الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قبلة الموت .. الدور الإسرائيلى الجديد والغريب في العالم العربي !!

أحمد فاروق عباس

2022 / 4 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


ودور إسرائيل الجديد هو اصطياد الدول العربية التى تريد أمريكا تغيير أنظمتها ، واجبارها بوسائل سرية على التقارب السياسي والاقتصادى الحميم مع إسرائيل ..

ثم استخدام ذلك التقارب الحميم وإشهاره بكل الوسائل ، وهو ما يمثل احراجاً بالغاً للنظم العربية أمام شعوبها ، ثم استخدام تلك العلاقة بعد ذلك كأحد نقاط المدفعية الثقيلة لضرب سمعة ذلك النظام تمهيدا للتخلص منه ..

وهناك بعض المتغيرات والمستجدات فى علاقة إسرائيل بالعرب ، من بينها :

- إسرائيل ومع الأوضاع الجديدة فى العالم وفى الشرق الأوسط لم تعد فى حاجة الى الدول العربية فى شئ ، والدول العربية كلها ضعيفة ومتأخرة اقتصاديا ، وأبواب الغرب والعالم أصبحت مفتوحة أمام إسرائيل ، مساعدات من كل نوع ، واستثمارات فى كل المجالات ، وتصديرا واستيرادا ...

- كانت البداية مع حسنى مبارك ، وبعد إشهار أمريكا عامى ٢٠٠٣ ، ٢٠٠٤ لمشروعاتها لتغيير الشرق الأوسط ومنها مشروع الشرق الأوسط الكبير ، وضعت نظام حسنى مبارك فى مرمى النيران تمهيدا لتغييره ، وفى نفس تلك الفترة بالضبط ضغطت أمريكا على حسنى مبارك بشدة لزيادة التقارب مع إسرائيل !! واقنعته أن ذلك هو السبيل الوحيد لإيقاف الضغوط الأمريكية عليه وعلى نظامه ..
وبلع مبارك الطعم ..

والحقيقة أن مبارك كان شديد التحفظ فى فتح باب التطبيع مع إسرائيل منذ بداية حكمه عام ١٩٨١ ، لدرجة أنه أمتنع عن مشاركة مصر فى مؤتمر الدوحة الاقتصادى عام ١٩٩٧ الذى كان هدفه دمج إسرائيل اقتصاديا فى العالم العربي ، وذلك بعد وصول بنيامين نتنياهو للحكم في إسرائيل ، وجاء رد الغرب على مبارك سريعا وقاسيا بتدبير مذبحة الدير البحرى بالأقصر فى أكتوبر ١٩٩٧ !!
والغريب أن جزءا كبيرا من الصحافة المصرية المعارضة - كما أتذكر أيامها - هاجمت حسنى مبارك ونظامه واتهمته بالتقصير وبتهم أخرى ونسيت الفاعل الأصلى ، وهو الجماعة الإسلامية التى أعلنت مسئوليتها عن الحادث ، ونسيت كذلك المحرض والمدبر الحقيقي للجريمة والقابع وراء الحدود !!

المهم أنه وفى بداية العقد الأول من القرن العشرين وفى غمرة ضغوط أمريكية هائلة على مصر وغيرها ، فكر حسنى مبارك أنه ربما يكون من حسن السياسة التقارب مع إسرائيل اتقاء للغضب الأمريكى ، وشهد عام ٢٠٠٤ وما بعده تحرراً مصرياً من كل الضوابط التى الزمت نفسها بها فى علاقتها مع إسرائيل ..
فتم ضخ الغاز الطبيعي المصرى إلى إسرائيل ، وإنشأت خطوط لمده من مصر إلى إسرائيل ( والأردن ) كما عقدت إتفاقية المناطق الاقتصادية المؤهلة ( الكويز ) بين مصر وإسرائيل ، وهى إتفاقية تجعل تصدير المنتجات المصرية إلى أمريكا مرتبطا بوجود مكونات إسرائيلية !!!

قدم مبارك كل ذلك لإسرائيل ( وعينه وقلبه مشغول بالرضا الأمريكى أساسا ، الذى اعتقد أن إسرائيل هى طريقه المضمون ) ولم يعرف أن دور إسرائيل تغير تماما فى الشرق الأوسط ، وأن المطلوب منها أمريكيا وغربيا أصبح شئ آخر مختلف تماما عن كل ما سبق ..

كان انشاء الغرب لإسرائيل فى الأساس وراءه أهداف محددة ، أهمها :

- تعطيل العرب عن أى تقدم أو نهضة ، وخاصة بعد بدء حصولهم على استقلالهم السياسى ، وبدء مشروعات تنمية طموحة تعوض قرون الذل والحرمان ..

- العصا الأخيرة التى يلجأ إليها الغرب لمعاقبة من يخرج من العرب عن الطوع الأمريكى والغربى ، وهى العصا التى استخدمتها بريطانيا وفرنسا عام ١٩٥٦ لمعاقبة جمال عبد الناصر بعد تأميمه لأهم ممر مائى في العالم ( قناة السويس )..

وكانت هى العصا الأخيرة التى استخدمتها أمريكا لمعاقبة جمال عبد الناصر أيضا على تحديه للغرب فى الستينات ، وبناءه لمصر الصناعية ، وبدايات المشروع النووى المصرى ، وتصديه لأحلاف الغرب في المنطقة ، بدءا من حلف بغداد عام ١٩٥٥ بقيادة نورى السعيد إلى الحلف الإسلامى عام ١٩٦٦ بقيادة الملك فيصل ..

( استخدمت أمريكا لمعاقبة عبد الناصر وسائل متعددة ، منها الضغط الاقتصادى ، والإخوان المسلمين ، وتفجير علاقاته مع الدول العربية ، ولما لم تجدِ كل تلك الوسائل كان اللجوء إلى إسرائيل وتسليحها بأحدث ما فى الترسانة الأمريكية ، وكانت حرب ١٩٦٧ ) ..

ومع صلح مصر - وهى أكبر الدول العربية - مع إسرائيل فى نهاية السبعينات ، والأردن عام ١٩٩٤ ، وتقارب المغرب وقطر وموريتانيا وسلطنة عمان مع إسرائيل فى التسعينات ، وانخراط سوريا فى مفاوضات طويلة تمهد للصلح مع إسرائيل ( استمرت على فترات متقطعة من ١٩٩١ إلى ٢٠٠٨ ) تغير دور إسرائيل ..
إنتهى دور عصا التأديب للمخالفين ، واستجد دور الطعم الجديد للنظم المراد تغييرها ..

نرجع مرة أخرى إلى مبارك وعصره ..
بمجرد تدفق الغاز المصرى إلى تل أبيب ، وبدء تفعيل إتفاقية الكويز انطلقت في الغرب أولا حملة كبرى خبيثة تتهم حسنى مبارك ونظامه أمام العرب وأمام العالم الإسلامى وأمام الشعب المصري قبل الجميع بالتفريط ، والتطبيع مع إسرائيل التى ترتكب المذابح في فلسطين ، والتى لم تتورع في تسميم رئيسهم - ياسر عرفات - عام ٢٠٠٤ وقتله !!

رددت الصحافة المصرية المحلية صدى تلك الحملة ، والغريب أن أكثرها إلحاحا كانت الصحف التى كان من المعتقد بقوة أن أمريكا والغرب - ورجال أعمال مصريين مرتبطين به بل وبإسرائيل - هى من أنشأتها ، وكانت تلك الصحف هى الأكثر حماسا في تلك الحملة ..

واستكتبت تلك الصحف - المعروفة بالاسم - الكتاب والصحفيين الذين يدينون تقارب مصر الاقتصادى مع إسرائيل !!

وفى عام ٢٠٠٨ نظمت أكبر حملة صحفية وتلفزيونية لتشويه حسنى مبارك ونظامه ، بحجة أن مصر تحاصر الفلسطينيين أثناء حرب إسرائيل على غزة ، وشاركت في تلك الحملة المهولة أطراف ليست بريئة ، وعليها ألف علامة استفهام مثل بعض الصحف الانجليزية ، وخاصة الجارديان والاندبندنت ، والأمريكية وخاصة الواشنطن بوست ونيويورك تايمز ، وكذلك قناة الجزيرة القطرية ، والصحف والفضائيات التابعة لإيران في العالم العربي ، وكان أشدها حماسا صحيفة الأخبار اللبنانية ، بالإضافة إلي الصحف التى أنشأتها أمريكا فى مصر !!

وبعد ثلاث سنوات من تلك الأحداث انتهى نظام حسنى مبارك كله ، وكانت قضية تقاربه مع إسرائيل من القضايا الرئيسية التى شوهت حكمه في أعين الكثيرين من الشعب المصري ..
ودفع حسنى مبارك ونظامه ثمن عدم فهمه للمتغيرات الجديدة فى العقل والاستراتيجية الأمريكية ودور إسرائيل الجديد فيها ..

والآن يتكرر الأمر ذاته ، ويتم الضغط على دول عربية كثيرة للتقارب مع إسرائيل ، انتظارا للحظات يقرر فيها الغرب وضع خططه الجديدة موضع التنفيذ ..
١ - فيتم الضغط على السودان ونظام حكمه الجديد للتقارب مع إسرائيل عنوة وإلا !!

٢ - وهناك تقارب إماراتي مع إسرائيل غير مفهوم وغير مبرر ، ولا أفهم ما الذى ستجده الإمارات عند إسرائيل وليس موجودا لدى غيرها ؟!
هل المال ؟!
هل التكنولوجيا ؟!
هل السلاح ؟!
كل ذلك متوفر وزيادة عند عشرات الدول فى الشرق والغرب ، فلماذا تضع الإمارات نفسها في هذا الموقف الصعب والذى سيكلفها على المدى الطويل كثيرا ..

٣ والسعودية تقف نفس موقف الإمارات ، وليس لديها ما تحتاجه من إسرائيل ، فلديها المال ولديها البترول ، وليس هناك أى شئ تقدمه إسرائيل لها سوى الاحراج الشديد من كون بلد الحرمين الشريفين أصبحت على علاقة وثيقة مع إسرائيل بكل ما تمثله ، فى الماضى وفى الحاضر وفى المستقبل ..

لا أرى سوى أن ذلك وسيلة - ضمن وسائل أخرى - لاصطياد الأسر الحاكمة فى السعودية وفى الإمارات ، وتشويهها فى أعين شعبها وفى أعين الشعوب العربية والإسلامية تمهيدا لخطط فى الإدراج ، ربما تكون اليوم طى الصدور ، ولكن غدا ستحدث أخبارها بما كان مكتوما في الصدور وفى الأوراق ..

درس حسنى مبارك ماثل أمام الجميع ، وإذا كان عذر حسنى مبارك أنه كان أول من طبق عليه الدور الجديد المطلوب من إسرائيل تأديته ، فليس للآخرين أى عذر ..

واذا كان لمصر والأردن وسوريا - دول الطوق - بعض العذر في توقيع الصلح مع إسرائيل ، فأراضيهم كانت محتلة ، والمشروع الإسرائيلى وحماته فى الغرب ضاغط على أعصاب تلك الدول ، ومانعها من أى تفكير فى المستقبل ، سوى صراعها معها ، فما عذر باقى الدول العربية ، والتهديد الإسرائيلى بعيد عنها ..

هل ردع إيران مثلا ؟!!
وهل وصلت سذاجة التفكير بنا أن نعتقد أن إسرائيل يمكن أن تفعل شئ - أى شئ مهما كان صغيرا - بدون إذن الغرب ؟
وملف إيران كله فى يد دول الغرب الكبرى ، وعلاقة إيران بالغرب فيها من الخفى أكثر ما فيها من الظاهر ..

وأذن ما فائدة إسرائيل ، وعلاقة بعضنا مع منشئ إسرائيل وحاميها وراعيها جيدة ؟!!
واذا كانت علاقتنا مع منشئ إسرائيل وحاميها وراعيها ليست جيدة ، فهل إسرائيل - وهى مجرد ترس أو أداة صغيرة لمن أنشأها - هى من ستعيد مياهنا إلى مجاريها مع تلك الدول ؟!!

فقط الفهم هو المطلوب ، فهم دروس التاريخ ، وفهم طبائع الدول وسياساتها المتغيرة ، فليس كل من كان عدوا بالأمس تنفع صداقته اليوم ، ويتم نسيان التاريخ والحقائق ، ولماذا هو موجود هنا أصلا ، ولماذا تم زرعه فى بلادنا ولأى غرض ...

الفهم فقط هو المطلوب ، وإذا توفر الفهم ، ربما يجد العزم وتجد الإرادة طريقها لتصحيح الأوضاع قبل فوات الأوان ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبة على العقوبات.. إجراءات بجعبة أوروبا تنتظر إيران بعد ال


.. أوروبا تسعى لشراء أسلحة لأوكرانيا من خارج القارة.. فهل استنز




.. عقوبات أوروبية مرتقبة على إيران.. وتساؤلات حول جدواها وتأثير


.. خوفا من تهديدات إيران.. أميركا تلجأ لـ-النسور- لاستخدامها في




.. عملية مركبة.. 18 جريحًا إسرائيليًا بهجوم لـ-حزب الله- في عرب