الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العمل النقابي تحرري من أجل التغيير

سلامه ابو زعيتر

2022 / 4 / 8
الحركة العمالية والنقابية


بسم الله الرحمن الرحيم
• د. سلامه أبو زعيتر
تنبع فلسفة العمل النقابي من مبررات وجوده، وأهدافه القائمة على حماية مصالح الأعضاء والدفاع عنهم بالنضال المطلبي والسلمي الذي ينسجم مع تحقيق التطلعات الوطنية والاجتماعية والمساهمة في ارتقاء المجتمع وازدهاره، وخلق حالة من التوازن في توزيع المنافع والفوائد على الجميع بعدالة ومساواة وبدون تمييز، وذلك باتحاد بين مجموعة من الأشخاص المنتمين والمؤمنين بضرورة وجود التنظيم النقابي وأهميته ودوره الفعّال في تقديم الخدمات للأعضاء وأبناء المهنة لتسهيل قيامهم بمهامهم الوظيفية وأدوارهم المهنية، وتنمية مهاراتهم وبناء قدراتهم، بهدف تحسين الأداء وتطوير وعيهم النقابي والثقافي، وصولاً للعمل اللائق والكريم.
يقضي هذا الفهم للعمل النقابي لضرورة صياغة منهجيات جديدة وتطوير الأساليب النضالية، وإعادة النظر في الطرق التنافسية في إطار الأجسام النقابية القائمة، والصراع المبني على أسس سياسية وأيدلوجية ومصالح فئوية وحزبية وشخصية ضيقة، والتي أثّرت بشكل سلبي على التنظيم وإدارة الفعاليات والبرامج النضالية النقابية التي تُحاكي مصالح الأعضاء، والفئات التي تمثلها النقابات بأنواعها المهنية والعمالية، فهذا الواقع غير محمود ويتعارض مع الفلسفة النقابية القائمة على تعزيز القيم والمبادئ المدنية والديمقراطية لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق من خلال العمل الجماعي والتشاركية وتجسيد قيم التعاون والتضحية والانتماء الصادق، والرغبة في تحقيق النجاح لصالح الأهداف المرجوة على أساس الإدارة النقابية الرشيدة والنزاهة والكفاءة والأمانة، مع وجود قيادة نقابية تجمعها الفكرة والأهداف، متجانسة بالعمل؛ تحكمها المبادئ النقابية منحازة للفكرة والقضية والمهمة النقابية التي تشغلها للحفاظ على مصالح الأعضاء وأبناء المهنة، والدفاع عن حقوقهم وتنميتها، وتحسين ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفق دراسات وخطط منهجية وعلمية، بما يساهم في رفع مستوى المهنة وتعزيز الدور الوطني بعيداً عن المناكفات ومحاولات فرض السطوة والشرذمة المقصودة للمس بالعمل النقابي وحرياته، وبدوره النضالي، وتفريغه من مضمونه وواجباته ومحاصرته وتقييد تحركاته.
المهمة النقابية طبعها ثوري، تسعى لتغيير الواقع نحو الأفضل، وتحويل التحدّيات والتهديدات لفرص ،للعمل عليها ضمن برامج منظمة وهادفة، لذا لا يجوز أن يستمر الصراع والتنافسية السلبية التي ساهمت في تحويل النقابات لشبكات من المصالح والمنافع بين الأفراد يدور في فلكها المنتفعون والمستفيدون على قاعدة المحسوبيات واستقطاب المصالح والمنافع، وهذا معيب في حقِّ العمل النقابي بما يحمل من فكر تحرري ديمقراطي يسعى للتغيير؛ لذا من الواجب أن يتم العمل على إعادة صياغة منهجيات العمل وطبيعة العلاقات بين الشركاء (الفرقاء) في العمل النقابي بحيث يكون التنافسية إيجابية تقوم على قاعدة تجويد الخدمات، وتحسين الأداء لصالح الأعضاء؛ لا أن يتكون بهدف الاستحواذ والسيطرة وفرض الوصاية من أي جهة كانت خارجية أو داخلية.
النقابات بأنواعها المهنية والعمالية هي مؤسسات عامة يتشارك الأعضاء في امتلاكها، ولهم حقوق متساوية تُنظِمُها اللوائح والمعايير بدون أي تمييز في الاستفادة من منافعها، ولهم الحقّ في الترشح لقيادتها، وهذا يدعو لوجود تنافس قائم على ضوابط ومعايير واضحة وشفافة وعادلة بعيداً عن الولاءات والمحسوبيات، ويجب أن يُركز التنظيم النقابي على تحقيق الأهداف النقابية وتطوير العمل والبدء بخطوات عملية للبناء عليها في التخطيط منها:
- العمل على تقييم الوضع النقابي بهدف تقدير الموقف ومعالجة الأخطاء والوقوف على المعيقات ومحاسبة المقصرين بغض النظر عن مواقعهم ومكافأة أصحاب الإنجاز وتكريم المتفانين والمخلصين بالعمل.
- العمل على تحديد وبلورة المصلحة النقابية من خلال دراسة علمية على أسس موضوعية قائمة على وجهة نظر مهنية تعبر عن تطلعات الأعضاء.
- الانحياز الواضح والصريح لقضايا ومصالح الأعضاء، والفئات التي تمثلها النقابات بعيداً عن أي مؤثرات خارجية أو تجاذبات فئوية على حساب العمل النقابي ودوره.
- تطوير أشكال الاتصال والتواصل الداخلي بشكل انسيابي سلس؛ لتسهيل المهام وتحقيق الأهداف بأقل الإجراءات والتعقيدات البيروقراطية.
العمل الناجح يقوم على أسس فعّالة لتحقيق النجاح منها القيم والمبادئ، والتي يُفتَرَضُ أن تتجسد في فعل حقيقي ومدروس، لذا يجب التعاون بين الجميع والتشارك للنهوض بالتنظيم النقابي وتشكيل رأي عام حول أهميته في تطوير وبناء المجتمعات، وهذا يدعو كل المؤمنين بالعمل النقابي والمخلصين للحقّ بالنضال المطلبي والقضايا النقابية، أن يتحدوا للتخلص والتحرر من التبعيات، وعُقد الاصطفاف والتجاذبات التي أضرتْ بالمصالح الوطنية وبدور النقابات ومهامها النقابية في عملية التغيير.
أن التفكير بالعمل النقابي ونظرياته ومعاييره على جميع المستويات، وذكر أبرز مساهماته عبر التاريخ، وما حقق من إنجازات على جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لاسيما المتعلقة بمصالح الأعضاء والمجتمع، يستحق الاهتمام وإعادة النظر في منهجيات العمل وخططه، بوسائل وطرق وآليات تتجاوب مع المتغيرات والمستجدات والرقمنة، وما آلت إليه الأوضاع النقابية والتراجع بالبرامج النضالية، والتي فرّغَتْ التنظيم النقابي من مضمونه وجردته من أسلحته النضالية، والذي أضرّ بشكل واضح وصريح على مصالح ومنافع الأعضاء.
أخيراً إن التغيير يحتاج إرادة وإيمان بالفكرة وتفاني بالعمل، والمطلوب أن يكون هناك مبادرات نقابية قادرة عن التعبير بشكل حقيقي عن الفئات التي تمثلها بعيداً عن التجاذبات بما يحقق تطلعات وآمال الأعضاء، ويعبر عن مصالحهم بعيداً عن الشخصنة والحسابات الضيقة وأي تفسيرات أو مصالح لأي جهة كانت، فالأصل أن تقوم النقابات على أسس تَقَدُمِية ريادية ديمقراطية مستقلة وذات انتشار واسع بين الأعضاء، تهدف للتغيير والتطوير والتجديد والاستثمار الأمثل للقوى المجتمعية وخاصة الشباب والنساء، والواجب تجسيد ذلك بفعلٍ مؤثر على الأرض وبسياسات وطنية تسمح بتحقيق ذلك، وتساهم في إحداث التدخلات المطلوبة للتغيير المنشود والارتقاء بالواقع نحو الأفضل وصولاً إلى مجتمع مدني ديموقراطي ريادي مُتقدِم ومتحضر.
• باحث في القضايا النقابية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب معهد العلوم السياسية في باريس يعتصمون داخل المعهد تضامن


.. استقالة المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية احتجاجا على استمرار




.. فرنسا: طلاب يغلقون مداخل جامعة سيانس بو بباريس دعما للفلسطين


.. فرنسا: طلاب يغلقون مداخل جامعة سيانس بو في باريس دعما للفلسط




.. 8 شهداء من العاملين ضمن فرق تأمين المساعدات إثر غارة إسرائيل