الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظة في متغيرات المشهد السياسي اليمني

فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)

2022 / 4 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


المجالس الرئاسية منذ اول مجلس جمهوري ايام السلال الى مجلس ايام الارياني الى مجلس القيادة ايام الحمدي الى مجلس الايام الاولى للوحدة كلها كانت نتيجة تسويات سياسية بين فرقاء انتهت بالفشل وتربع شخص على مقعد الرئاسة تمت منازعته صلاحياته و حتى القيادة الجماعية (الجبهة القومية) انتهى دورها بتأسيس الحزب واعلان قيادة جديدة.
في تجربة الشمال كانت المجالس الاولى ضمن مشهد سياسي مضطرب ومنقسم بين فرقاء وامراء حرب ووكلاء الخارج ، وهذا الأخير كان له دور اساسي في الترتيبات السياسية واحيانا العسكرية والاقتصادية . صحيح ان الخبرة السياسية كانت غائبة لدى جميع النخب السياسية متعددة المرجعيات الحزبية والجهوية لكن المعيار كان الوطن والجمهورية والمصلحة العامة . لكن الحروب وصوت السلاح جعل الخارج الإقليمي حاضرا وفاعلا بل ومقررا الامر الذي زاد من تشظي القوى السياسية ووضوح ارتباطاتها خارجيا .
في قرارات يوم امس كان الأولى بمن اخرج المشهد السياسي المعلن ان يتم اختيار نائبين ورئيس جديد يمنحهما البرلمان مشروعية (مع دعم اقليمي ودولي) وسيكون له دعم محلي وفق منطق الضرورة خاصة وان اختيارهم سيكون لفترة محددة لا تتجاوز العام تتم خلاله تفعيل مؤسسات الدولة في كل المجالات وتعزيز حضورها محليا وخارجيا واعادة بناء القوات المسلحة والامن وفق عقيدة وطنية مع انهاء كل العمليات العسكرية وانهاء الفوضى ومنع حمل السلاح من الافراد والجماعات داخل المدن وخارجها وادماج التشكيلات العسكرية في قوام الجيش والامن ..ثم يذهب المجلس ككتلة واحدة ووفق مشروع وطني واحد باتجاه محاورة الطرف الاخر في صنعاء ضمن رعاية اممية وحال اندمج هذا الطرف في المشهد السياسي يتم الترتيب لانتخابات رئاسية وبرلمانية في اسرع وقت ممكن وتدريجيا يكون تطبيع الوضع العام سياسيا وامنيا ..وبعد الانتخابات تتشكل حكومة جديدة تولى اهتمامها الرئيسي للمسار الاقتصادي والنهوض به مع ضبط المسارات الامنية وانهاء كل مظاهر الاختلالات المعروفة حاليا
.....لكن ....وقد تم اعلان مجلس رئاسي لم تحدد مهامه المباشرة هل هو مجلس لإعادة البناء ام للحرب ام للحوار السياسي ولا حددت مدته الزمنية ، ام يشكل اطار جديد في مشهد قاتم تستمر مظاهره في الفوضى واللانظام داخل الدولة والمجتمع .. وهذا امر معروف للعامة والخاصة وتم الإشارة اليه في جلسات المشاورات الأخيرة التي انعقدت بالرياض كما تم الإشارة اليه في كل الحوارات السياسية ناهيك عن تناوله بوضوح من كل الأطراف المتابعة للشأن السياسي في اليمن..(حديثي هنا عن الفكرة الرئيسية وراء ما تم اعلانه -لا اناقش الاشخاص وادوارهم ومواقفهم فهذا موضوع لمقال اخر-).
الحديث عن الفكرة ذاتها أي اعلان المجلس وفي هذا التوقيت وقبل يوم من انتهاء المشاورات التي تتم برعاية مجلس التعاون والسعودية تحديدا ..لأن الافكار السياسية (الرؤى والتصورات والقرارات) يجب ان تكون واضحة محددة الهدف لا تقبل الغموض مما لا يسمح بتعدد وتنوع التفسيرات بين الفرقاء في المشهد السياسي .. كما يجب ان تصف مهام المجلس وفعالياته وفق سقف زمني محدد لكل قضية او نقطة محل حوار او اختلاف حتى لا يدخل أعضاء المجلس في دوامة من الخلافات والتفسيرات المتباينة لمهامه وصلاحيات أعضائه والمعلوم انهم جميعا محل تباين كأشخاص ومحل تباين عميق وفق مرجعياتهم الحزبية والجهوية التي يعبرون عنها .. ودون ذلك التوضيح والتحديد لمهام المجلس ودوره السياسي في مرحلة فاصلة من تاريخ اليمن سنكون ازاء عملية هدفها إعادة ترتيب الفاعلين السياسيين وإعادة تموضعهم في مسار متجدد من ذات اللعبة دونما الخروج عنها او تجاوزها ...
وللعلم قرار امس بإنشاء مجلس رئاسي يشكل مخرج لدول التحالف التي اعلنت هدفها في دعم الشرعية لاسترداد الدولة ونظامها المختطف وهو امر لم يتحقق لا من قريب ولا من بعيد و سنوات الحرب الخمسة الأخيرة أظهرت عدم جدية دول التحالف في دعم الشرعية بل تدخلت في شؤونها وزادت في انقسام المشهد السياسي وتزايد الفجوة بين الفرقاء ..

هنا يكون السؤال المشروع ،،، من له مصلحة مباشرة في خروج الرئيس هادي و نائبه الاحمر من منصبيهما في قيادة الدولة ولماذا الان وليس قبل سنتين وقد كان الامر مطروحا للنقاش .. مؤكد هناك اطراف محلية وهي معروفة ومؤكد ان الخارج الاقليمي ايضا له مصلحة أيضا ومن ذلك دول التحالف ذاتها ..
الخارج السعودي لم ينجح في دعم الشرعية ولا محاربة ايران عبر جماعات هي الاقرب الى حدودها تعمل كوكيل لإيران كما تقول السعودية في اعلامها وخطابها ..بل على العكس من ذلك تصاعد حضور الحوثيين في الداخل اليمني وتزايدت عملياتهم العسكرية ضد السعودية بحيث وصلت صواريخهم وطائراتهم المسيرة الى العمق السعودي فشكل لها احراجا في محيطها الخليجي والعربي وامام العالم كله .. هنا يمكن القول بان الحوارات السرية بين السعودية وايران ربما حصل معها توافقات محدودة منحت ضوء اخضر لمرور هذه الترتيبات لان السعودية لديها تحديات كبيرة في الداخل وفي محيطها الإقليمي وكلها تحديات تثير القلق والمخاوف داخل المملكة . خاصة وهذه الأخيرة ترمم علاقاتها الإقليمية مع تركيا وايران وتزيد من تواصلها تجاه الصين وروسيا بل وكثير من دول العالم ..
هذه الترتيبات المعلنة مثلها تمت عام 70 بعد ثمان سنوات حرب بين القوى الجمهورية والملكية ومع هزيمة 67 قرر الرئيس عبد الناصر سحب الجيش المصري من اليمن وكان وجوده هناك افضل دعم عربي ضمن مسار قومي كان في اعلى تعبيراته الايدولوجية .. وبانسحاب الجيش المصري الذي حدث وفق توافق عبدالناصر والملك سعود في السودان باعتماد تسوية يشارك فيها كل ممثلي اطراف النزاع اليمني ورعاية عربية من السعودية ومصر ..في هذا المسار وقبل اعلان التسوية تمت محاصرة العاصمة صنعاء من القوى المضادة للثورة وبدعم السعودية ومعها أمريكا واطراف أخرى إقليمية لكنه واجه دفاع مستميت من ابطال المقاومة الشعبية ومختلف الوحدات العسكرية بقيادات شابة مؤمنة بالجمهورية والدولة فانكسر الحصار في فبراير عام 68 هنا كان الإعلان عن مؤتمر للمصالحة الوطنية انعقد في مدينة جدة في شهرمارس من العام 70 تضمن بنود كثيرة أهمها مجلس رئاسي وحكومة مشتركة بين مختلف الفرقاء حتى المناهضون للثورة والجمهورية دخلوا الى الحكومة ومجلس الرئاسة ..
صحيح ان الحرب العسكرية انتهت لكن الانقسامات بين الفرقاء تزايدت حدتها وصولا الى انقلاب عسكري تم معه ترتيب سياسي جديد.
اليوم القوى التي تقول انها مع الشرعية تعاني من انقسام وتباينات كبيرة معلنة وذات ارتباطات خارجية تعزز من الانقسام ودونما رؤية موحدة تجاه المشروع الوطني (وهو المشروع الوحيد الذي يضمن استقرار اليمن) الذي معه يمكن حشد تحالفات شعبية وسياسية واسعة ..خاصة وان الحكومة الراهنة غير فاعلة في الشأن الاقتصادي مع استمرار الاختلالات الأمنية في مختلف المدن وان كانت مستمرة في اداء مهامها وفق الممكن من نشاطها وحضورها .
في هذا السياق يمكن القول ان عدم وجود رؤية سياسية متكاملة تشكل مشروع وطني يلتف الجميع حوله لن تتحقق -بدونها- اي نجاحات في المشهد السياسي تجاه اعادة بناء الدولة والجمهورية والمواطنة المتساوية ..لكن هذه الترتيبات المعلنة قد ينظر لها من زاوية الغنيمة والمحاصصة -وهو نهج اصبح سائد في اليمن - يتشكل معها سياق مولد للزبائنية السياسية هنا يظهر الى العلن عشرات بل مئات من الافراد والجماعات ممن يجيدون فن التنطط نحو مراكز القوى والقيادات بهدف الحصول على مكاسب متعددة فيزيد السخط الشعبي ومعه تزداد الانقسامات والاعمال العسكرية وحالات اللانظام والفوضى ومعنى ذلك استمرار الأوضاع السياسية دون تغيير واستمرار سلطات الامر الواقع في مساراتها السياسية والعملانية خصما من مشروع الدولة والوطن ونفيا لأي دور او ممارسة للمجلس الرئاسي المعلن وتغييب حضوره ومشروعيته ..
والاحتمال الاخر انه قد ينجح هذا المجلس الرئاسي في حواراته مع الحوثي وبرعاية عربية ودولية للوصول نحو تسوية تنتهي معها كل مظاهر الحروب والفوضى ومن ثم إعادة بناء الدولة وفق نهج المحاصصة وهو نهج لا تقوم معه دولة وطنية ولا تجربة ديمقراطية ولان الخارج العربي والإقليمي ليس معنى تماما وحقيقيا باستقرار اليمن وتطوره من هنا سيعمل رعاة الحوارات والمصالحات نحو تبنى شراكة سياسية للجميع في اطار دولة هشة ونظام يحقق مصالح مراكز القوى اكثر من مصالح الشعب والوطن ... لان الرعاة إقليميا ودوليا كانوا في العام 2011 ضد مصالح الشعب الذي خرج بثورة شعبية استهدفت تغيير سياسي شامل للنظام برموزه وتوجهاته وتحقيق الأفضل لليمن وفق رموز ونخب وتوجهات جديدة .اخيرا مصلحة اليمن مهمة اليمنيين عامة والنخب السياسية والحزبية خاصة لهذا يجب ان يرتفع سقف الكرامة الوطنية لديهم ويعملوا ضمن كتلة سياسية تحقق التطور والنماء للشعب والمجتمع وفق دولة حديثة بنظامها المدني الديمقراطي ..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيد


.. ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. استمرار تظاهرات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمي


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. ومقترحات تمهد لـ-هدنة غزة-




.. بايدن: أوقع قانون حزمة الأمن القومي التي تحمي أمريكا