الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التزايد السكاني ومقاومة الاحتلال الاسرائيلي

زياد زنبوعة

2006 / 9 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


إن تطور البشرية يبين لنا التحولات التي حصلت في دور الإنسان في الحروب على مر العصور ابتداءً من العصور البدائية حيث كان الإنسان يمثل العنصر الرئيس فيها والأداة الأساسية لتنفيذها، عندما كان يعتمد على بنيته وقوته العضلية بشكل أساسي في الهجوم والدفاع عن النفس أو الممتلكات أو القبيلة أو الوطن... ومع التطور الحضاري وبدخول عصر الثورة الصناعية، أصبحت الحروب تعتمد بشكل رئيس على الآلة، التي تفوق قوتها أضعاف مضاعفة قوة الإنسان، وأصبح دور الإنسان في هذه الحروب يتمثل في التخطيط والقيادة، وذلك تعبيراً عن الثقافة الغربية الحديثة، التي تقوم على أن الصراع يجب ألا يكون وجهاً لوجه، وأن يكون غير مباشر، فإما أن يتم هذا الصراع من خلال التنازع على المستعمرات ومن خلالها ومن خلال زج الشعوب المستعمَرة في أتونها خدمة لأهداف ومصالح الدول المستعمِرة، أو أن يتم من خلال مجابهة الآلة للآلة واستخدام الآلات المؤتمتة والموجهة ذاتياً.
وبذلك فإن أصحاب هذه الثقافة حققوا انتصارات وظلم كبيرين على الشعوب المغلوبة، إلى أن فجر هذا الظلم والعدوان على الشعوب والبلدان الصغيرة اختراعاً جديداً لهذه الشعوب في مواجهة الآلة الغربية المعتدية، ألا وهو إعادة دور الإنسان إلى واجهة الصراع، وزجه في ساحات القتال بشكل مباشر بسلاحه الفردي البسيط وأحياناً بدونه، مما أرعب المعتدي الجبان الذي اعتاد على التخفي وعدم المواجهة المباشرة.
إن هذه الشعوب المقهورة بتحولها هذا حققت أمرين:
الأول: بث الرعب في نفوس الغزاة المعتدين، وتلقينهم درساً عملياً في الوطنية وبذل النفس في سبيل الله والوطن.
والثاني: هو أن هذه الشعوب حققت تعبأة للقوى التي تتمتع بميزة نسبية فيها، وهي أصلاً لاتمتلك في مواجهة عدوان القوى الكبرى وأدواتها وإمكانياتها الضخمة، إلا هذا الإنسان المسلح أولاً وبشكل أساسي بالإيمان بالله والوطن والحقوق، التي لا يتنازل عنها ويتشبث بها إلى آخر رمق.
لقد أثبتت هذه النظرية الجديدة للمقاومة العربية في فلسطين المحتلة، ومن ثم في لبنان أنها الرد شبه الوحيد للمقاومة وأنها تمد المقاوم الوطني بأقوى سلاح في معركته ضد العدوان الغاشم. وهذا ما يؤكده انتصار هذه المقاومة على اسرائيل مرتين: الأولى في عام 2000 عندما أخرجته من جنوب لبنان مهزوماً مدحوراً، والثانية الآن عندما عاد هذا الجيش الإسرائيلي المتغطرس متأملاً أن يحقق أحلامه وأطماعه من جديد في لبنان، فأثبتت المقاومة مرة أخرى أنها أشد صلابة وأقوى عزيمة على تحقيق النصر ودحر هذا العدو فلقنته درساً أخر قاسياً أعاد أمجادها وكرر انكساره واندحاره.
إذاً نلاحظ من هذا العرض أن الإنسان –مهما تغير دوره وموقعه- فإنه يبقى العنصر الذي لاغنى عنه في الحرب كما في السلم، لابل يتأكد أكثر فأكثر أنه يبقى العنصر الرئيس وخاصة في الوطن العربي الذي يتهدده الكثير من المخاطر والمؤامرات التقسيمية والإستغلالية. ولذلك فإنه على العرب وخاصة في فلسطين ولبنان وسوريا أن ينظروا إلى موضوع النمو السكاني كاستراتيجية شبه وحيدة –أو رئيسة على أقل تقدير- وخاصة خلال السنوات القليلة القادمة في صراعهم مع العدو الصهيوني. إن هكذا استراتيجية تدعمها الحجج التالية:
1) إن قوة الإنتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية وما حققته من تحريك للقضية الفلسطينية على الصعيد الدولي وتعاطف الكثير من الأصدقاء في العالم، ما كان ليتحقق لولا صمود هذا الإنسان الأعزل إلا من الحجر أمام الآلة العسكرية الإسرائيلية الغاشمة.
2) إن الإنتصار الأول والثاني للمقاومة اللبنانية (2000 و 2006) لم يتحقق إلا بفضل الإنسان المعزز ليس بالآلة الحربية -كما الجيش الإسرائيلي- وإنما بروح المقاومة، التي تأبى الذل، وتصمم على الذود عن الوطن، واستعادة الحقوق، وحماية الأرض والعرض مهما كان الثمن. ولذلك فإن من يحمل ويدافع عن مثل هذه المبادئ لايمكن لأعتى قوة أن تقهره ولو كان أعزلاً.
3) إن إسرائيل مهما تزايد سكانها فإنها ستبقى تعاني من أمرين:
الأول: إن معظم سكانها هم مستوطنون لاجذور لهم في الأرض، وبالتالي فإنهم يفتقدون عنصراً رئيساً تتميز به المقاومة الوطنية، وهو عنصر التشبث بالوطن والأرض. ولا أدل على هذا ماشهدناه -مؤخراً في العدوان الإسرائيلي على لبنان- من نزوح المستوطنين من شمال فلسطين باتجاه الجنوب، أو حتى خارج اسرائيل، هرباً من ضربات المقاومة اللبنانية، بينما بالمقابل شهدناً -وبإعجاب- العرب الفلسطينيين في حيفا وهم يتشبثون بأرضهم وأرض أجدادهم، على الرغم من المآسي التي ألمت بهم بسبب هذه الحرب الإسرائيلية الظالمة على لبنان، وعلى الرغم من مناشدة زعيم المقاومة اللبنانية السيد حسن نصر الله لهم بمغادرة المدينة أو الإحتماء بالملاجئ.
الثاني: إن الخصوبة في اسرائيل في تراجع مستمر وهي بالأساس منخفضة. وإذا ما تصورنا أن الدولة لا وجود حقيقي لها بدون السكان -كماً ونوعاً- المنتمين والمتشبثين بالجذور، من ناحية أولى، وتزايد السكان العرب، سواء داخل فلسطين أو خارجها المفعمين بحب الوطن والضاربة جذورهم في أرض الأجداد لآلاف السنين، من جهة ثانية، فإننا نستطيع القول -وبتفاؤل- إن مستقبل اسرائيل هو إلى الزوال مهما طال لامحالة.
4) إن كل جيل من أجيال العرب سيكون –كما قال السيد الرئيس بشار الأسد في خطابه في 15/8/2006- أكثر كرهاً (وحقداً) على إسرائيل من سابقه –ولاضير في ذلك ما دمنا نكره من يقتلنا- والسبب هو تراكم العدوان والمآسي والمجاذر التي ترتكبها إسرائيل على الأرض العربية وبالشعب العربي، والتي ستُحفر في الذاكرة العربية إلى الأبد، وستتناقل ذكراها الأجيال بألم وحسرة على الضحايا الأبرياء الذين سحقتهم وتسحقهم الغطرسة والعدوان الإسرائيلي المستمر على الأمة العربية.
وفي الختام فإننا نرى أنه بالإضافة إلى كل هذه الحجج فيما يتعلق بالإنتفاضة، وقوة المقاومة والدفاع عن المبادئ، والوضع الديموغرافي الإسرائيلي، وتراكم الأحقاد تجاه العدو الصهيوني، فإن المقومات التاريخية للأمة العربية تجعلنا نتفائل ونؤكد على أن المستقبل للمقاومة الوطنية، وستنتصر دائماُ ومن يدعمها. وبالمقابل فإن الذل والإندحار سيكون من نصيب إسرائيل ومن خلفها أميركا المتغطرسة ومن لف لفها من الدول الغربية الطامحة لأمجادها الإستعمارية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيناتور فان هولين: فشل الإدارة الأمريكية في اتهام إسرائيل


.. شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في بيت لاهيا شما




.. الشرطة الهولندية تفرق تجمعا لطلبة جامعة أمستردام المتضامنين


.. عاجل| مجزرة جديدة.. شهداء وجرحى باستهداف إسرائيلي لمنزل من 3




.. تزامنا مع تجدد المعارك شمالا وجنوبا.. هل حققت إسرائيل أي من