الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب الوطنية الروسية الكبرى الثانية

فؤاد خطيب

2022 / 4 / 2
مواضيع وابحاث سياسية



الحرب الوطنية الكبرى، هكذا دعا الروس حربهم ضد هتلر والنازية التي احتلت أراضي شاسعة في روسيا وهدمت 135 ألف مدينة وقرية سوفياتية ووصلت أقدام النازيين إلى ستالينغراد وأعتاب موسكو. القيادة السوفياتية حينذاك بقيادة القائد الفولاذي ستالين ومعه حزب شيوعي قوي وشعب وجيش الاتحاد السوفياتي الأحمر العظيم كسروا شر النازية على العالم قاطبة ودحروها حتى احتلوا برلين وفي عقر وجودها، رفعوا العلم الأحمر الشيوعي الأممي على الرايخستاغ وحرروا كل أوروبا الشرقية وشعوبها ومعها العالم الذي أوشك أن يقع تحت مخالب النازية الجهنمية.

أول شعوب أوروبا التي حررها الروس حينها كان الشعب الأوكراني الذي كون مع الشعب الروسي والشعب البيلاروسي أساس الأمة والعرقية السلافية الروسية. قدم الجيش الاحمر السوفياتي عند عبور نهر الدنيبر الذي يقسم اوكرانيا إلى قسمين غربي وشرقي ومن ثم تحرير كييف دماء مئات آلاف الجنود الروس وهذه حقيقة تاريخية مدونة ومعركة عسكرية تدرس حتى اليوم في كل الكليات العسكرية في العالم. ننوّه في هذا المكان أنه كانت هناك في زمن الهجوم النازي على روسيا فيالق عسكرية نازية أوكرانية في غرب اوكرانيا بقيادة زعيم يدعى بانديرا دعموا وحاربوا مع الاحتلال النازي وأبادوا الشعوب معه وخاصة الأوكرانيين السلافيين وأيضًا اليهود الأوكرانيين وقتلوا منهم عشرات الآلاف قريبًا من كييف.

أي أن وجود النازيين المعاصرين ليست دعوة وحيلة روسية حالية معاصرة بل هي حقيقة وتاريخية ومن يقاتل الجيش الروسي اليوم ومعهم الغرب كله هم أحفاد هؤلاء النازيين القدامى الحاقدين على روسيا والشعب الروسي. العجيب في الأمر أن المخابرات الغربية استطاعت ان تجمع زيلنسكي رئيس أوكرانيا اليهودي مع النازيين الجدد هناك وهذا نتركه للقراء للتفكير والاستنتاج بكون هذه الحرب مدبرة من الغرب وأمريكا لتمزيق الاتحاد الروسي، كما مزقوا الاتحاد السوفياتي قبل سبعة عقود ونيف. لولا صمود الروس وانتصارهم الساحق على النازية في ستالينغراد وكورسك والدنيبر وبرلين لبنى هتلر "الرايخ الثالث" وامبراطوريته النازية التي قال عنها إنّها ستدوم ألف عام على الأقل. لو لم يقض الاتحاد السوفياتي العظيم على النازية لكانت هذه والفاشية تدوس حتى اليوم على رقاب الشعوب الأوروبية كلها بدون استثناء. على سبيل المثل احتل جيش هتلر "الفيرماخت" فرنسا الدولة العظمى بثلاثة أيام وفي اليوم الخامس من احتلالها كان هذا "الفيرماخت" يستعرض عضلاته وقوته بحضور الفوهرر هتلر بعد سحق فرنسا بعرض عسكري رهيب للنازية تحت قوس النصر في وسط باريس وفي أكبر جادة وأشهرها في باريس الشانزليزيه حتى يومنا هذا. كان النصر النازي السريع على دولة عظمى بأيام رهيب وأخاف فعلاً كل العالم وفي ذات الوقت كان مهينًا ومذلًا حتى النخاع لفرنسا العظيمة الاستعمارية التي لم تصمد دفاعاتها وأولها خط الدفاع "ماجيننيه" المنيع عدة أيام أمام الزحف النازي على أوروبا.

الحرب الروسية الاستباقية التي نتابع أحداثها اليوم في أوكرانيا محقة جدًا وجاءت في وقتها بالضبط لتحمي أوروبا مرة أخرى من الوحوش النازية والعربدة الأمريكية التي تقامر ليس فقط على أوكرانيا بل على كل أوروبا في سبيل مصالحها واستمرار هيمنتها على العالم التي عانى منها العالم كله من حروبها وعقوباتها وويلاتها. مع بداية هذه الحرب التي نعيش أحداثها اليوم انهارت كل القيم الغربية الأخلاقية التي يلقنوها للشعوب العالم عنوة وأحيانًا بقوة السلاح وقد برزت للعيان الشوفينية العنصرية المتأصلة هناك وظهرت حقيقتها على الملأ والتي بدأت تنفضح مع بداية جائحة كورونا. وبدأت الآن واضحة المعالم ضد روسيا القيادة والشعب الروسي والحضارة الروسية القيمة ضاربة بعرض الحائط كل الشرائع والأخلاق وانكشفت بدعة الديموقراطية الغربية وحقوق الانسان وحرية الفرد وكشرت هناك العنصرية عن أنيابها ليس ضد الجيش والشعب الروسي بل وضد الشعوب غير الأوروبية من عرب وأفارقة وكل من تواجد في أوروبا وفي أوكرانيا وخصوصًا من شعوب العالم التي ساندت الرواية الروسية لسحق أوكرانيا عسكريًا التي تحكمها بعد حرب القرم 2014 وبعد خلع رئيسها المنتخب يانكوفيش كتائب نازية ورجال المخابرات الغربية المعادية لروسيا وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا "العظمى" التي هي فعلاً من أسقطت الرئيس المنتخب هناك بالقوة. أقامت هذه العصابات حكومة عميلة للغرب والناتو الذي عسكر فعلاً أوكرانيا ومدها بكل أنواع الأسلحة الفتاكة وخدع شعبها وحضرها كساحة قتال لحرب غير تقليدية بيولوجية نووية على روسيا الاتحادية بعد أن انكشف وجود مختبرات عديدة هناك لإنتاج الأسلحة البيولوجية الخطيرة مثل الجمرة والطاعون وايبولا وربما كوفيد 19.

من اللافت للنظر والأغرب أن الولايات المتحدة الدولة المارقة الاكثر خطرًا على سلامة البشرية في تاريخ البشرية تملك أكثر من 350 مختبرًا بيولوجيًا حول روسيا والصين وإيران، والغاية واضحة المعالم وغير بعيدة عن الفكر الامبريالي المتوحش وهي تدمير البشرية كلها وابقاء "المليارد الذهبي"، أي العرق الأبيض الذي يسكن أوروبا وامريكا الشمالية واستراليا حاليًا. هنا نعود بالذاكرة القريبة إلى جائحة كورونا مرة أخرى والتي اتهم الغرب أن الصين هي من أوجدها في ووهان الصينية ونشرها في العالم. كل علماء العالم خارج المنظومة الغربية الامبريالية يعتقدون الآن أن كوفيد 19 كان ربما نتاج أحد هذه المخابر الجهنمية التي تديرها وتمولها أمريكا في أراضي الدول الفقيرة الخانعة في أوروبا وآسيا وفي أفريقيا بعيدًا عن دول "المليارد الذهبي" الغربي. أمريكا صنعت حسب تاريخها الواقع منذ 250 عامًا حتى اليوم حروبًا ونزاعات في 90 دولة في العالم، مع جارتها المكسيك وحدها صنعت حربين اقتطعت منها أراضي شاسعة، في نيو مكسيكو وتكساس واريزنا وهي الأراضي صحراوية غنية بالنفط شبيهة تمامًا لدول الجزيرة العربية.

الأخطر والأبشع في الموقف الذي اتخذه الغرب بسرعة الصاروخ هو مقاطعة روسيا وآدابها وفنونها وموسيقاها وآدابها وكل حضارتها العريقة. يماثل هذا الأمر في أحيان كثيرة ذاك التي فعلته النازية والفاشية في ألمانيا وايطاليا قبيل الحرب الكونية الثانية. المختصر في الحالتين هو عداء مرضي للحضارات والشعوب المغايرة وبالأخص للشعوب التي ترفض استدامة الهيمنة الأمريكية على العالم. خطوات "الفيفا" وكأس العالم وقحة وضارة وليست رياضية بعد أن قررت معاداة الشعب الروسي وتمنع الفريق الروسي من المشاركة في كأس العالم 2022 في قطر ونحن نعتقد ان لم تشترك روسيا لن يكون هناك كأس عالم. للمعلومية هتلر حضر بنفسه كأس العالم عام 1933 في برلين.

كل ما ذكرناه هنا ولا مجال للاستفاضة أكثر يثبت ما كتبناه سابقا وكتبه غيرنا أن الاستشراق الغربي لم يكن حالة معرفية ثقافية فلسفية بل مجرد محاولات تجسسية خبيثة هدفها كان وما زال اكتشاف الطرق وكنوز الشرق والجنوب وطباع الشعوب لسرقة خيرات هذه الشعوب هناك ومن ثم استعمارها للأبد، وهذا ما هو حاصل ويحصل منذ 250 عامًا ومنذ بداية الثورة الصناعية في أوروبا التي مكنت أوروبا تكنولوجيًا من غزو العالم ونقصد معظم دول أوروبا الغربية من بلجيكا إلى البرتغال. التبشير الديني الغربي المسيحي لم يختلف عن الاستشراق وكان مغطى بغطاء الدين الحنيف كما كان الحال فعلاً مع الحملات الصليبية. الحضارة الغربية أنتجت الاستعمار والفاشية والنازية والعنصرية وسرقت العقول الشرقية واخترعت الحروب المعاصرة والقرصنة واغتصاب ما يمتلكه الغير وأبادت شعوبًا بأكملها كما حصل مع الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين. الحضارة العربية لم تكن عنصرية وفاشية وكذلك الأمر مع الحضارة الفارسية والصينية والهندية ومعظم الحضارات الشرقية والجنوبية. مقومات الشر بكل أشكاله كانت نتاج الحضارة الغربية الانجلوساكسونية – الفرانكفونية. ما يجري في اوكرانيا هو خلق نظام عالمي متعدد الأقطاب بالقوة العسكرية الاقتصادية وهو بداية لعصر النهاية لهيمنة الحضارات الغربية المنافقة ومن ثم خلق عالم جديد فيه تتعايش حضارات مختلفة باحترام وندية، ربما تأخذ العالم الى آخر أكثر عدلاً وانسانية فيه الخير لشعوب وحضارات العالم كلها يخلو من الهيمنة العسكرية السياسية الاقتصادية الغربية التي مرمرت قرونا طوال حياة الشعوب والبشرية كلها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -