الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلدٌ مُدهِشٌ جداً .. بلدٌ هو الدهشة

عماد عبد اللطيف سالم

2022 / 3 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


نحنُ العراقيّونَ أقَلُّ الشعوبِ إصابةً بالدهشة.
تهطُلُ علينا الأمطارُ خفيفةً، مرّتينِ في العام، فنغرَقُ، لأنّنا نكتَشِفُ أنّ لا مجاري لدينا.. ولا نُصابُ بالدهشة.
تأتي الرياحُ مُحمّلةً بالغبار، فنكتَشِفُ أنّ نصفَ العراقيّينَ مُصابونَ بالربو.. ولا نُصابُ بالدهشة.
يذهبُ المُصابونَ بالربو إلى المستشفيات، فنكتشفُ أنّ لا أوكسجينَ في المستشفيات، ونختَنِق، ونموت.. ولا نُصابُ بالدهشة.
نُصابُ بـ "كورونا"، فنموت، لأنّنا نكتَشِفُ أنّ لا أسِرّةَ كافيةً في المستشفيات.. ولا نُصابُ بالدهشة.
يأتي الشتاءُ ، فنشعرُ بالبرد، ونكتَشِفُ أنّ لا "نفطَ أبيضَ" لدينا، ونحنُ رابع أكبر مُنتِجٍ للنفط في العالم.. ولا نُصابُ بالدهشة.
ننفقُ 40 مليار دولار على الكهرباء، ويأتي الصيفُ، فنشعرُ بالحَرّ، بل ويموتُ "كادحينا"من الحَرّ ، و نكتَشِفُ أنّ لا كهرباء لدينا، فنستورِدُ الكهرباء ممّن لم يُنفِقوا عليها"رُبْع" ما أنفقناهُ نحنُ.. ولا نُصابُ بالدهشة.
نحرِقُ الغازَ الذي لدينا، ونكتَشِفُ أنّ "الاخرينَ"لا يَحْرِقونَ الغازَ الذي لديهم، فنستورِدُهُ منهم.. ولا نُصابُ بالدهشة.
تنخفضُ مناسيبُ دجلة والفرات، ويقطعُ عنّا "الأصدقاء" ما تبقّى من ماء ينابيعهم، ونكتشِفُ أنّ سدودنا قليلةً، وأنّ لاحول لنا ولا قوّةً ولا "تدابير"، وأنّنا قد نموتُ من العطشِ قريباً.. ولا نُصابُ بالدهشة.
يُشكِّلُ رئيسُ الوزراء "اللجان" تلوَ اللجان للتحقّقِ من قتلِنا.. وتُحقِّقُ اللجان في صحّة وقائع نشاهدها بالصوتِ والصورةِ على التلفزيون، ولا تتوصّلُ اللجانَ إلى شيء، ولا نعرِفُ من هو القاتل، ونبقى شهوداً على دم القتيل المسفوكِ "على الهواءِ"مُباشرةً، ونعرِفُ وجوهَ القتَلَة، و "هويّاتهم"، وليس بوسعنا فعلُ شيء عدا الخوفِ والصمت.. ولا نُصابُ بالدهشة.
يستقيلُ رئيسُ الوزراء، أو تنتهي"ولايتهُ" علينا، فنكتَشِفُ أنّ لا أحد يصلَحُ ليكونَ رئيساً للوزراء بدلاً عنه، من بين 40 مليون عراقي، 20 مليوناً منهم(على الأقلّ) يحملون شهادة الدكتوراه .. ولا نُصابُ بالدهشة.
تحتَلُّ "داعشَ" ثُلثَ العراق، فنكتَشِفُ أنّ لا جيش لدينا، مع أنّنا أنفَقْنا على الجيش 50 مليار دولار.. ولا نُصابُ بالدهشة.
تنخَفِضُ أسعارُ "مولانا" خام برنت إلى 20 دولار للبرميل، فنكتَشِفُ أنّ لا عائداتَ لدينا، عدا ايرادات النفط، وبأنّنا يجبُ أن ننتحِر.. ولا نُصابُ بالدهشة.
ترتفِع أسعارُ "مولانا" خام برنت إلى 120 دولار للبرميل، فنكتَشِفُ أنّنا لا نعرفُ ماذا يمكنُ لنا أن نفعلُ بعائداتها، فنـتركهم"يُحاصِصونها"، ونسمحُ لهم بسرقتها، ونُصفّقُ لهم، بل ويُقاتِلُ بعضنا بعضاً، و "نستشهِدُ" من أجلهم لأنّهم يفعلون ذلك.. ونصبحُ أكثر فقراً وموتاً من السابق .. ولا نُصابُ بالدهشة.
تسرَحُ الحيتانُ الكبارُ بيننا، وتمرَح، ونكتَشِفُ أنّنا لا نستطيعُ إصطيادَ حوتِ واحدٍ منها لإطعامِ الجياع.. بينما الجياعُ يحلمونَ بالسردين، و"رؤوس الجِرِّي"، وصغارَ "الزوري".. ولا نُصابُ بالدهشة.
ننتخِبُ "نحنُ" قبل ستّةِ أشهر، ويفوزونَ "هُم"، و يختَلِفونَ على "الكعكة"، ولا "كعكَ" لنا في كلّ هذا، ولا كِسرَةَ خُبزٍ، ولا "إستكانَ" شايٍ مُرّ .. ولا نُصابُ بالدهشة.
نحنُ نموت.. نموتُ كثيراً.. ونَكتَشِفُ أنّنا نموتُ بلا سبَبٍ معقول.. ولا نُصابُ بالدهشة.
كُلُّ هذهِ الأشياءَ إكتَشَفناها.. دونَ دهشة.
ولكن.. أنْ نموتَ أخيراً، ونكتَشِفُ أنّنا قد لا نَجِدُ قبراً لنُدفَنَ فيه.. وإذا وَجَدنا قبراً، فإنّ لا طاقةَ لنا على تحمُّلِ كُلفةِ الدَفن، فهذا هو الأمرُ الوحيد ..الذي يبعَثُ على الدهشة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أولينا زيلينسكا زوجة الرئيس الأوكراني. هل اشترت سيارة بوغاتي


.. بعد -المرحلة الأخيرة في غزة.. هل تجتاح إسرائيل لبنان؟ | #غرف




.. غارات إسرائيلية على خان يونس.. وموجة نزوح جديدة | #مراسلو_سك


.. معاناة مستمرة للنازحين في مخيم جباليا وشمالي قطاع غزة




.. احتجاج طلاب جامعة كاليفورنيا لفسخ التعاقد مع شركات داعمة للإ