الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الحرب الروسية الاوكرانية
اسماعيل شاكر الرفاعي
2022 / 3 / 29مواضيع وابحاث سياسية

الحرب ميل ثابت من ميول الاقتصاد الرأسمالي . وتاريخ اوربا الرأسمالية هو تاريخ حروب لا تاريخ تعاون وسلام ، وحين اصبح الشرق الاوسط رأسمالياً امتلأت مدنه بالميليشيات وبالمسلحين ، وقامت الحرب الطويلة ببن ايران والعراق وتلتها حروب غزو الكويت والحرب مع امريكا ، ثم انتفضت الشعوب على ذاتها في حروب أهلية ما زالت مستمرة ، وما زال التدخل الخارجي في شؤون العراق وباقي الدول العربية قائماً من قبل تركية وايران والخليج .
لا تستطيع الرأسمالية ان تركن الى ما لديها من مصادر محلية داخلية . الخارج بالنسبة اليها امتداد للداخل لا بد لها من الزحف اليه : بالجيوش او بالشركات او برؤوس الأموال . لقد انطلقت الثورة الصناعية بالرأسمالية من افق الحضارة الزراعية الضيق - الى فضاء الحضارة الصناعية الرحب وجعلت : من الخارج امتداد لها كسوق لعرض منتجاتها لا نهاية لطوله ، وكمخزن احتياطي تفتحه في الوقت الذي تشاء وتتزود منه حاجاتها من المواد الخام .
لا تقوى هذه التشكيلة الاقتصادية التي قامت على انقاض الاقطاع والكنيسة ، ان تتستر على دهشتها وهي تبصر دولها : تمد بأذرعها الاخطبوطية وتقتل بعضها البعض ، بمختلف صنوف أسلحة حديثة تقوم على مبدأ القتل عن بعد بالبارود وبالنووي . لقد فشلت آليات اشتغال هذه التشكيلة الاقتصادية - التي تقوم على المنافسة - ان تصل بالبشرية الى اعتاب الحلم الانساني العظيم ، حلم ان تعيش الشاة الى جانب الذئب بأمان ( وهذا الحلم وارد في احدى قصائد الشعب السومري ، وهو شعب غير سامي ) .
بمعنى ان المطلوب من البشرية - التي مرت بمراحل معروفة واهمها مرحلة سيطرة الامبراطوريات الدينية التي ما زلنا نسمع دوي معاركها الطاحنة الى الآن ، ويتلذذ باستعادة ذلك الدوي والإشادة به عتاة المتعصبين الدينيين والقوميين - المطلوب من البشرية اليوم البحث الدائب عن اكتشاف تشكيلات اقتصادية جديدة لا تعمل آليات اشتغالها على انتاج المنافسة وبالتالي الحروب ( وانا ادعوا الجميع الى التزود بالمنهج النقدي الذي يساعد الباحثين على تجنب مطبات الأهواء والرغبات الشخصية التي تطالعهم بها : مفاهيم المقدس والأصالة )
الرئيس الروسي بوتين يعيد الى الرأسمالية سيرتها الاولى ، لكن بتأويل المفكر الروسي : الاكسندر دوجين ، صاحب التأثير القوي على فكر بوتين الاستراتيجي عن طريق نظريته " الاوراسية " أو ما تسمى بالنظرية الرابعة . بوتين لا يقر بأن الآليات الرأسمالية هي التي ساقته سوقاً لخوض حربه الاوكرانية بحثاً عما يديم اشتغال آلياتها لدى الشعوب الاخرى ، إنما يتحدث عن رسالة ودور عالمي لروسيا في قيادة العالم بالشراكة مع الصين .
الرأسمالية في روسيا او اليابان او بريطانيا او امريكا او السعودية او ايران : تصرخ وهي تشن الحرب على احدى الدول : كوني انا وتخلي عن ذاتك ، فأنا لا وجود لي بجانبك ، كوني حكيمة وانصاعي الي . هذا هو منطق الرأسمالية الأشد وحشية : إلغاء الآخر في الوقت نفسه الذي تنادي فيه : بضرورة وجود الآخر واحترام كينونته .
حتى والرأسمالية تنتج دولتها القومية ، وتمنح للأمم تعريفاً جديداً ارتفع بها الى مساواة أفرادها امام القانون ، والعبور بهم من : صفة الرعية الى صفة المواطنة ، ومنحتهم على مدار العام ما يقوي مناعتهم ضد فايروسات الأمراض المعدية ، وضد اذلال الفقر والبطالة وضد تسلط واستغلال الاقوى : الا ان الرأسمالية لم تطمئن الى ذاتها الا بالتطلع الى ترسيخ هيمنتها في الخارج . ذلك هو الجوهر الرأسمالي الذي انتجته ظروف اجتماعية وثقافية وعلمية خاصة ، وهي تختلف جذرياً عن ظروفنا الجديدة التي يبرز فيها " الحس الانساني " ويسود وعي الناس العام ، هذا الحس اذا ما تعزز : سيلغي حجة بوتين بان روسيا لا تستطيع ان تكون روسيا بوجود أوكرانيا ، ويلغي الحجة الامريكية التي تقول : بأن امريكا لا تستطيع الاستمرار بوجودها كامريكا ، اذا ظلت الصين تمارس صعودها الاقتصادي ، كما ويلغي حجة السعودية وايران على انهما لا يستطيعان التعايش مع بعضهما البعض ...
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ضبط شبكة مالية سرية للإخوان في الأردن.. كيف أسسها التنظيم؟ |

.. لماذا ينهي الجنود الإسرائيليون حياتهم؟

.. أعمدة الدخان تتصاعد فوق خان يونس إثر قصف إسرائيلي

.. كالاس: توصلنا إلى تفاهم مشترك مع إسرائيل لتحسين الوضع في قطا

.. طفل من غزة يبكي والده وإخوته الشهداء إثر غارة إسرائيلية
