الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المناضل اليساري حين يهوى الوضوح.....16

محمد الحنفي

2022 / 3 / 26
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


الوضوح في الممارسة:.....7

وبالنسبة للنظرية، التي يجب اعتمادها، نجد أنها تختلف باختلاف التشكيلة الاقتصادية، والاجتماعية.

ففي التشكيلة العبودية، نجد أن النظرية التي كانت معتمدة، حتى وإن لم تكن مكتوبة، هي النظرية العبودية، المترتبة عن انقسام المجتمع إلى أسياد، وعبيد. فالأسياد، يقبعون في قصورهم، يتمتعون بما لذ، وطاب من الأكل، والشرب، الذي يوفره العبيد، الذين يخدمونهم، فكأنهم وجدوا لخدمة الأسياد، وكأن الأسياد، وجدوا لتلقي خدمات العبيد، والإماء اللواتي، يجوز للأسياد التسري بهن، دون حرج يذكر، لا مع الزوجة، ولا مع الأولاد، بنين، وبنات، وإذا أنجبت الأمة ذكرا، أو أنثى، فإنه يصير تابعا، أو تابعة، للأم، في ملكية الرقبة، ويمكن للسيد أن يتسرى بابنته، من أمته، حتى وإن كانت لا زالت صغيرة.

وفي التشكيلة الإقطاعية، نجد أن النظرية التي يجب أن تكون معتمدة، هي النظرية الإقطاعية، حتى وإن لم تكن، كذلك، مكتوبة، خاصة، وأن الإقطاعيين يملكون الأرض، ومن يعيش عليها، ومنها، وهو ما يعطي للإقطاعي، إمكانية التصرف فيما يملك من أراضي، ومن عبيد، وإماء الأرض. وهو ما يعطيه حق التمتع بإماء الأرض، دون حرج، لا من زوجته، أو زوجاته، ولا من الأولاد، بنين، وبنات، دون أن ينسب إليه الولد منها، الذي يصير مملوكا له، سواء كان ذكرا، أو أنثى يمكن التسري بها، إذا أعجبته.

وفيما يخص التشكيلة الاقتصادية، والاجتماعية البورجوازية، أو الرأسمالية، فإن النظرية التي يمكن اعتمادها، هي النظرية البورجوازية، التي يخضع فيها العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بحكم الواقع، إلى الاستغلال البورجوازي، أو إلى الاستغلال الرأسمالي. ونظرا؛ لأن التشكيلة البورجوازية، أو الرأسمالية، لا تكون إلا ليبرالية، أو تدعي الأخذ بالليبرالية، فإن البورجوازيين، يتخذون لهم خليلات، إلى جانب الزوجة، أو الزوجات، حتى يتمكن من استكمال التمتع بملذات الحياة، دون أن يعترف بأولاده، من الخليلات.

وفيما يخص الأنظمة البورجوازية، أو الرأسمالية التابعة، ونظرا لغياب الوعي بأوضاعها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، فإن البورجوازية تتحالف مع الإقطاع، من أجل إيجاد تكتل يحمي الاستغلال، الذي لا يكون إلا همجيا، ويقف ضد العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ويمارسون الضغط على الحكم، من أجل إخضاعهم للاستغلال المادي، والمعنوي، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، من أجل جعلهم في خدمة التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، الذي يصير مهووسا، بالحفاظ على مصالحه الاقتصادية، والاجتماعية، والقافية، والسياسية، حتى لا يصل العمال، إلى مراكز القرار، ليكتسبوا القدرة على التأثير في السياسة العامة.

أما البورجوازية الصغرى، والمتوسطة، التي لآ أيديولوجية لها، ولا نظرية لها، لأنها تعتبر جزءا لا يتجزأ من التشكيلة البورجوازية، أو من تشكيلة التحالف البورجوازي / الإقطاعي المتخلف، حتى تصير مستفيدة من الواقع، عن طريق تحقيق تطلعاتها الطبقية. وعندما يمارس في حقها القهر، فإنها تدعي اعتناق الأيديولوجية، النقيضة للأيديولوجية البورجوازية، أو لأيديولوجية التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، حتى تمارس كافة أشكال التضليل، على العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وتدعي اعتناق الأيديولوجية النقيضة، لأيديولوجية البورجوازية، أو أيديولوجية التحالف البورجوازي / الإقطاعي المتخلف، حتى تمارس كافة أشكال التضليل، على العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل توظيفهم، في الاستمرار في تحقيق التطلعات الطبقية.

أما في التشكيلة الاقتصادية / الاجتماعية الاشتراكية، فإن النظرية التي يمكن اعتمادها، هي النظرية الاشتراكية العلمية، التي تتحقق عن طريق تسييدها، والعمل بها، في مختلف ميادين الحياة، والمساواة بين جميع الأفراد، وبين النساء،، والرجال، وبين المناطق المختلفة، من الوطن، وتسعى إلى فرض تحقيق التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، وتعمل على تحقيق أهداف التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، بعد القضاء على كل أشكال العبودية، والاستبداد، والاستغلال، وتضع القوانين اللازمة للنظام الاشتراكي.

فالنظرية المنتجة للممارسة العبودية، دخلت في ذمة التاريخ، ولم تعد قائمة في الواقع، وعلى المستوى العالمي، إلى درجة أن المجتمعات البشرية، لم تعد تتذكر العبودية، ولم تعد ترغب في قيامها، وأن المجتمعات البشرية، صارت مقتنعة بما قاله عمر ابن الخطاب، عندما كان يحكم المسلمين: (متى استعبدم الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار)، صارت تحرص على التحرير من العبودية، التي تتنافى مع احترام الإنسان، لأخيه الإنسان، لقد أصبحت متجاوزة، وأصبح الإنسان الحديث، ونظرا للتطور الحاصل قي الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ونظرا للتطور الذي تعرفه التشكيلة الاقتصادية / الاجتماعية، والثقافية، والسياسية، فإن المجتمعات البشرية، لم تعد تقبل العبودية، كنظام قائم في الواقع، نظرا لتمسك المجتمعات بالتحرر، الذي يعبر عن وجود الإنسان في الأصل، ومنذ الولادة، ويجب أن يبقى متمتعا بحريته، ولكنها الحرية المشروطة بالممارسة الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وبتحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، حتى يكتسب التحرر دلالته، وتكتسب الحرية دلالتها العميقة في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، لصالح جميع أفراد الشعب، وليس لصالح فئة من الفئات، أو طبقة من الطبقات، ومن أجل استحضار إنسانية الإنسان، في الفكر، وفي الممارسة.

وبالنسبة للنظرية المنتجة للممارسة الإقطاعية، من منطلق: أن ممارسة من هذا النوع، لا تختلف عن الممارسة العبودية، إلا في نوعية الاستعباد. ففي العبودية، هناك ملكية الرقبة، بطريقة مباشرة، تمكن السيد من التصرف في عبيده، وإمائه، كما يتصرف في بقية أمتعته الأخرى، بما في ذلك التسري بإمائه، حسب هواه. أما الإقطاعي، فيملك الرقاب: عبيدا، وإماء، عن طريق ملكية الأرض، التي يعيشون عليها، فيتصرف في عبيده، وفي إمائه، المرتبطين، والمرتبطات بالأرض، كما يشاء، ما دامت الأرض في ملكه، بما في ذلك التسري بالإماء.

ولذلك، فالنظام الإقطاعي، وبالمضمون المذكور، في الفقرة السابقة، أصبح متجاوزا، خاصة، وأن الثورة الفرنسية، وباقي ثورات أوروبا، التي عرفت أشكالا من الثورات، التي لا يمكن وصفها إلا بالثورات البورجوازية، ضد الإقطاع، ومن أجل تحرير عبيد الأرض، حتى يتحولوا إلى عمال، في مصانع البورجوازية، التي أصبح رأسمالها قادرا على توسيع الملكية البورجوازية، في كل المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، على أساس القضاء على الإقطاع، وعلى الأنظمة الإقطاعية، بالمفهوم القديم. وما عمله الاحتلال الأجنبي، في مستعمراته المختلفة، في أسيا، وفي إفريقيا، وفي أمريكا اللاتينية، قبل قيام الثورة البلشفية، وما بعدها، إنما نسميه إقطاعا، بالمفهوم الحديث للإقطاع، الذي يرتبط بما في الأرض فقط، دون أن تشمل الملكية من يعيش على الأرض، مما يجعل العاملين في الأرض، إما عمالا زراعيين، أو مستأجرين لرعاية الماشية، أو خماسة، أو رباعة، وغير ذلك. أما عبيد الأرض، فلم يعد لهم وجود في الأرض، على الإطلاق، بتحولهم إلى عمال في مصانع البورجوازية، أو في المزارع المختلفة، أو في المناجم، لاستخراج المعادن من باطن الأرض.

ولذلك، فالنضال ضد الإقطاع، هو كا النضال ضد المجتمع العبودي، الذي يتحكم فيه الأسياد. فإذا كان النضال ضد الأسياد، من مصلحة الإقطاعيين، فإن النضال ضد الإقطاع، من مصلحة البورجوازيين؛ لأن الإقطاع، يحتاج إلى عبيد الأرض، والبورجوازية تحتاج إلى العمال، والمستخدمين. غير أن البورجوازية، والإقطاع، تحالفا غير مشروع، ضد العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل استمرارهم في المعاناة من الحرمان الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، في الوقت الذي لا يتلقون فيه إلا أجورا زهيدة، مصحوبة بالحرمان من الحقوق الإنسانية، وحقوق الشغل، كما هي في مدونة الشغل، وفي الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق الشغل، وهو ما يقتضي من النقابات المناضلة، أن تقوم بدورها، في أفق رفع الحيف عن العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، كما يقتضي من الجمعيات الحقوقية، أن تقوم بدورها، في أفق فرض احترام، وأجرأة الحقوق الإنسانية. وخاصة، في مدونة الشغل، وفي كل القوانين المعمول بها، من أجل جعل التحالف البورجوازي / الإقطاعي المتخلف، متجاوزا، على مستوى التشريع، وعلى مستوى التشكيلة الاقتصادية / الاجتماعية القائمة.

وبالنسبة للنظرية المنتجة للممارسة البورجوازية، من منطلق أن ملكية وسائل الإنتاج، تجعلهم يتصدرون المجتمع، وتجعل كل الباحثين عن الشغل، يقصدون المؤسسات التي يمتلكونها، علهم يحصلون على شغل معين، في هذه المؤسسات.

ولذلك، فالبورجوازيون، يتميزون بمسلكية معينة، عن غيرهم من أفراد المجتمع. فمسلكيتهم، ليست هي مسلكية الأسياد، ولكن البورجوازيين يأخذون منها ما يناسبهم، وليست هي مسلكية الإقطاع، ولكن البورجوازيين يأخذون منها ما يناسبهم، خاصة وأن التشكيلة الاقتصادية / الاجتماعية العبودية، ليست هي التشكيلة الاقتصادية / الاجتماعية الإقطاعية، وليست هي التشكيلة الاقتصادية / الاجتماعية الرأسمالية، إلا أن تنامي التشكيلات، لا ينفي التفاعل معها، والتأثر بها، حتى وإن أصبحت في ذمة التاريخ. بالإضافة، إلى أن موت التشكيلات الاقتصادية / الاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لا يعني النفي المطلق لها؛ بل إن بقايا التشكيلات، التي صارت متجاوزة، لا زالت مستمرة، بشكل، أو بآخر، في التشكيلات اللاحقة، وخاصة في الأنظمة الرأسمالية، التي تنتمي إليها البورجوازية الصغرى، والمتوسطة، مجال الممارسة النظيفة، الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من أجل امتصاص ما لديها من فائض القيمة، حتى لا تؤول الملكية الكبرى، إلا للبورجوازية، خاصة وأن البورجوازية، في ظل غياب الوعي الطبقي: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، في البلدان التي تحكمها الأنظمة الرأسمالية التابعة، لا تكون الدولة، والحكومة، إلا في خدمة البورجوازية، والإقطاع، الذي لا زال مستمرا، وفي خدمة التحالف البورجوازي / الإقطاعي المتخلف، بدل أن تصير الدولة، وحكومتها، في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، كما هو الشأن في الدول المتقدمة، والمتطورة، التي تتساوى فيها المواطنات، والمواطنون، أمام الدولة، وأمام القانون، وأمام القضاء، والتي لا يصير فيها الأمر، لأي كان، إلا على أساس تمثل القانون، المعمول به، وعلى جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

والنظرية المنتجة للممارسة المتحررة، والديمقراطية، والساعية إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، من منطلق، أن الدولة تصير في خدمة جميع أفراد المجتمع، رجالا، ونساء، وعلى أساس المساواة فيما بينهم، وعلى أساس التحرر، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، بين جميع أفراد المجتمع، مهما كانوا، وكيفما كانوا، ما داموا يعيشون على نفس الأرض، وفي إطار نفس الدولة، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، على أساس التمتع بنفس الحقوق، والقيام بنفس الواجبات، حرصا على تقدم المجتمع، وتطوره، وعلى تقدم الوطن، وتطوره، وعلى تقدم الدولة الحاضنة، وتطورها، في إطار الحرص على التحرر، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، باعتبار هذه الأهداف، منطلقا، وغاية، في نفس الوقت. سعيا إلى التحرر، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل، للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية المستدامة، وأملا في الوصول إلى كنس الأمراض الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من صفوف الجماهير الشعبية الكادحة، حتى يتخلص المجتمع، مما تنتجه تلك الأمراض، مهما كانت، وكيفما كانت، وسعيا إلى أن يصير المجتمع منتجا للتحرر، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اشتباكات بين متظاهرين والشرطة الإسرائيلية بالقدس للمطالبة با


.. وجه فرنسا يتغير.. اليمين المتطرف يتصدر الانتخابات البرلمانية




.. الانتخابات التشريعية الفرنسية.. -ليلة تاريخية- لمناصري حزب ا


.. صور من تجمع لحشود ضد اليمين المتطرف في ساحة الجمهورية بباريس




.. لماذا تصدر حزب التجمع الوطني نتائج الدورة الأولى من الانتخاب