الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هاجر

علا مجد الدين عبد النور
كاتبة

(Ola Magdeldeen)

2022 / 4 / 6
الادب والفن


وحيدة خلفها زوجها في وادٍ موحش ، صغيرها يبكي بلا توقف وحرارة الشمس لم تكن أكثر رحمة من الصحراء ....
وحيدة بين جبلين مصممين على حجبها عن أعين المارة عاقدين العزم على قتلها وولدها وأبتلاعهما أحياء .

تهرول في جزع  ، تعتلي الجبل الأول باحثة عن قافلة تعبر أو بئر غاب عن نظرها فلا تجد ، يصرخ الصغير ظمأً فتركض نحوه،  تمسح الواد بعين باكية ، ترفع رأسها إلى السماء صارخة في صمت أين أنت ؟  
ألن تتدخل ؟ ، يعاود الصغير البكاء فتهرول باتجاه الجبل الآخر ، في إنتظار رد على سؤال لم تجب عليه السماء ، سعي هرولة وركض وبكاء من صغير بات  يضرب الأرض بقدمه في يأس غاضب . أما هاجر فلم تيأس ، كانت تعلم أن مكوثها هنا هو أمر إلهي ، في قلبه حكمه لا تراها .

جلست بجوار الصغير ، تحاول تهدئته ، بثدي لم يجُد سوى ببضع نقاط من حليب مشتعل ، تلتقط أنفاسها ، وتنظر إلى السماء ، بسؤال جديد ، إلى متى يا خالقي ؟
وانت تعلم أكثر مني أن معي طفل رضيع، ما ذنبه ؟
ما الحكمة من عذابنا ؟ أم تراك تحب أن ترانا نتعذب ؟
انفلت ثديها من فم الرضيع فانفجر باكياً ، إلقت به أرضاً ، رفعت صوتها دون أن تنظر إلى السماء ،( شاهد هذا ، إننا نتعذب، نموت، اتمنى أن تكون راضياً) .

شمرت ثوبها ، وانطلقت بين الجبلين في صعود وهبوط لا يتوقف، ستظل هكذا تبحث عن أمل حتى تموت، لم يعد حتى بكاء الصغير يوترها ، فليحيا أو يمت ، لم تعد تبالي ، كل ما يهمها الآن ألا تتوقف، لن تتوقف عن البحث حتى تسقط ميته ، ولتصعد إليه بعدها ليخبرها
ماهي الحكمة من هذا العذاب ، واين كان الماء ؟
افلتت ضحكة ساخرة ورددت ( لم يكن هناك ماء يا أمه الله، كنت أختبر صبرك ، وعذابك كان تكفيراً عن ذنوبك) !!!!!!! .

ظلت تركض ساعة بين الجبلين، خدر يزحف في خلايا رأسها وباتت الرؤية ضبابية ، إنها تحتضر ، يبدو أن الصغير يموت أيضاً لم يعد يبكي ، يخربش الأرض بقدمه في احتضار هزيل .
لم تعد تقوى على ركضٍ أو هرولة ، تهبط من الجبل على أربع ، يبدو أنها النهاية ، معها من القوة ما يوصلها إلى الصغير ، إحتضنت وقبلته ، واغمضت عينها تنتظر لقاء رب قتلها .
برودة تسري في اقدامها ، مع أن الجو حار ، صوت مياة تخرخر تحت قدميها ، عجزت عن رؤيتها ، لم تعد تقوى حتى على فتح عينيها ، ثم سكن كل شيء للحظة .
سمعت صوت ربها يقول ( حبيبتي أنا لا استمتع بعذاب خلقي ، كان عليك أن تثقي بي وأن تؤمني ، إفتحي عينيك وأشربي) .

النهاية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟