الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدكتاتورية التنموية و دولة نظام السوق الإجتماعي في العراق(محاولة للخروج من الحلقة المُفرَغة لترسيخ الخراب في الأجل القصير، واستدامتهِ في الأجل الطويل)

عماد عبد اللطيف سالم

2022 / 4 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


هناك "بديهيّةُ" في الإقتصاد مفادها: أنّ "العرض"، أي"الإنتاج"، يكون"غير مرن" في الأجل القصير.
وتعاني جميع البلدان"المُتخلفّة" من عدم مرونة جهازها الإنتاجي(في جميع المجالات)، أي من انخفاض درجة استجابة العرض المتاح لديها للزيادة في الطلب، وبالتالي ستبدأ الأسعار فيها بالإرتفاع عند مواجهتها لأيّ انخفاض في "المعروض السلعي"، مالم يتم سدّ هذا النقص"خارجيّا" في"الأجل القصير"، والعمل على "خلق" جهاز إنتاجي كفوء"محليّاً" في "الأجل الطويل".
هذا لا يعني أنّ البلدان المتقدمّة لا تواجه"عرضاً عديم المرونة" في توفير بعض السلع.. غير أنّ هذا الوضع يكونُ لصيقاً بـ"الأجل القصير" فقط، أمّا في "الأجل الطويل"، فإن جهازها الإنتاجي(والخدمي في مجالات معينة)، سيتكيّف لمواجهة هذه الحالة، وبما يكفي لسدّ النقص في المعروض.. وما نشهده من مشكلة عدم مرونة عرض الطاقة في معظم الدول الأوروبية، أو في انقطاع سلاسل التوريد للأغذية والمشتقات النفطية في جميع دول العالم، هو أفضل مثالٍ على ذلك.
أين هو الأجل"القصير"، وأينَ هو الأجل "الطويل" لدينا.
عمري سبعون عاماً، عشتُ ستّينَ عاما منها في ظل أنظمة سياسية مُتعاقِبة، بتوجّهات فكريّة و"عقائديّة" مختلفة ومتناقضة ومتعارضة، ومع ذلك لم أشهد (في أيّ نظامٍ منها) أيّ إدراكٍ، أو إحساسٍ بالفرق ما بين اشتراطات الأجل القصير، ومتطلبات الأجل الطويل.. أو ما بينَ "حقوق" الأجل القصير، و"واجبات" الأجل الطويل.
بل أنّ ولا "نظام" من هذه الأنظمة كان يتصِّف بما يُسمى بـ "حسّ التناسب"(أي التفريق بين ماهو "أهمّ" وينبغي منحه الأولوية والتصدّي لهُ الآن، و بين ما هو "مُهمّ" من القضايا والإجراءات والسلوكيات والسياسات، التي يمكنُ التصدّي لها لاحقاً).
عشتُ خمسينَ عاماً من عمري في ظلّ هذه الأنظمة، ثلاثون عاماً منها في ظلِّ النظام"القديم"، وعشرون عاماً منها في ظِلّ النظام"الجديد".. وكلّها "أجَلٌ قصير".
لقد آن الأوان لإيقاف هذه المهزلة.
مهزلة أن تستمِرَّ "شُلّةٌ" من "الحمقى المحظوظين" في تولّي مسؤولية بلدٍ كالعراق.
مهزلةً(مثلاً) أن نبقى نستوردَ كلّ شيء من الخارج، لأنّ جهازنا الإنتاجي(السلعي والخدمي معاً) غير قادر على التكيّف مع احتياجات السوق في الأجل القصير، دون أن نفعل شيئاً لمواجهة ذلك في الأجل الطويل.
مهزلة أن نتحجّج بأنّنا لا نستطيع أن نفعل غير ذلك في "الأجل القصير".. في حين لا توجد لدينا أيّ "رؤية"، أو استراتيجيّة للأجل الطويل، لأن أجلنا "قصيرٌ" فقط ، ويجب أن يبقى قصيراً (كما هو أجلُ قادتنا وزعمائنا وساستنا وآباءنا ورُعاتنا).. وبالتالي لن يكونَ لنا(ولأبناءنا بالذات) أجلٌ طويلٌ أبداً.
سيأتي هنا السؤالُ "الغشيمُ" والغاشم، والحقُّ الذي يُرادُ به باطل:
والحلّ ؟ ما هو الحلّ؟
هذا السؤال مُعيب.
العشرات من الأشخاص والمراكز والمؤسسات والمنظمات(في الداخل والخارج) قدّمت عشرات الحلول.. ولم يتم تقديم كمّ كبير من هذه "الحلول"، التي إتّسَمَت بالعلمية والمهنية والموضوعية والرصانة، وأُدرجَت في عشرات الدراسات والتقارير والخطط والإستراتيجيات، مثلما تمّ انجازه في السنوات العشرين الاخيرة.. وإذا كان هناك من "فضلٍ" للنظام "الجديد" على العراق والعراقيين ، فإنّ هذا "الفضل" يتجسّدُ في هذا الجُهدِ بالذات، والذي ضاع كما ضاعت غيرهُ من جهود لأكثر من سببٍ وسبب، وأنتم أدرى بالكثير منها.
عندما ينخفِض سعر النفط، يبدأ لدينا بعضٌ من "التحسّب" البسيط لمتطلبات"الأجل الطويل"، ونُطلِقُ عليهِ في العراق"إصلاحاً" ، و "عمليات إصلاح"، وبرامج و"أوراق" إصلاحيّة.
وعندما يرتفِع سعر النفط، يتراجِعُ هذا السعيُ إلى "الإصلاحِ"، ويُنسى .. وكلّ ما يُفكّرُ به"قادتنا" الآن "إقتصاديّاً" هو "تقدير" سعر بيع برميل النفط في الموازنة القادمة، وبما يؤمّن توزيعاً كافياً ومُرضِياً لـ "الحُصص"عند تقاسم العائدات الريعية.. و ترتبِط بذلكَ المسعى "سياسياً" محاولة "التوافق" سريعاً على تقاسم المغانم، قبل أن تتبخّر مكاسب الظروف الدولية الراهنة.
بعضٌ من الحلّ في العراق الراهن، هو في تولّي "ديكتاتوريّة تنمويّة" مقاليد الحكم(على غرار ماحدث في الصين وكوريا الجنوبية).
"ديكتاتورية تنموية" في إطار"دولة مؤسسات" تنتِهج نظام "السوق الإجتماعي".
خلاف ذلك، سيبقى "العرضُ" غيرُ مرنٍ لدينا إلى الأبد.. ولن "نُنتِجَ" شيئاً إلى الأبد.. وسنبقى نستورِد كُلّ شيء إلى الأبد.. و سنبقى نُبدِّدُ، ونهدُرُ، ونسرُقُ، ما تبقى من مواردنا "الوطنية - السيادية" إلى الأبد.. وسنكونُ جميعاً موتى في "الأجل الطويل".. أي موتى إلى الأبد، بل وإلى مابعد الأبد أيضاً.
(للمزيد من التفاصيل راجع المقال الرئيس والأساس حول "الديكتاتورية التنموية بين العراق وكوريا الجنووبية"، الذي تمّ نشرهُ في وسائل اعلام متعددة، وعرضه هنا أيضاً قبل خمس سنوات من الآن، والموجود على الرابط الأول المذكور في أدناه.. وأيضاً المقال الآخر ذي الصلة الموجود في الرابط الثاني).

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=569368

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=536652








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أولينا زيلينسكا زوجة الرئيس الأوكراني. هل اشترت سيارة بوغاتي


.. بعد -المرحلة الأخيرة في غزة.. هل تجتاح إسرائيل لبنان؟ | #غرف




.. غارات إسرائيلية على خان يونس.. وموجة نزوح جديدة | #مراسلو_سك


.. معاناة مستمرة للنازحين في مخيم جباليا وشمالي قطاع غزة




.. احتجاج طلاب جامعة كاليفورنيا لفسخ التعاقد مع شركات داعمة للإ