الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور الإعلام في التعريف بالمنتج الابداعي

صادق الازرقي

2022 / 4 / 1
الادب والفن


لم يرتبط الادب المنشور في الصحافة اليومية او المجلات المتخصصة الدورية بعصر او حالة، بقدر ما هو محاولة من الكاتب للإمساك بلحظة الابداع، واظهارها الى المتلقي بزمن اقصر مما تتطلبه حالة تجميع المنتج الابداعي، والبحث عن فرصة للنشر والطبع؛ وما يتعلق بذلك من معضلات تتولد لدى كثير من المبدعين ممن لا يمتلكون الاموال المطلوبة لمتابعة تلك العملية "اللوجستية" اذا جاز لنا القول، فضلا عما يستغرقه المؤلف من زمن بين لحظة تجلي ابداعه وتدوينه واظهاره للناس، وقد يضيع كثير منه اذا لم يوثق آنيا بصيغته المنشورة للتو.
وبهذا الصدد يمكن الاشارة الى انموذج تاريخي من القرن التاسع عشر يمثله الروائي الروسي فيودور دوستويفيسكي؛ فمن المعلوم انه شرع بنشر رواية "الجريمة والعقاب" في عام 1866على شكل حلقات مسلسلة في مجلة ادبية وسياسية هي "الرسول الروسي"، قبل ان تصدر في طبعة منفصلة من المجلة، كما نشرت روايته "الابله" في حلقات متسلسلة ايضا في المجلة ذاتها طيلة عامين من القرن ذاته هما 1868 و 1869، و نُشرت روايته "الشياطين" لأول مرة في مجلة الرسول الروسي في المدة بين 1871-1872، قبل ان يؤسس مع زوجته دارا للنشر، فنشرت الرواية في عام 1873، في كتاب مستقل، وما ينطبق على دستويفسكي يصح ايضا على كثير من الادباء الروس والعالميين وما قدمته وسائل الاعلام لهم.
اردنا من ذلك الاشارة الى دور الصحافة والصحف والمجلات في التعريف بالمنتج الادبي ومساعدة الكاتب في اظهاره للناس، وفي العراق فان الفرصة كانت سانحة لكثير ممن امتلك صحفا ومجلات بعد نيسان عام 2003 لتشجيع كثير من الكتاب لاسيما من الشباب على الكتابة الابداعية وحثهم على النشر بفتح صفحاتهم لتلك النتاجات؛ ولكنهم لم يفعلوا ذلك، فأكثر الصحف التي نشرت بصورة يومية منذ ذلك التاريخ، التي تشير اقل التقديرات المتعلقة بأعدادها الى انها بلغت نحو 350 صحيفة في بضعة اعوام لم ينتج عن معظمها فضاء ثقافيا، ولم تسهم في استكشاف وتشجيع الكتابات الجديدة الواعدة؛ بل انشغل مجملها في الهم السياسي العراقي الموبوء اصلا، والمتبقي منها الآن ـ اذ اختفى كثير منها ـ لم يزل يفعل الشيء ذاته حتى الوقت الحاضر، كما ان المواقع الالكترونية التي تكاثرت الآن بتأثير الثورة التكنلوجية، ظلت مصرة على النأي بنفسها عن الهم الثقافي، الذي هو الاساس لإدامة نسغ الحياة السليمة، فيما لو جرت تنميته بصورة جدية وبحرص على مكانة البلد ورفعة سكانه.
لقد اثمر الانتاج الادبي العراقي في الحقب الماضية عن نتاجات ملحوظة برغم شحة الامكانات؛ واسهمت اجيال وتجمعات ومقاه ادبية في اغناء الثقافة العراقية برغم فقر الحال، فأنجزت لنا صروحا شامخة في الثقافة والادب لن تكفي هذه العجالة لتناولها، والأولى بنا ان نستغل الامكانات التي توفرها لنا التكنلوجيا الآن في استعادة روح الثقافة العراقية، واحياء المنتج الادبي على تنوعه، وتحقيق الفرصة للمبدعين المعاصرين لإظهار نتاجاتهم الى العلن تشجيعا للتراكم الكمي والمعرفي بما يؤمن حاجة الانسان الى المعرفة الثقافية، التي هي لب الحياة البشرية ورقيها، وهي اساس رفعة وسمو المجتمعات المتحضرة، والضامن لمستقبل الاجيال البشرية المقبلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل