاء، وهذا أوجد مشكلة عند القوميين البيض في الغرب، حيث أنه يستحيل دعم دولة على أخرى وإلا انشقوا..

ترامب مثلا كان متعصبا للجنس الأبيض وظهر من سلوكياته دعم للصهيونية على أساس ديني مسيحي (إنجيلي) وظهر كثيرا بجوار القساوسة "بات روبرتسون" و " جون هاجي" وهما من أشهر وأهم المسيحيين المؤمنين بقدسية إسرائيل وحقها في فلسطين دينيا، وخطاباتهم كلها تحريض طائفي بغيض وكراهية دينية مستعرة..

طبعا موقف مسيحيين الشرق من إسرائيل مختلف ، وسبق شرحت الفارق بمحاضراتي على يوتيوب ومنها "فلسطين قضية إنسانية لا دينية" مستعينا بشرح تأثير المذهب الظاهري على الثقافة الغربية وخصوصا الأنجلوساكسون..

والمهم: إن ترامب كان صديقا للرئيس الروسي، ويمكن اعتبار أن فترة ال 4 سنوات لترامب من عام 2017 – 2021 هي العصر الذهبي لبوتين شخصيا، حيث حقق مكاسب مالية وسياسية وعسكرية ضخمة جدا لروسيا بأثر انشغال ترامب في صراع اقتصادي عنيف ضد الصين ، واقتصادي وسياسي وعسكري ضد إيران، وموقف ترامب هذا جرى تصنيفه من نفس المنظور العرقي حيث كان منشغلا بإثبات تفوق العرق الأبيض على سائر الأعراق والمسيحية على سائر الأديان ، وحقبته الرئاسية مثلت صعودا تاريخيا للقوميين البيض رصدته وسائل إعلام صينية هنا..

http://arabic.news.cn/2022-03/08/c_1310505600.htm

وكردة فعل على هذا اكتسبت الجماعات الإسلامية المتشددة نفوذا شعبيا بالشرق الأوسط على الإنترنت والإعلام بأثر كراهية المسلمين لترامب..

دلوقتي الوضع اختلف، لأن البيض يحاربون أنفسهم في أوكرانيا، وتم فتح أبواب برلمانات الغرب أمام خطابات "زلينسكي" الشعبوية الحماسية..وهذا غريب، لأن طبيعة هذا الخطاب الشعبوي والتعبوي تليق أكثر بالشارع وأجواء الثورات، لكن فتح برلمانات الغرب أمام زلينسكي يعني نقل هذه الشعبوية والتعبوية الحماسية لمسئولين وجماهير أوروبا والولايات المتحدة، وفي ظني أن هذا هو المقصود (تثوير الجماهير الأوربية والأمريكية) ودفعهم لمقاومة نفوذ الروس وحلفائهم (الشرقيين)

لكن: هل ستنجح محاولات التثوير؟

قديما وفي ظل الحرب الباردة نجح المسئولين في الشرق والغرب في تثوير جماهيرهم، لأن العصر وقتها كان قوميا مشحون بالشعارات والأيدلوجيا، الآن صار الوضع مختلفا، لأن الإنترنت والفضائيات وسرعة التواصل (فككت الأيدلوجيا) وبالتالي لم تعد هناك سطوة للشعارات القومية وأيدلوجيا الرأسمالية والشيوعية كما كانت في السابق، وفي ظل اختفاء أو ضعف الأيدلوجيا القومية اللغوية والاقتصادية صعدت أيدلوجيا أخرى وهي (الدينية) هي التي خدمت ترامب في الانتخابات ونجح في إقناع نسبة كبيرة من المجتمع الأمريكي بنفسه كقائد مسيحي أبيض قبل أن يكون أمريكيا..

في المقابل صعدت حركات يمينية قومية دينية في كل من روسيا وأوكرانيا، ففي روسيا صعدت حركة "نارودني سوبور" Narodny Sobor بينما في أوكرانيا صعدت حركة "سفوبودا" Svoboda وكان لها دورا كبير في الثورة على الرئيس الأوكراني "يانكوفيتش" الموالي لروسيا سنة 2014 والأخيرة معروفة ضمن أحزاب أوكرانية ضمن التيار المعادي لروسيا والشيوعية المعروفين ب (النازيين الجدد)

هذا يعني أن خطابات زلينكسي اليوم أمام برلمانات الغرب لها مردود فعل سلبي على وحدة وشعور جماهير أوروبا وأمريكا، ولو تتذكروا ما حدث في زيمبابوي في الستينات والسبعينات، حيث كان يحكمها البيض بنفس النظرية وهي (التفوق الأبيض) لكن محاولات تثوير البيض في زيمبابوي وجنوب أفريقيا ضد الشيوعية والمعسكر الشرقي جاءت بنتيجة عكسية ، وهي تثوير الجماهير السوداء في الدولتين ودفعهم لدعم "نيلسون مانديلا" و "روبرت موجابي" وبالتالي صعود القيم الشرقية والشيوعية في الدولتين هي التي تحكم توجهاتهم حتى الآن بالميل الشعوري لروسيا والصين..

وفي تقديري أن ما يفعله الغرب بفتح برلماناته لخطابات "زلينكسي" الشعبوية هو (خطأ استراتيجي) ففضلا أنه يستحيل تحقيق ما يطلبه من حرب روسية أمريكية فوق أوكرانيا، أو تورط حلف الناتو بشكل مباشر ضد الروس عسكريا..هو أيضا يفكك هذه البرلمانات والاتحادات عن طريق (كشف ضعفهم) فالرجل يملك لسان عاطفي كبير ولديه نزعة ديماغوجية ليست سياسية في تقديري ستؤثر على وحدة وضمائر المسئولين، وآخر اليوم عندما خاطب الشعب الإيطالي في برلمانه أن حكومة إيطاليا (تخاف من روسيا) فالرجل بسوء تقدير حكام إيطاليا يحرض جماهيرهم ضدهم..!!

ومجمل ما يحدث أن الصراع حول التفوق العرقي حاضر في الأزمة الأوكرانية، لكن له أبعاد دينية وقومية مختلطة، والذي يجعل جماهير الغرب مؤيدة لأوكرانيا – رغم الخلاف المذهبي أوكرانيا أرثوذكس بينما الغرب كاثوليك وبرتستانت – هو شعور تلك الجماهير أنهم مع أوكرانيا في معركة واحدة ضد (الشرق) بالعموم، وأن الأوكرانيين البيض لا يستحقون ما حدث للمسلمين والعرب – كمثال – وعلى فلتات ألسنتهم ظهرت هذه الدعاية الفترة الماضية، بينما زلينسكي يحاول تصوير الهجمة على أوكرانيا أنها (معادية للسامية) في محاولة تثوير أكثر للمتدينين في الغرب، وقد وضع أوكرانيا وإسرائيل في قفص واحد بينما فلسطين وروسيا في قفص آخر معتدي..ولولا أن الرجل ضعيف سياسيا وفكريا ما حدث ذلك لأن تلك الدعاية غير شعبية في الغرب في ظل تصوير بوتين للأوكران أن من يقودهم "نازيين جدد" وبالتالي هو يحارب هتلر في أوكرانيا..

هامش: كثرة تصوير قادة أوكرانيا وروسيا (بهتلر الجديد) رغم صراع الدولتين جعل من النازية مجرد تهمة مرسلة غير متحققة، وأن الصراع في جوهره على المصالح لكنه يحاول استدعاء التاريخ المغضوب عليه (أوروبيا وعالميا) لتسويق حججه السياسية لا أكثر..تجارة يعني..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل