الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في مرحلة تفكيك الدولة !

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2022 / 4 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


من الطبيعي أن يكون لدى المهاجر المستوطن حساسية كبيرة حيال المتغيرات و المتبدلات التي تطرأ في البيئة الإجتماعية و السياسية التي دخل عليها بالإضافة أيضا إلى متابعة مجريات الأمور في بلاده الأصلية .

فلا عجب في هذا السياق ، و في ظروف تصاعد حدّة التوتر على الصعيد الدولى على خلفية الحرب الدائرة في أوكرانيا ، أن تستحوذ الإنتخابات الرئاسية في فرنسا ، على الاهتمام ، لا سيما أن المراقب يتلمس بسهولة في هذه البلاد معالم صيرورة مستمرة منذ أن طويت صفحة العهد الديغولي ، بلغت ذروتها في سنوات 1980 و انهيار الإتحاد السوفياتي ، حيث بدأ تفكيك الدولة " الأم " الضامنة للمساواة فوق حدود مقبولة ، خصوصا في مجالات التقديمات الإجتماعية الأساسية ، مثل الدخل التعليم و العناية الصحية .

يحسن التذكير أيضا بأن الفترة الديغولية تميزت بالحرص على استقلالية القرار الوطني على المستوى الدولي و العمل الدؤوب على توفير الركيزة الإقتصادية اللازمة لذلك . ينبني عليه أن التفكيك طال تدريجيا القطاعات الصناعية و الزراعية و الإدارية الحكومية ، فكان بديهيا أن يتلازم هذا الأمر مع تحولات سياسية و فكرية فارقة انطلاقا من ميول قديمة مضمرة أو مكبوتة أو من مؤثرات خارجية انتشرت بكثافة في الساحة العالمية بعد تلاشي الخوف من الاشتراكية و الشيوعية ، ترويجا للعولمة بما هي نتيجة حتمية " لنهاية التاريخ " و لانتصار " الحضارة الغربية على الحضارات الأخرى " .

بكلام أكثر وضوحا و صراحة ، اتخذت التجربة السوفياتية برهانا على فشل الإشتراكية و تفوق الرأسمالية ، فانتفى خطر " الثورة " العمالية و الفلاحية المطالبة بتوزيع عادل لمحاصيل الإنتاج الصناعي و الزراعي في البلدان المتقدمة حيث تحققت نهضة صناعية و زراعية هائلة .

هكذا استطاعت الرأسمالية الليبرالية ، تجاوز الاستقلالية الوطنية و الإنفتاح " المعولم " فيما بين دول الغرب ، باسم الشراكة في الإنتصا ر على الإتحاد السوفياتي . تجسد ذلك في فرنسا ، بتراجع الديغولية و الحزب الشيوعي ، مقابل تنامي شعبية الحزب الإشتراكي او بتعبير أدق " الديمقراطية المجتمعية " كما تسمت .

و بالتالي يمكننا أن نقتضب ضمن حدود هذه المقالة التي لا تتسع لعرض التفاصيل ايفاء لهذا الموضوع ، بالقول أنه كان متوقعا ، نظرا إلى ارتباطه على مستوى الغرب بعلاقات مع احزاب " اشتراكية " مماثلة ، في اطار " الدولية الثانية " ، أن يضطلع الحزب الأشتراكي بجر فرنسا ، إلى " الإتحاد الأوروبي " و بتحويل هذا الأخير من ائتلاف تعاوني إقتصادي إلى كيان " سياسي " رديف للحلف الأطلسي .

لا بد في هذا السياق من أن نأخذ بعين الإعتبار بأن الشيوعين فقدوا دعامة دولية معنوية كبيرة ، نتيجة انهيار الإتحاد السوفياتي من تلقاء نفسه . و ليس مستبعدا بأنهم كانوا مصابين هم أيضا بشيء من التكلس الفكري ، كما دل على ذلك خروج الكثيرين من الحزب ، أضف إلى الأداء السياسي الهزيل ، حيث مثّل سلوكهم في الإنتخابات الرئاسية نموذجا فاضحا . هذا من ناحية أما من ناحية ثانية فمن نافلة القول أن " الديغولية " التي بدت آيلة إلى الإنحسار في سنوات 1970 ، لم يكن لها حلفاء في اوروبا ، بل كانت تعتبر ظاهرة غير طبيعية، فلا غرابة في أن أنصارها كيفما اتفق بحسب مصالحهم و ميولهم الفردية .

أعتقد أن ما تقدم يتيح لنا قراءة معينة لما يدري في فرنسا ، نتيجة ، سقوط تيارين لعبا دورا كبيرا في نهضة فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية ، هما الحزب الشيوعي و الحركة الديغولية ، حيث توزع انصارها بين التيارات اليمينية المتطرفة و الإنعزالية من جهة و الليبرالية الجديدة من جهة ثانية .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أجواء من البهجة والفرح بين الفلسطينيين بعد موافقة حماس على م


.. ما رد إسرائيل على قبول حماس مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار؟




.. الرئيس الصيني شي جينبينغ يدعم مقترحا فرنسيا بإرساء هدنة أولم


.. واشنطن ستبحث رد حماس حول وقف إطلاق النار مع الحلفاء




.. شاهد| جيش الاحتلال الا?سراي?يلي ينشر مشاهد لاقتحام معبر رفح