الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شركات الجيش ومقبرة فرعون

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2022 / 4 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


إن بيع الدول لبعض الأصول فى حالات الأزمة الإقتصادية ، أفضل بالتأكيد من سياسة الإقتراض ، وفى ظل الأزمات المتوالية للإقتصاد المصرى الهش فقد يكون بيع بعض الأصول أفضل فعلاً من سياسة القروض ، ولكن ماهى هذه الأصول تحديداً ، هل هى أصول القطاع العام فقط ، أم ممتلكات الدولة من أراض وعقارات وغيرها ، أم أن هناك أصل خفى لم يتكلم عنه أحد حتى اليوم ، أصل يمكن أن نسميه بمقبرة فرعون ، حيث تدفن ثروات المصريين ، ولايعرف أحد عنها شىء ، وأقصد بها شركات الجيش؟
ربما تصلح قصة بناء العاصمة الإدارية الجديدة كمدخل لمقبرة فرعون التى نحاول فتحها فى هذا المقال، فعندما أراد السيسى بناء العاصمة الخرافية الجديدة، والتى لم يستشر فى بنائها أحد، قرر إنشاء شركة خاصة لإنشائها تحت إسم شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية ، أعطى للجيش واحد وخمسين فى المائة من أسهمها ، والباقى للمحاسيب والشركات الإماراتية على وجه الخصوص ، مع إستثمار غير معلن فى المشروع بنحو خمسة وأربعين مليار دولار ، حوالى إثنين تريليون جنيه مصرى ، أى أنه أخذ أموال المعونات التى أغدقها العالم على مصر فى ذلك الوقت ، مع دخول سيادية أخرى ، وكل ماوصلت إليه يداه ، وأعطاها لنفسه ولأصدقائه بشكل قانونى ، من خلال إنشاء شركة مقاولات عقارية يملكون معظم أسهمها ، وتفويضها بالأمر المباشر ، ببناء العاصمة الخرافية الجديدة، التى لاتحتاجها مصر فى شىئ ، دون أن نعرف بالطبع أى تفاصيل أخرى سوى العناوين ، فلاشى عن الأرباح ، ولا العمال ، مدنيين أم مجندين مسخرين، ولا عن الضرائب ، مدفوعة أم منهوبة ، ولا عن التسهيلات المجانية التى حصلت عليها من الدولة ، ولا عن شركات الباطن التى وظفتها، ولا عن الشركات المنافسة التى أفلستها ، لاشىء سوى العناوين ، كما سيكون الحال مع كل قصة مقبرة فرعون ، أو شركات الجيش؟
بدأت تجربة شركات الجيش فى حكم جمال عبدالناصر، الذى أدخل ضباط الجيش فى كل مناحى الحياة السياسية والإقتصادية المصرية ، لكنها تطورت سريعاً بعد ذلك فى عهدى السادات ومبارك ووصلت ذراها فى عهد السيسى وأصبحت تعمل تحت مظلة ثمان تكتلات وهيئات رئيسية هى 1- جهاز مشروعات الخدمة الوطنية الذى يضم إثنين وثلاثين شركة مع شركات تابعة تعمل فى عدد من القطاعات 2- وزارة الإنتاج الحربى التى تضم مجموعة من عشرين مصنعاً وشركة تعمل فى مجال التصنيع المدنى والعسكرى 3- الهيئة العربية للتصنيع وتضم أحد عشر مصنعاً وشركة تعمل فى مجال الإنتاج المدنى والعسكرى 4- الهيئة الهندسية للقوات المسلحة الخاصة بالمهندسين العسكريين وتعمل كمقاول شبه حكومى لمشاريع الإنشاءات الحكومية الكبيرة 5-جهاز الصناعات والخدمات البحرية الذى يدير أربع شركات لبناء السفن والنقل النهرى 6- إدارة النوادى والفنادق التى تدير الفنادق الفاخرة وقاعات الزفاف والمطاعم والمقاهى 7- إدارة الخدمات الطبية للقوات المسلحة التى تقوم ببناء وإدارة المستشفيات العسكرية التى تقدم خدمات طبية برسوم إلى المدنيين 8- جهاز مشروعات أراضى القوات المسلحة الذى يدير بيع وتطوير الأراضى المملوكة للجيش بما فى ذلك منح التراخيص والموافقات لإستخراج الموارد مثل التعدين.
مما تقدم نرى أن نشاط الجيش الإقتصادى يشمل معظم قطاعات الإقتصاد تقريباً ، كما أنه يصعب تحديد عدد شركاته ، لإن الشركات فى العادة تنتج شركات تابعة لها ، ومن الصعب أيضاً تقدير نصيب هذه الشركات من الناتج الإجمالى المحلى التى تقدره المصادر الحكومية بحوالى إثنين فى المائة فقط ، ويؤكد ذلك بعض الباحثين أيضاً ، لكنا نجد أن البعض الآخر يقدر نصيبها بحوالى نصف الناتج الإجمالى المحلى ، فى تضارب واضح بسبب طبيعتها شبه السرية ، وقد صرحت الحكومة المصرية قبل حوالى عامين بنيتها فى عرض أسهم بعض هذه الشركات فى البورصة حتى يتشارك المصريون فى أرباحها ، لكنها لم تفعل حتى اليوم ، وحتى لو فعلت فإن هذا لن يساهم فى الكشف عن تفاصيل تلك الإمبراطورية السرية بأى حال ، كذلك نلاحظ أنه وبسبب التكتلات المذكورة ، التى يمارس فى ظلها الجيش نشاطه الإقتصادى ، أن شركاته تختلط فى ذهن المواطن بالقطاع العام أو قطاع الأعمال ، بينما هى ليست كذلك فى الواقع ، فهى نشاط خاص بالجيش فقط يديرها ضباط يحملون فى العادة رتبة عقيد فمافوق ، تجمعهم شبكة علاقات قوية تجعل منهم قوة مسيطرة على كل الإقتصاد ، شركات معفاة من الضرائب والمحاسبة والمراجعة ، غير ملزمة بخلق فرص عمل حيث يمكنها تسخير المجندين ، شركات ناجحة بالتأكيد ، لكن لايستفيد منها المجتمع شئ ، ولاحتى يعرف مصير أرباحها إذا كانت تبقى أو يتم تهريبها خارج البلاد ، والأخطر أنها بقضائها على الطبيعة التنافسية للإقتصاد الحر، تضرب النمو الرأسمالى فى الصميم ، حيث تحتفظ لنفسها بمعظم الإمتيازات ، ولذا فقد أوصى معظم الإقتصاديين بضرورة التخلص منها حتى تأخذ عملية التنمية الإقتصادية مجراها الصحيح، وعلى ذلك فقد كان من الطبيعى فى حالة الأزمة الشديدة التى يعانى منها الإقتصاد المصرى والإنسان المصرى اليوم ، نتيجة لخروج كثير من المستثمرين بسبب الظرف الدولى التى سببته الحرب فى أوكرانيا ، ولأسباب غياب الشفافية والفساد بشكل عام ، أن تكون أولى بالبيع من عملية بيع أصول القطاع العام التى يتجه إليها النظام فى مصر حالياً ، فالقطاع العام تعثر أو تقدم ، فهو مازال يدفع ضرائب ويوظف موظفين ، ويطعم عائلات ، ويمثل ظهير لموارد الدولة بشكل عام ، بينما شركات الجيش بنجاحها المزعوم ، ليست فى الواقع سوى مقبرة فرعون ، حيث يخبىء فيها جنرالات الجيش ثروات المصريين ، التى لايعرف أحد عنها شىئ؟
أهم المراجع
ملاك الجمهورية ، يزيد صايغ ، كبير باحثين ، مركز كارنيجى للشرق الأوسط
مساران للهيمنة، زينب أبو المجد ، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط - جامعة أوبرلين- نشر مركز كارنيجى للشرق الأوسط








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الجحيم فى مصر
على سالم ( 2022 / 4 / 1 - 17:52 )
الوضع فى مصر المنكوبه كارثى ومزرى بمعنى الكلمه , عصابه اللواءات والعمداء البلطجيه الحراميه الكلاب الساديين الفجره من الجيش والشرطه والقضاء الداعر استحلوا السرقه والنهب والعربده والهبر بكل بجاحه , اصبحت السرقه والبلطجه عرف بل وقانون , لااعرف كيف افسر قبول الشعب المهان بهذا الاجرام والسفاله والانحطاط , هذه عصابه خسيسه بشعه من الشعب استعمرت البلد ومصت الدماء واذلت العباد واصبح الناس جياع متسولين شحاتين ولقطاء , كيف السبيل للخروج من هذه المصيبه ؟ لو تم القبض على هذه العصابه المتوحشه السافله ولو كنت انا قاضى فسوف احكم عليهم جميعا بالاعدام رميا بالرصاص , لايجب ابدا ان نأخذ بهم رحمه او شفقه بسبب انهم جراثيم سامه وحشرات قذره وذباب عفن , انهم اعداء ومرضى شاذين , لو عملنا مقارنه بين الاستعمار الانجليزى وجميع انواع الاستعمار الذى احتل مصر المستباحه فلا مقارنه ابدا بعصابه الجيش المصرى المستعمر الهمجى الداعر والذى جاءنا فى غفله من الزمن , كل القواميس لايمكنها وصف هؤلاء الافاعىى السامه الانجاس , اتمنى ان يعرف العالم اجمع حقيقه مصر السوداء


2 - الرد على الأستاذ على سالم تعليق رقم 1
عبدالجواد سيد ( 2022 / 4 / 1 - 18:44 )
الأوضاع فى مصر فى منتهى السوء فعلاً أستاذ على ، على كل المستويات تقريبا الساسية والإقتصادية والإجتماعية قمع للحريات وسجون ومعتقلات وتجويع وهدم لكل شىء لكن الشعب المصرى يقاوم أستاذ على وليس مستسلماً أبداً الآف فى السجون وآلاف فى المنافى وملايين ينتظرون يوم الحرية ، دعواتك أستاذ نا وشكراً على مروركم الكريم

اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -