الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب في أوكرانيا وتداعياتها على السلام العالمي !!

صبحي مبارك مال الله

2022 / 3 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


لكي نصل إلى الحقائق وتقييم ما حصل لابدّ للمحلل السياسي أن يمتلك معلومات ومعطيات ومنها الوثائق الرسمية لكي يبين الموقف بأسلوب موضوعي يعتمد التدرج التأريخي للحدث ضمن ظروف مختلفة وأجواء ضاغطة وسياسة تعسفية وهي سياسة القطب الواحد والهيمنة على شعوب العالم والعمل على تبني مواقف متسرعة دون وضع إعتبار لمصلحة الشعوب وأمنها، دون التأثر بالإعلام الذي يعمل على تشديد المواقف والإبتعاد عن اللغة الدبلوماسية وإستخدام الكذب وبعيداً عن الحقيقة . إن ماحصل هو نتيجة خلفيات سابقة وتراكم نهج العداء المكتوم وإعادة الحياة للحرب الباردة بين المعسكر الغربي الرأسمالي -الليبرالي واالمعسكر الآخر الذي كان يسمى بالمعسكر الأشتراكي حيث كان يعتقد الجميع بأنه بعد تفكك الاتحاد السوفياتي وإنهيار المعسكر الأشتراكي سوف ينتهي العداء التأريخي المزمن بين آديولوجيتين مختلفتين وهذا ما أعتقده العالم الأمريكي الياباني الأصل فوكاياما بأن الطريق والآفاق إنفتحت أمام العالم الليبرالي الجديد معتبراً بأن نهاية الاتحاد السوفياتي قد أدت إلى نهاية الإختلاف ولكن سرعان ماعاد وخطأ نظريته بعد ان علم بأن الخلافات سوف تستمر تبعاٌ لظهور نظام متعدد الأقطاب . لقد أثبت بأن النظام الرأسمالي لايمكن أن يتخلص من أزماته الاقتصادية الدورية كما حصل في العام 2008 م لأن طبيعة النظام البنوية الاجتماعية – الاقتصادية والسياسية تؤدي إلى حصول الأزمات.
وبالرغم من تفكك الاتحاد السوفياتي وإنهياره مع الدول الشرقية ذات النظم الأشتراكية سابقاً ومع توجه هذه الدول نحو نظام سياسي -إقتصادي جديد وهو نظام رأسمالي -ليبرالي ولكن هذا لم يمنع الغرب من التوقف عن العداء أو إنعدام الثقة ولهذا إستمرت أمريكا في إغراء هذه الدول للإرتباط معها ضمن محورها وتوسيع مصالحها الإقتصادية على حساب مصالح شعوب تلك الدول وإثارة الخلافات التأريخية القومية والزحف شرقاً نحو الحدود والخطوط الإستراتيجية المحيطة بروسيا الإتحادية ومحاولة وضعها في زاوية محدودة الحركة وبالتالي تطلب الأمر دفع تلك الدول السابقة للإرتباط بحلف شمال الأطلسي (الناتو) ليس هذا فقظ بل بُذلت جهود حثيثة لإستمالة هذه الدول نحو الغرب وعضوية الاتحاد الأوربي ومن هذا المنطلق عادت الحرب الباردة إلى أوجها .
الحرب في أوكارانيا :- 1- كانت أوكارانيا قبل عام 1991 جزء من الاتحاد السوفياتي 2- أمتلكت الأسلحة النووية السوفياتية الموجودة على أراضيها 3- في الأول من ديسمبر عام 1991 صوتت أوكارانيا بأغلبية ساحقة للإستقلال 4-إنتخاب رئيس البرلمان ليونيد كرافتشوك أول رئيس للبلاد .5-في الثامن من ديسمبر عُقدت إجتماعات في برست في بيلاروسيا وفي المآتا بتأريخ 21ديسمبر (كانون الأول ) 1991 حلًّ- زعماء بيلاروسيا وروسيا وأوكارانيا الاتحاد السوفياتي وحصل التفكيك في 26 /12/1991 6- ثمّ شكلوا كومنلث أورابطة الدول المستقلة .
7-مذكرة بودابست للضمانات الأمنية :-هي معاهدة دولية وقعت في 5ديسمبر 1994في بودابست بين أوكارانيا وروسيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وتتعلق المعاهدة بنزع السلاح النووي الأوكراني والضمانات الأمنية لأستقلال أوكارانيا ووفقاً للمعاهدة تتنازل أوكارانيا عن ترسانتها النووية لروسيا ، وتتعهد الدول الموقعة على المعاهدة إحترام أستقلال أوكارانيا وسيادتها على أراضيها ، حماية أوكارانيا من العدوان الخارجي وعدم توجيه عدوان عليها ، عدم ضغوط إقتصادية على أوكارانيا ، عدم إستخدام أسلحة نووية ضدها.
نقاط الخلاف التي دفعت روسيا إلى القيام بالعملية العسكرية في أوكارانيا :-
أهم نقطة لخلفيةات الأزمة هي 1- الحرب في أقليم الدونباس وهي صراع مسلح في منطقة دونباس الأوكرانية حيث إندلعت بدءاً من مطلع شهر آذار -مارس عام 2014بعد إحتجاجات وتظاهرات ضد الحكومة الأوكارانية مدعومة من روسيا في مناطق أوبلاست دونيتسك ولوهانسك اللتين أطلق عليهما مجتمعتين أسم منطقة دونباس بعد أعقاب الثورة الأوكارانية وحركة الميدان . تصاعدت حدة المظاهرات ووصلت إلى حد الصراع المسلح بين قوات الدونباس لجمهوريتي دونتيسك ولوهانسك الشعبيتين اللتان أعلنتا كجمهوريتين شعبيتين مواليتين لروسيا من طرف واحد وهما ذات أغلبية روسية وتتكلم اللغة الروسية إستمرت حرب الدونباس ثمان سنوات وأدت إلى قتل الآلاف من مواطني الدونباس (40) ألف مواطن وإعلان الإبادة على شعب الدونباس من قبل اليمين المتطرف والنازيين الجدد في أوكارانيا(القوميين الأوكرانيين)
2-دول البلطيق (لتوانيا ، أستونيا ، لاتفيا) التي تقع في أوربا الشمالية والتي كانت جزء من اتحاد الجمهوريات السوفياتية الأشتراكية وبعد إستقلالها أصبحت الآن في الاتحاد الأوربي منذ عام 2004م وكذلك حلف شمال الأطلسي (الناتو) ومنطقة اليورو ومنظمة التعاون الأقتصادي والتنمية بين الأعوام 2011-2015 . كما إندفعت جورجيا نحو التعاون مع حلف شمال الأطلسي والأتحاد الأوربي والعمل مع المؤسسات الأقتصادية الغربية ووضعت لها صيغة خاصة حول التنسيق والتعاون مع الناتو دون الإنضمام أليه .أعتبرت روسيا هذا التطويق حولها من قبل حلف الناتو والأتحاد الأوربي هوتهديد لأمنها ولم تقبل به وحذرت من التوسع في ذلك على حساب أمنها وحدودها الستراتيجية.
3- روسيا حذرت أوكارانيا بعدم الإنضمام إلى حلف الناتو وضرورة التمسك بالمعاهدات .وكذلك عدم الإنضمام للأتحاد الأوربي . فالهدف الذي أثار روسيا هو إستمرار محاولة توسيع الناتو شرقاً وهذا ماحصل لجورجيا .
4- عدم التمسك بإتفاقية مينسك:-
فما هي إتفاقية مينسك أو برتكول مينسك : هو برتكول خاص بنتائج مشاوارات مجموعة الإتصال الثلاثية وهو أتفاق لوقف الحرب في الدونباس بأكورانيا وقعّ عليه ممثلوا ذلك البلد والأتحاد الروسي وجمهورية دونشيك الشعبية وجمهورية لوهانسك الشعبية ومنظمة الأمن والتعاون في أوربا بتأريخ 5سبتمبر (أيلول) 2014 بعد محادثات مكثفة في مينسك -بيلاروسيا تحت رعاية منظمة الأمن والتعاون في أوربا تبعتها حزمة جديدة من الإجراءات سميت مينسك 2 . نفذ الاتفاق الذي أعقب عدة محاولات سابقة لوقف القتال في دونباس ووقفاً فورياً لإطلاق النار لكنه فشل في وقف القتال ثم تبعتها حزمة جديدة من الإجراءات تسمى مينسك 2 والتي تم الاتفاق عليها في 12فبراير -شباط 2015 وفشل هذا الاتفاق أيضاً ولكن يعتبر إتفاق مينسك حلاً للمستقبل .
5- عدم تلبية تطمينات روسيا : من العوامل التي حفزت روسيا لإعلان الحرب هو عدم إستجابة الغرب وأوكرانيا لروسيا لتقديم تطمينات والتي تخص عدم الإنضمام إلى الحلف الأطلسي وعدم بناء قواعد عسكرية على الحدود الروسية ، أمن شعب الدونباس ، نزع السلاح النووي . و لم تتلق روسيا التطمينات لتأمين مصالحها مع تشديد المواقف من قبل الغرب. ولما كان الهدف هوتطويق روسيا ونزع حلفائها عنها ومن ثم تجاهلها مما يدل الإستهانة بما قد يحدث أي الإستهانة بأمن الشعوب فضلاً عن الكثير من العمليات التي تستفز الجانب الروسي ومنها بناء مختبرات لصناعة السلاح الجرثومي على الحدود مع روسيا.
التداعيات :- تداعيات الحروب دائماً تستهدف أمن شعوب العالم التي تحل بها الكوارث والويلات وتزهق فيها أرواح الآلالف من البشر أطفال ونساء وشيوخ فضلاً عن الجرحى والمعوقين والمفقودين وتدميرالمساكن والبُنى التحتية وإستهداف المدنيين ومن ثمّ الهروب واللجوء إلى الداخل أو بلدان أخرى وما يحصل بعدذلك من تداعيات صحية ونفسية وقلة الغذاء وتفكك العوائل وضياع الأطفال، وتدمر الإقتصاد العالمي وخصوصاً أذا إستخدمت فيها الأسلحة النووية . ولكن المستفيد منها هم مُشعلي الحروب والذين يكسبون الأرباح الطائلة من بيع الأسلحة وتهديد السلم المجتمعي أنهم يرقصون على أصوات المدافع وقصف الطائرات . وبدلاً من تكثيف الجهود الخيّرة لأجل السلام نجد الرد الجماعي الإعلامي غير المدروس على روسيا والمبالغة بالأكاذيب من كل الأطراف دون التأكد من صحة الأخبار ولكن هذا لايعفي روسيا مما قامت به حيث كان يفترض بذل جهود إستثنائية لغرض تلافي الحرب المدمرة . منذ فترة وضمن منهج عودة الحرب الباردة إزدادت العقوبات الاقتصادية على روسيا من قبل الغرب تحت حجة مايحصل في أوكرانيا ، روسيا دولة عظمى ولديها أمكانات إقتصادية وتكنلوجيا متقدمة وأسلحة متطورة جداً ولها تأثيرها عالمياً بإعتبار روسيا أخذت تسلك سلوك الدول الرأسمالية الليبرالية في نظامها فكان لابدّ من تقديم التطمينات الأمنية لتحاشي التصعيد ضدها إن مايجري هو متعمد و محاولة دفع روسيا أكثر قأكثر نحو الإصطدام العالمي المريع أو إشعال حرب عالمية ثالثة بدلاً من العودة إلى الطريق الدبلوماسيى وتطبيق الأتفاقيات والمعاهدات والحفاظ بالدرجة الأولى على السلام العالمي . إن الدعوة للإرهابيين والمرتزقة من قبل الرئيس (السادس في سلسلة الرؤساء الأوكارنيين) الممثل الكوميدي زيلينيسكي مقابل أموال طائلة جعل آلاف المرتزقة والإرهابيين ان يتحفزوا للمشاركة في الحرب وفتح الأبواب أمام اليمين المتطرف المنتشر في أوربا للتحرك وتصعيد لغة الكراهية والتهديد وتفجير الخلافات الكامنة .كما لابد لأوربا أن تسير في الطريق المحايد وأن تحافظ على مصالحها فيما يخص النفط والغاز الروسي فالعودة إلى القرون البدائية في الصراع سوف تدفع ثمنه البشرية غالياً . الولايات المتحدة الدولة العظمى المسؤولة الأولى في الحفاظ على السلام العالمي . كما إن المتوقع بأن الصراع الروسي الأوكراني ليس صراعاً بين روسيا وأوكرانيا ولكنه صراع وحرب غير مباشرة بين روسيا والولايات المتحدة وهي حرب إقتصادية سياسية ، فالمتوقع أن يظهر نظام عالمي جديد وإصطفافات جديدة وظهور أقطاب جديدة قوية وإقتصاد عالمي جديد لايتقيد بالتبعية لدولة أخرى فلابد من إلإستقلالية في إتخاذ القرارات دون عقوبات أو ضغوطات أو تسقيط.
إن الرئيس الأوكراني لجأ إلى أسلوب التحدي والإستفزاز وكأنه يمثل مسرحية مأمونة المخاطر ، وبين أمام العالم والشعب الأوكراني سطحية تفكيره السياسي وسطحية أسلوبه . أوكارانيا لم تلتزم بالمعاهدات والمواثيق التي وقعّت عليها أوكارانيا نفسها، حملة الأبادة ضد شعب الدونباس الروسي ، الأعتماد على الغرب دون الإلتزام بالموضوعية وعندما خاب أمله لكي يصبح بطل قومي بدأ يتراجع !!
ولابد من الإستنتاج بأن لاطريق سوى الحل الواقعي والدبلوماسي على أسس ثابتة وأن يكون المكيال واحداً وليس مكيالين عند التعامل مع المسائل الدولية المعقدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رأى شخصى
على سالم ( 2022 / 3 / 31 - 06:03 )
طريقه كلامك تدل انك تأخذ صف روسيا الديكتاتوريه ضد اوكرانيا , هذا تقييم انحيازى واضح , روسيا دوله مارقه معتديه ومجرمه ويجب ان تدفع الثمن العالى نظير اعتدائها على دوله امنه

اخر الافلام

.. كيف تتطور الأعضاء الجنسية؟ | صحتك بين يديك


.. وزارة الدفاع الأميركية تنفي مسؤوليتها عن تفجير- قاعدة كالسو-




.. تقارير: احتمال انهيار محادثات وقف إطلاق النار في غزة بشكل كا


.. تركيا ومصر تدعوان لوقف إطلاق النار وتؤكدان على رفض تهجير الف




.. اشتباكات بين مقاومين وقوات الاحتلال في مخيم نور شمس بالضفة ا