الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جماليات الصورة التشكيلية والنقد الاقتحامي في نصوص الزعيم احمد

محمد احمد الغريب عبدربه

2022 / 4 / 8
الادب والفن


الست العجوز بائعة المناديل تحت الكوبري أمام مسارح الاطفال ومسرحيات الدراما التعبيرية في وجهها ندبة جمالية سألتني مرة عن تفسيرات لوحات دالي وأنها كانت سيريالية وهي طفلة فاشتريت منها باكو مناديل واعطيتها مقابل حبات من الفراولة ولم تندهش.
استطاع الفنان الزعيم احمد في معرضه الاخير "اصل الحكاية"، أن يكون وجوديا حذقا غير مغرقا في إبعاد الوجودية المعتادة فكان لا معقوليا وفقا لكامي في اتجاهات في الوجوه والنظرات بل كان التكوين التشكيلي لامعقولا للغاية ولكن بشكل غير مكلف فالبساطة الوجودية تناغمت مع الابعاد التشكيلية وكما كان لفقدان المعني وفتح التأويل تمظهرا وجوديا مهما في صياغاته اللونية والموضوعات في اللوحات فعند الوصول نسبيا الي معني ينفتح المعني إلي معاني دائرية وهي منسجمة مع التكوينات الدائرية في الوجوه والتموجات التشكيلية.
كما أنه ابرز الاشياء في الارنب والدجاج وكوب الشاي مكونات تشكيلية لها دلالة فنية جمالية متجسدا في الاقتحام السريالي الناعم المختزل وايضا دلالة وجودية في اكتشاف كينونتها في علاقتها مع الإنسان ومع العالم وهو إبراز وجودي جمالي.
الشيف محمد الليثي، استغرب من صديقه الخباز رمضان عبد الظاهر، فهو لا يعطي للعاملين في الفندق الكثير من الطعام كما أنه يشتم في سره محمد احمد عندما اخد بيضة اخري في الوجبة، الشيف محمد قيمصه الابيض به بعض المتسخ، ويضع التليفون في اذنه وسطوره الضخم ورأسه الشخصية البهلوانية تعطي مزحات كبيرة في انحاء المطبخ.
بيكيت ينظر من اللوحات ويدخن تبغه، يتعرض الزعيم احمد جيدا لمعاني العبث بخفة واللامعقول لبعض الاشياء فجماليات اللامعقول تجذب المشاهد سريعا والألوان تثير بثقلها وقوتها الفائقة الرعب المهول وتخطف المتلقي فهناك هجوم لوني واستباحة ضمير بمعني العبث فالابعاد المسرحية في بعض اللوحات تثير الكثير من الدراما التعبيرية والاتجاه العبثي أيضا في متتالية تشكيلية والوان صاخبة.
شكل اللاوعي غرف إضاءة والوان لدي الزعيم احمد فالوجوه والتشكيلات مليئة بالمخزون النفسي وهو اقرب الي الكبت فهناك تحركات تموجية أيضا في مساحات خارج الشخوص والأشياء مكبوتة قد يكون كبتا للمعني أو كبت عام متغير لكن الأمر يثير حالات لاشعورية مهولة.
في أعماله الاخيرة هناك مساحات من التجاور فالمكان منقسم وذلك بتكرار الشئ أو الإحساس المكاني والأواني لديها حضور واضح والتجسيد يتمثل في أن هناك تجاورات في المشهد فنظرة العيون لها دلالات كثيرة منها أنها تنظر إلي الأخر أو أشياء أو تحركات ما والألوان توحي بذلك فالحماسية في الالوان تشير الي التجاور الدائم,
أشرف يوسف من شعراء التسعينات لديه مخزون فلسفي في الانتاج الشعري، فكانت الجدلية والفخامة والتوحش الشعري، المدرسة الوحشية، والشعر الذئبي، والأيماءة الجمالية المتحيزة، اشرف وجد عملا لمدة عشر ايام فقط، كاشيرا في مطعم لصديق، اجتهد سبع ايام وكان يقوم بثلاثة وظائف في وظيفة واحدة، وفي يده مدونة الشعر العربي، ووالثلاثة ايام الاخري، قال لا استطيع الاستمرار ولكني سأحاول فضيق يدي يجذبني نحو العمل او عمل أخر.
بجانب التجاور وهو يعني الحميمية في التشكيل لدي الزعيم احمد هناك الكوميديا السريالية الخفيفة فهو لم ينخرط أو ينجرف في سريالية فجة أو تأثر سريالي واضح إنما اختلاط الحس الفكاهي بالحس السريالي في بلاهة وبعض وجوه الاستكانة والضعف في تجسيد وانحناءات بها ضحك باكي أو كوميديا اقرب الي فلسفة البؤس الوجودي.
ونتيجة لذلك تميل الالوان في لوحات الزعيم الاحمد الي الإشعاع اللوني والسطوع بشكل ملفت اقرب الي ضوء الصباح وايضا الخطوط في الرسومات تميل الي الهجوم والتعبيرات الدرامية هجومية أيضا في الوجوه وفي التجسيد بشكل عام ورغم ذلك الان زوايا التدوير في الرسومات وبعض الانحناءات تؤدي إلي معاني الاستكانة وبعض الخضوع وهو معادل التناقض الجمالي بين الهجوم والاستعانة في إشعاعات لونية جمالية.
يغضب الزعيم احمد في غيابا تشكيليا فالحضور الهادئ لا حقيقي يتضمن انفتاحات في التأويل لأكثر المعاني غضبا وتمردا وقد تنتصر اللوحات الي حضورا حاسما للثورة والتحرر الوجودي في صخب الالوان و غضبها التشكيلي وايضا الي المسرح الدرامي وتحول الشخصيات الي حيوات راقصة والي الملمح البهلواني السريالي.
سيد مصطقي قميصه في العمل مهترأ جداً، ورفض عرضي بالذهاب معي الي سوق الجمعة وقال : ان الثلاثاء الماضي مدير الامن قدم بشتمي والقاء السباب علي كثيرا، يا له من امر مفزع، يا جدعان، ده انا اتمرمطت كثيرا ولكني استحمل الامر، هناك شدة في العمل، وكثير من الزملاء تعاطفوا معي، لن احضر معكم السوق، لن احضر فعلا .
تحيل اللوحات الي حالات امتاعية نتيجة لتداعي جماليات تشكيلية وذهنية فهناك فخامة الالوان وروعة تكوينات الشخوص والأشياء والبساطة المنتشرة في إبعاد وتكوينات اللوحات المختلفة وهذا الخط الامتاعي يشد المتلقي إلي أفق تخيلية للمتعة لامتناهية متجاوزة اللغة التشكيلية وحدود اللوحة.
تنتشر الدوال بكثرة بلا مدلول الا القليل من الاتجاهات في اللوحات وهنا تعبيرا مكثفا عن حقائق اللاوعي وتجسيد الكبت النفسي وصيرورة التعقيدات السيكولوجية ولكن الأمر مخبئ للغاية فالدوال تظهر وتشير الي مدولاتها ولكنها منفتحة في التأويل.
الكشط والحذف لغة ممكنة لدي اللوحات فهناك تنبأ دائم وممكنات يتبدل الاشياء ببعضها البعض والشخوص مكان الشخوص انفتاح التأويل يجعل الكشط التشكيلي صيرورة دائما وانكسارات الالوان تحضر لها الوان متبادلة فالحذف دائم وممتع وجمالي يفتح الأفق نحو التبدل والتكرار
التناقضات والتضاد الجمالي دائم وسلسة لدي الزعيم احمد فلغة التقابلات والاعتراف بالمعاكسات لدي المعني تحيل نحو مشاهدات مطلقة وتثير المدرك الحسي نحو الدهشة واقتحام اللوحات اجباري جماليا ومتوقف الي حد المخاطرة التشكيلية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة


.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات




.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي