الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خاطرة حول - الاستقلال- في ظل التبعية...!

عمران مختار حاضري

2022 / 3 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


خاطرة حول " الاستقلال" في ظل التبعية ... !
* في ظل التبعية النيوليبرالية لا يوجد استقلال فعلي ناجز يكرس السيادة في كافة أبعادها ، كما لا توجد فروق و تناقضات جوهرية من نفس المنظومة المسيطرة و النمط الإقتصادي المهيمن في المجتمع... مهما كانت أشكال تعبيراتها السياسية أكانت بخلفية دينية ظلامية أم بخلفية حداثوية مزيفة أم بخلفية شعبوية صريحة...! كما أن الدولة "المدنية" في ظل التبعية ، ليست بالضرورة نقيضا طبقيا للدولة الدينية و بديلاً سياسياً عنها...! فكل رواد هذه التعبيرات المتصدرة للمشهد السياسى و مهما احتدت صراعاتهم حول الحكم و مزيد نحر الشعب و الوطن على مذبح توسيع دائرة شهوات السلطة و التسلط هم جميعهم نيوليبرالون، يدينون بديانة واحدة هي "ديانة السوق" و يلتقون في الحفاظ على نفس الخيارات القديمة المتازمة التي اكتوى الشعب بنارها لعقود و ثار ضدها ... كذلك كلهم منخرطون طواعية في سياسات صندوق النقد الدولي الكارثية ، هذا الصندوق الذي أصبح آلية استعمار جديد و ما يترتب عليها من سياسة تقشفية عدوانية و افقار ممنهج لعموم الشعب الكادح و بطالة و تهميش و تجهيل و نهب للثروات و انتهاك للسيادة ...! أي "استقلال" في ظل تبدد المقدرات و الثروات من النفط و الفسفاط و الملح و غيرها من الموارد المسموح للأجنبي بالقسط الأوفر منها إلى جانب أقلية كمبرادورية رثة منذ عهد البايات القدامى إلى عهد "البايات الجدد" و في ظل اتفاقيات مشينة ناهبة للثروات و منتهكة للسيادة مثل الاتفاقية الأمنية و العسكرية و الثقافية مع الولايات المتحدة الأمريكية / " افريكوم" AFRICOM و الإتفاقية الأمنية و العسكرية مع تركيا في مارس2017 و مشروع الإتفاقية الشاملة و المعمقة مع الاتحاد الأوروبي " اليكا"/ ALECA ...!
و في ظل تفاقم مسارات التجويع و التجهيل و التفقير و التطبيع...! أي سيادة في ظل لجنة توجيهية بالبنك المركزي المستقل جدآ و باءشرافه منذ سنة 2016 تتكون من ممثلين عن المعهد العربي لرؤساء المؤسسات و ممثلين عن الاتحاد الأوروبي و السفير الفرنسي و الخزينة العامة للمالية الفرنسية...! أي سيادة في ظل تكديس الثروات الطائلة بين يدي76 عائلة و 18% من التونسيين فقط يملكون أكثر من40% من الثروات التونسية في حين يعيش قرابة مليوني عائلة تحت خط الفقر و مايعادلهم في العدد تقريباً يعيشون البطالة و التهميش القسري و ما يقارب المليون منقطع عن التعليم ...!
* كل هؤلاء الفاعلين من رواد هكذا تعبيرات، لا يقبلون بدولة الرعاية الصحية و الاجتماعية حتى في طابعها الشكلي على النمط الأوروبي و كلهم يلتقون في حرف التناقض الاجتماعي عن جوهره الحقيقي ببيع الأوهام و سياسة الحوارات و التسويات و الحلول الترقيعية و السقوف المنخفضة ... هم مستعدون أن يجرونك إلى معاركهم مهما كانت طبيعتها حتى القضايا الثانويه العابرة للتاريخ... لا حرج لديهم أن يناقشونك حتى في القضايا "الوجودية العقدية " و "الابراج" و"تفسير الاحلام"... لكنهم يرفضون إطلاقا الخوض في قضايا الخيارات الكبرى المتازمة أصلا و إمكانية تخطيها... هذا خط أحمر لدى الاسلامويين بكافة تمثلاتهم و لدى الحداثويين الزائفين سليلي المنظومة القديمة المرسكلة بكافة أطيافها كما لدى تيار الشعبوية المحافظة الناشئة... كلهم متحدون موضوعيا و استراتيجيا في الإبقاء على "اقتصاد السوق" و المنوال التبعي الريعي الخدمي البنكي الرث...! و تراهم يسعون إلى محاولات تجييش و حشد الأنصار و المؤيدين لخصومات محتملة، لا ترتقي إلى طموحات الشعب و لا تستجيب إلى مطالبه الأساسية في الغذاء و الدواء و الشغل و الحرية و الكرامة الوطنية و التكافؤ و التوزيع العادل للثروة و التعليم العمومي و الرعاية الصحية و الاجتماعية و ما تعنيه العدالة الاجتماعية المنشودة في كافة مفرداتها ولو جزئيا... و هذا هو جوهر الثورة و مضمونها الوطني الاجتماعي الأساس و الرافعة الاجتماعية التي لا غنى عنها في قضية السيادة الشعبية و سيادية القرار الوطني و قضية الحرية و الديموقراطية الاجتماعية الشعبية و الحداثة الحقيقية غير الاستهلاكية الزائفة و التنمية الحقيقية "المنطوية على ذاتها" (على حد تعبير المفكر سمير أمين ) ، في سياق التحرر الوطني و الانعتاق الاجتماعي و هذا باعتقادي البعد الوطني بمضمون إجتماعي ديموقراطي شعبي هو المحك الحقيقي في قراءة الوضع و الحكم على من هم في السلطة و من هم خارجها و بخاصةً ظاهرة السقوط في المفاضلة بين السيء و الأقل سوءا التي قادت بعضهم إلى الاصطفافات الهلامية و "اصطفاء الأصلح" من داخل نفس المنظومة النيوليبرالية التبعية الرثة وهي ظاهرة تحيل إلى حد كبير على "البونابارتية" أو الهيغلية التي انبهرت بالثورة الفرنسية الكبرى ثم هللت فيما بعد إلى نابليون بونابرت أو كذلك ظاهرة " الداروينية الاجتماعية" في البقاء للأصلح في الإطار الرأسمالي ...!!!
* فالحاكم الاوتوقراطي ، لا يقل سوءاً عن الحاكم التيوقراطي...!
فإذا كان الثاني يزعم زوراً و بهتانا أنه " يحكم بأمر "الإله" ، فإن الأول يعتقد أنه"إله في حد ذاته...!
* بالتالي ،وطن سيادي في ظل استقلال ناجز ، يعول على إمكانياته الذاتية إقتصاديا و سياسياً و ثقافياً و غذائيا ، يفك الإرتباط مع التبعية و لو تدريجياً... افضل ألف مرة من تبعية منمقة بزيف أيديولوجيا "اكراهات الواقع" و نفي العقل و تزوير التاريخ...!
# التنمية الوحيدة في ظل التبعية هي تنميةالتخلف و الاستبداد#

عمران حاضري
20/3/2022








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معاريف: نتنياهو خائف ومتوتر


.. نشطاء المناخ يقطعون الطرق السريعة في مدينة تورينو الإيطالية




.. بن غفير وسموتريتش يهددان بإسقاط الحكومة في حال عدم اجتياح رف


.. تقديرات تشير إلى أن عمليات إزالة الأنقاض من غزة ستستغرق 14 ع




.. كابل جلال أباد.. تعرف على أحد أخطر الطرق في العالم