الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كنت في سجن صيدنايا 1 / 30

شكري شيخاني

2022 / 4 / 2
أوراق كتبت في وعن السجن


مع إقتراب شهر رمضان شهر الخير والبركة من كل عام ,تقفز الى الذاكراة, أحداثا" ومأسي (لمن كان معتقل او لاهله ))ايام رمضانية كنت قد عشتها في معتقل صيدنايا. حيث أنني عشت هذا الشهر...شهر رمضان ستة مرات اي انني عاصرته وانا في السجن ...وفي احدى سنوات ولسب تافه جدا" مثل تفاهة القضية التي اعتقلت بسببها.تم ايداعي في زنزانة تسمى انفرادي وهي عبارة عن متر ونصف بعرض متر فقط , متضمنة التواليت او ما يسمى بالحمام , وطبعا" ادخال الطعام يتم من خلال فتحة صغيرة في اسفل الباب الحديدي . وهو اشبه بأبواب القلاع في الافلام التاريخية .من حيث القوة و السماكة والحجم., وهذا يعني انك لن ترى احدا" . ولا أحد يراك.....وعلى الجدران داخل الزنزانة ممكن ان ترى خطوطا" بالطول وبالعرض لمعتقلين قد دخلوا قبلك الى هذه الزنزانة..والخطوط تمثل عادة عدد الايام التي يمكث فيها المعتقل ....بعض الخطوط وصل الى 30 والاخر وصل الى الخمسين وهكذا .ولأول وهلة وانت موجود في هذا القبر وانت حي ترزق ..ستفكر كثيرا" ومليا" هل من المعقول ان احدا" مكث هنا شهرين او ثلاثة ..هذا الشعور ينتاب كل نزيل جديد في الانفرادي .ومع مرور الايام وتسجيل الخطوط على الحيطان .يرى نفسه وكأنه قد بدأ يتأقلم على ذلك ...بدأت الحديث معكم عن تصادف شهر رمضان وانا في الزنزانة .واليكم .حكاية السحور في معتقل صيدنايا.. كان قد تم توزيع طعام العشاء الساعة السابعة....ومتعارف عليه ماهو العشاء ..يعني حبة بطاطا مسلوقة ورغيف خبز ويمكن معها حبة بندورة او لا .. وهذه الوجبة الفخمة, يمكن تناولها في نفس الوقت .... وفي حوالي الحادية عشرة ليلا" سمعت قفل الطاقة والتي يتم ادخال الطعام منها ..هذا القفل يفتح ويقول لي السجان: كل سنة وانت سالم حجي ,لقد ثبت شهر رمضان, وغدا" صيام .. شو عندك سحور؟؟؟ فأجبته والله الوجبة الفاخرة اكلتها من ساعتين تقريبا" وما عندي غير رحمة ربي ..فقال ولا يهمك خليك سهران وانا سأتي لك بسحور ان شاء الله ..هذا الحارس السجان هو مجند وانا سمعت صوته من قبل عندما كنت بالطوابق العليا..واميز صوته بلكنة حمصية محببة ..وبصراحة لم أخذ كلامه على محمل الجد..توقعته يمازحني ..ولكنني بقيت سهران وتطوف برأسي الذكريات من كل جانب وكيف حال من تركتهم زوجتي .اولادي ..ابنتي الصغيرة والتي كان عمرها ستة اعوام فقط..كيف هم الان ..اسئلة وتساؤلات يكاد الرأس ينفجر من شدة تصارع الافكار والذكريات ..وهذه الحالة هي حالة كل معتقل ومعتقلة . وهي حالة كل يوم بل كل لحظة من لحظات الوجود في المعتقل ولكن الامر صار اسوأ بوجودي في الانفرادي...وبينما انا في خضم التفكير هنا وهناك, وفي البعيد جدا" .. بدأ قفل الطاقة يتحرك وكانت الساعة قد قاربت على الواحدة والنصف بعد منتصف الليل..ليقول لي الحارس خود حجي وناولني طبق بلاستيك فيه قطعة جبنة كبيرة وخبز عدد اتنين وملعقتين مربى الفريز ..كانت هذه الوجبة بالنسبة لي وفي هذه الظروف
هدية ربانية لاتقاس باي شىء .ولا يمكن مقارنتها بشىء ......هل تصدقون ماذا حصل لي عندما شاهدتم ...بكيت .نعم بكيت..ولم اعرف كيف اشكر هذا الحارس الحمصي الاصيل ابن الاصول (( الله يوجه له الخير اينما كان ))..بقيت لحظات طويلة انظر للطعام وانا لا أعرف تماما" ماذا حصل لي ..فجأة هبطت كل هموم الدنيا وفرحها بأن واحد..حمدت الله وشكرته فلازالت الدنيا بخير ..مادام أمثال هذا العسكري المجند في الدنيا ومادام الاهل يحسنون التربية فترجع اليهم هذه التربية الصالحة ... دعوات كلها بالخير والعطاء ..تسحرت ونويت الصيام وصليت الفجر وقرأت مما احفظ من ايات الله البينات ..ليبدأ اول يوم من رمضان وكان ذلك في العام 2006...اما الافطار فله حكاية اخرى لا تقل حلاوة وروعة عن حكاية السحور ..سنقرأها غدا" سوية"...كل عام وانتم بالف خير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف الإسبان يتظاهرون ضد السياحة المفرطة في -أرخبيل البليار-


.. خيام النازحين الفلسطينيين تمتد على طول شاطئ دير البلح في غزة




.. إسرائيليون يتظاهرون في القدس المحتلة للمطالبة بصفقة لإعادة ا


.. إيهاب جبارين: ذوو الأسرى يريدون أبناءهم أحياء لا جثثا هامدة




.. انقسام في إسرائيل حول عملية رفح.. وأهالي الأسرى يطالبون بوقف