الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصوير بعض مظاهر الصراع الطبقي بالرواية الموسومة المطاردون للكاتبة الجزائرية ليندة كامل .

حسن ابراهيمي

2022 / 4 / 5
الادب والفن


تلقفت مصطلح الخوف الذي تردد أكثر من مرة في الرواية الموسومة المطاردون للكاتبة الجزائرية المقتدرة ليندة كامل ، وبحثت عن سبب توظيفه ، فوجدت أنه لم يوظف اعتباطا ،
بمعنى أنه كان شعور شخصيات روائية تملكها بسبب جملة من الأحداث الروائية التي وإن كان الخيال لعب دوره في سردها ، رغم ذلك فبتقديري ينبغي استحضار التاريخ النضالي للشعب الجزائري من أجل تحقيق مطالب ، كانت من صميم أحداث تبنتها بعض الشخصيات الروائية .
ومن تم تبين أن هذا الشعور مصدره انسداد الأفق ، والاحتقان الذي يعرفه الشارع السياسي الجزائري ، بسبب ارتفاع نسبة الفقر في المجتمع الجزائري ، وارتفاع نسبة البطالة ، والأمية ، والجهل ، وما إلى ذلك من ظواهر متعددة تفشت في هذا المجتمع بسبب سياسات تنفذها السلطة السياسية في الجزائر كان من بين افرازاتها تضرر الطبقات الاجتماعية المسودة داخل المجتمع، بفعل الفساد الذي استشرى في كل المؤسسات ، والذي ينخر المجتمع الجزائري ، ويمنعه من الانتقال من طور التخلف إلى طور التقدم ، هذا الاخير يمكن الطبقة البرجوازية بالجزائر من أنم تزايد من ثروتها ، والعيش حياة الرفاه ، مقابل المزيد من تفقير الطبقات الاجتماعية المستضعفة بهذا المجتمع ، وبالتالي تردي أوضاعه الاجتماعية ، وغيرها .
لقد تمكنت الرواية من التعبير عن هذا الصراع بنجاح باللجوء إلى الاقتصاد اللغوي أحيانا ، وبتمطيطه في إطار أحداث روائية كان الهدف منها استرجاع احداث ، ووقائع تاريخية بهدف فضح سياسات اضرت الطبقات الاجتماعية المفقرة ، كما أضرت حتى الطبقة الوسطى بالجزائر .
إن هذه الأوضاع لا يمكن تفسيرها بالعامل الداخلي فقط بقدر ما ينبغي استحضار العامل الخارجي لما له من أهمية في تفسير معاناة الشعب الجزائري ، ذلك أن الاستقلال الشكلي الذي حصل عليه الشعب الجزائري عمق التبعية للدوائر المالية الاجنبية صاحبة الاملاءات ، والتوجهات العامة للسياسات التي ينفذها النظام الجزائري ، والمرتكزة أساسا على نهب خيرات الشعب الجزائري ، مقابل المزيد من تفقيره .
وتبدى ذلك من خلال الصراع الطبقي المشار اليه من خلال دلالة بعض المصطلحات الواردة في الرواية منها التقابل الوارد بين المنازل المبنية بالطين ، والفيلات .
إن هذا الصراع افرزته سياسات طبقة برجوازية احتكرت الثروة ، ومن أجل الاستمرار في احتكار الثروة احتكرت السلطة ، وتمارس القمع السياسي على أحرار الجزائر ، والحرائر بهذا المجتمع الشقيق ، وتنفد سياسة التقشف في اطار تنفيذ التوجهات العامة لسياسات أجنبية .
إن الخوف المشار اليه سابقا يجد تفسيره في المستقبل المجهول للعديد من خريجي الجامعات ، الشباب الذين حصلوا على شواهد عليا ، لكنهم اصطدموا بواقع البطالة التي تزداد نسبتها سنة بعد سنة ، على هذا الأساس تم دفع الشخصية الرئيسية في الرواية إلى دفع الرشوة مقابل الحصول على منصب شغل ، ولعل في ذلك ما يفيد الأزمتين الاقتصادية ، والسياسية التي تمر بهما الجزائر .
إن هذه الأوضاع لا يفسرها الفساد فقط ، وانما يفسرها عمل السلطة السياسية التي تعمل على تقوية سلطة الجيش ، حيث قلة المناصب المالية المخصصة بميزانية الدولة لباقي القطاعات الحيوية داخل الدولة ، وبالتالي منع اختيار اي وظيفة أخرى من غير الجيش في إطار ضرب حرية اختيار الوظيفة التي تناسب المؤهلات العلمية للشباب حاملي الشهادات ، كما ورد في بعض مضامين الرواية .
إن تراكم منسوب هذه الظواهر عمق الأزمتين الاقتصادية ، والاجتماعية ، بفعل السيرورة التاريخية لها ، ومن هذا المنطلق نجد أن الرواية أشارت بذكاء الى انتفاء قيم العلم ، ومستجداته في تفسير بعض الظواهر الاجتماعية في إطار الاشارة إلى الأزمة التي تعيشها السياسة التعليمية في الجزائر ، والتي تندرج في عدم تعميم التعليم ، وضعف جودته ، هذا ناهيك عن الأمية التي تفشت في هذا المجتمع ، حيث نجد عدم تدخل الدولة لمحاصرة هذه الإشكالات من خلال وضع برامج للقضاء عليها بشكل تدريجي ، وقد يعود السبب في ذلك إلى كونها تغذي السياسات التي ينهجها النظام السياسي ، وتمنع الشعب الجزائري من اكتساب وعي بها ، واكتساب وعي بحقيقة التناقض بين من يكدسون الثروة بشكل غير مشروع ، ومن يزدادون فقرا لهذا السبب، وبالتالي تساعد على الاستمرار في تفشي ظاهرة الفساد ، و المزيد من الاغتناء من قبل طبقة برجوازية كل هدفها جمع الثروة ، وتكديسها ، مما يعمق معاناة الشعب الجزائري .
وعليه جاءت بعض مضامين الرواية عبارة عن صرخة من أجل استكمال عملية التحرر، وتحقيق التنمية الفعلية في هذا البلد ، وكذا من أجل التقسيم العادل للثروة ،
إن قضية استكمال التحرر بالجزائر ما زالت مطروحة على الشعب الجزائري ، وقواه الحية،
ومن هنا أود أن اشير الى كون استكمال هذه القضية تتطلب المزيد من النضال ، والمزيد من تأطير الشعب الجزائري ، وتنظيمه في أفق تحقيق الديموقراطية ، هذا المطلب الذي ناضل الشعب الجزائري من أجله سنينا طويلة .
ومن هذا المنطلق تتبين مفارقة تضمنتها الرواية ويتعلق الإمر بإخفاق اليسار بخصوص مهامه ، والتراجع عن الانخراط بالفعل إلى جانب الشعب الجزائري في مسيرته النضالية من أجل تحقيق الانفتاح ، وإقرار حقوق ومكتسبات تمكن الشعب الجزائري من العيش حياة كريمة ، هذا المعطى أيضا يمكن ان يكون تفسيرا للخوف الوارد سابقا ، كما يجد تفسيره في علاقة رفاقية ربطت مراد الشخصية الرئيسية ضمن النص بحورية ، لكن هذه العلاقة لم تستمر بسبب وفاة مراد ، هذه الاخيرة تجد تفسرها بإخفاق اليسار بالجزائر ، وعدم قدرته على أنجاز مهام التحرر بهذا البلد الشقيق ، بل أكثر من ذلك بعد وفاة مراد ارتمت حورية في أحضان السلطة السياسية بالدخول في علاقة مع ضابط في الجيش ، كل ذلك من أجل أن تطرح الرواية أزمة استكمال مهام التحرر في الجزائر .
هذه الأزمة التي أيضا يتحمل المثقفون جزءا من المسؤولية فيها ، كما تبين من خلال تدخل ضابط في الجيش لتحمل مسؤولية نشر رواية لحورية التي كانت تناضل الى جانب مراد من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية ، ومحاربة اقتصاد الريع .
وفي الأخير لا يمكن لي إلا ان أنوه بهذه الرواية المنجز القيم الذي يعتبر مفخرة للشعب الجزائري ، بسبب انتصارها للوطن ، وتسجيل موقف مشرف اتجاهه ، واتجاه الشعب الجزائري ، وكذلك بسبب تقنيات الابداع الموظفة في كتابة هذه الرواية ، أيضا بسبب راهنيتها ، والقدرة على تصوير الواقع بشكل دقيق ، وسرد تفاصيله بالربط بين الأسباب والنتائج بشكل منطقي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي


.. تسجيل سابق للأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن يلقي فيه أبيات من




.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري


.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب




.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس