الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعقيباً على المُزَوِّرين المُتدثِّرين بمُسمَّى البني عامر ..!

فيصل عوض حسن

2022 / 3 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


نَشَرَت صحيفة الرَّاكوبة في 23 مارس 2022، مادَّةً بعُنوان (علماء التاريخ السودانيين يكتبون عن تاريخ البني عامر)، مصحوباً معها صورة الأستاذ الدكتور/أحمد إلياس حُسين، ومُذَيَّلةً ببريده الإلكتروني الشخصي. وذُكِرَ بأنَّ المادَّة تمَّ إعدادها عقب (اللَّغَط)، الذي أثارته مقالتي المُعَنْوَنة (الإريتريُّون وأكذوبتا البني عامر والقبائل الحُدُودِيَّة والمُشتركة) بتاريخ 22 مارس 2022، لأنَّني تَطَرَّقتُ لتاريخ قبيلة (سودانية عريقة)، وهي قبيلة البني عامر (حسب ما وَرَدَ في مُقدِّمة المادَّة)!
تَواصَلتُ مُباشرةً مع الأستاذ الدكتور/أحمد إلياس، وسألته هل قام عنايته (شخصياً) بإرسال المادَّة أعلاه (خصيصاً)، إلى صحيفة الرَّاكوبة ردَّاً على مقالتي، أم أنَّ هنالك جِهةً أُخرى استقطعت بعض كتاباته، وأقحمت اسمي ومقالتي، ثُمَّ أرسلت المادَّة وصورة البروف وبريده الإلكتروني إلى الرَّاكوبة (دون علمه أو مُوافقته)؟! فأجابني البروف إلياس (نَصَّاً): بأنَّ المادَّة المنشورة في الرَّاكوبة عبارة عن مُقتطفات من سِلْسِلَة حلقات، نَشَرَها في صُحُف ورقِيَّة وإلكترونِيَّة عام 2013، ولم يَرْجِعْ إليها منذ ذلك الوقت، وأنَّه لا يعرف من الذي اقتطعها وأرسلها للرَّاكوبة! ولعلَّ ما دفعني للتواصُل أولاً مع الأستاذ الدكتور/أحمد إلياس، هو (الارتجالِيَّة) والرَّبكة الطاغِية على المادَّة أعلاه، وعدم الالتزام بقواعد/منهجيَّة الكتابة العلمِيَّة، من حيث الاستخلاص والاستدلال والتوثيق، وغياب التَسَلْسُل والرَّبط المنطقي، و(تضليل/تجهيل) القارئ بنحوٍ لا تُخطئه الأبصارُ والبصائر والعقول.
فعلى سبيل المثال وليس الحصر، تحدَّثت الفقرة الثالثة تحت العُنوان الجانبي/الفرعي "تداول السلطة وظهور مملكة البلو"، عن ظهور أسماء قبائل جديدة، وإقحام اسم والبني عامر ضمن تلك القبائل، استناداً لكتاب ابن حَوْقَل (صورة الأرض ص 70-72)! وبخلاف كتابة المرجع بطريقةٍ خاطئةٍ ومُرْبِكَة في (مَتَن Text) المادَّة، فإنَّ الصفحات المذكورة من كتاب ابن حَوقَل تتحدَّث عن المغرب، ولا علاقة لها بالسُّودان ولا القرن الأفريقي بكامله! فضلاً عن أنَّ الاستدلال بويكبيديا، لا يُعْتَدُّ به في البحث العلمي الرَّصين، لأنَّ الموقع يُتيحُ (تعديل) المُحتوى لكل من يُريد ذلك، دون تمحيص في مدى أَهلِّيَّته أو تخَصُّصيته أو دِقَّة التعديل، مما جعلني أرتاب في المادَّة وأنَّ البروف إلياس لم يكتبها، لأنَّني أربأ به أن يقع في مثل هذه التجاوُزات، التي لا تُناسب درجته العلمِيَّة الرفيعة ولا خبراته المشهودة، لهذا ولغيره من الأسباب سارعتُ للاتصال به، لأتَيَقَّن من علاقته بهذه المادَّة الغريبة، وتأكَّدتُ من البروف بأنَّه لا يعرف من اقتطع مقالاته وأرسلها للنشر، مما يضع مُعد المادَّة في خانة (التزوير/الخداع)!
الرَّبطُ المنطقيُّ والموضوعي بين عُنوان المادَّة، وبين مضامينها/جوهرها غائبٌ تماماً، فالعُنوان يتحدَّث عن (عُلماءٍ مُتخصِّصين) كتبوا عن تاريخ (البني عامر)، بينما (مَتَن/نَصُّ) المادَّة يتحدَّث عن أمورٍ أُخرى لا علاقة لها بـ(البني عامر)! كما أنَّ استخدام صورة بروفيسور إلياس وبريده الإلكتروني (دون علمه ومُوافقته)، يُعدُّ تزويراً سَّافراً كشفه البروف بنفسه! وأقول (تزوير) لأنَّ المادَّة نُشِرَت بشكلٍ يُوحي للقارئ أنَّ كاتبها هو البروف، وهذا تَعدٍّ صَارخٍ ومَعيب في حقِّ البروف، لأنَّه إذا أراد التعقيب لفعله بإرادته وبالطريقة التي يُحدِّدها هو، وليس باقتطاع البعض لأجزاءٍ مُعيَّنةٍ من كتاباته، وإقحامها في موضوعاتٍ رُبَّما لا يرغب في الكتابة عنها، وليتهم (أفلحوا) في ذلك التزوير الذي زادهم (افتضاحاً)! ولو ادَّعى البعض بأنَّ المادة استدلَّت بكتابات البروف إلياس، فإنَّ ما حَدث يَتنافى وقواعد الاستدلال، التي تشترط أولاً أن يكتب مُعدَّ التعقيب أو المادَّة المَعْنِيَّة اسمه بوضوحٍ، مع الالتزام بأصول الكتابة المُتعارف عليها في ما يخص (الاقتباس والتوثيق)، وهذا ما لم يحدث!
لقد اندهشتُ كثيراً من مسألة (اللَّغَط) الذي زُعِمَ بأنَّ مقالتي أثارته، ومحاور وحدود ذلك اللَّغَط، وأين حدث و(مَنْ) هم أطرافه، ولماذا لم يذكروهم في التعقيب وما هي أسانيدهم؟! وما المانع أن تُثير مقالتي النقاش، إذا كنتُ مُلتزماً بشروط وأدبيات الكتابة العلميَّة، وأهمَّها ذكر المراجع (الموثوقة) بصورةٍ واضحة وسليمة. وازدادت حيرتي ودهشتي أكثر، بإطلاعي على تعليقات القُرَّاء على مقالتي التي نشرتها الرَّاكوبة نفسها يوم 22 مارس 2022، والتي أتَّفق أغلبها مع ما مضمون المقالة والحقائق (المُغيَّبة) التي أثبتتها المراجع الرصينة (غير القابلة) للتشكيك! وفي الواقع، كنتُ حريصاً جداً على الاستدلال بمراجع علميَّة ورسمِيَّة (غير سُّودانِيَّة)، وبعضها إريترِيَّة، تحقيقاً للحِيادِيَّة، وضماناً للوثوقِيَّة (المفقودة) في جميع المراجع المُنتشرة في السُّودان الآن، لأنَّها خَضَعَت لتزييفٍ صارخٍ بإشراف المُتأسلمين وأزلامهم، وتمَّ نشر وترسيخ معلوماتها المُزيَّفة، دَّاخِل وخارج البلاد، خاصَّةً عبر أصحاب المصلحة (اللاجئين الإريتريين). حيث أثبتت تلك المراجع بوضوحٍ لا يقبل الشك، أنَّ (البني عامر) ليسوا إِثنِيَّة/قومِيَّة في إريتريا، وكانوا يتواجدون في الجُزء الشرقي للسُّودان (دولة إريتريا الحالِيَّة)، وأدناه بعض المراجع المنشورة بمقالتي:
1- خريطة منذ عام 1864 للقبائل (الأصيلة) بمنطقة/إقليم التاكا وما حولها بالإقليم الشرقي للسُّودان، مكتبة الكونغرس/القسم العِبري، عبر الرابط التالي:
https://www.loc.gov/resource/g8330.ct003452/?fbclid=IwAR2uka3fl68JISSiyvhagxumXfgbCktM_-zJjFoAYXRtAkiMoDR4EdF_GZ8&r=0.094,0.55,0.589,0.248,0.
2- جدول القوميَّات/الإثنيات الرئيسيَّة في إريتريا، مكتب التخطيط، وزارة التعليم الإريتريَّة عام 1996، ويخلو تماماً من اسم (البني عامر)، سواء كقومِيَّة/إثنِيَّة رئيسيَّة أو فرعِيَّة، والجدول موجود في الرابط التالي: https://www.researchgate.net/figure/Eritrean-Nationalities_tbl1_271683514.
هذه الحقائق تفرض العديد من التساؤُلات المَاسَّة والجادة، لعلَّ أبرزها: متى ظهر البني عامر (وقبائلهم المزعومة) في السُّودان، ومن أين أتوا وكيف؟! أين آثار مملكتهم التي أُقْحِمَت (خِلسةً وغدراً) في المُقرَّرات الدراسِيَّة، ولماذا لم ندرسها قبل عهد الكيزان المشئوم؟! أيُعقَل وجود (مملكة) دون آثارٍ معلومةٍ (حتَّى لو كانت مقابر)؟! ما هي مُكوِّنات ما يُسمَّى (قبائل البني عامر) وكيف تَشَكَّلت ومتى؟! كيف تتحوَّل (قوميات/إثنيات) إريتريَّة، لتُصبح بين ليلةٍ وضحاها (قبائل) تحت البني عامر، الذين لم يُذكروا نهائياً ضمن مُكوِّنات إريتريا (الرئيسيَّة/الفرعِيَّة)؟! مَنْ الذي سرق دار الوثائق القومِيَّة، وما هي قائمة المسروقات؟ مَن الضالعون في تلك الجريمة، ولماذا التَسَتُّر عليهم، والتَلَكُّؤ في مُحاكمتهم حتَّى الآن؟! ما الذي يُجبر السُّودانيين على (قَبُول) تزوير وتشويه تاريخهم؟! وهل تقبل إريتريا وغيرها من الدول أن نفعل ما يفعله مُواطنيهم ببلادنا؟! لماذا نستحي/نخاف من قول الحقائق (مُجرَّدةً) دون تجميلٍ أو رتوش، خاصَّة وأننا ضحايا الذين يتعاطف بعضنا معهم؟!
إنَّها فرصة لتَدَبُّرِ جميع السُّودانيين (الأصيلين) في التساؤُلات السَّابقة، وما قد ينبَثِق عنها من تساؤُلات، والإجابة عليها بالعقول بعيداً عن العواطف، وإدراك الحقائق (المُغَيَّبة)، ومعرفة دوافع التغييب والتزوير المُتعمَّد لثوابتنا التاريخيَّة! وأمَّا المادَّة المُستقطعة من مقالات الأستاذ الدكتور أحمد إلياس، دون علمه/مُوافقته، فتعكس تَجَنّي مُعدِّيها على السُّودان، ومكانة وهيبة البروف الشخصيَّة، ونتاجاته الفكرِيَّة والعلمِيَّة المرموقة، لأنَّها (شَوَّهت) المعلومات التاريخيَّة القَيِّمة التي أبرزها في كتاباته، وأحرجته ووضعته في موضعٍ لم يختره أو يُوافق عليه، وهذا عيبٌ كبير وعارٌ لا يفعله الشرفاء، ولا تقبله الأفئدة والألباب السَوِيَّة! كما تُثبت المادَّة تُهمة التزوير والتضليل على مَن أعدَّها، ولا تنفي الحقائق المذكورة في مقالتَيَّ السابقتين، بشأن أكذوبتيَّ البني عامر والقبائل الحُدُودِيَّةِ والمُشتركة، وتهديدات الإريتريين المُجنَّسين (الوُجُودِيَّة) للسُّودان وأهله، وتُؤكِّد أكثر أنَّ ما يجري في الشرق ليس صِرَاعاً (قَبَلياً)، وإنَّما صراعٌ بين السُّودانيين و(الإريتريين)، الذين (جَنَّسهم) المُتأسلمين ووَطَّنوهم في المُجتمعات المحليَّة، فلم يحفظوا جميلاً للسُّودان وأهله، وقابلوا الفضل بالعداء و(الادِّعاء).
أقُولُ للمُجنَّسين وآكلي فتاتهم، إنَّ التزوير والتحايُلِ ونشر الأوهامِ، والتَدَثُّر بمُسمَّى البني عامر، أو التَدَاخُل القَبلي وغيرها من الأكاذيب، لا يجعلكم (سُودانيين)، لأنَّ السُّودانوِيَّة ليست مُجرَّد رقم وطني/جِنسِيَّة، وإنَّما انتماءٌ حقيقي، وارتباطٌ وجدانيٌ صادقٌ بتراب هذا البلد، وحِرصٌ على أمنه وسلامة أهله. وبما أنَّكم لا تخفون انتماءكم لإريتريا، عليكم توجيه جهودكم وطاقاتكم نحوها، بدلاً عن (التَغوُّلِ) على السُّودان و(ادِّعاء) أحَقِّيتكم فيه. وثقوا بأنَّنا سنُدافع عن بلادنا، ولن نسمح باستكمال مطامعكم الاستيطانِيَّة/التخريبيَّة في بلادنا، وسنحمي تاريخنا وحاضرنا ومُستقبلنا، مهما ازدادت أكاذيبكم وعَلَت ادِّعاءاتكم، التي لم ولن تجنوا منها سِوَى الفشلِ والنَّدامة بحول الله.
أُكرِّر دعوتي لأهلي السُّودانيين بتحكيم عقولهم بعيداً عن العواطف، وإدراك أنَّ المُشكلة تتعلَّق بالوطن، واستدامة (أمننا) الاجتماعِي، وسيادتنا الوطنِيَّة ومُستقبل أجيالنا القادمة، لأنَّنا نُواجه غَزْواً واستيطاناً إريترياً وتهديداً وُجُودياً حقيقياً، يُحتِّم علينا التكاتُف والاتحاد لحسمهم بسرعةٍ وحزم. وأقول للغافلين وآكلي فتات المُجنَّسين وأزلامهم، لا تكونوا أَحْقَرَ النَّاسِ وتساعدوا (المُحْتَلْ) على احتلال السُّودان، فتَبَّاً لِمَنْ بَاعَ وطنه وأهله، مقابل مالٍ لن يبقى، ومنصبٍ لن يدوم.. وسنُواصل..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو