الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكايات من الفولكلور الكوردي-الخير يجلب الخير والشر يجلب الشر

ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)

2022 / 3 / 28
الادب والفن


الخير يجلب الخير والشر يجلب الشر
ترجمة ماجد الحيدر

يقال أن رجلاً عاقلاً مجرِّباً كبير السن كان يعيش في إحدى المدن. كان متحدثاً لبقاً لا يشبع المرء من كلامه. وصلت شهرة الرجل الى حاكم المدينة فبعث اليه رسولاً يدعوه ليكون ضيفه تلك الليلة.
بعد صلاة العشاء قصد شيخنا بيت الحاكم ودخل الديوان وسلّم وجلس. رحب به الحاكم وطلب منه أن يحدث الحاضرين فشرع بالحديث عن أحوال الدنيا وحكايات الغابرين. سرَّ الحاكم بالشيخ وفي ختام السهرة مد يده الى جيبه وأعطاه ما تيسر من نقود وطلب منه أن يحضر الى الديوان كل ليلة.
يوماً بعد يوم، داوم الشيخ على هذا العمل حتى تبدلت أموره وبانت عليه النعمة. وكان له جار يعيش في فقر مدقع مثل حال الشيخ من قبل فاستبد به الفضول وسأله:
- هلا أخبرتني بما فعلت حتى تبدلت أمورك على هذا المنوال!! لقد كنت الى قبل أيام أسوأ مني حالاً.
ولأن الشيخ من أهل الله ولا يستطيع الكذب فقد شرح له كل ما جرى بينه وبين الحاكم فقال له الجار:
- يا جاري العزيز. الشرع والدين لا يرضيان بأن تتقلب في بحبوحة من العيش ولا أجد أنا خبزاً آكله. فلنتقاسم هدايا الحاكم يومين لك والثالث لجارك حتى أقف أنا أيضاً على قدمي.
رقّ له قلب الشيخ ووافق على طلبه وصار جاره يقف على باب الحاكم مرة كل ثلاثة أيام وينتظر الشيخ حتى يخرج ويقول له:
- الله أعطى الحاكم والحاكم أعطاك فأعطني.
فيضع الشيخ في يده ما أتاه من رزق تلك الليلة.
مضت الأيام على هذا المنوال لكن الطمع تمكن من قلب الجار وقال لنفسه:
- وما هذا الذي يحدّث به الشيخُ الحاكم؟ أنا الآخر قادر على أن أقول ما يقوله. سأكيد له حتى يطرده الحاكم وأحل محله ويكون المال من حصتي كل ليلة بدلاً من واحدة كل ثلاث.
وتحايل في اليوم التالي حتى وصل الى الحاكم وقال له:
- ما هذا الذي تفعله يا سيدي ولماذا تولي الشيخ كل هذا الاهتمام. إنه لو أردت الحق، لا يرغب في القدوم اليك وكثيراً ما سمعته يقول كيف لي أن أتخلص من هذه البلوى. إنني لأكاد أختنق من رائحة فمه الكريهة ولا أعرف كيف أصبر حتى تنتهي السهرة وأخلص منه! إن كنت لا تصدقني يا سيدي فانتظر حتى الليل وسوف تراه قادماً الى الديوان وقد لف فمه بيشماغه.
وعاد الجار الشرير الى بيته وطلب من زوجته أن تعد طعاماً تملؤه بالثوم لأجل ضيف عزيز يحب هذا النوع من الأكل. وذهب الى الشيخ وقال له أنت الليلة ضيفي على العشاء. وعندما جاء وقت العشاء وتحلقوا حول الطعام قال الشيخ لجاره:
- لقد آذيتني أيها الجار بهذا الطعام المليء بالثوم. كي لي أن أذهب الليلة الى الحاكم وأتحدث اليه ورائحة فمي كريهة؟
- لا عليك يا رجل. ضع يشماغك على فمك ودع الليلة تمر على سلام!
عندما دخل الشيخ على الحاكم وقد لف فمه تذكر الأخير كلام الجار وقال في نفسه قد صدق الرجل، هذا الشيخ يكرهني ولا يطيق مجالستي.
جلس الشيخ وقد أشاح بوجهه قليلاً فسأله الحاكم:
- لماذا تغطي فمك؟
- -لا شيء يا سيدي أبعد الله عنك الشر أسناني تؤلمني وأصابني زكام ولهذا غطيت فمي كي لا أعدي الحاكم.
لم يصدق الحاكم كلامه لكنه أمره بأن يتحدث للحاضرين فبدأ الشيخ بالحديث والقص حتى انتهت السهرة فكتب الحاكم ورقة لرئيس الحرس يقول له:
- متى ما جاءك حامل هذه الورقة فألقه في فرن مشتعل.
طوى الحاكم الورقة ووضعها بيد الشيخ وطلب منه أن يسلمها لرئيس الحراس. تسلم الشيخ الورقة وخرج من الديوان، وكانت تلك الليلة التي جاء فيها دور جاره الذي كان لابثاً في الخارج فعاجله بقوله:
- الله أعطى الحاكم والحاكم أعطاك فأعطني.
- والله يا جاري العزيز لم يعطني الحاكم هذه الليلة سوى ورقة طلب مني أن أسلمها لرئيس الحرس ولا أعرف ما فيها. أنت اذن ونصيبك.
أخذ الجار الورقة وبكّر في اليوم التالي الى رئيس الحرس وسلمه الورقة، وما أن قرأها الأخير حتى أمسك بتلابيبه وألقاه في الفرن الحامي.
في الليلة التالية قصد الشيخ ديوان الحاكم مثلما اعتاد ودون أن يغطي وجهه وجلس وشرع بالحديث عن الدنيا وأحوالها. تعجب الحاكم وقال له:
- ايها الشيخ ماذا فعلت بالورقة التي اعطيتك اياها؟
فروى له الشيخ حكايته مع جاره من أولها الى آخرها وقال له أن ليلة الأمس كانت دور جاره.
عندها اتضح للحاكم بأن ذلك الجار لم يكن غير الرجل الذي جاءه ووشى بالشيخ زاعماً أنه يكره الحاكم ورائحة فمه الخ. فالتفت للشيخ وسأله:
- حسناً. بالأمس كنت مصاباً بالزكام فكيف شفيت منه بهذه السرعة؟!
- في الحقيقة يا سيدي لم أكن مصاباً بأي زكام لكن جاري دعاني الى العشاء بالأمس وقدم طعاماً مليئاً بالثوم ولهذا لففت فمي كي لا أزعج الحاكم برائحة فمي. اليوم اختفت الرائحة فلم أغط فمي.
عندها قال الحاكم:
- قد صدق قول الحكماء: الخير يجلب الخير والشر يجلب الشر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: تكريمي من الرئيس السيسي عن


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: نفسي ألعب دور فتاة




.. كل يوم - دوري في جمال الحريم تعب أعصابي .. والمخرجة قعدتلي ع


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: بنتي اتعرض عليها ب




.. كل يوم-دينا فؤاد لخالد أبو بكر: أنا ست مصرية عندي بنت-ومش تح