الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عناصر الفرح في ديوان أسميك التصاقا بالنجوم باسل عبد العال

رائد الحواري

2022 / 4 / 5
الادب والفن


عناصر الفرح في ديوان أسميك التصاقا بالنجوم
باسل عبد العال
من مؤشرات انحياز/ميل الشاعر إلى موضوع/جهة/شخص استخدامه عبارات طويلة، معبرا عن ذلك بألفاظ تتشكل من حروف محددة، ورغم أن الفقرات الطويلة مرهقة للمتلقي، إلا أن موضوع الديوان والذي نجده في العنوان "أسميك التصاقا بالنجوم" يأخذنا علاقة الشاعر بالحبيبة، وكيف أنه يمجدها، ويرفعها لتكون بمكان عال، ومثل هذا المواضيع الشيقة تجذب المتلقي وتجعله يتقدم وبرغبة نحوها.
إذن العنوان جاذب للقارئ، وهو متعلق بالمرأة/بالحبيبة، وهذا ما نجده في متن الديوان، سنحاول أخذ نماذج من القصائد، لتبيان علاقة الشاعر بالفكرة/المضمون والألفاظ التي استخدمها ليعبر عما يشعر به، والطريقة التي قم بها مشاعره، يقول في قصيدة تمارين على الحب":
"...وأنا أحاول أن أقول لها: أحبك عائدا
من حرب روحي مع جروحي
كيف قلت لها: أحبك
قبل أن ينمو "الأكدنيا" على شبك صالوني
وقبل نضوج فكرتنا على شجرة الكلام
وأنا أحاول أن أقول ولا أقول لك: النهار اليوم أكثر صفوة
كي أستعيد حكاية لم يروها العشاق بعد" ص15،
إذا ما توقفنا عند الألفاظ المجردة سنجد تكرار "أقول، قلت" اربع مرات، وإذا أخذنا تفاصيل القول الذي نجده في: "أحبك(مكرر)، فكرتنا، الكلام، حكاية، يروها" وهذا ما يجعل القارئ يشعر بأن هاك حالة (إرباك/تأتأة) عند الشاعر بحيث يكرر الألفاظ المتعلقة بالكلام، وكأن الحبيبة أحدث فيه (هزة) بحيث لم يعد يقدر على التركيز، مما جعله كلامه مُكرر ومُعاد.
ولم يقتصر الأمر على التكرار بل نجده انحيازه/تأثره بها من خلال: "حرب روحي مع جروحي" فتكرار حرفي الحاء والراء يشير إلى ميل الشاعر للحبيبة، وكأنه من خلال هذه الألفاظ والحروف التي تشكلها يكشف عن تعلقه بها ورغبته.
من هنا يمكن للقارئ أن يتأكد أن الشاعر لا يكتب من عقله، بل من مشاعره، لهذا بدا (أسيرا) لألفاظ وحروف بعينها، فمشاهدته لها جعلته يفقد القدرة على استعمال الأداة/الكتابة التي يتقنها، القصائد، بحيث لم يجد (كلمات) يستطيع التعبير عما يريده منها، فكان ارتباكه ظاهرا في القصيدة.
المشاهد البصرية تسبق الكلام، والكلام يسبق الكتابة، وبما أن الشاعر أرتبك وتوتر عند مشاهدته لها، فهذا يشير إلى الارتباك الذي حصل، وعدم قدرته على اتزان كلامه، الشاعر يعترف ضمنا بهذا الأمر في قصيدة: "أكتب لك الآن" والتي يقول فيها:
"كتبت لك الآن
ألف مساء عليه النساء،
وقد كنت في أوج ناري
وأنت تمرين قربي كأنك تعزفين لحنا على وجعي
في المساء
كتب لك الآن
ثم اكتفيت لأني انحنيت
أمام الشفاه،
وأنت الأخيرة مثل البخيلة
لا تكتفي بي
وبالاشتهاء
أنا لم أر الآن في سواك
كأني الوحيد المثنى الذي لا يوحد فيك ارتداء التعدد
كان يوحد فيك العراء العراء
فوحدي الضحية في الكحل فوق العيون
ووحدي الذي لا يقاوم فيك اختيار التجميل
بل كان يملي عليك سؤال التعري لكي ينحي
للحديقة في جسدك الأنثوي
ويبكي لكي يحتمي بالدموع الشقية
في جاذبية أنثى وعاطفة واضحة
فهل سقطت من يديك يدي؟
أنا من تعود منك الكتابة في وصف نار
على حطب في الخيال تراك كما لا تراك على واقع
بل تراك كما شاءت الرغبة القاتلة" ص 23-25، فاتحة القصيدة "أكتب لك الآن" تشير إلى أن الشاعر يعترف بأنه لم يحسن الكلام في أول لقاء معها، لهذا ها هو يحاول أن (يُظهر) موهبته كشاعر، وأنه قادر على الكلام المتزن والكتابة، معترفا بأنه كان في حالة توتر: "وقد كنت في أوج ناري/وأنت تمرين قربي" وأن الحالة السابقة ما هي إلا عابرة، لهذا يستمر الشاعر في شرح/توضيح الحالة التي مر بها في اللقاء الأول: "وأنت تمرين قربي كأنك تعزفين لحنا على وجعي" وهنا يشير إلى حالة التأثر التي مر بها "وجعي"، مبدي شيئا من قدرته كشاعر من خلال وصف حالتها "تعزفين لحنا" ووصف حالته "وجعي" فالتناقض بين العزف والوجع بين (الهوة) التي تفصل الحالتين عن بعضهما، ومع هذا ها هو يقدر على التعبير الأدبي جامعا المتناقضات معا.
نلاحظ أن الشاعر يكرر "أكتب لك الآن"، وكأنه بهذه الفقرة يريد أن يشير إلى شاعريته، وإلى قدرته على الكاتبة، وأن حالة الارتباك/التوتر السابقة والتي يعيد ذكرها "ثم اكتفيت لأني انحنيت/أمام الشفاه" قد تم تجاوزها.
لكن هل فعلا استطاع الشاعر أن ينتهي ذلك الموقف/الحالة، أم أنه ما زال واقعا تحت ذلك التأثير؟ "أنا لم أر الآن في سواك" رغم محاولته أن يظهر أنه تحرر من الموقف السابق، إلا أنه ما زال متأثرا به، لهذا نراه يوضح انفرادية الحبيبة التي لم يرى مثيلا/شبيها لها.
دخول الشاعر إلى الثنائية والتعدد: "كأني الوحيد المثنى الذي لا يوحد فيك ارتداء التعدد" يشير إلى حالته وكيف أنه وحيد في واقع متعدد/كثير، لهذا يريدها ليكونا معا (قادرين) على مواجهة الكثرة، فهو الوحيد/الفرد/الضعيف المحتاج إلى من يكون معه: "فوحدي الضحية/ ووحدي الذي لا يقاوم" بهذه الصيغة الشعرية يؤكد الشاعر على انه متألق في الكلام/الكتابة، وعلى أنه قد تجاوز حالة التوتر/الارتباك السابقة، وها وهو يتقدم بصورة أخرى جديدة غير تلك التي اظهرته بغير اتزان.
وهنا ندخل إلى حالة جديدة تتمثل بالكتابة (المباشرة) لها، وكيف يصحح الشاعر موقفه/حالته السابقة، يكتب لها: "بل كان يملي عليك سؤال التعري لكي ينحي/للحديقة في جسدك الأنثوي" نلاحظ أن هناك تقدم نحو الطبيعة/للحديقة، أحدى عناصر الفرح، وإذا علمنا أنه تحدث عن المرأة: "التعري، جسدك، الأنثوي" يكون قد استخدم ثلاثة من عناصر الفرح، المرأة والطبيعة التمرد.
بعدها يحدثنا عن حاجته/رغبته التي تظهر في: "ويبكي لكي يحتمي بالدموع الشقية/في جاذبية أنثى وعاطفة واضحة/فهل سقطت من يديك يدي؟" فهو يقدم نفسه بحالة الضعيف، وهذا يشير إلى أنه (مسكين) لكنه متزن، ولهذا نجده يطالبها "يدك في يدي" فهذه الجرأة ما كانت لتحصل لو كان الشاعر مرتبك، وها هو يتقدم خطوة أخرى نحوها "أنا من تعود منك الكتابة في وصف نار/على حطب في الخيال تراك كما لا تراك على واقع/بل تراك كما شاءت الرغبة القاتلة" مبدي قدراته على الكتابة الإبداعية، ومتمردا على خجله السابق.
وإذا ما توقفنا عند "تراك" المكررة ثلاث مرات، والتي تؤكد بقاء الشاعر تحت تأثير جمال الذي تحمل الحبيبة، وهذا التأثير لم يقتصر على المشاهدة الجمالية للجسد لها بل تعداه إلى الإثارة الجنسية، نتأكد أن الشاعر يتحدث (بموضوعية) واقعية، ليس بصورة رومنسية، فهو يريد امرأة من لحم ودم، امرأة حقيقية وليست مجرد صورة يتغزل بها ويستمتع بجمالها.
بهذا يكون الشاعر قد استخدم كافة عناصر الفرح، المرأة، الطبيعة، الكتابة، التمرد، وهنا يكون قد غير ما بدى منه من خجل وارتباك، وأظهر قدرته على الإبداع/الكتابة، وعلى أنه مبادر/متمرد على واقعه، لهذا ستعجب به المرأة وتتقدم نحوه.
في قصيدة "ثنائيات الحب العشرة" يخاطبها بلغة شعرية نارية:
"أحبك
ريح تحك الكلام الذي لا يتوب
عن الاشتعال
فأي اشتعال يسوي اشتهائي دوار،
أحبك
أنت روائح هذي السهول
فذوبي وعودي ليشتعل الثلج نار" ص77و78، نلاحظ أن لفظ "أحبك" جاء مرتبط بعنصري الفرح، الأول بالكتابة/الكلام، والثاني بالطبيعة/السهول، لكن نشعر بحمى المشاعر والاندفاع نحو الحبيبة من خلال تكرار "الاشتعال" ففي حالة الكلام/الكتابة يريدها مشتعلة/متقدة لهذا استخدم "ريح" وكرر "الاشتعال" وكأنه يعي أهمية تأثر الحبيبة بالكلام الجميل لهذا بدأ بما يجذبها إليه وما تريده.
وبعد أن شعر بأنها أصبحت طيعة سهلة الانقياد، يأخذها إلى البرية/الطبيعة ليتوحدا معا ويخوضا (صراع) الماء/الثلج والنار، ونلاحظ أن الشاعر يقرن اندفاعه نحوها بعنصر حسي، الشم "روائح" وكأنه به يشير إلى أن وراء هذا الاندفاع عامل روحي/جمالي وليس جسدي/جنسي، فالجمال هو المحرك للغريزة، وليست الغريزة من تحرك الشاعر، لهذا نراه يتقن تصويرها "فذوبي وعودي ليشتعل الثلج نار".
يتقدم الشاعر أكثر من الحبيبة، بحيث لم يعد يتعامل معها (كجسد) جميل يثير العاطفة والغريزة، بل كعنصر يحثه على التألق في مهنته كشاعر، فنجد ذروة التجريد في قصيدة "سيدة الأغنيات" التي يقول فيها:
"
(7)
...
أحبك
أنثى المعاني بكامل فكرتها
فحين تكون القصيدة عارية
تخلع الشال عنها لتسترها" ص90 فهنا تخلى الشاعر عن المرأة كسجد وكعاطفة تثير الجنس، إلى امرأة تثيره كشاعر، بمعنى تثير قدرته على الكتابة، من هنا وجدناه يكثر من استخدام ألفاظ متعلقة بالكتابة: "المعاني، فكرتها، القصيدة" فبدا في هذا المقطع وكأنه أصبح كاهن شعر، يدعو إلى الفضيلة: " فحين تكون القصيدة عارية/تخلع الشال عنها لتسترها"، وبهذا تكون المرأة الحبيبة قد أعادة الشاعر إلى شاعريته، ووضعته في (معبد) القصيدة، بحيث يحافظ على (ستر عورات) الكلمات بحيث لا يبدي منها إلى ما هو محتشم، وبهذا يكتمل تكوين الشاعر كشاعر، فقد انتصر على ذاته بحيث تجاوز حالة توتره وعدم قدرته على الكلام، فقد أوصلته المرأة/القصيدة إلى التماهي مع الكتابة وها هو يتحدث/يكتب بصورة مجردة، يتداخل فيها المعنى مع الفكرة لتخرج قصيدة أنثى بشكل شعري مجرد.
الديوان من منشورات منتدى شاعر الكورة الخضراء، لبنان، بيروت، الطبعة الأولى 2021.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حياة كريمة.. مهمة تغيير ثقافة العمل الأهلى في مصر


.. شابة يمنية تتحدى الحرب واللجوء بالموسيقى




.. انتظروا مسابقة #فنى_مبتكر أكبر مسابقة في مصر لطلاب المدارس ا


.. الفيلم الأردني -إن شاء الله ولد-.. قصة حقيقية!| #الصباح




.. انتظروا الموسم الرابع لمسابقة -فنى مبتكر- أكبر مسابقة في مصر