الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبعد من البروباغندا البوتينية، اليمين المتطرف هو مشكلة حقيقية في أوكرانيا

فيليب ألكوي

2022 / 4 / 1
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


نشر المقال باللغة الفرنسية في موقع الثورة الدائمة الالكتروني بتاريخ 7 آذار/مارس 2022، وباللغة الانكليزية في موقع Left Voice بتاريخ 14 آذار/مارس 2022



في سياق العدوان الروسي على أوكرانيا، يسعى الإعلام والمسؤولون الغربيون إلى التخفيف من شأن الخطر الذي يمثله وجود يمين متطرف منظم ومسلح في أوكرانيا. من هو، وكيف يمثل خطراً على الطبقة العاملة؟

من بين التبريرات التي قدمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمهاجمة أوكرانيا، نجد التبرير التالي: “نزع النازية” من البلد. هذه الإعلانات هي بروباغندا صافية للكرملين الذي يسعى إلى خلق إجماع أساسي في روسيا وإلى إضفاء الشرعية وتبرير عدوان النظام البوتيني. إلا أن الحكومة الأوكرانية ليست بيد النازيين. الحكومة الأوكرانية رجعية وليبرالية ومؤيدة للامبريالية [الغربية]، ولكنها ليست “نازية”. في الوقت عينه، إنكار وجود مثل هذه المنظمات اليمينية المتطرفة القومية الأوكرانية وقدرتها على فرض مواضيع سياسية على البلاد منذ عام 2014 لن يؤدي إلا إلى تعزيز موقف هذه القوى الرجعية. وهي خطر قاتل للطبقة العاملة والقطاعات الشعبية في أوكرانيا، وحتى خارجها.

في الواقع، يستعمل بوتين عنصراً من الواقع لتغذية دعايته. ولكن معارضة السياسة الرجعية والقمعية الوطنية في أوكرانيا لا تعني التخفيف من التهديد الذي تشكله القوى الرجعية الأوكرانية. بل على العكس، هذه المسألة جداً مهمة لأن المنظمات اليمينية المتطرفة ستحاول الاستفادة من الحرب لتعزيز حالها سياسياً على المستوى الوطني. كثيرة هي التحليلات المحذرة من ذلك. حتى أن نيويورك تايمز، التي لا يمكننا تصنيفها بأنها “قريبة من بوتين”، يمكن أن نقرأ التالي: “”عدم استقرار أوكرانيا يمنح لمتطرفي التفوقية البيضاء الإمكانات ذاتها التي وفرها انعدام الاستقرار في أفغانستان والعراق وسوريا”، أشار علي صوفان، الذي يدير مجموعة صوفان، التي توثق منذ سنوات كيف أصبح الصراع في شرقي أوكرانيا مركزاً دولياً لاجتذاب التفوقية البيضاء(…) يمكن أن تكون التعبئة الظاهرة للجماعات اليمينية المتطرفة مشكلة بالنسبة للحكومة الأوكرانية، لأنها تتوافق مع وصف السيد بوتين الذي يعتبر أوكرانيا دولة فاشية وتبرر الادعاءات الزائفة لشن الحرب ضد النازيين الذين يسيطرون على حكومة كييف”.

ولكن بعيداً عن الاعتبارات السياسية لحكومة كييف، المنظمات اليمينية المتطرفة، التي بعضها هو من دون شك نيو-نازي بشكل واضح، هي عامل أساسي في هذا الوضع. ليس فقط لأنها ربحت بعض الوزن السياسي والاجتماعي منذ حركة ميدان عام 2014 (والذي لا يمكن تحليله فقط انطلاقاً من نتائجها الهزيلة في الانتخابات التشريعية)، لكن هذه المنظمات اكتسبت خبرة مهمة جداً في المعارك والتدريب العسكري. في الواقع، ينظم اليمين المتطرف في أوكرانيا آلاف الأشخاص في مجموعات شبه عسكرية مندمجة إلى هذا الحد أو ذاك في القوى العسكرية الرسمية حسب الحالة، إذ أنه ينظم معسكرات شبابية، ويمتلك مراكز ثقافية… انطلاقاً من وجهة النظر هذه، وحتى لو كانت في الوقت الحالي لا تساوي قوتها الحالية قوة المنظمات الفاشية في سنوات الـ 1930ات، ولكن هناك العديد من النقاط المشتركة، إلا أنها أكثر احتراماً للإطار القانوني المفروض من الأنظمة السياسية المعنية.

حركة آزوف وتواطؤ الغربيين وحلفائها المحليين

من بين المنظمات الأكثر شهرة على المستوى الدولي هي من دون شك حركة آزوف. يتحدث المتخصص الكندي في اليمين المتطرف الأوكراني مايكل كولبورن، الذي سيصدر في الأسابيع المقبلة كتاباً عن هذه الحركة: “لطالما كان اليمين المتطرف الأوكراني، وخاصة حركة آزوف، قادراً على العمل بدرجة كبيرة على الإفلات من العقاب والانفتاح الذي يحسده عليه أشباهه الدوليين. تطورت الحركة من كتيبة آزوف، التي تشكلت خلال فوضى الحرب في بداية عام 2014 من قبل مجموعة من شبيحة اليمين المتطرف والهوليغان والطفيليين الدوليين – من ضمنها العشرات من الروس- وباتت كتيبة رسمية ضمن الحرس الوطني الأوكراني. وبحسب التقديرات يبلغ عدد أعضائها 10 آلاف (…) استفادت حركة آزوف من انعطافة “وطنية” عامة للخطاب الأوكراني المهيمن منذ بداية العدوان الروسي عام 2014 (…) كما هناك العديد من المجموعات المتفرعة من حركة آزوف ولكن أكثر تطرفاً منها، من بينها المجموعات النيو-نازية التي تمدح العنف وتشجع عليه”.

من الواضح أن قادة الإمبريالية الغربية هم على إدراك بالنشاط السياسي والعسكري لمنظمات اليمين المتطرف في أوكرانيا.لكنهم اختاروا عدم التعبير عن قلقهم علناً لأن هذا من شأنه أن يعزز حجة بوتين، وذلك لأن الدور الذي يقوم بها اليمين المتطرف يخدم مصالحهم. مع ذلك، لا يمكن إنكار أن جيش هذا اليمين المتطرف سيلعب دوراً سياسياً في مستقبل أوكرانيا، مهما كانت نتيجة الحرب الجارية. السؤال المطروح على الامبرياليين وشركائهم المحليين هو في معرفة إذا كانوا قادرين على احتواء هذه القوى وتأمين “ولائها”.

ليس من قبيل المصادفة، وعلى العكس من العام 2014، أن تحاول حركة آزوف، مثلاً، تقديم “أوراق اعتمادها”. للاستفادة من الدعم السياسي والعسكري من الامبرياليين يجب أن تظهر بمظهر الموثوق والمسؤول. وبهذا المعنى تبنت استراتيجية “نزع الشيطنة”. وبذلك، وفي مقال نشرته نوفرا ميديا، والتي تقتبس كذلك من كلمات كولبورن، نقرأ التالي: “تنشغل الحركة بصورتها كذلك إن المتطوعين من اليمين المتطرف الآتين من الخارج لن يلعبوا نفس الدور الذي لعبوه خلال المرحلة الأولى من الحرب. وعندما اندلع النزاع عام 2014، تدفّقَ النيو-نازيون من كل أنحاء أوروبا إلى أوكرانيا للانضمام إلى المعسكرين الروسي والأوكراني. أضرّ وجود المقاتلين من اليمين المتطرف الآتين من الخارج بسمعة حركة آزوف. يقول كولبورن: “في حين كانوا عام 2014، يستقبلون المساعدات الخارجية بنشاط[من اليمين المتطرف]، هذه المرة، يرفضونها بنفس الحماس””.

رغم ذلك، وحتى اللحظة، إن الشيء الأكثر ترجيحاً هو أن القادة الغربيين سيستمرون بسياسة التستر على نشاط هذه المنظمات والتقليل من شأنها. هذه هي السياسة التي اتبعها السياسيون الغربيون منذ عدة سنوات. كما كتبت الجزيرة: “في حزيران/يونيو 2015، أعلنت كندا والولايات المتحدة أن قواتهما لن تدعم أو تدرب كتيبة آزوف، مشيرين إلى علاقاتها مع النيو-نازية. في السنة التالية، رفعت الولايات المتحدة هذا الحظر تحت ضغط من البنتاغون”. من جهته، خفف فايسبوك مؤخراً الرقابة على المحتويات المتعلقة بالدعاية السياسية لحركة آزوف. يساهم هذا الموقف الذي يتخذه القادة والمؤسسات الغربية بخلق الأرضية الأكثر ملاءمة لهذه المنظمات الرجعية بين الشعب الأوكراني. وكذلك، وفي وقت لا يمكننا التأكيد أن كل أعضاء القوى المدربة من قبل حركة آزوف هم من النيو-نازيين، ولكن ما هو أكيد أن أفكارهم يجري التقليل من شأنها وتسخيفها والقول إنها منتشرة بين أجزاء كبيرة من السكان.

برافي سيكتور، الحركة اليمينية المتطرفة

تتمتع حركة آزوف وسواها من المنظمات اليمينية المتطرفة بدعم ورعاية السلطات الأوكرانية نفسها. كما لديها صلات مهمة داخل جهاز الدولة مثل وزير الداخلية السابق، أرسين أفاكوف، الذي استقال خلال الصيف المنصرم، والذي يشتبه بأنه زعيم حركة آزوف. في الوقت عينه، الحركة الثانية المهمة في أوساط اليمين المتطرف هي برافي سيكتور (القطاع الأيمن) حيث كرم الرئيس الأوكراني زعيمَها، دميتري كوتسيوبايولو، واعتبره “بطلاً”.

نشرت صحيفة التايمز بورتريه عن برافي سيكتور: “تأسست المجموعة عام 2013 كحركة عسكرية تضم في الوقت عينه متطرفين قوميين ومناصرين لليمين وسرعان ما باتت داعمة للنضال ضد الانفصاليين المدعومين من روسيا. على الرغم من فشل جناحها السياسي في نيل مقعد نيابي واحد في الانتخابات النيابية عام 2019، لكن وحدات المتطوعين في برافي سيكتور تعتبر على نطاق واسع قوة مكرسة من المتطوعين الوطنيين الملتزمين بالحفاظ على سلامة أراضي الدولة (…) في حين يلوح غزو روسي في الأفق، وجدت برافي سيكتور نفسها في موقع الهيمنة المتجددة التي تجسدت بتكريم كوتسيوبايولو كبطل قومي. يدرب مقاتلو برافي سيكتور، المنتشرين خلف خطوط المواجهة كقوة احتياطية، جنود الاحتياط والمتطوعين عبر شرقي أوكرانيا. وقال كوتسيوبايولو: “نحن جزء لا يتجزأ من الدفاع عن بلدنا ونحن ننسق على أعلى مستوى مع الجيش الأوكراني””.

هناك تعاون بليغ بين برافي سيكتور والدولة الأوكرانية لدرجة أنه من الطبيعي أن نرى تلامذة المدارس يزورون معسكرات التدريب، حيث تقدم لهم رؤية قومية كاملة لتاريخ البلاد. هذا هو الحال مع قصة زعيم جيش المتمردين الأوكراني سيبان بانديرا، المنظمة العسكرية القومية الأوكرانية التي حاربت خلال الحرب العالمية الثانية الجيش الأحمر والنازيين، ولكنها تعاونت مع الأخيرين. كما يتحمل جيش ستيبان بانديرا مسؤولية ارتكاب مجازر بحق البولنديين واليهود. ولكن أعيد الاعتبار له منذ عدة سنوات، وحتى قبل حركة ميدان عام 2014. باتت إعادة قراءة رجعية للتاريخ سياسة رسمية. أصبحت رموز الباندرية مثل العلم الأحمر والأسود، والذي يمكن رؤيته حتى في المظاهرات في باريس، رموزاً وطنية “عادية”.

هل اليمين المتطرف هو ميليشيات الأولغارشية؟

هناك وجه أقل شهرة لقوى اليمين المتطرف: علاقتها بالأوليغارشية. في الواقع، كان العديد من الأوليغارشية الأوكرانية من بين الداعمين الماليين الأساسيين للميليشيات القومية المسلحة. من بين الأوليغارشيين يمكننا ذكر القطب في مجال الطاقة، إيغور كولوميسكي. الأخير لم يمول كتيبة آزوف فقط، إنما أيضاً ميليشيات دنيبرو 1 ودنيبرو 2، أيدار وكتائب الدونباس. كما كتب عام 2019 الصحافي والمقرب من الحزب الديمقراطي، بيتر كيوث: “خلال الصراع بين أوكرانيا والانفصاليين المدعومين من روسيا، كان السيد كولومويسكي مستعداً لفعل أي شيء من أجل انتصار محوره- المحور، في ذلك الوقت، كان موالياً للغرب. السيد كولومويسكي يهودي، يحمل الجنسية الصهيونية إلى جانب جنسيته الأوكرانية كان لفترة من الوقت رئيساً للمجلس الأوروبي للجماعات اليهودية. رغم ذلك، لم يمنعه هذا الأمر من تمويل ميليشيات النيو-نازية في أوكرانيا، خاصة كتيبة آزوف سيئة السمعة، طالما أنها تعارض روسيا (ولم تسرق ممتلكات كولومويسكي)”.

في هذا الوقت فرضت الولايات المتحدة عقوبات على كولومويسكي في شهر آذار عام 2021. ليس بسبب دعمه للمجموعات النيو-نازية ولكن لأنه مول المجموعات البرلمانية المعادية للغرب. في الواقع، وبعيداً عن السرد البطولي للمسؤولين الحاليين في أوكرانيا، فإن الأخيرين (ومن بينهم زيلينسكي نفسه) والأوليغارشية يستعملون الخلافات بين روسيا والامبريالية الغربية من أجل تحسين مواقعهم في المفاوضات مع هاتين “الكتلتين”. هذا هو التاريخ السياسي لأوكرانيا منذ سقوط الاتحاد السوفياتي. بهذا المعنى، إن تمويل المجموعات الإجرامية والنيو-نازية ضد روسيا يتبع نفس المنطق: حماية مصالح الأوليغارشية الخاصة.

أما بالنسبة للمفارقة الواضحة المتجسدة بحقيقة أن كولومويسكي هو يهودي وفي الوقت عينه يمول جماعات مرتبطة بالنيو-نازية، فإن ذلك يتم استخدامه من أجل التقليل من شأن الطابع السياسي الحقيقي لهذه المجموعات. فيشير البعض إلى أن زيلينسكي، الذي هو أيضاً يهودي، لا يمكنه دعم “النيو-نازيين” وهذا يعني نسيان أن هذه المنظمات التي تأسست من قبل أفراد رجعيين وانتهازيين، هم على استعداد على وضع جانباً بعض “قناعاتهم” خدمة لمن يدفع أكثر. بهذا المعنى، كتبت الصحيفة الصهيونية هآرتس حول جرائم هذه الميليشيات: “هذه المجموعات [كتيبة آزوف] متهمة بارتكاب جرائم حرب من قبل الأمم المتحدة، في حين أن ذراعها، شبه العسكري، الفيلق الوطني، مرتبط كذلك بارتكاب اعتداءات على مجتمعات الروما ومجتمعات الميم. في وقت ارتكبت هذه الجماعات اليمينية المتطرفة جرائم طوال العقد الماضي (…) إلا أن العنف المرتكب ضد اليهود كان نادر الحصول”. إذا كانت هجمات هذه المجموعات قليلة ضد اليهود فإن ذلك لا يعني أنها أقل قرباً من النيو-نازية، إنما يعني أنها تؤكد على الجوانب الأخرى من هذه الأيديولوجيا المقرفة.

ماذا عن اليمين المتطرف “الموالي لروسيا”؟

في هذا الوقت، بمجرد إدانتنا وإظهارنا للخطر الذي يمثله اليمين المتطرف القومي الأوكراني، سيكون مختزلاً للغاية التوقف هنا. في الواقع، إذا أدان بوتين والبروباغندا الروسية “نازية” أوكرانيا والوزن (المبالغ به عن قصد) لهذه المنظمات في حكومة كييف، إلا أنهما لا يقولان أي كلمة عن تواجد الناشطين ومسؤولي اليمين المتطرف في صفوف الميليشيات “الموالية لروسيا” في الدونباس. حتى لو جرى القيام بكل شيء لإخفاء تأثير هذه التيارات داخل “الجمهوريات الشعبية”، الواقع يقول إن هناك كذلك الكثير من القوميين الرجعيين في المعسكر الموالي لروسيا.

وهكذا، عام 2019، أعلن يوسف زيزيلس، الذي يترأس رابطة المنظمات والجماعات اليهودية في أوكرانيا عام 2014 أن النيو-نازيين الروس (من بينهم الاتحاد الوطني الروسي) يلعبون دوراً فعالاً في المعارك الجارية في شرقي أوكرانيا، على الرغم من أن أيديولوجيته تعود إلى 20 عاماً”. كذلك، وضمن تقرير صحفي صدر عام 2014 حول الدونباس، كانت الصحافية جوليا إيفي بين المقاتلين الموالين لروسيا، الذين تظهر عليهم وشوماً نازية ولكن كانوا مهتمين بإخفائها. وخلال نقاشها مع المسؤولين عن كتيبة فوستوك، نقلت الطرفة التالية: “خلال حديثي مع دميتري، لاحظت مقاتلاً من فوستوك يرتدي سروالاً عسكرياً، وقميصاً صيفياً وسترة واقية من الرصاص، ويركض مع رشاشه الكلاشينكوف. ذقنه شقراء طويلة وكثيفة وتملأ الوشوم يديه: حرف من الأبجدية الألمانية القديمة على عنقه، وعلى ذراعه اليمنى صليب معقوف (…) سألت ديمتري عن الموضوع، لكن الرجل أظهر ذراعي. “تعالي إلى هنا” صاح غاضباً. بقيت جامدة في مكاني. صاح متجهاً نحوي: “ليس صليباً معقوفاً. إنه رمز سلافي. السوا هو إله السماء”. نظرت بصمت. أضاف قائلاً: “إنه تراثنا السلافي، وليس صليباً معقوفاً”. استدار ورحل”.

لكن الأمر لا يقتصر على ذلك. من السهل للغاية إنشاء الصلات الرسمية لسلطات جمهوريات الدونباس مع اليمين المتطرف الغربي. هكذا، وصفت الصحافية والناشطة في مجال حقوق الإنسان، هاليا كويناش، في مقال لها عام 2014 لائحة “المراقبين الدوليين” الذين جاؤوا للتأكد من “صلاحية الديمقراطية” في الاستفتاءات الانفصالية المنظَّمة في الدونباس: “كان من بين المراقبين 2 على الأقل من أعضاء حزب الحرية، الشعبوي اليميني المتطرف، في النمسا؛ والمستشار حول القضايا الدولية في الجبهة الوطنية الفرنسية، أيمريك تشوبراد، والعضو السابق ضمن منظمة فان النيو-نازية، البلجيكي لوك ميشال، إضافة إلى 2 من مواطنيه من أعضاء حزب فلامس بيلانغ اليميني المتطرف؛ و2 من الحزب البلغاري اليميني المتطرف أكاتا؛ والمجري بيلا هوفاكس من حزب جوبيك اليميني المتطرف…”.

تحتاج السلطة الروسية إلى إخفاء هذا الواقع من أجل ضمان “مصداقية” دعايتها السياسية التي تقدم نفسها كقوة “تحريرية” للشعوب الناطقة بالروسية في أوكرانيا من تهديد النيو-نازية الأوكرانية. من هنا أيضاً يمكن للبعض أن يكون ديماغوجياً حيال شجب اسقاط نصب لينين. لكن هذا لا يمكن أن يخفي الطابع الرجعي والقمعي لنظام بوتين. وهذا لا يمكن أن يخفي المشاريع السياسية المطروحة مراراً من قبل بعض المسؤولين في جمهوريات الدونباس الذين يستعيدون فكرة روسيا الامبريالية قبل ثورة أكتوبر، كما إقامة دولة (روسيا الجديدة) تجمع المناطق الشرقية والجنوبية من أوكرانيا. صلات المنظمات النيو-نازية واليمين القومي المتطرف في روسيا هي أقرب إلى الامبريالية القيصرية الروسية أكثر من ألمانيا النازية. وهذا ما يسمح لها باللعب على رموز أقل دلالة، خاصة في الغرب. ولكن هذه التيارات خطيرة كما هو الحال بالنسبة للنيو-نازية الأوكرانية.

من أجل سياسة عمالية مستقلة

كما حاولنا إظهاره في هذا المقال، إن اليمين المتطرف يشكل تهديداً حقيقياً للطبقة العاملة والشعوب المضطهدة في أوكرانيا. ولكن هذا التهديد لا يأتي فقط من جانب القومية الرجعية الأوكرانية إنما أيضاً من تلك “الموالية لروسيا”. سياسة “روسيا الكبرى” القامعة لأوكرانيا من جانب بوتين لن تؤدي إلا إلى تطور التيارات القومية الرجعية في الجانب الأوكراني. والقمع الروسي سيدفع بمئات الآلاف من الأشخاص (وحتى الملايين) إلى التقليل من أهمية وخلط المشاعر المشروعة في الدفاع عن بلادهم بمواجهة العدوان بالبرنامج السياسي لليمين القومي المتطرف. من ناحية ثانية، إن سياسات حكومات كييف والأوليغارشية الأوكرانية تفضل القومية العنيفة المعادية لروسيا.

وهكذا، إن أحد المخاطر التي قد يتعرض لها العمال والجماهير هو أن الحرب- في ضوء تكوينها الحالي والقوى المشاركة فيها- يمكن أن تساعد في تطور وتقوية التيارات اليمينية المتطرفة، وخاصة تلك التي تتعاون بشكل وثيق مع القوى الأمنية الأوكرانية. مستفيدةً، من دون شك من “المساعدة العسكرية” التي يقدمها الناتو، ولكن أيضاً، وبشكل غير مباشر، من الدعم السياسي الذي تتلقاه الحكومة الأوكرانية من القوى الامبريالية، يمكن أن تكون لتلك القوى العسكرية التي يقودها اليمين المتطرف، بواقع دورها الحاسم في الدفاع عن أوكرانيا، وكذلك سمعتها، التأثير الكبير في الدول الغربية.

حتى في حالة هزيمة الحكومة الأوكرانية، يمكن لهذه التيارات أن تحاول جني الأرباح من خلال معارضة زيلينسكي الانتهازية، في الوقت عينه ستظهر التيارات اليمينية المتطرفة “الموالية لروسيا” أقوى في حال تحقيق نصر عسكري.

لفرض طريقة أخرى للخروج من الحرب، من الضروري بناء بديل تقدمي جماهيري، بقيادة الطبقة العاملة بشكل مستقل عن روسيا وحلفائها المحليين ، وعن الإمبريالية الغربية، والبرجوازية القومية والقوميين الرجعيين. سيكون مثل هذا المعسكر خطوة مهمة جداً للمضي قدماً وفق مقاربة طبقية ثورية واشتراكية للصراع. المقاربة الوحيدة التي يمكن أن تكفل الحقوق الوطنية لشعوب أوكرانيا، ولأوكرانيا المستقلة بشكل فعلي. غير ذلك من المرجح جداً أن تستفيد القوى الرجعية من ذلك، ومن بينها تيارات اليمين المتطرف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في افتتاح المهرجان التضا


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ




.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب


.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام




.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ