الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تطبيقات القانون الدولي الانساني في الحرب

محمد حسين راضي
كاتب وباحث وشاعر ورياضي

(Mohammed Hussein Radhi)

2022 / 3 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


سعى مشرعو (القانون الدولي الإنساني) كما يعبر عنه رسمياً، إلى وضع مجموعة القواعد الدولية، ذات الطابع الإنساني، التي يتحدد من خلالها (في حال اندلاع النزاعات المسلحة) ما يمكن فعله وما لا يمكن فعله، للحيلولة دون أصابتهم بأضرار مادية أو معنوية، أو على أقل تقدير إنقاذ ما يستطاع إنقاذه من الأرواح البشرية، والتخفيف من معاناة الأفراد والجماعات الإنسانية، نتيجة حدوث هذه النزاعات.
وزيادة في الإيضاح (ينظـم القانـون الدولـي الإنسـاني العلاقـات بيـن الـدول والمنظمـات الدوليـة وغيرهـا مـن رعايـا القانـون الدولـي، وهـو فـرع مـن القانـون الدولـي العـام الـذي يتكـون مـن قواعـد تسـعى فـي أوقـات النـزاع المسـلح، أو لأسـباب إنسـانية، إلـى حمايـة الأشـخاص الذيـن يشـاركون أو الذيـن كفّـوا عـن المشـاركة فـي الأعمـال العدائيـة، ولتقييـد وسـائل وأسـاليب الحـرب(.
بعبـارة أخـرى )يتكـون القانـون الدولـي الإنسـاني مـن قواعـد المعاهـدات أوً مـن القواعـد العرفيـة الدوليـة -أي قواعـد انبثقـت مـن ممارسـات الـدول انطلاقا من شـعورها بالالتـزام- التـي تهـدف علـى وجـه التحديـد إلـى حـل القضايـا الإنسـانية الناشـئة مباشـرة مـن النـزاع المسـلح، سـواء كان ذا طابـع دولـي أو غيـر دولـي).
كان ضياع حياة الملايين من الناس أثر النزاعات المسلحة التي حدثت في العقود الأخيرة وأثر الانتهاكات الجسيمة لمبادئ حقوق الأنسان التي ارتكبتها سواء دول أو مجموعات مسلحة وحتى يتسنى للمنظمات الدولية المتخصصة بحقوق الأنسان منع تكرار هذه الانتهاكات؛ حرصت على كسب مصادقة الدول الأعضاء في هذه المنظمات على القانون الدولي الإنساني الذي يبين الكيفية التي تُخاض بها الحروب من خلال السعي إلى تحقيق توازن بين الهدفين التاليين:
1- إضعاف قدرات العدو والحدّ من معاناة السكان.
2- وضع قواعد للحرب ذات طبيعة دولية.
وعلى هذا الأساس صادقت جميع الدول البالغ عددها (196) دولة على اتفاقيات جنيف (وهي العنصر الرئيسي للقانون الدولي الإنساني)، الذي لم يحظ من قبله سوى عدد قليل للغاية من المعاهدات الدولية بهذا المستوى من الدعم.
والاهم هنا هو أن هذا القانون لم يفرق بين القوات الحكومية والجماعات المسلحة من غير الدول في ترتيب الأثر القانوني لأي انتهاك لحقوق الأنسان في حالة وقوع النزاعات المسلحة أو الحروب، حيث الزم جميع الجهات التي تخوض الحرب احترام هذا القانون .
وحيث أن النزاعات المسلحة في اغلب أوقاتها تهدف إلى استخدام مختلف أنواع العنف والإرهاب (الماديين أو المعنويين) ممنهجين أو غير ممنهجين، فمن المسلم به أن العنف والإرهاب وجهان لظاهرة واحدة تعمل ضمن مبدأ (البقاء للأقوى)، وأن هذه الظاهرة لازمت البشرية منذ العصور القديمة حتى يومنا هذا.
غير أن هذه الظاهرة منذ بداية القرن العشيرين تقريباً أصبحت أكثر تنظيماً وتطوراً من سابقها، إذ أصبحت مع تطور مفاصل الحياة المجتمعية والتطورات التي شهدتها البشرية على المستوى العلمي والتكنلوجي أشد خطورة على حياة الإنسان في كل أنحاء العالم.
وبالرغم من وجود الإرهاب (بأنواعه وآلياته المختلفة) كظاهرة دولية خطيرة تهدد حياة الإنسانية جمعاء، إلاّ أننا نلتمس وبصورة واضحة عجز الجهات التي رعت صياغة وتشريع القانون الدولي الإنساني عن تطبيقه بصورة تتلاءم مع الهدف الأساسي المسوغ لتشريعه، كونه لم يحد من الخسائر الكبيرة التي لازالت حتى اليوم في اتساع وتعاظم جراء النزاعات المسلحة التي صار أغلبها آلية من آليات السياسة الخارجية للدول العظمى والدول التي تمتلك رؤوس أموال ضخمة؛ الساعية لبسط نفوذها إقليمياً ودولياً، والتي تعتمد آلية (الحرب بالنيابة) لتحقيق مصالحها على المستويين الداخلي والخارجي.
ولو رجعنا بذكرتنا قليلا الى الوراء، ودققنا في الممارسات الإرهابية التي مارسها النظام السياسي العراقي بقيادة (حزب البعث العربي الاشتراكي) منذ أواخر الستينات حتى سقوط بغداد بيد قوات التحالف المحتلة عام (2003) على المستوى الداخلي للعراق وعلى المستوى الإقليمي لتضح لنا جلياً أن الذين شرعوا (القانون الدولي الإنساني) لم يكن هدفهم في يوم من الأيام حماية المجتمعات الإنسانية من الإبادة الجماعية أو ممارسة الإرهاب بكل أشكاله من قبل الدول المعتدية أو الأنظمة السياسة المستبدة أو الجماعات المسلحة، وإنما للوصول إلى أهداف معينة غير إنسانية جملة وتفصيلاً.
إذ لم يحرك العالم ساكناً إزاء هذه السياسات الإرهابية عندما قام الطاغية (صدام حسين) بتصفية المئات من أعضاء (حزب البعث العربي الاشتراكي) في بداية اعتلائه ناصية الحكم بالعراق؛ من الذين يشكلون جهة المعارضة للسياسات الطاغية المقبور وأيضاً تصفية عناصر الأحزاب النشطة الأخرى (الحزب الشيوعي، وحزب الدعوة الاسلامية) في العراق للتفرد بالسلطة.
أيضاً قام المقبور (صدام حسين) بتهجير ومصادرة أموال وأملاك العراقيين اليهود وتبعها بممارسة نفس السياسة على العراقيين من أصول إيرانية، ومهاجمة القبائل الكردية بحرب أهلية أستمرت خمس سنوات (1971-1975) انتهت بهزيمة الجيش العراقي هزيمة نكراء على يد الثوار الأكراد، إذ تمكنت القيادات الكردية من الحصول على الحكم الذاتي، مما ولد عنصر العداء بين القوميتين الكردية والعربية الى يومنا هذا، إذ تطور ونمى هذا العداء بعد الممارسات الإرهابية التي مارسها النظام الصدامي ضد هذه القيادات والشعب الكردي فيما بعد حتى انسحاب القوات العراقية من المناطق الكردية بعد انتفاضة عام (1991)، وما الممارسات العدوانية والانفصالية للأكراد اليوم تجاه إخوانهم في البلد من العرب إلا نتيجة هذه السياسات الرعناء.
ولم يكتف (صدام حسين) بهذا، بل شن حرب عدواني مسلحة ضد الجارة ايران عام (1980)، وهي لا تزال جهورية فتية لم تقف على قدميها بعد، أثر قيام الثورة الإسلامية هناك وتولي آية الله العظمى السيد (الخميني) قيادة النظام السياسي الجديد، بعد تخلص الشعب من استبداد شاهنشاه ايران (محمد رضا بهلوي)، إذ أستولى الجيش العراقي على مدن عديدة من ايران، كون الأخيرة كانت غير مستعدة لمثل هذه الحرب.
وللأسف لم تقف الأمم المتحدة موقفاً مشرفاً تجاه هذه الحرب، إذ كانت بعيدة كل البعد عن تطبيق القانون الدولي الإنساني في هذه المرحلة، كون الدول الداعمة لمنظمة الأمم المتحدة ومن أهمها (الولايات المتحدة الأمريكية) كانت مرتابة من تولي قيادة دينية إسلامية (شيعية) لقيادة النظام السياسي في ايران وفق منهج إسلامي، فعمدت الى الصمت عن جرائم (صدام حسين) التي اقترفها داخل العراق وايران في نفس الوقت.
وعند مهاجمة صدام للكويت واحتلاله هنا تحرك ضمير الإنسانية لدة منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، فعلا نباح القوم، ونادوا بتجريم الطاغية (صدام حسين) وممارسته الإجرامية، وبدأوا يظهرون تلك الجرائم على مختلف الأدوات الإعلامية (المقروءة والمسموعة والمرئية)، ساعين الى تكوين رأي عام يسعى للإطاحة بنظام المجرم (صدام حسين) وحل حزب البعث الإجرامي، عبر أنشاء تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التي تمكنت من الوصول الى أهدافها بسهولة في عام (1991) بعد شن حرب عشواء استخدمت فيها جميع الأسلحة الفتاكة والمحرمة دوليا، ملحقة بالشعب العراقي ومؤسسات الدولة العراقية أضرار وخسائر جسيمة بالأرواح والممتلكات، تبعها حصار اقتصادي جائر دمر الشخصية العراقية قبل أن يهدم البنى التحتية للدولة العراقية، ويقضي على المجتمع العراقي بالجوع والظلم والاضطهاد، والسكوت عن جرائم الطاغية (صدام حسين) التي مارسها تجاه الشيعة في جنوب ووسط العراق، ابتداء بالممارسات الإجرامية ما بعد الانتفاضة الشعبانية عام (1991) وانتهاء بالانتفاضة الصدرية عام (1999) وما تبعها من ممارسات إجرامية لأجهزة حزب البعث وأجهزة القمع الصدامية التي طالت الألاف من العراقيين الشيعة؛ الذين ملؤوا السجون والمقابر الجماعية في وسط وجنوب العراق.
فبعد أحتلال العراق من قبل قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية وسقوط النظام السياسي للطاغية (صدام حسين) عام (2003) وإعدام الاخير بعد محاكمته عراقياً على جرائمه بحق شعبه وقياداته الدينية والحزبية، وأيضاً سجله الإجرامي تجاه البلدان المجاورة (ايران والكويت)؛ توالت المصائب على هذا الشعب المسكين بسبب الإدارة الرعناء للدولة العراقية من قبل الولايات المتحدة التي أججت سعير الحرب الطائفية؛ التي راح ضحيتها آلاف العراقيين الأبرياء، وانتهاء بدخول (داعش) الأراضي العراقية واستيلائها على العديد من المدن العراقية.
ففي هذه المرحلة وقفت الأمم المتحدة ومجلس الأمن مكتوفي الأيدي أمام الجرائم التي ارتكبتها عصابات (داعش) التي دعمت تكوينها واستمرارها الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج.
وخلاصة القول أننا أمام حقيقة واضحة كوضوح الشمس، إلا وهي أن الولايات المتحدة الأمريكية وحليفاتها من الدول سعت ومازالت تسعى من خلال أدوات سياساتها الخارجية للوصول إلى أهدافها ذات الطابع الاستعماري بطرق مشروعة وغير مشروعة من خلال المنظمات الدولية التي تدعمها وتقودها وتشرع قوانينها، كما فعلت في كثير من البلدان، وما الجرائم التي طالت شعب البوسنة والهرسك والحرب الروسية الأوكرانية ببعيدة عن هذه السياسة القذرة لهذا الشيطان المسمى (الولايات المتحدة الأمريكية).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة