الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يجوز إضافة اختصاص إلى المحكمة الاتحادية العليا لم ينص عليه الدستور؟

سالم روضان الموسوي

2022 / 4 / 1
دراسات وابحاث قانونية


ان اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا وردت على سبيل الحصر في الدستور العراقي النافذ، وفي ثلاث مواد فقط المادة الرئيسية في تحديد الاختصاص وهي المادة (93) التي حددت الاختصاصات في ثمان فقرات، كما وردت اختصاصات أخرى في فقرات فرعية، في المادة (52/ثانيا) المتعلقة بالطعن في قرار مجلس النواب بصحة عضوية النائب وفي المادة (61/سادساً/ب) المتعلقة بإدانة رئيس الجمهورية، لكن وجدت ان المشرع العراقي قد أضاف اختصاصين ليس لهما وجود في الدستور، الأول ما ورد في المادة (14/رابعاً) من قانون الأحزاب السياسية رقم 36 لسنة 2015 المتعلق بالطعن في قرار الهيئة القضائية في محكمة التمييز المختصة بقضايا الانتخابات، الاختصاص الثاني ما ورد في المادة (5/أولاً) من قانون أحكام الترشح لنصب رئيس الجمهورية رقم 8 لسنة 2012، والسؤال الذي ينهض هل يجوز ان نضيف للمحكمة اختصاص لم يرد في الدستور؟ وللوقوف على ذلك اعرض الموضوع على وفق الاتي:
1. ان تشكيل المحكمة الاتحادية العليا أساسه الدستور وليس القانون على خلاف بقية المحاكم الاعتيادية حيث ان تشكيلها كان بموجب قانون التنظيم القضائي ، لان الدستور جعل تنظيم أعمال المحاكم الاعتيادية وتشكيلها من صلاحية المشرع الاعتيادي (مجلس النواب) وعلى وفق المادة (96) من الدستور، بمعنى ان محكمة البداءة، على سبيل المثال، لم يرد ذكرها في الدستور سواء بتشكيلها او باختصاصها وإنما بموجب القوانين النافذة وبذلك يجوز للمشرع تقليل او زيادة اختصاصاتها والأمثلة كثيرة منها نقل اختصاص النظر في دعاوى الأثاث البيتية منها إلى محكمة الأحوال الشخصية وغيرها، بينما تشكيل المحكمة الاتحادية العليا كان في أساسه بموجب قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية لعام 2004 حيث حدد تشكيلها وعدد أعضائها واختصاصاتها وكان ذلك القانون بمثابة الدستور، ثم اعيد النص على تشكيلها واختصاصاتها في الدستور العراقي النافذ بموجب المواد (93) والمواد الأخرى أنفة الذكر. وهذه اختصاصات حصرية لاجوز انقاصها أو تعطيلها او تقييدها إلا بموجب اليات تعديل الدستور لأنها نصوص دستورية. بينما المشرع العراقي (مجلس النواب) أضاف اختصاصين للمحكمة الاتحادية العليا لم يرد ذكرهما في الدستور إطلاقاً الأول ما ورد في قانون أحكام الترشح لرئاسة الجمهورية رقم 8 لسنة 2012 والثاني بموجب قانون الأحزاب السياسية رقم 36 لسنة 2015.
2. ان هذه الإضافة التشريعية لابد وان يكون لها أساس دستوري، بمعنى ان يفوض الدستور السلطة التشريعية أو التنفيذية صلاحية إصدار تشريع (قوانين او أنظمة) ينظم حالة معينة لان كاتب الدستور وجد إنها أمور تفصيلية يتولاها المشرع العادي، ومنها الحالات التي تركها الدستور في اكثر من (61) مادة من مواد الدستور، منها تشكيل مجلس للاتحاد وترك أمره لمجلس النواب بتشريعه على ان يكون بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب لأهميته الدستورية وعلى وفق المادة (65) من الدستور وكذلك قانون المحكمة الاتحادية العليا ويسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب وعلى وفق أحكام المادة (92/ثانياً) من الدستور، وعند النظر في الاختصاصات التي حددها الدستور للمحكمة الاتحادية العليا لم يتم منح او تفويض لمجلس النواب صلاحية إضافة أي اختصاص اخر، بينما نجد الدستور عندما اراد منح المشرع الاعتيادي صلاحية تنظيم الاختصاص لبعض التشكيلات سواء بالزيادة او النقصان فانه نص عليها بشكل صريح ومنها على سبيل المثال المحاكم العسكرية وعلى وفق المادة (99) من الدستور التي جاء فيها الاتي (ينظم بقانون، القضاء العسكري، ويحدد اختصاص المحاكم العسكرية التي تقتصر على الجرائم ذات الطابع العسكري التي تقع من أفراد القوات المسلحة، وقوات الأمن، وفي الحدود التي يقررها القانون)
3. ان إضافة أي اختصاص للمحكمة الاتحادية العليا هو بمثابة تعديل للدستور، لان الاختصاصات قررها الدستور على سبيل الحصر ولم يمنح مجلس النواب أي فرصة لإضافة أي اختصاص اخر او لسلب أي اختصاص منها، باستثناء تشكيلها وعدد أعضائها فانه ترك أمره إلى المشرع الاعتيادي (مجلس النواب) وعلى وفق أحكام المادة (92/ثانياً) من الدستور التي جاء فيها الاتي (ثانياً:- تتكون المحكمة الاتحادية العليا، من عددٍ من القضاة، وخبراء في الفقه الإسلامي، وفقهاء القانون، يُحدد عددهم، وتنظم طريقة اختيارهم، وعمل المحكمة، بقانونٍ يُسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب) فان الخيار التشريعي لمجلس النواب في ثلاث حالات فقط وهي (1- عدد أعضاء المحكمة، 2- طريقة الاختيار، 3- تنظيم عملها أي قواعدها الإجرائية مثال ذلك أسلوب الترافع والتبليغات والانعقاد، التي تماثل قواعد المرافعات في قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل)
4. مثلما لا يجوز انقاص أو سلب أي صلاحية منحها الدستور للمحكمة الاتحادية العليا أو لأي مؤسسة دستورية أخرى مثل مجلس النواب، أيضاً لا يجوز إضافة أي اختصاص لم يرد في الدستور او بموجب تفويض من الدستور والا عد ذلك تعديلاً لأحكام الدستور، وفقه القانون الدستوري يجمع على ان تعديل الدستور هو التغيير الجزئي لأحكامه أما بالإضافة أو الحذف والإلغاء أو التغيير الضمني لبعض أحكامه، والتعديل لا يكون إلا على وفق الأليات التي رسمها الدستور ذاته، وفي الدستور العراقي نجد انه أجاز تعديل أحكامه في مادتين الأولى (126) والثانية (142) وفي كلاهما رسم طرق خاصة تختلف كليا عن تعديل القانون الاعتيادي.
5. أرى ان أي اختصاص للمحكمة الاتحادية العليا لم يأتي به نص دستوري يعد نصاً مخالفاً للدستور لأنه بمثابة تعديل للدستور بدون اتباع الياته التي رسمتها المادتين (126، 142) من الدستور، ولا يملك مجلس النواب صلاحية تعديل الدستور بموجب اليات تعديل القوانين الاعتيادية، وتعتبر الصلاحيات الممنوحة للمحكمة الاتحادية العليا بموجب قانون أحكام الترشح لمنصب رئيس الجمهورية وقانون الأحزاب السياسية، صلاحيات غير دستورية لأنها لم تكن من بين الاختصاصات الحصرية للمحكمة والواردة في الدستور حصراً.
6. قد يثير القارئ السؤال عن كيفية الطعن بتلك القرارات الصادرة بموجب القانونين أعلاه فان الجواب يكون إما للقضاء الاعتيادي بحكم الولاية العامة له بموجب المادة (29) من قانون المرافعات المدنية، أو للقضاء الإداري وهو الأقرب والأوفق لان القرارات محل الطعن في قانون الترشح لمنصب رئيس الجمهورية وقانون الأحزاب قرارات ذات صبغة وصفة إدارية.
7. وجدت امراً ملفتاً للانتباه، يتمثل في نظر المحكمة الاتحادية العليا في طعون بموجب القانونين أعلاه سواء في تشكيلها السابق او الحالي ولم تتصدى إلى هذه النقطة الأساسية والجوهرية، لان من بديهيات العمل القضائي ان تنظر المحكمة في مدى صلاحيتها وولايتها القضائية في النزاع المعروض أمامها قبل الخوض في اصل النزاع أو موضوعه.
8. قد يقول قائل بان المحكمة الاتحادية العليا لا يجوز لها ان تنظر بعدم دستورية تلك النصوص الا اذا طلب منها ذلك، لكن هذا القول مردود لان المحكمة الاتحادية العليا وفي اكثر من مناسبة قد تصدت لنصوص قانونية لم يتم الطعن فيها إطلاقاً وإنما من تلقاء نفسها قضت بعدم دستوريتها، لأنها اطلعت عليها عرضاً بمناسبة دعوى مقامة أمامها تتعلق بنصوص قانونية أخرى، منها قرارها الأخير بالعدد 64/اتحادية/2021 في 11/7/2021 عندما قضت عرضاً بعدم دستورية نص في قانون إيجار العقار لم يكن محلاً للطعن أصلاً، لذلك أقول لماذا لم تتصدى المحكمة لهذه النصوص من تلقاء نفسها مثلما فعلت سابقاً وفي مناسبات مختلفة.
ومن خلال ما تقدم فان أي إضافة لاختصاص أو سلب اختصاص من المحكمة الاتحادية العليا هو بمثابة تعديل دستوري لا يجوز لمجلس النواب ان يمارسه، وإنما يجب ان يكون على وفق اليات تعديل الدستور وأتمنى على المحكمة الاتحادية العليا الموقرة ان تلتفت إلى هذا الأمر عندما يتسنى لها التصدي له في طعن لاحق علما إنها ما زالت تنظر في طعون بموجب قانون أحكام الترشح لمنصب رئيس الجمهورية وأخره قرارها المنشور في موقعها الإلكتروني بالعدد66/اتحادية/2022 62/اتحادية/2022 عندما نظرت في طعن مقدم لمرشح ابعد عن سباق التنافس على منصب رئيس الجمهورية، كانت قد نظرت في طعن قضت بموجبه إبعاد هوشيار زيباري من التنافس على منصب رئيس الجمهورية بوجب قرارها العدد 17/اتحادية/2022 في 13/2/2022.
قاضٍ متقاعد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح


.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف




.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي


.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية




.. كاميرا العربية ترصد نقل قوارب المهاجرين غير الشرعيين عبر الق