الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأصولية تطيح بأحلام الديمقراطية

احسان طالب

2006 / 9 / 11
ملف مفتوح بمناسبة الذكرى الخامسة لاحداث 11 سبتمبر 2001


في آخر ظهور متلفز لزعيم تنظيم القاعدة الذي ينافس الرئيس جورج بوش على الحضور الإعلامي و الشهرة السياسية أفرج أسامة بن لادن عن أدلة جديدة و براهين لا يرتقي إليها الشك بأن جماعة التسعة عشر الذين قاموا بتنفيذ هجمات 11-9-2001 هم من صنع يده و نتاج جهده و خبراته التنظيمية و القتالية و في نفس الزمان تقريبا ً أفرجت الوكالات الفدرالية الأمريكية عن أشرطة متلفزة تعرض للمرة الأولى تطرح فيها مزيدا ً من الحقائق و الأحداث الدرامية التي رافقت تلك الهجمات و ما بعدها .
إنه تنافس إعلامي محموم يؤتي أكله بدون شك ، فالرأي العام الأمريكي الذي يتراجع تأييده لسياسات الإدارة الأمريكية الحالية يوما ً بعد يوم يزداد راديكالية مع كل ضجيج إعلامي أو أحداث إرهابية تصم آذان العالم بشكل متواصل في كل البقاع التي يمكن أن يصل إليها. الرأي العام الأمريكي و الغربي عموما ً يشهد تراجعا ً ملموسا ً في نظرته الحضارية تجاه الشعوب الأخرى و تميل الإحصاءات التي تستقرئ التطورات الحاصلة في توجهات الرأي العام الأوروبي و الأمريكي إلى ميل نحو العزلة و العدائية تجاه الشعوب الأخرى و تحديدا ً الشعوب العربية و الإسلامية التي تشهد هي الأخرى انغماسا ً أعمق في الأصولية و العداء للحضارات الأخرى من منطلقات إيمانية دينية بالدرجة الأولى على حساب المشروع القومي و الوطني للدول العربية و الإسلامية.
في الذكرى السادسة لهجمات أيلول لا يشق على الباحث التأكد من انعدام الأمن و ازدياد مساحة العنف و وتائره في البلدان الإسلامية و العربية في المقام الأول حيث يبدو جليا ً استغلال الجماعات الإرهابية للضعف المزمن و التخلف التكنولوجي الذي تعاني منه أجهزة و مؤسسات الأمن و الاستخبارات في تلك الدول ، فما إن تتمكن السلطات الأمنية من استباق هجوم أو إفشال عملية إلا و تلحقها عمليات ناجحة في أماكن أخرى و في دول أخرى.
في حين أن القاعدة و ما يدور في فلكها من منظمات إرهابية داعمة لها بالعتاد و المال و الرجال و مناصرة لما تدعو له من أفكار و مناهج و طرائق حياة عجزت إلى الآن عن تكرار ما فعلته في الولايات المتحدة و لو بطريقة أقل ضراوة أو بأساليب أخف تدميرا ً و هذا يعني أن السلطات الفدرالية ألأمريكية تمكنت من وقف التهديدات الأمنية المباشرة التي كان يطلقها زعماء القاعدة بزلزلة أمن الشعب الأمريكي و أركان نظامه و الطريف أن نظرية المؤامرة التي تعتبر السي آي إيه و الموساد شريكتان مخططتان إنجاح هجمات 11-9 تميل في نفس الوقت إلى القناعة التامة بالقدرات المعجزة المدعومة ربانيا ً لتنظيم القاعدة تلك القدرات الهائلة التي تفوق كل الإمكانيات و الإعدادات المتوفرة لمعسكر الكفر و الضلال.
لقد قامت الحملة الدعائية و السياسية للإدارة الأمريكية و ملحقتها البريطانية على اعتبار أن نشر الديمقراطية في العالم سبيل ناجع للوقوف في وجه الإرهاب و اعتبرت أن تحرر البلاد التي تدعم الإرهاب من سيطرة الاستبداد سبيل لتحقيق الاستقرار و الأمن و السلم العالميين. و لكن في السنة الرابعة من الاحتلال الأمريكي للعراق غدا من الصعب بل من غير الممكن الاقتناع بأن الجهود الدولية التي تكاتف العالم على بذلها من أجل الإطاحة بالنظام الاستبدادي و تسهيل كل السبل الممكنة لتحقيق الديمقراطية كفيل بوقف الإرهاب أو تخفيفه أو محاصرته أو حتى الحد من فاعليته.
إن ما يشهده العراق من تفاعل متنام للقوى الإرهابية على كافة المستويات و في جميع الاتجاهات يشير بقوة للتساؤل عن مدى صدق النية في الأهداف العلنية للحملة الأمريكية البريطانية على الإرهاب بل و يشير بأصابع الاتهام إلى السياسات و الخطط الرامية إلى نشر الديمقراطية باعتبارها فشلت إلى الآن في تحقيق حد أدنى من الأمن و الأمان في ظل نظام ديمقراطي طائفي يتهاوى يوما ً بعد يوم.
و من حق القوى العربية المؤيدة للديمقراطية و الساعية لها و العاملة على سلوك سبيل التغيير السلمي الديمقراطي في بلدانها أن تتساءل عن صدقية المشروع الأمريكي الداعم للديمقراطية الذي يقف في نفس الوقت مدافعا ً عن الاستبداد و داعما ً له، و مع أن تلك القوى تدرك حجم الممانعة و المقاومة الشعبية و الثقافية لخطط الديمقراطية والتحرر و التجديد فإنها في نفس الوقت تواجه مؤشرات شديدة الوضوح على وجود تحالف أو تقاطع غير معلن بين سياسات الإدارة الأمريكية الحالية و استقرار أنظمة الاستبداد.
و غدت تلك القوى تدرك أن مصالح الولايات المتحدة الأمريكية أسهل تحقيقا ً و أقرب منالا ً في ظل أنظمة دكتاتورية ضعيفة مهزوزة هزيلة الوزن الخارجي في مقابل قوة و سيطرة و قبضة حديدية في الداخل . فالتفاوض حول المصالح و الامتيازات في ظل أجواء من التفرد بالرأي و احتكار للسيادة و السلطة و الموارد أسهل بكثير من التفاوض مع أنظمة ديمقراطية لا تستطيع البت و القطع بما ينبغي قبوله أو رفضه و ما يحقق المصالح العليا للأرض و الناس و ما يعارض تلك المصالح. بدون الرجوع إلى إرادة الشعب و ممثليه الحقيقيين
إن الممانعة الجماعية و المقاومة الفكرية و الثقافية للشعوب العربية و الإسلامية في غالبة توجهاتها لنشر الديمقراطية و التجديد و الإصلاح و الحرية تشكل عقبة متنامية تزداد تماسكا ً يوماً بعد يوم في ظل الفشل المخيب للتوجهات الأممية الساعية نحو بناء ثقافات وتيارات وأحزاب ومن ثمة أنظمة تتبنى الديمقراطية و العلمانية و الحداثة.
في الطرف الآخر يشجع الإعلام الرسمي التوجه الأصولي و يهيئ له كل السبل و المنافذ و التسهيلات الآخذة بيده نحو السيطرة شبه الكاملة شيئا ً فشيئا ً على مجمل الرأي العربي و الإسلامي و لقد وجدت الأنظمة ملاذها في فكر متعصب و متزمت أحادي الرؤية و أحادي التلقي فكر هجومي صدامي لا يقبل إلا الاتفاق مع ما يطرحه و يعادي و يكفر المختلف.
حيث استطاع ذلك الفكر و تلك المدارس الأصولية المتزمتة من الوقوف في وجه كل المحاولات و المتحركات الساعية أو الداعمة للتغير و لقد استغل زعماء التيارات الدينية في العراق و غيره من البلدان العربية من تجير أي تغير نحو تحقق مزيد من الانغلاق و التعصب بل وحتى التوجهات إرهابية نحو الأخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة