الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسلسل -فتح الأندلس- الفن في خدمة الجيواستراتيجيا

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2022 / 4 / 11
الادب والفن


بغض النظر عن أصوله (عربي، أمازيغي، فارسي) كما اختلفت في ذلك المصادر التاريخية، طارق ابن زياد ابن الحضارة العربية الإسلامية قبل تشكيل الحدود القطرية، و على كل العرب و المسلمين الافتخار بإنجازه و استلهام طموحه.
الضجة التي تثيرها بعض الأصوات العِرقية الشاردة وليدة الأطروحة الفرنكو-بربرية، لا تعني المغاربة الذين التزموا بانتمائهم إلى الحضارة العربية الإسلامية، لقرون، و حاربوا المشروع الاستعماري الذي خطط لفصلهم عن هذا الانتماء الحضاري.
في مسلسل "فتح الأندلس" يجد كل مغربي ذاته في الأحداث التاريخية و يتفاعل مع الشخصيات، و يشعر بانتمائه إلى هذه التجربة التاريخية. و من يشعر بغير ذلك فهو مفصول عن انتمائه الحضاري و مستلب من طرف الإيديولوجية الفرنكو-بربرية، و يجب عليه أن يراجع حساباته، و بدل أن يلوم المغاربة يجب عليه أن يلوم نفسه.
لا يمكن فصل قرار عرض مسلسل "فتح الأندلس"، على القناة المغربية الأولى، عن السياق الجيو-سياسي العام في علاقة المغرب بالضفة الشمالية للمتوسط.
المغرب كان محاصرا و مستهدفا في وحدته الترابية و حدوده البحرية، و كان عليه أن يرد !
اختار المغرب الوسيلة الديبلوماسية و حقق نجاحا باهرا و مشهودا به، يمكن الاحتداء به، دوليا، لحل مجموعة من الصراعات الدولية المحتدمة، و ذلك ما عبرت عنه جريدة نيويورك تايمز بشكل صريح حينما دعت إلى استلهام التجربة الديبلوماسية المغربية لحل الصراع الروسي-الأوكراني، و هذا أمر واقع يشهد به البعيد قبل القريب.
و تكريسا لقوته الناعمة لجأ المغرب إلى صناعة الرأي العام الوطني في هذا الاتجاه الدفاعي، و ذلك من خلال استدعاء التجربة التاريخية التي جمعت المغرب بالضفة الشمالية للمتوسط حينما كان قوة رادعة لها كلمتها الفصل، سواء عبر المشاركة الفاعلة في فتح الأندلس و تشييد حضارة عظمى يشهد لها التاريخ بالريادة، أو عبر ردع الأطماع الاستعمارية البرتغال-إسبانية خلال تاريخه الوسيط حينما تمكن المغاربة من إجهاض المشروع التنصيري الصليبي في معركة وادي المخازن، و كذلك خلال تاريخه الحديث حينما تمكن المغاربة من ردع الأطماع الاستعمارية الفرنكو-صليبية عبر إجهاض الظهير البربري الذي كان يُنظِّر للمغرب كامتداد مباشر للضفة الشمالية المسيحية.
واهم من يختزل هذا المسلسل التاريخي في كليشيهات إيديولوجية رخيصة من أجل الحط من من قيمته، الفن أكبر من وسيلة للترفيه إنه أداة لصناعة و توجيه الرأي العام، و هذا ما وعاه جيدا صانع القرار السياسي المغربي و لجأ إلى توظيفه من أجل بث رسائل إلى الداخل بعدما نجح في بث رسائله الديبلوماسية إلى الخارج .
لا يمكن استيعاب الجدوى من عرض مسلسل تاريخي من حجم "فتح الأندلس" على قناة مغربية رسمية، خارج هذا السياق الجيو-سياسي، و لا يسعنا إلا التنويه بمن أبدع الفكرة و أخرجها و عرضها في قالب فني مثير، و ظف أحدث تقنيات الصناعة السينمائية من أجل تحسيس المغاربة بقيمة تاريخ الغرب الإسلامي الذي كانوا ركنا أساسيا منه، حينما تحملوا مسؤولية تاريخية عظمى و قادوا الحضارة العربية الإسلامية خلال مرحلة من أزهى عصورها.
بدل النقاش العِرقي الممسوخ الذي يحاول جرنا إليه بعض وكلاء المشروع الفرنكو-بربري، كان الأجدى و الأجدر فتح نقاش آخر حول مساهمة المغاربة في بناء و توسيع صرح الحضارة العربية الإسلامية، في إفريقيا و أوربا، و هذه حقيقة تاريخية لا جدال حولها.
فقد شكل المغاربة الذراع السياسي و العسكري الحامي للوجود العربي الإسلامي في الأندلس، خلال العهدين المرابطي و الموحدي، كما تمكنوا من ردع و إجهاض المشروع التنصيري خلال العهد السعدي، ليختموا هذا المسار الناجح بإجهاض المشروع الفرنكو-كولونيالي خلال العهد العلوي، مع الملكين المجاهدين محمد الخامس و الحسن الثاني، و صولا إلى مرحلة الملك محمد السادس حيث يسير المغرب بخطى حثيثة من أجل استرجاع حدوده التاريخية، برا و بحرا، و هذا المخطط يحقق، اليوم، نجاحا كبيرا من خلال الاعتراف المتزايد للمجتمع الدولي بالحقوق المشروعة للمغرب في صحرائه، و من خلال اقتناع الجار الإسباني بمنطق جديد للعلاقات الدولية في علاقته بالمغرب، و هذا بإمكانه المساعدة على فتح نقاش جدي حول حقوق المغرب المشروعة في سبتة و مليلية و الجزر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد فهمي يروج لفيلم -عصـ ابة المكس- بفيديو كوميدي مع أوس أو


.. كل يوم - حوار خاص مع الفنانة -دينا فؤاد- مع خالد أبو بكر بعد




.. بسبب طوله اترفض?? موقف كوميدي من أحمد عبد الوهاب????


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: كان نفسي أقدم دور




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -الحشاشين- من أعظم