الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلمُ شاشSHASH قراءةٌ سيميائيةٌ حِجاجيةٌ تواصلية في النقد السينمائي

واثق الحسناوي

2022 / 4 / 9
الصحافة والاعلام


الفيلمُ هو نصٌ سردي بصري ( لغوشاري) ، وخطاب اعلامي اشهاري رسالي ، ذو مقاصد اقناعية معينة، يمكن تناوله سيميائيا وحجاجيا بعد قراءته وتفكيكه ثم اعادة صياغته وانتاجه وفق قراءات حداثوية تتقصى بناه العميقة عبر بناء السطحية وتشكلاته البنيوية والسيميائية والحجاجية .ومن هنا كانت انطلاقةُ فكرة بحثنا هذا للفيلم السينمائي القصير " شاش / shash" . فهو مِن الافلام السينمائي القصيرة، التي بٌنيت على التضاد والاستبدال ، لتفكيك ايديولوجيات "سيادينية" دوغمائية، حرمت ابناءَ بيوت العشوائيات مِن حقوقهم الشرعية .
وقد اشتهرت مثلُ هكذا افلام تُحاكي الواقع العراقي في العقود الاخيرة ؛ لأسبابٍ فنيةٍ وتقنية ، وتكنولوجية وزماكانية مهمة ..وكذلك انمازت الافلام السينمائية القصيرة، بعدد من الصفات والتقنيات التي جعلت منها سوقا تجاريا رائجا، للعديد مِن شركات الانتاج او المخرجيين والمنتجين، الذين بذلوا قصارى جهودِهم للتنافس فيما بينهم، لحصد الجوائز المحلية والعالمية . وهو ما سعى اليه عددٌ من المخرجين السينمائيين العراقيين، والسماويين بشكل خاص، بخاصة عائلة الماهود السينمائية في محافظة المثنى .
وفيلمُ "شاش " للمخرج والاعلامي "علي الكعبي" والسيناريست الاعلامي " أحمد طالب" ، حصد عدّة جوائز عربية و محلية مهمة جعلته في صدارة الافلام السينمائية القصير والمميزة . وهو أحدُ الافلام، التي وجَّهت المتلقي الى جانب من جوانب حياة المواطن العراقي المهمة ،وهو (الواقع الاجتماعي في بيوت العشوائيات)، الواقع الذي يُحاكي الحياة المعيشية في كثير من شعوب العالم الفقيرة في جنوب افريقيا، وجنوب امريكا اللاتينية ،والذي شكّل خطابا نصّياً بصرياً ( لغوشاريا)، تناصياً حِجاجياً استعاريا ،اذ ان الاستعارة، وفي السينما تزيد من حالة التوتر والانزياح والتفاعل والتشارك والتأثير، بفضل الشاعرية المُبالغ فيها في الدراما والتراجيديا والموسيقى والحركات والاضواء ، فجميعها خلقت شاعرية سينمائية تأثيرية ، بالتضامن مع المؤثرات البصرية والسمعية والتكنولوجية وبمختلف اشكالها ، فَبِنْيةُ الاستعارةُ طبقا للمفهوم البلاغي الجديد ، تتجاوز الوحدة اللغوية المفردة، ولاتتمثلُ في عملية نقل او استبدال، ولكنّها تحدثُ من التفاعل والتوتر.
فكرةُ الفيلم / علامة :
تتلخصُ فكرة الفيلم بفلسفة ( صراع الانا مع الوجود والعدم )،تدور حول تعرض فتاة شابة للعمى، كانت تعيش تَصوّر واقعها الخارجي- بحسب ما تظنه هي- افضل مِما هي فيه من ظلامٍ دامس ، لذلك تتوق الى رؤية العالم الخارجي، لِما سمِعت عنه من اصوات امتزج فيها الحزنُ والفرحُ دونَ أن تراه بتفاصيله او حتى تعرف اسبابه .
فكانت عملية سرد الفيلم عمليةٌ استعاريةٌ تناصية فلسفيةٌ، تضامنت فيها عدّةُ وظائفٍ، وعناصرٍ لاستمالةِ المتلقي الى مساحاتها .
وقد مثّلت بطولةُ الفيلم الفنانةُ الشابة " فاطمة" لأولِ مرّةٍ ، والتي نجحت نوعا ما في استدراج المتلقي الى عالمِها الخاص، والتعاطف معها بسيميائية حجاجية لغوشارية، لِمَا احتجَّت به على واقعها المأساوي، اذ تضمن الفيلمُ خطابا لحوارين : الاولُ هو الحوارُ الداخلي، أي المنلوج الداخلي ما بين البطلة وذاتها، وهي تحاكي ذاتها وواقعها بلهجةٍ عاميةٍ، هي اقرب الى ملامسة مشاعر المتلقي/ المشاهد، اذ تُعدُّ اللهجة. والثاني وهو حوارٌ خارجي مع والدها الذي مثّل دوره الفنان "إياد فيصل" بكلَّ مهارةٍ وجدارةٍ وحرفية اذا مثلت لغةُ الجسد لغةَ الصمت التي التزمها الفنان بقصدية سيميائية حجاجية .بخلاف خطاب فاطمة الذي كان خطابا شفهيا منطوقا موجها بقصدية لفتح باب القصة المسرودة لغوشاريا كعلامة اجتماعية فارقة،و الخطاب المنطوق او الشفهي -وهو الأصل في الخطاب .د.واثق الحسناوي
ويتميز هذا النوع من الخطاب (الشفهي المنطوق) بالسهولة والاختصار وقصر الجمل وتكثيفها في وحدات بسيطة مباشرة، والاتصال المباشر الموجة واللاحات الخارجية والتواصل الاعتراضية، ومحفزات التلقي والتنبيهات، والعناصر الصوتية التعبيرية والتعبيرات الجسدية والتكيف مع المتلقي، وتعديل توجيه الخطاب بحسب درجة التلقي، وتنوع الأساليب استجابة لأقدار المتلقين، والتفاعل المباشر مع المقام او الحال وقناة الاتصال في المشافهة اللسانية، والمباشرة وهو انجع في التأثير والاقناع ونجاح التواصل او البث المباشر عبر وسيلة من وسائل الاتصال الحديثة .
طريقة سردُ الفيلم :
إنَّ عملية سرد الفيلم "لغوشاريا" ( كنصٍ بصري سيميائي حجاجي تواصلي ) ، تمت من خلال لغة الخطاب اللغوشاري بشكل عام ،و الحوار ولغة الجسد ولغة الموسيقى ولغة التصوير الاستعارية والحجاجية، ولغة الكاميرا ولغة الالوان ولغة الاضاءة، وجميعها تشكلات ووحدات تركيبية سيميائية لغوشارية، اسهمت في خلق البِنى السردية الظاهرية، والعميقة في الفيلم .
العنوان / علامة :
شكل العنوان علامة سيميائية بوصفه عتبةٌ من عتبات كل نص او عمل سردي او سينمائي او اعلامي او غير ذلك ، اذ يشكّل المرآةَ العاكسة لمضمون الفيلم ، والموجزَ الملخِص له ، والصورةَ المعبّرةَ عنه ، والخلاصةَ لمحتواه العميق و الظاهري، وهو النافذةُ التي يطلُّ مِن خلالِها المتلقي على كلِّ عملٍ سردي او سينمائي او لغوي بوصفها جميعا نصوصا لعتبات مختلفة. وكثيرا ما يهتم النقادُ بموضوعة او عتبة "العنوان" كونَّه عتبةً نصيةً مهمةً، تحمل تشكلات ودلالات لغوشارية، سيمائية تواصلية حجاجية شعرية تركيبية ايقونية هندسية ... تحتّم الوقوف عندها . اذ نعدّها البوابة الرئيسية للولوج الى المضامين الواسعة والعوالم المشكَّلة داخلَ كلِّ عملٍ سردي لغوي او بصري . وعنوانُ فيلم الكعبي "شاش" shash شكل علامة سيميائية حجاجية تواصلية ، استدعت الوقوف عندها .من خلال بعض المصطلحات النقدية الحديثة في النقد السينمائي والسيميائي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سودانيون يقتاتون أوراق الشجر في ظل انتشار الجوع وتفشي الملار


.. شمال إسرائيل.. منطقة خالية من سكانها • فرانس 24 / FRANCE 24




.. جامعة أمريكية ستراجع علاقاتها مع شركات مرتبطة بإسرائيل بعد ا


.. تهديد بعدم السماح برفع العلم التونسي خلال الألعاب الأولمبية




.. استمرار جهود التوصل لاتفاق للهدنة في غزة وسط أجواء إيجابية|