الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات حول الميثاق الثوري لسلطة الشعب- الجزء الثالث والأخير

بندر نوري
كاتب وباحث من السودان

(Bandar Noory)

2022 / 3 / 29
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


نواصل رؤيتنا النقدية في الهيكل الرابع من هياكل السلطة الإنتقالية حيث تشير النقطة الرابعة لمفوضية إصلاح الخدمة المدنية، وهنا يجب تغيير الرؤية لتثوير الخدمة المدنية عبرعدد من الإجراءات الضرورية:
أولا: إعادة بناء هياكل الخدمة المدنية والمؤسسات المختلفة لجهاز الدولة، ولا بد من التصدي لعمليات الإصلاح المؤسسي أو بالأحري التخريب المؤسسي التي تتم منذ عام 1978 بإسم تنفيذ سياسات التكيف الهيكلي ومن قبلها عمليات السودنة بعد الإستقلال الإسمي الذي تم عام 1956. وتشمل هذه العملية مراجعة التعيينات التي تمت وإلغاء اللوائح المنظمة لعمل هذه المؤسسات.
ثانيا: مراجعة الإمتيازات المادية والرمزية التي تخلق طبقة من كبار البيروقراطيين المرتبطين بجهاز الدولة القديم عبر إعادة تشكيل الهيكل الراتبي وفقا للحد الأدني والأعلي للأجور ومراجعة الإمتيازات الأخري.
ثالثا: إجازة قانون النقابات الموحد لعام 2020 والذي يتيح تنظيم العمل النقابي الديمقراطي علي أساس الفئة ويستند علي أرث الحركة النقابية السودانية وتاريخها الناصع ومبادئها الأربعة وهي: الإستقلالية، الديمقراطية، الوحدة والحرية. مشاركة النقابات العمالية والمهنية في إتخاذ القرار ووضع السياسات العامة ومتابعة تنفيذها.
في ختام مقترحات المفوضيات المطروحة للفترة الإنتقالية نجد مفوضية تفكيك أنظمة القهر والتبعية: يطرح الميثاق أن القوي الإجتماعية التي تعاني من أنظمة القهر والتبعية هي النساء والأقليات الثقافية والدينية، ويحق لنا أن نسأل الا تعاني الطبقات الكادحة المدينية والريفية من هذه الأنظمة؟
كما أن الميثاق يطرح علاقات التبعية والقهر كأنها تتمثل في الأجهزة الأيدولوجية والمستوي الأيدولوجي فقط لذا ينبري لتقديم المقترحات لضرورة مراجعة المناهج التعليمية، مراجعة القوانين التي تكرس للعداء ضد المراءة ومراجعة العلاقات الخارجية..الخ. لابد من الإش ارة لإهمية هذه المفوضية لكن يظل التصور المطروح لمهامها فيه الكثير من الإشكالات حيث أن دور هذه المفوضية هو متابعة تنفيذ عملية التغيير في المستويات الثلاثة (الإقتصادي، السياسي والأيدولوجي) ومتابعة تشكيل البديل الثوري لتنظيم جهاز الدولة.
أما في الطرح الإقتصادي فإن الميثاق الثوري يتبني راسمالية الدولة حيث تتكون الهياكل الإقتصادية من القطاع العام والخاص، مع تثبيت الدور القيادي للقطاع العام في وضع الخطط والإستراتيجيات وإخضاع القطاع الخاص لها، ولا يطرح الميثاق أي دور للقطاع التعاوني في الهيكل الإقتصادي المقترح.
وهنا لابد من طرح السؤال الأساسي هل طرح سياسات راسمالية الدولة وتبنيها يكفي لقطع علاقات التبعية البنيوية وتأسيس نموذج تنموي وطني وثوري مستقل؟
رغم تبني الميثاق الثوري لقضايا الريف وطرحه تغيير علاقات الإنتاج في الريف الا أن الميثاق لم يتقدم بطرح واضح عن كيفية تغيير هذه العلاقات الإنتاجية، مع إتفاقي مع الميثاق حول ضرورة هذا التغيير. وفي رأيى أن النقد الاساسي والجوهري لهذا الميثاق يتمثل في عدم طرحه لبرنامج تفصيلي للإصلاح الزراعي (بما أن مهنة أغلبية سكان الريف هي الزراعة)، بما يخدم مصالح الطبقات الكادحة من عمال زراعيين وصغار المزارعين في الريف. بالإضافة إلي تطوير قطاعات الثروة الحيوانية والرعي بتوفير الخدمات الأساسية مثل حفر الأبار وتأسيس خدمات بيطرية وخدمات تخزين العلف حول هذه المراكز، وتطوير الصناعات المرتبطة بالإنتاج الحيواني مثل الجلود والألبان. كما يجب توفيرالخدمات الصحية والتعليمية. تأسيس مثل هذه النماذج للترابط بين القطاعات الإقتصادية المختلفة يؤدي إلي إعادة تدوير الفوائض بين هذه القطاعات في ظل تشكيلة إجتماعية إقتصادية موجهة للداخل مما يؤدي إلي مزيد من التماسك للقطاعات الإقتصادية في إتجاه النهضة التنموية المرجوة، وبالتالي تحريرجماهير الريف وطبقاتها الكادحة من سطوة القطاع التقليدي.
طرح البرنامج الإقتصادي ضرورة إعادة هيكلة النظام المصرفي البنك المركزي وسيطرة وزارة المالية علي الشركات والإستثمارات التابعة للمؤسسات العسكرية وإستعادة الأصول والأموال المنهوبة بالداخل والخارج. وهنا لابد من الإشارة الواضحة إلي ضرورة إلغاء سياسات التحرير الإقتصادي تحت بند تحرير النظام المصرفي والمالي ومن ثم إعادة بناء هذه المؤسسات وإلغاء لوائحها المنظمة.
بالإضافة إلي سيطرة الدولة علي القطاعات الإستراتيجية مثل النقل، الإتصالات، التعدين...الخ
مراجعة النظام الضرائبي وفرض ضرائب تصاعدية تزيد بزيادة راس المال والأرباح.
في الختام لابد من مراجعة هذه المواثيق لتحديد مدي قربها أو بعدها من طرح برنامج للتغيير الثوري يعبر عن مفهوم الثورة الذي يتم تبنيه وبالتالي يؤسس لتنظيم بديل لجهاز الدولة كما تمت الإشارة لذلك مرارا وذلك لأهمية النظرية الثورية كاطار لحركة الحراك الثوري فلا حركة ثورية بلا نظرية ثورية كما قال لينين.
المراجع:
1. مقدمات نظرية لدراسة أثر الفكر الإشتراكي علي حركات التحرر الوطني.. مهدي عامل، دار الفارابي بيروت.
2. Fadalla, A. (1996). Decentralization reform in the Sudan: past experiences and future trends with perspectives on community participation in development. Development and socio-economic progress, 65, 11-26.
3. Elabassi, M. A. Y. (2003). Public health sector reform: The implementation of federal decentralization in Sudan and its impact upon the sector of public health. Available at http://pub.maastrichtuniversity.nl/7bd2b621-cee2-437c-ab0d-06b6c3ef1889.
4. القدال، 2018. تاريخ السودان الحديث (1820- 1955). الطبعة الثالثة إصدار دار نشر جامعة الخرطوم عام 2018.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمات أحمد الزفزافي و محمد الساسي وسميرة بوحية في المهرجان ا


.. محمد القوليجة عضو المكتب المحلي لحزب النهج الديمقراطي العمال




.. تصريحات عمالية خلال مسيرة الاتحاد الإقليمي للاتحاد المغربي ل


.. موجة سخرية واسعة من عرض حوثي للطلاب المتظاهرين في أميركا وأو




.. فرنسا: تزايد أعداد الطلاب المتظاهرين المؤيدين للقضية الفلسطي