الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب العبثية

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2022 / 3 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


شنت الدول الأعضاء في الحلف الأطلسي تحت قيادة الولايات المتحدة في العقود الثلاثة الماضية ، حروبا ضد عدد من البلدان ، غير الأوروبية ، باستثناء يوغوسلافيا ، أسفرت عن تدمير البُنى التحتية واسقاط الدول و تمزيق المجتمعات فِرقا متنابذة و تشريد مئات الألاف من الناس بين لاجئيين إلى البلدان المجاورة و مهاجرين إلى البلدان الأوروبية بطرائق قانونية و غير قانونية .

عُرّفت هذه الحروب بانها غير متكافئة أو غير متناظرة ( guerre asymétrique ) لأن فريقي النزاع ليسا متكافئين من حيث القدرات . الأمر الذي مكّن دول الأطلسي من خوضها مباشرة بالكامل أو جزئيا ، دون خسائر تذكر في صفوفها و دون أن تحسب حسابا لردة فعل انتقامية من جانب المعتدى عليهم .

هذا ما جرى في الواقع في بلدان مثل يوغوسلافيا و العراق و ليبيا و سورية ، حيث قامت دول حلف الأطلسي بهجمات برية و جوية استهدفت المنشآت المدنية والعسكرية على حد سواء ، فضربت الجسور و صوامع الحبوب و محطات تكرير المياه و معامل إنتاج الطاقة الكهربائية ، و لم تُحيّد الملاجئ ، مثل ملجأ العامرية في بغداد ، من النيران .

شمِلت العمليات العسكرية أيضا دخول مؤسسات الدولة و مصادرة الوثائق أو اتلافها بالإضافة إلى انتهاك حرمة المنازل بحثا عن الأشخاص الذين كانت تجري تصفية بعضهم فورا على مرأى من أزواجهم و أبنائهم كما جرى في مخيمي اللاجئيين الفلسطينيين صبرا و شاتيلا ،في لبنان ، أو يساقون إلى مخيمات الاعتقال و السجون التي ذاع صيت بعضها كسجن أبو غريب في العراق و غوانتنامو على سبيل المثال .

و من المعروف في هذا السياق ، أن قوات دول الأطلسي إذا ما قرر زعماؤها غزو بلاد من أجل إعادة سكانها " إلى عصر الحجر " أو " فرزهم " أو " تطهيرهم " او " تأديبهم " ، لا تراعي كرامة الناس و مشاعرهم الإنسانية ، و إنما تعاملهم معاملة قطيع الماشية ، انطلاقا من تراتبية فوقية عنصرية ، فتدعي لنفسها أحيانا ، جواز إعتقال حا كم البلاد و سجنه و جرّه امام " عدالتها " ، و قتله .

و ما أن تفرغ هذه القوات من القتل و التدمير و التخريب ، و من إشعال نار الفتنة بين سكان البلاد ، تعلن عن نجاحها في انجاز المهمة التي جاءت من أجل تحقيقها و عن نيتها الإنسحاب من البلاد باستثناء المحافظة على بعض المواقع الأستراتيجية التي تتمكن منها التحكم في الغذاء و الماء و النفظ و طرق المواصلات !

تحسن الإشارة هنا إلى أن العديد من المصادر المنشورة توثق الدور البارز الذي اضطلعت به قوات الدول الأطلسية في توظيف المعتقد الديني في البلدان المغزوة وقدا للصراع الطائفي و تحريضا على القتال إلى جانبها ضد " العدو المشترك " المارق .

أصل بعد هذه التوطئة الطويلة إلى الحرب غير المباشرة التي تشنها دول حلف الأطلسي على روسيا ، على عكس الحرب المباشرة التي اصطلت بنارها شعوب كثيرة في بلدان العرب و في إفريقيا و آسيا . لا أذكر أميركا اللاتينية لأن الولايات المتحدة لا تسمح كما هو معلوم ، حتى لحلفائها الأطلسيين بالتدخل في حديقتها الخلفية .

فلا نجازف بالقول أنه لولا دول حلف الأطلسي التي تأتمر بأوامر من الولايات المتحدة لما اشتعلت الحرب في أوكرانيا . و لكن مشاركة هذه الدول تقتصر ،على إرسال المعدات العسكرية و على إطلاق حملة إعلامية ـ دعائية واسعة لتشويه سمعة القيادة الروسية و لإخفاء الحقائق و الإتفاقيات و تزوير المعطيات التي ترتبت تباعا منذ 1991 على تفكيك الإتحاد السوفياتي ، بالإضافة إلى إجراءات المقاطعة الإقتصادية ضد الروس و غالبية سكان العالم .

مجمل القول أن دول الأطلسي تحارب روسيا بالو كالة ، بواسطة فريق من الأوكرانيين ، ذوي الميول الأطلسية . و لا شك في أن مرد ذلك إلى أن الروس يمتلكون القدرة على الدفاع عن أنفسهم في مواجهة دول الحلف الأطلسي . لا سيما أن التجارب السابقة ، منذ حملة نابليون في سنة 1812 و مرورا بالحربيين الأولى و الثانية في أوروبا ، أظهرت أن الروس يذودون عن بلادهم مهما بلغت التضحيات .

في الختام ،من البديهي أن قادة الحلف الأطلسي يعرفون هذه الأمور جيدا و بالتالي فإنهم لا يريدون الوصول إلى الحرب مباشرة مع روسيا ، و من نافلة القول استطرادا أن الروس يعرفون ذلك أيضا . هنا ينهض السؤال لماذا الحرب في اوكرانيا التي لن يهزم فيها الروس و لن تنتصر فيها دول الغرب ؟ هل هي حقيقة حرب عبثية ، أي حرب من أجل الحرب ؟ ماهي الحاجة التي فرضتها ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خطوة جديدة نحو إكسير الحياة؟ باحثون صينيون يكشفون عن علاج يط


.. ماذا تعني سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معب




.. حفل ميت غالا 2024.. إليكم أغرب الإطلالات على السجادة الحمراء


.. بعد إعلان حماس.. هل تنجح الضغوط في جعل حكومة نتنياهو توافق ع




.. حزب الله – إسرائيل.. جبهة مشتعلة وتطورات تصعيدية| #الظهيرة