الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحادي عشر من ايلول إنه ليوم عظيم

عايد سعيد السراج

2006 / 9 / 11
ملف مفتوح بمناسبة الذكرى الخامسة لاحداث 11 سبتمبر 2001


11 – أيلول إنه ليوم عظيم

أية فكرة تملكت عقول من خططو لهذا اليوم , من كان وراء اللذين خططوا , واللذين نفذوا , ما هو المراد من ذلك ؟ وأي لغز سوف يستمر مع الحدث وذكراه ؟ كم استغرق التخطيط له من الزمن , وهل هو وليد الحالة الراهنة , أم أن ذلك هو الذي يسمونه صراع الحضارات ؟ كان ذلك أشبه بحرب عالمية رابعة , تسمر العالم على شاشات التلفاز غير مصدق وكأن السماء هبطت على الأرض , زلزال كوني ولكنه لا يشبه الزلازل التي تحدث في العادة , سماء تلتهم الأجساد البشرية , تحولت الطوابق التي كانت تغازل النجوم إلى رماد , أية لعنة اصابت الولايات المتحدة الأمريكية , توقفت القلوب وتسمرت إلى البرجين العالميين 0 هذان البرجان اللذان كانا ومنذ قليل يعجّان بالحياة , بكل ما فيها من فرح وضحك وصخب وتجارة , واتصالات هاتفية , وعملات , وتسوق , ومشاهدة المناظر الخلابة , تحولا وفجأة إلى وحشين جائعين يلتهمان كل من بداخلهما , تحولا إلى ديناصورين لا يأبهان بصراخ الأطفال , والعجائز , كلّ شيء تجاوز التصديق , وأصبح مشهداً هوليودياً , يفوق غرابة كل المشاهد السينمائية , لم تعد الأم تستطيع أن تحمي وليدها , ولا الوالد حماية ابنه الذي كان يداعبه منذ ثوان ٍ فقط , كل شيء أصبح الآن مشلولاً , شلت الأجساد وشل العقل والمنطق , وبدا الناس في هول مما يرون ويسمعون, توقفت الحياة , توقفت المطارات , توقفت القطارات , توقفت القلوب إلا من وجيب الخوف , هو الخوف من كل شيء , خوف من المجهول وخوف من المعلوم , تسمر العالم ولم تعد تُرى أية حقيقة 0 أو تسمع أيّ خبر, سوى الطيور الأبابيل التي اجتاحت سماء نيويورك , ما لذي يجري ؟ كيف اللذي يجري ؟ إنه الشر الذي اصطنعه الإنسان لنفسه منذ زمن بعيد , هذا هو الشر,الفتاك , الجبار , القاتل , المنحط , السافل , الجبان , صاحب الأذرع الأخطبوطية , الذي يتكاثر كالفيروسات , وينتقل كالطاعون ولا يعرف إلاّ الخراب , عنوانه الدمار والموت والقتل , أصحابه مجرمون عتاة , ليس في أعماقهم ذرة خير أو إنسانية , لا يعرفون الشفقة ولا الرحمة , ولا يهمهم إذ كان الميّت طفلاً أو شيخاً , عروساً أو عريساً , عاشقاً أو شاعراً , عالِمَاً أم عاملاً , هنا تتساوى الأشياء , يتساوى الجميع في الموت , يصبح الموت هو الحقيقة الوحيدة المطلقة , بل أكثر الحقائق صدقاً ووضوحاً 0 وتظل فضيحة الموت الجماعي البشع , هي أكثر عناوين هذه الحضارة الملتهبة , هذه هي الحضارة العظيمة التي يريدها العاقلون حضارة محبة وحياة وسلام , ويريدها العتاة والطغاة ومصاصي الدماء , حضارة موت وفناء , إذن من الذي ملأ الدنيا بكاملها بهذا البراميل الهائل من البارود , وترك عود الثقاب لإشعاله بيد معتوه لا يرى ولا يسمع , بل لايُطرب إلا لصوت رائحة الشواء الآدمي , آلاف البشر احترقوا وماتوا دون أن يعرفوا ما هو السبب الذي ماتوا من أجله , الكثير منهم كانوا يستمعون إلى موسيقى حالمة , أو إلى أغنية تتحدث عن السلام والحب , أناس ليس لهم ذنب سوى أنهم يعيشون في هذا العالم المجنون , عندما يتحول العالم إلى شر مستديم , فلا أحد بمنجاة من الموت , الكل ضحية لخطة القتل , فالموت قد يكون في أبراج السلام , أو في محلات التسوق , الموت يترصد الجميع في الجوامع والكنائس, وعلى أرصفة الطرقات , قتل قي كل مكان , وهو حتماً قتل بالمجان , هكذا تتحول الحياة إلى عبث ٍ كبير , يتحكم بها لاعب سيرك مجنون , لم يكن الذين سافروا على طائرات الموت , يتوقعون أنهم سوف يكونون وقوداً يُفجّر بهم الإرهابيون أهدافهم , قبل لحظات كانوا يبتسمون لبعضهم البعض , والبعض منهم كان على أحر الشوق للقاء أهله , أو محبوبته , أوأطفاله اللذين ينتظرونه في المطار , عائلات كاملة على متن طائرات الموت , عائلات تضج رؤوسها بالأحلام والحياة وهي لا تدري أنها أسيرة لمجانين الموت , مئات ومئات من المسافرين على متن طائرات الجحيم هذه عندما صعدوا إلى الطائرات كانوا يمنون أنفسهم بأحلامهم الجميلة ومشاريعهم التي تملأ رؤوسهم الصغيرة , هذه الرؤوس الآدمية التي سوف تحترق بعد قليل , وبعد قليل أيضاً سوف تموت في حناجرهم الصرخات , لأن القتلة ماهرون وأذكياء وخططوا لكل شيء بدقة هائلة , فهم أخذوا الجميع إلى الجحيم بغتة حتى بدون صرخات استغاثة كما أخذوا العالم كذلك , هو الجحيم المهول الذي لا يخطط له بكل هذا الجبن والخسة والدناءة إلا أصحاب خبرة فذة في الإجرام , هم حتماً خفافيش ليل ٍ لا يخططون إلا في الغرف المظلمة , ولا يستطيعون الاعتداء إلا على المدنيين الآمنين الأبرياء , حتى لو كان بينهم أطفالاً بعمر الزهور 0 إن الذي جرى في أحداث 11- أيلول , في المدن الأمريكية يفوق التصور , وهو يتطلب من الولايات المتحدة الأمريكية , وبقية دول العالم أن يعيدوا النظر في سياساتهم وأن يفهموا أن الشر لا يجلب إلا الشر , وأن المفاهيم والقنا عات المتخلفة لا تخلق أناساً متحضرين حتى لو عاشوا في نيويورك , وأن الحروب الدينية لا تخلق إلا الشرور الدائمة , وأن الديمقراطية والعلمانية والسلام ,هي الحل الوحيد للشعوب جميعاً , فعزاؤنا لأهالي كل المتضررين من الإرهاب في كل مكان من العالم , لأن الإرهاب ليس له دين ,وأكثر الناس اللذين يكونون ضحايا , ليس المتضررين فقط , بل الإرهابيين أنفسهم وذويهم , 11- أيلول هو علامة سوداء في جبين الإنسانية , ودليل على وحشية الإنسان في القتل , وهو دليل على أن أسلحة الدمار لا تصنع حضارة , وهو تأكيد على أن جبروت الشر الذي استطاع أن يفني – هيروشيما – وناغازاكي في أسلحة الدمار الفتاكة, لقادر بطائرة مهمتها السلام وإيصال الناس إلى أعمالهم وبيوتهم, أن يحولها إلى سلاح للشر والموت وقتل الناس, فالشر واحد ومنابعه واحدة , والكره لا يولد إلا الكره والقتل لا يولد إلا القتل 0 والمدنيون في كل أنحاء العالم هم ضحايا ساسة الإجرام وتجار الحروب , فهل يأتي زمن يتعقلن العالم , ويعرف أن الحضارة لا يحميها إلا العيش بسلام , واحترام جميع المعتقدات والأديان, وأن لغة العقل والمنطق هي القادرة على إيصال الناس إلى الأمان , فالعزاء كل العزاء لذوي ضحايا -11- أيلول في نيويورك , وإلى ذوي ضحايا الإرهاب في العراق , وباكستان والهند وأسبانيا , وبريطانيا , وفلسطين الجريحة , وكل التضامن مع ذوي ضحايا الحروب , فالإرهاب, مارد, ليس له دين وليس له وطن 0 المجد ثم المجد لكل ضحايا الحادي عشر من سبتمبر , ولكل ضحايا الإرهاب في العالم كل العالم ومن أجل مجتمع دولي مسالم خال ٍ من كل الأحقاد والشرور تسوده المحبة ويحكمه المنطق 0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة