الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات حول الميثاق الثوري لسلطة الشعب (2)

بندر نوري
كاتب وباحث من السودان

(Bandar Noory)

2022 / 3 / 28
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


من الإشكالات المفاهيمية التي تسود الميثاق الثوري لسلطة الشعب أنه يطرح مقابلة بين الريف والمدينة وكأنما الريف كتلة إجتماعية من القوي الإجتماعية المتجانسة والمستغلة في نفس الوقت، من المؤكد أن هذا الطرح يفتقر للدقة لأن الريف يتكون من قوي إجتماعية وطبقية كادحة مثل العمال الزراعيين والحرفيين وقوي إجتماعية مستغلة (بكسر الغين) مثل البرجوازية الزراعية والتجارية وهذه القوي متحالفة مع البرجوازية المدينية، وكلتاهما برجوازيات تابعة.
رغم الطرح النظري في الإطار المفاهيمي والذي تناول دور المؤسسات العسكرية وتحديدا الجيش السوداني في حماية الدولة الإستعمارية الحديثة، الا أن الميثاق طرح في فقرة أهداف الفترة الإنتقالية ص 3 إعادة هيكلة القوات النظامية وجهاز الأمن وحل وتسريح الميليشيات بما فيها الدعم السريع... إعادة هيكلة ومراجعة قوانين القوات المسلحة...الخ. ليأتي نفس الميثاق ويناقض نفسه عندما يتم طرح مراجعة جهاز الأمن وحله في فقرة المرتكز الثاني "سلطة الشعب" ص 16. بالإضافة لذلك بالنسبة لي ليس مبررا علي الإطلاق لماذا إكتفي الميثاق بإعادة هيكلة القوات المسلحة رغم دور هذه المؤسسة في إعادة إنتاج الدولة الإستعمارية الحديثة وأنا أضيف لذلك التحليل دور كبار الجنرالات في قيادة البرجوازية التابعة لقطع الطريق أمام التغيير الجذري عبر الإنقلابات العسكرية، فمعلومة سيطرة المؤسسات العسكرية علي 82% من الإقتصاد السوداني يعني أن كبار الجنرالات جزء من التحالف الطبقي المسيطر علي جهاز الدولة بل في قيادة هذا التحالف ولا ينحصر دورهم فقط في العمل علي إعادة الإنتاج عبر أجهزة القمع الطبقية.
في صفحة 2.أ: أليات تكوين المجالس المحلية: يحق لكل المواطنين والمواطنات الذين لا تقل أعمارهم عن 18 عام المشاركة في عملية التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، كما يحق للمواطنين والمواطنات الذين لا تقل أعمارهم عن 23 عام الترشح لمقاعد المجالس المحلية. مما يعني أن أعضاء الجبهة الإسلامية وتحالفاتها الطبقية التي ظلت تحتكر السلطة يحق لها الترشح والترشيح للمجالس البلدية، مما يعد طرحا ليبراليا لان الشرعية الثورية تقتضي إستخدام جهاز الدولة عبر الطبقات الثورية التي إستملت السلطة لإستبعاد الطبقات المسيطرة، لان الديمقراطية لا تعني ديمقراطية غير طبقية بل ديمقراطية الطبقة الثورية التي أنجزت التغيير الثوري ضد قوي الثورة المضادة.
في الفقرة ج 2 هياكل السلطة الإنتقالية: وتحديدا السلطة القضائية الإنتقالية: يحدد الميثاق الثوري ضرورة إعادة هيكلة وليس إعادة بناء السلطة القضائية رغم الفارق الكبير بين الإثنين، والواضح أن الميثاق لا يمتلك الوضوح النظري الكافي عن الفرق بين إعادة الهيكلة وإعادة البناء من جهة ومن جهة أخري المفاصل الأساسية لجهاز الدولة القديم التي من المفترض أن يتم إستهدافها بعملية التثوير ومن ضمن هذه المفاصل السلطة القضائية والعدلية. تشمل عملية إعادة البناء مراجعة شاملة للتعيينات التي تمت في الفترة السابقة وهياكل هذه السلطة وقوانينها، بالإضافة إلي الإمتيازات المادية والرمزية التي تمتاز بها هذه السلطة وتتحكم هذه الإمتيازات في ميولها الأيدولوجية والطبقية حتي في ظل إدعاء الإستقلالية والحيادية ومن ضمن هذه الإمتيازات مراجعة الأجور والحوافز التي تعطي لمنتسبي هذه السلطة وربطها بالحد الأدني والأعلي للأجور ومراجعة الأمتيازات الأخري التي تخلق من منتسبي هذه السلطة طبقة برجوازية مرتبطة بجهاز الدولة القديم.
في النقطة الثانية من نفس الفقرة التي تناقش تغيير القوانين، يطرح الميثاق تغيير القوانين حتي يحصل جميع أفراد المجتمع بما فيه النساء والأقليات علي العدالة والمساواة. مرة أخري نتلمس ملامح الأيدولوجية البرجوازية التي تتدعي تمثيل جميع أفراد المجتمع وتحقيق مصالحهم، أعتقد من المهم نقد أي توجه لخلق وهم أيدولوجي أو نزع الطبيعة الطبقية للثورة والتغيير الإجتماعي، حيث أن التنظيم البديل لجهاز الدولة والأجهزة الأيدولوجية بما فيها القوانين الجديدة هي ذات طبيعة طبقية وتعبر عن مصالح القوي الإجتماعية التي إنخرطت في عملية التغيير بالطبع بما يشمل الأقليات والطبقات الكادحة بها والنساء.
الفقرة الثالثة في هياكل الحكم الإنتقالي: مجلس الوزراء الإنتقالي: أشار الميثاق الثوري لسلطة الشعب أن رئيس|ة مجلس الوزراء يقوم بترشيح الوزراء للوزارات المختلفة ويعتمدهم المجلس التشريعي الإنتقالي. والمعروف أن إختيار الوزراء للوزرات المختلفة ليس بالأمر السهل حتي يقوم به شخص واحد حتي وإن كان هذا الشخص رئيس مجلس الوزراء، وبالتالي إن هذا الدور هو من إختصاص الكيانات الثورية المختلفة ومن الخطورة بمكان إحلال رئيس مجلس الوزراء مكان هذه الكيانات مما ينذر بخلق ديكتاتورية مدنية. كما أن من الضرورة بمكان توضيح سلطات المجلس التشريعي في العزل السياسي للوزراء في حالة عدم إنجاز البرنامج المتفق عليه، بالإضافة إلي تحديد الإمتيازات المادية والرمزية للوزراء في حدود الحد الأدني والأعلي للأجور، مع مراجعة الأمتيازات الأخري من عربات وغيرها.
في الفقرة الرابعة ص 5-6 رغم التوضيح المسبق للفصل بين السلطات كأساس ديمقراطي ومدني لتنظيم السلطات المختلفة، ورغم تحديد المفوضيات كهيكل رابع من هياكل السلطة الإنتقالية الا أن رؤساء هذه المفوضيات يتم ترشيحهم من رئيس مجلس الوزراء مما يعني إنتفاء إستقلالية هذه الهياكل عن بعضها البعض. من الأفضل بما أن المفوضيات هيكل منفصل عن السلطة التنفيذية أن يتم ترشيح رؤساء المفوضيات من المجلس التشريعي (رغم أن مجلس هيكل من هياكل السلطة)، بالإضافة إلي ضرورة التحديد الدقيق لمسئوليات هذه المفوضيات وأليات التنسيق مع السلطة التنفيذية حتي لا يحدث تضارب في المهام والإختصاصات مع السلطة التنفيذية.
أيضا في الفقرة الرابعة، النقطة الثالثة عن مفوضية الأراضي وترسيم الحدود: يتحدث الميثاق بأفق إصلاحي عن دور هذه المفوضية في فض النزاعات لدرجة أن الفقرة (ج) عن مهام هذه المفوضية تشير لتنفيذ القانون المعمول به في المنطقة المحددة التي حدث فيها النزاع، أو اي قانون أخر حسب ما تقتضيه مبادئ الإنصاف. وهنا لابد من الإشارة الواضحة إلي أن عملية تغيير لا تتولي حل قضية الأرض وملكيتها بشكل ثوري لا يعول عليها، بمعني إعادة توزيع ملكية الأرض للطبقات الكادحة والذي يعتبر الأساس المادي للإصلاح الزراعي وتنظيم صغار المزارعين والعمال الزراعيين في تعاونيات زراعية والنهضة الإقتصادية عبر حل إشكالات الإختلالات الهيكلية التي تتمثل في ضمور القطاعات الإنتاجية (الزراعة والصناعة) وتضخم قطاع التجارة والخدمات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجة سخرية واسعة من عرض حوثي للطلاب المتظاهرين في أميركا وأو


.. فرنسا: تزايد أعداد الطلاب المتظاهرين المؤيدين للقضية الفلسطي




.. ا?ستاذ بجامعة سان فرانسيسكو: معظم المتظاهرين في الجامعات الا


.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR




.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي